قال الدكتور محمد سالم أبو عاصي، أستاذ التفسير وعميد كلية الدراسات العليا الأسبق بجامعة الأزهر، إن البحث عن تفسير جديد للقرآن الكريم، شغل بال المفكر وعالم الدين محمد عبده، لأن التفسير قبل الشيخ محمد عبده كان العلماء يكتبون ليقرأ العلماء، يخاطبون أنفسهم، الخاصة يفسرون للخاصة، وليس عامة الشعب.
وأضاف أبو عاصي، خلال لقائه مع الإعلامي الدكتور محمد الباز، في برنامج “أبواب القرآن” المذاع على قناة “إكسترا نيوز”، أن التفسير حشد معلومات نحوية بلاغية صرفية فقهية أصولية فلسفية كل واحد ينقل من الآخر، ويضع هذا في الكتاب، ثم استشعر محمد عبده رحمه الله أن المثقفين والمدنيين وعموم الناس لا يستطيعون فهم القرآن الكريم لأنه تفسير لنخبة، فقال إننا في حاجة إلى تفسير جديد للقرآن وبدأ وبعده بـ4 سنوات الأستاذ فريد وجدي”.
وقال محمد سالم أبو عاصي، إن العديد من العلماء حاولوا البحث عن تفسير جديد للقرآن، وكان في مقدمتهم الإمام محمد عبده، لكنه توقف في تفسيره عند سورة النساء.
وأضاف أن تلميذه رشيد رضا كان يحضر دروسه في الأزهر، وكان يكتب ويراجع معه، وكمل رشيد رضا من بعده، أي أنه نقل من الإمام محمد عبده للآية 125 من سورة النساء، وبدأ رشيد رضا تقريبا ووصل لسورة يوسف الآية 157″.
وأردف: “لكن المدرسة كانت واحدة، أخذ من هذا المنهج والطريقة في التفسير، وجاء فريد وجدي بعد 4 سنين طرح نفس السؤال، وكتب في كتابه “المصحف المفصل” إننا في حاجة إلى تفسير جديد يلائم المدنيين ويلائم المثقفين، فالقضية قديمة جديدة، وحاول بقى مدرسة محمد عبده عن طريق الشيخ شلتوت وقبله الشيخ محمد مصطفى المراغي، وبعدهم الشيخ البهي يكتبوا على نفس الطريقة الشيخ محمد عبده، لكن لم يكمل أحد”.
ولفت إلى أن الإمام المراغي فسر أيات بعض سور بمناسبة شهر رمضان، وكان يفسر أيام الملك، والشيخ شلتوت فسر العشر أجزاء الأولى من القرآن الكريم، البهي أيضا لم يكمل تفسير للقرآن الكريم، لذا سؤال هل البحث عن تفسير جديد للقرآن الكريم، تجاوز علميًا أو حتى دينيًا سؤال قديم جديد.
وتابع: “ربما نحن في هذا العصر أشد احتياجًا من العصر السابق، لتفسير جديد، لأن العصر الآن العلم غير الأول تقدم التقنيات والاتصالات والمعارف والعلوم التي ظهرت في عصرنا يجعلنا نحن في أشد الحاجة إلى تفسير أكثر من العصر السابق، وسيأتي من بعدنا من يحتاج أكثر، ولذلك خير تفسير للقرآن الزمن، لأن القرآن كتاب للزمن كله، القرآن خطاب الله أو الكلمة الأخيرة للعالمين فيظل القرآن موجود إلى قيام الساعة، فالحياة متغيرة، ولذلك برضه سؤال ربما نسبق الأحداث، القرآن كتاب الخلود هل المشكلات خالدة؟ ولا المشكلات متجددة؟ والمطالب أن القرآن يجيب عن هذه المشكلات صحيح في جزء كبير من المشكلات القديمة هي موجودة فالنفاق هو النفاق والكفر هو الكفر وكذا إلى آخره”.
وقال أستاذ التفسير وعميد كلية الدراسات العليا الأسبق بجامعة الأزهر، إن القضايا الاجتماعية والسنة الاجتماعية قضايا متغيرة، وكتاب الخلود (القرآن) لازم يجيب عن هذه القضايا التي كانت مطروحة قديمًا والتي موجود نماذج منها الآن وعما يستجد.
وأضاف “هل نحن في التفاسير الجديدة للقرآن استطعنا أن نترك هذا الباب ونقول بأن كتاب الخلود يصلح أن يجيب عن كل المشكلات؟ هو صالح طبعا لكن أتكلم هل نحن وظفنا كتاب الخلود لكي يجيب عن المشاكل المعاصرة؟ ولا القرآن في وادي ونحن في وادي آخر؟”.
ولفت إلى أنه قبل وضع حلول للمنهج الأمثل لتفسير القرآن، لابد من البحث عن المشكلة، مردفا: “لازم نبحث عن الداء أولا، فالداء ذكرت نقطة منه أن محمد عبده وجد أن الذين يكتبون في التفاسير السابقة للخاصة وليست لعامة المسلمين، المشكلة الثانية أن كل مفسر يكتب بثقافة عصره، فتغلب عليه أحيانا الروايات لما نعرض للمدارس التفسيرية منذ أن نشأت إلى الآن نتجد مثلا المدرسة المتسلفة أو السلفية، تجد بين تفسيرها للقرآن وبين الواقع انفصام، ويفسر الآيات بعيدًا عن الواقع، فهو غير قادر على جذب المجتمع المعاصر إلى القرآن، لأنه لا يجد فيه نفسه”.
ولفت أستاذ التفسير وعميد كلية الدراسات العليا الأسبق بجامعة الأزهر، إلى أن أشهر التفاسير المتداولة والتي كان يشتريها الناس، تفسير ابن كثير، عيبه أنه كل نقل ومدرسة مليئة بالإسرائيليات ومليئة بالخرافات.
وأضاف “يعني هل تتصور مثلا إنه يقول لك سورة الأحزاب كانت بمقدار سورة البقرة فنسخ الله منها إلى أن صارت هكذا، يعني معنى ذلك أن سورة الأحزاب كانت 40 صفحة، فجاء نسخ لـ 35 صفحة”.
وأردف: “ورواية يذكرها ابن كثير، وهي رواية غير صحيحة ورواية منكرة، هكذا كانت مدرسة ابن كثير، ومن قبله الطبري، لأنه اختصار للطبري، عيبها الإسرائيليات الكثيرة في هذه التفاسير، ولذلك بعض العلماء نقل أن تفسير الطبري كان ينقله واحد اسمه يحيى كذا يعني زائغ الاعتقاد، فكان يدس في التفسير الإسرائيليات والخرافات إلى آخره فدي مدرسة”.
وقال إن مدرسة القرطبي في التفسير، مغرقة جدا في قضايا فقهية كانت تلائم عصره، لكن ربما هذه القضايا الآن لا تلائم عصرنا، فيستدلوا ببعض الآيات كما سنطرق فيما بعد على أنه يجوز نكاح اليتيمة الصغيرة”.
وأضاف : “طبعا اليتم قبل البلوغ فلما اتجوز اليتيم قبل البلوغ يعني 5 سنين أو 4 سنين، وتجد بعض الدعاة الآن، وبعد ما نتعرض يقولك أيوة إذا كانت تطيق أو لا تطيق كلام لا يتقبله المنطق العصر الذي نعيش فيه”.
ولفت إلى أن التفاسير المعاصرة مثلا “ظلال القرآن” كتب بنفس أديب، لكن هذا الكتاب عيبه أمرين خطيرين جدا، الأمر الأول أنه اعتمد في الروايات على ابن كثير وحده فقط، والأمر التاني أنه ملأ الكتاب بقضايا فكرية خربت العالم إلى اليوم، مصطلح الجاهلية مصطلح الكفر مجتمع إسلامي الدولة الكافرة المجتمع الجاهلي الدولة الجاهلية”.