كانت بلاد الأندلس واقعة في القارة الأوروبية وهي تمثل إسبانيا في الوقت الحالي أو ما تعرف باسم شبه الجزيرة الأيبيرية. تواجدت بلاد الأندلس إلى الجنوب من الجمهورية الفرنسية وإلى الشمال من البحر الأبيض المتوسط، هذا وتعتبر بلاد الأطلس من ضمن الدول التي تطل أراضيها على سواحل المحيط الأطلسي. وقد قامت بلاد الأندلس بين القرنين الثامن والخامس عشر، لتشكل وتكون نقطة فارقة وعلامة بيضاء ناصعة في التاريخ العربي الإسلامي وفي التاريخ العالمي بامتياز.

أصبحت هذه المنطقة من القارة الأوروبية تابعة إلى الدولة الإسلامية الواسعة الممتدة في العهد الأموي، وقد كانت فترة خضوعها للأمويين تعرف بفترة الإمارة، وسميّت بهذا الاسم بسبب أنّ أمير هذه البلاد كان يعين من قِبل خليفة المسلمين والذي كان يحكم الدولة الواسعة الممتدة من دمشق. وبعد أن سقطت الدولة الأمويّة على يد العباسيين، هرب عبد الرحمن الداخل واستطاع النجاة بنفسه من بطش العباسيين وأقام هناك الدولة الأموية في الأندلس مرّة أخرى ومن جديد، وذلك بعد أن سقطت في المشرق. وبعد أن دمرت الدولة الأموية في الأندلس وانهارت، قامت على هذه الأرض عدة ممالك متنازعة متناحرة عرفت باسم ممالك الطوائف، وعرفت هذه الفترة من التاريخ الأندلسي العريق باسم فترة ملوك الطوائف، وهي واحدة من أشهر الفترات التي مرّت على التاريخ العربي الإسلامي والتي يستفاد منها عدد كبير من الدروس، خاصّة في عصرنا الحالي الذي نعيشه، ويمكن اعتبار فترة ملوك الطوائف في الأندلس أنها الفترة التي كانت بداية نهاية التواجد الإسلامي في الأندلس. بعد فترة ملوك الطوائف تمّ ضم منطقة الأندلس إلى دولتي المرابطين والموحدين، وكان ذلك بعد أن استعان ملوك الأندلس بالقائد العربي المسلم يوسف بن تاشفين – رحمه الله تعالى – ضد الأعداء الذين حاولوا استغلال ضعفهم، وقلّة حيلتهم، وتمزقهم. وبعد أن سقطت دولة الموحدين لفظت الأندلس أنفاسها الأخيرة إلى أن سقطت آخر مدينة من مدنها في العام 1492 من الميلاد.

وهناك في إسبانيا في عصرنا الحالي عدد كبير من الآثارات التي بقيت خالدة وشاهدة على القمة التي وصل إليها المسلمون في الأندلس، ولقد كان تطورهم في كافّة المجالات، حيث لم يقتصر هذا التطوّر على الجانب الديني فقط دوناً عن باقي الجوانب، بل على العكس فقد برز دور المسلمين والعرب في المجالات المختلفة مثل العلوم الإنسانية، والموسيقى، والأدب، والشعر، والفنون بشكل عام وخاصّة فن العمارة، بالإضافة إلى الفلسفة والعلوم الدينيّة بكافة أنواعها، عدا عن التطور الحضاري الذي تمثّل في توفير كافة المرافق التي يحتاج إليها سكان المدن في ذلك الوقت.