إن من أروع الأخلاق وأنبلها فضيلة الصدق في الكلام والتعامل مع الناس ، فالناس يحبون الإنسان الصادق حباً جماً ، فهو الذي يصدقهم ويكون مؤتمناً على مشاعرهم وأسرارهم ، فيتقربون إليه ويسعون إلى مصاحبته وخلّته ، فالصداقة مشتقّة من الصدق ، وبدون الصدق لا يكون معنى للصداقة والعلاقات بين الناس ، لذلك كان من صفات أنبياء الله تعالى أنّهم صادقون مع الله تعالى ومع أنفسهم ومع الناس ، فقد بلغوا رسالة ربهم بصدق وأمانة ، فلم يكذبوا على الله ولم يكذبوا على أقوامهم بل كان ديدنهم الصدق في جميع أحوالهم ، وقد تميّز نبينا الكريم محمد صلى الله عليه وسلم بالصدق حتى قبل أن يبعث إلى الناس رسولاً فلقّب الصادق الأمين ، وكان من أقرب الناس إليه وأحبهم إلى قلبه عند بعثته ونشر دعوته الصحابي الجليل أبو بكر الذي سمّي بالصديق لأنّه صدّق النبي الكريم في جميع أحواله ، فالصدق إذن هو صفة الأنبياء والصالحين .

وهذا الخلق النبيل هو مما يحبّه الله تعالى في عباده ذلك بأن الصدق يحمل صاحبه على قول الحق والقبول به بدون تكبر أو استعلاء ، كما أن النبي صلى الله عليه وسلم بيّن طريق الصدق وما يؤدي إليه حيث قال: (عَلَيْكُمْ بِالصِّدْقِ، فَإِنَّ الصِّدْقَ يَهْدِي إِلَى الْبِرِّ، وَإِنَّ الْبِرَّ يَهْدِي إِلَى الْجَنَّةِ، وَمَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَصْدُقُ وَيَتَحَرَّى الصِّدْقَ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللَّهِ صِدِّيقًا…) ، وفي المقابل فإن الكذب الذي هو عكس الصدق يهدي إلى الفجور ، والفجور يهدي إلى النار ، ولا يزال الرجل يكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذاباً ، فالصدق إذن هو طريق لصالح الأعمال وحسنها ، كما إنه يحمل صاحبه على لزوم أهل الطاعة واجتناب أهل المعاصي ، والإنسان الصادق يصدق أهله فلا يكذبهم أو يغشهم ويسعى بين الناس بالمعروف والخير ، كما أنه ناصح أمين للحاكم يبيّن له ظلمه وجوره بصدق ، فكل هذه الأعمال التي يؤدي إليها الصدق هي مما يرضي الله تعالى ويؤدي بالعبد إلى نيل جائزة الرحمن وهي الجنة ، وإنّ الكذب يؤدي بالإنسان إلى أن يقول ما يغضب الله تعالى ، وقد يشهد الزور أو يأكل أموال الناس بالباطل .

فعلى المسلم أن يصدق ويتحرّى الصدق وأن يعلم بأنّ الصدق هو منجاة للإنسان مرضاة لله تعالى وأنّ الكذب خسران في الدنيا و الآخرة .