كان موقع قصر غمدان في العاصمة اليمنية صنعاء، وكان القصر يُعدّ من أقدم القصور الكبيرة في العالم، وبحسب الروايات المُتناقلة فإنّه من عجائب وروائع الهندسة المعمارية حول العالم
قصر غمدان
، وقد تألف القصر من عشرين طابقاً، وبين الطابق والآخر مسافة عشرة أذرع، فيما صُنع القصر من البوفير، والجرانيت، والمرمر، وكان مُخصصاً لإقامة الملك، إلى جانب اعتباره مقراً لإدارة البلاد وشؤونها، وقد كان أعلى طوابقه هو محل جلوس الملك، وحول ارتفاعه قيل إنّه يبلغ 360 متراً، أي أنّه يفوق ارتفاع برج إيفل، في العاصمة الفرنسية باريس.
موقع قصر غمدان
لا توجد رواياتٌ ثابتةٌ حول موقع القصر، حيثُ يعتقد بعض المؤرخين أنّ موقع القصر في منشأة قصر السلاح الموجودة حالياً في مدينة صنعاء العتيقة، فيما يورد آخرون أنّ الجامع الكبير في مدينة صنعاء مبنيٌ على أنقاض القصر، وأنّ أبواب الجامع الكبير هي ذاتها أبواب قصر غمدان، وتعلوها كتاباتٌ بالخط المسند.
تاريخ قصر غمدان
لم يختلف كُتّاب التاريخ حول موقع القصر فحسب، بل تعدّى الأمر إلى تحديد اسم باني القصر، فيذكر قسمٌ منهم أنّ من بناه هو الملك السبئي إيلي شرح يحضب، فيما يُخمن القسم الآخر أن يكون سام بن نوح هو من بناه، وتُسرد القصة القائلة حول ذلك، أنّ سام بن نوح قد زار أرض اليمن فأُعجب فيها شديد الإعجاب، ووجد فيها مسكناً هنيئاً طيباً، ففكر بالاستقرار فيها، وعلى إثر ذلك قد بنى القصر في موقعٍ ألهمه الله به، أمّا الرواية الثالثة حول ذلك تقول إنّ يعرب بن قحطان هو من أسس القصر، فيما واصل بناءه من بعده وائل بن حمير بن سبأ بن يعرب، وهذه الرواية تبناها ابن هشام وابن كثير.
يُذكر أنّ أقدم ذكرٍ لقصر غمدان جاء في النقوش العائدة إلى عهد ملك سبأ شعر أوتر في عام 220 للميلاد، وإلى جانب ذكر القصر ورد ذكرٌ لقصرٍ آخر هو سلحين في مأرب، كما يوجد نقشٌ آخر في عهد الملك إيلي شرح يحضب، وذلك في فترة منتصف القرن الثالث الميلادي، في حين تُشير دائرة المعارف البريطانية أنّ ثمة نقوشٌ عُثر عليها في بعض الأحجار المُتحطمة، ويعود تاريخها إلى القرن الأول الميلادي.
زوال قصر غمدان
تقول مصادر الدراسات اليمنية أنّ تهدم قصر غمدان قد جاء على عدّة فترات، فقد تعرّض لحريقٍ أيام الغزو الحبشي لليمن، خلال عام 525 للميلاد، وهُدم قسمٌ منه في زمن الرسول محمد صلى الله عليه وسلم، ثمّ سقط بعضه على إثر بعض متهاوياً دون أن يتبقَ منه أي أثرٍ، وذلك في عهد الخليفة عثمان بن عفان رضي الله عنه.
أما عن روايات بعض المؤرخين المسلمين فقيل أنّ قصر غمدان هُدم بأمرٍ من الخليفة عثمان بن عفان، ومن الغرائب التي تمّ تداولها حول ذلك العثور على قطعةٍ خشبيةٍ في القصر مكتوبٌ عليها بالحميرية (ما سلم غمدان هادمك مقتول)، ولمّا هدمه عثمان بن عفان قُتل، وذلك حسب ما جاء في تلك الروايات.
قصر غمدان
الموقع
تعتبر القصور القديمة من أهم الآثار التي توضح طرق البناء التاريخي القديم، والذي كان يتميّز بقوته وقدرته على حماية المنطقة من الحروب، ومن أهم تلك القصور قصر غمدان الذي بُني في مدينة صنعاء في اليمن لإقامة الملك به وتسيير أمور الدولة فيه، وتميّز هذا القصر بالزخرفة والهندسة المعمارية المذهلة فزخرف بالجرانيت والمرمر، ممّا جعله محطّ أنظار الكثير من الملوك فسكنه عدد كبير منهم، وكان آخرهم الملك سيف بن ذي يزن.
كان قصر غمدان يتكوّن من عشرين طابقاً بين كلّ طابق وآخر مسافة تُقدّر بعشرة أذرع، ولكن القصر تمّ تدميره تماماً وبني على آثاره الجامع الكبير بصنعاء، وبقي منه أبوابه التي ما زالت نفسها أبواباً للجامع.
تاريخ البناء
لم يُحدد العصر الذي تمّ بناء القصر فيه أو من قام ببنائه، وقد اختلف المؤرخون في ذلك ونتج عن تأريخهم لبناء القصر ثلاث
احتمالات وهي:
أنّ القصر بناه الملك إيلي شرح يحضب وهو أحد الملوك الذين حكموا مدينة صنعاء في القرن الأول من الميلاد، وذلك بحسب ما ذكرته المعارف البريطانية التي درست النقوش المتواجدة على الأحجار المتكسرة والمتبقية منه والتي تعود للقرن الأول الميلادي، أي بنفس فترة حكمه.
أنّ القصر قد بناه سام بن نوح، وقد ذكر المؤرّخون في كتاباتهم ذلك فكتبوا: ” ارتادها سام بن نوح” الذي وجد اليمن أطيب مسكناً فوضع مقرانته، فبعث الله طائراً فاختطف المقرانة وطار بها فتبعه ” سام ” لينظر أين وقع فأم بها إلى جبوب من سفح نقم وطرحها على حرة غمدان فعلم ” سام ” أنه قد أُمر بالبناء هناك فأسس قصر غمدان.
أنّ القصر قد بناه يعرب بن قحطان وذلك حسب ما أّرخه كلّ من ابن هشام وابن كثير في كتابتهم.
الهدم
هنالك اختلاف كبير بين قدرة المؤرخين على معرفة طرق هدم قصر غمدان، فكما اختلفوا في من بناه اختلفوا أيضاً بطريقة وكيفية هدمه، وأكثر الروايات التي قد تكون أقرب للصحة هما رواية:
هُدم القصر على ثلاث مراحل، أولها عند الغزو الحبشي لليمن في عام 525 ميلادي، ثم هُدم جزء آخر منه في عهد الرسول محمد صلى الله عليه وسلم، وآخر جزء منه قد تهاوى في عصر الخلافة بعصر عثمان بن عفان.
هدم قصر غمدان كاملاً نتيجة أمر من الخليفة عثمان بن عفان بسبب وجود خشبة فيه مكتوب عليها: “أسلم غمدان هادمك مقتول”، وبسبب تشجيع من عمر بن الخطاب رضي الله عنه عندما قال: “لا يستقيم أمر العرب ما زال فيهم غمدان”، وذلك بحسب ما ذكره المؤرخون المسلمون.
وللمزيد وزوروا موقعنا “لحظات”