خصائص الظاهرة الاجتماعية

خصائص الظاهرة الاجتماعية والظواهر الاجتماعيه هي عبارةٌ عن سلوكٍ أو فعلٍ عام، صادر عن مجموعةٍ من الناس، وينظّم هذا السلوك حياتهم، ويحكم تصرفاتهم، وتتشكل دوافع الظاهرة الاجتماعية لدى الأفراد، وقد تكون تلك الدوافع سلبيةً، وبالتالي ستتولد ظاهرةٌ اجتماعيةٌ سلبية، أو مشكلةٌ اجتماعية، أو قد تكون دوافع طبيعية

تعريف الظاهرة الاجتماعية

يعد عالم الاجتماع الفرنسي ” ايميل دوركايم “أ كثر العلماء اهتماماً بدراسة الظاهرة الإجتماعية بناء على أسس منهجية محددة . و تمثل هذا الاهتمام في مؤلفه الشهير ” قواعد المنهج في علم الاجتماع ” ، فعرف الظاهرة الإجتماعية بأنها  ” ضرب من السلوك و التفكير و الشعور الموجود خارج الفرد و ذلك بحكم ما زودت به من قوة و إلزام تفرض نفسها على الفرد . و الملاحظ أن هذه الحقائق الاجتماعية و إن كانت قهرية إلا أن الفرد لا يشعر بقهريتها أو إلزامها ، طالما أنه تم الاتفاق عليها داخل المجتمع ، فمثلاً ينشأ الطفل على إحترام الكبار و طاعتهم و من ثم فإن عملية التنشئة الاإجتماعية هذه تجعل كثيراً من أنماط السلوك و بعض العادات و التقاليد ملزمة دون ان يشعر بها الإنسان ، فهو يطبع عليها بصفتها الإجتماعية . و لذلك فإن ” دوركايم ” حدد خصائص الظاهرة الإجتماعية في الجوانب الآتية
 تميز الظاهرة الإجتماعية بصفة العمومية ، بمعنى أنها تتنشر في المجتمع و ربما في مختلف المجتمعات الإنسانية و تتكرر في مظاهر حياة افراد الجماعات
 تتميز الظاهرة الإجتماعية بأنها خارجية ، لها تجسداتها الخارجية نتيجة لأنها تتخذ صوراً حسية خاصة بها .و تصبح ظواهر مختلفة عن الظواهر الفردية التي تتشكل بها . و صفة الخارجية وفقاً لدوركايم أن الظاهرة ليست من صنع الأفراد و لكنها من صنع الجماعة و تمارس من قبل الفراد بحكم الضغوط التي تفرضها على الفرد .
عبارة عن قوالب و اساليب و أوضاع للعمل الإنساني .
من خصائص  الظواهر الإجتماعية الموضوعية و الشيئية  ، الشيئية تعني أنها خارجة عن ذواتنا و تجسداتها الفردية
 تتميز الظواهر الاجتماعية بأنه مزودة بصفتي الجبر و الإلزام و يبدو فيما نطلق عليه بالضغط الإجتماعي .
 صفة أخرى للظواهر الإجتماعية تتمثل في أنها ” تاريخية ” فكل ظاهرة تمثل فترة تاريخية من حياة المجتمع
من صفات الظاهرة الإجتماعية الترابط ، فهي مترابطة يؤثر بعضها في بعض و يفسر بعضها البعض الآخر ، فهي لا تعمل بشكل منفرد و لا يمكن أن تدرس بمعزل عن غيرها من الظواهر
الظاهرة الإجتماعية نسبية فهي تخضع لتأثير الزمان و المكان و لا تثبت عل شكل و احد كبعض الظواهر الطبيعية .
هذه أهم خصائص الظواهر الإجتماعيةالتي أعطت علم الإجتماع الصفة العلمية

سؤال

يجب على حد تعبير “دوركايم” أن نعالج الظاهرة الاجتماعية على أنها أشياء، أي أن نعالجها بنفس المنهج الذي يدرس به العالم الفيزيائي الحادثة الطبيعية. كيف يمكنك الدفاع عن هذه الأطروحة؟

طرح المشكلة

إن الظواهر الاجتماعية تتعلق بالإنسان باعتباره كائنا اجتماعيا، فهي تختلف اختلافا جوهريا عن ظواهر الطبيعة. إنها متصلة بحياة الإنسان. وفي نظر البعض ما هو متصل بالإنسان لا يمكن أن يخضع للبحث العلمي، لان الإنسان يملك حرية الإرادة في التصرف ولا تتحكم فيه مثل تلك الحتمية التي تحكم الظواهر المادية. وبالرغم من ذلك، أكد عالم الاجتماع الفرنسي “دوركايم” بإمكانية دراسة الظاهرة الاجتماعية بنفس المناهج التي يدرس بها العالم الفيزيائي الحادثة الطبيعية. إذ يجب في نظره أن “نعالج هذه الظواهر الاجتماعية على أنها أشياء”. فكيف يمكننا الدفاع عن الأطروحة الدوركايمية التي تشيء الظواهر الاجتماعية وتقول بإمكانية دراستها تجريبيا؟

محاولة حل المشكلة 1

عرض منطق الأطروحة الدوركايمية: إن الظاهرة الاجتماعية في التصور الدوركايمي مثلها مثل الظواهر الفيزيائية ومن ثمة، ينبغي دراستها بنفس المنهج الذي يدرس به العالم الفيزيائي الحوادث الطبيعية، فهو يلاحظ ويفترض ويجرب لينتهي إلى صياغة القوانين التي تحدد صورة الظواهر. تعود الأسبقية إلى “دوركايم” في التمييز بين الدراسات الاجتماعية النظرية والإصلاح الاجتماعي من جهة، ومن جهة أخرى يعود له الفضل في التفرقة بين الظواهر التي يدرسها علم الاجتماع والظواهر التي تدرسها علوم أخرى شديدة الصلة به. ونتيجة ذلك، بين “دوركايم” خصائص الظاهرة الاجتماعية وأهمها خمس:
أ- “إنها توجد خارج شعور الأفراد” ليس الفرد هو الذي يصنعها بل يجدها جاهزة منذ البداية. إن العادات والتقاليد مثلا، لها وجود خارجي بالنسبة للفرد وهي مستقلة عن شعوره. فهو يجدها تامة التكوين منذ الولادة.
ب- و” تمتاز أيضا، بقوة آمرة قاهرة”، مما يجعل الظاهرة الاجتماعية تتسم بطابع الإكراه والإلزام. فهي تأمر الأفراد الموجودين تحت سلطتها وتلزمهم العمل بها. وفي ذلك يقول “دوركايم”: “إن المرء إذا أدى واجبه كأخ أو زوج أو مواطن، وأنجز مواثيقه، فإنه يؤدي واجبات لا تنبع من شعوره الذاتي، بل تأتي من الخارج، لأن القانون أو العرف هو الذي يحددها”. وهذا يعني أنه إلى جانب موضوعية واستقلالية الظاهرة الاجتماعية فهي ملزمة وتفرض نفسها على الأفراد.
ج- وتمتاز أيضا، بأنها جماعية تتمثل فيما يسميه “دوركايم” بالضمير الجمعي، ومعنى هذا أن الظاهرة الاجتماعية لا تنتسب إلى أي واحد من أفراد المجتمع انتسابا خاصا، ولا إلى بضعة أفراد. إنها من صنع المجتمع وتظهر على مسرحه بصورة طبيعية تلقائية. وهي عامة ومنتشرة يشترك فيها الأفراد، وتتجلى في شكل واحد إلى حد ما. وتتكرر مدة طويلة من الزمن.
د- وهي فوق هذا وذاك، في ترابط يؤثر بعضها في بعض ويفسر بعضها البعض الآخر. وهذا يعني أن الظاهرة الاجتماعية لا تعمل منفردة. فالأسرة مثلا هي مرآة المجتمع وبينهما تأثير متبادل. ه- وأخيرا، تمتاز بأنها حادثة تاريخية إذ تعبر عن لحظة من لحظات تاريخ الاجتماع البشري. فالعادات والمعتقدات والشرائع التي يتناقلها النشء عن الأجداد هي معا وقائع اجتماعية وأساس التراث التاريخي. وانطلاقا من هذه الخصائص حدد “دوركايم” القواعد المنهجية التي لابد أن يلتزم بها الباحث في الدراسات الاجتماعية حتى يرتقي بحثه إلى أن يكون علميا لعل أهمها:
أ- يجب أن “نعالج الظواهر على أنها أشياء”، أي نعالجها بنفس المناهج التي يدرس بها العالم الفيزيائي الحادثة الطبيعية.
ب- “يجب على عالم الاجتماع أن يتحرر تماما من تصوراته المسبقة عند ملاحظاته للظواهر الاجتماعية”.
ج – وأن يحصر بحثه “في طائفة خاصة من الظواهر التي سبق تعريفها ببعض الخواص الخارجية المشتركة بينها”.
د – وعليه أن “يبذل جهده في ملاحظة هذه الظواهر من الناحية التي تبدو فيها مستقلة عن مظاهرها الفردية”.

محاولة حل المشكلة2

عرض منطق الخصوم: يرفض خصوم الطرح “الدوركايمي” اعتبار الظواهر الاجتماعية أشياء، وبالتالي قابلية هذه الظواهر للدراسة العلمية. وذلك لوجود عوائق تجعل الظاهرة الاجتماعية مستعصية على التجربة التي تعتبر أصلا لكثير من القوانين الطبيعية التي يصبو إليها العلماء وتساعدهم على التنبؤ. ويترتب على ذلك أنه يستحيل على الباحث الاجتماعي أن يدرس موضوعه بنفس المنهج الذي يدرس به العالم الفيزيائي الحوادث الطبيعية.
ويمكن رد هذه العوائق إلى هذه النقاط الخمسة التالية:
أ – ليست اجتماعية خالصة، إنها تنطوي على خصائص بعضها بيولوجي، وبعضها نفسي، وبعضها الآخر تاريخي. فبعض المفكرين يؤكدون على أنها تلحق بالدراسات البيولوجية، لأن ما يميزها لا يختلف كثيرا عما يميز الظواهر الحيوية أو البيولوجية. وما تخضع له هذه الظواهر الأخيرة من قوانين، تخضع له أيضا ظواهر المجتمع، ولا عجب إذا نظر هؤلاء إلى المجتمع نظرتهم إلى العضوية. ويميل البعض الآخر منهم إلى أنها تلحق بالدراسات النفسية، لأن ما تنطوي عليه من خصائص يتفق إلى حد كبير مع ما تقوم عليه الحادثة النفسية. ويتجه صنف من العلماء إلى أنها تمثل حدثا تاريخيا، لأنها لا تكاد تتطور في الزمان والمكان حتى تدخل في الماضي، ولهذا يرون بأنه من الشرعي ضمها إلى مجال الأحداث التاريخية.
ب – إن الظواهر الاجتماعية بشرية لا تشبه الأشياء، إنها متصلة بحياة الإنسان، وما هو متصل بها لا يمكن أن يخضع للبحث العلمي، لأن الإنسان يملك حرية الإرادة في التصرف ولا تتحكم فيه مثل تلك الحتمية التي تحكم الظواهر المادية. إن الزوج مثلا في مستطاعه ألا يطلق زوجته بالرغم من حضور الأسباب المهيئة للطلاق، لأنه يملك الحرية في الاختيار.
ج – وهذا يعني أنها خاصة وليست عامة أي أنها تتعلق بالفرد، وما هو خاص يكون غير قابل للدراسة من الخارج. كيف يمكن أن يكون عالم الاجتماع موضوعيا في دراسته لموضوع ينطوي على جوانب ذاتية؟ د – وما هو ذاتي يعد معقدا تدخل في تأليفه عناصر متشعبة بعيدة عن البساطة المعروفة في مجال الظواهر المادية. والمعقد في معظمه قابل للوصف الكيفي وليس للتقدير الكمي. يقول “جون ستيوارت مل”: “إن الظواهر المعقدة والنتائج التي ترجع إلى علل وأسباب متداخلة لا تصلح أن تكون موضوعا حقيقيا للاستقراء العلمي المبني على الملاحظة والتجربة”. وقد حصل رد فعل من طرف السوسيولوجيين أنفسهم على النزعة الوضعية عموما والطرح الدوركايمي على الخصوص مثل ما نجده عند “ماكس فيبر” الذي يرفض كل محاولة لإقامة تطابق بين الظاهرة الطبيعية والظاهرة الإنسانية ذلك أننا في الأولى نستطيع “أن نلاحظ فقط، أو نستنتج الانتظام القائم بين (حركات الذرات مثلا) […] أما في الظواهر الإنسانية، فإن علينا […] أن نفهم الأفعال والمقاصد الذاتية للفاعلين…”. ومعنى ذلك “أنه لا بد من التمييز الواضح بين الظواهر الفيزيائية والظواهر الاجتماعية، بين الأشياء الخالية من الشعور والأشياء التي تنطوي على حالات من الشعور، أو كما قال “جول مونرو”، حالات معيشة”.
نقد الخصوم: لكن ورغم ما قدمه خصوم الأطروحة الدوركايمية من أدلة لتبرير موقفهم إلا أن التطورات الني عرفتها الدراسات الاجتماعية من “ابن خلدون” إلى “دوركايم”، والنتائج التي انتهي إليها علم الاجتماع مع أنصار النزعة الوضعية خاصة. تؤكد بما لا يدع مجالا للشك بأهمية دراسة الظواهر الاجتماعية من الخارج وهي مستقلة عن شعور الأفراد وذواتهم. وهو ما يثبت دور المنهج الاستقرائي التفسيري في الدراسات السوسيولوجية. وإذا كانت التجربة بالمفهوم المخبري (الفيزيائي) متعذرة، فهي ممكنة متى لجأنا إلى المنهج المقارن. فإذا أراد عالم الاجتماع مثلا دراسة ظاهرة تطور الأسرة يمكنه عقد مقارنة بين الأسرة في الريف والأسرة في المدينة مبرزا العوامل المؤثرة في كل شكل منهما. إن وسائل البحث العلمي في علم الاجتماع متنوعة وخاصة المتعلقة منها بالدراسات الميدانية، كالاستطلاع والاستجوابات وسبر الآراء. ويعد المنهج الإحصائي من حسابات وخطوط بيانية ولغة رمزية رياضية من أهم الوسائل التي يستعملها العالم في الدراسات الميدانية، وذلك من أجل ضبط العلاقة بين الظواهر الاجتماعية وتحديد ما يطرأ على الكل من تغير بحدوث تحول أو خلل في إحدى وظائفه في شكل دالة رياضية بها متغير وتابع، وهذا ما يفسر استخدام علماء الاجتماع لطريقة التلازم في التغير (وهي إحدى طرق الاستقراء). ويعد “دوركايم” من بين أبرز العلماء الذين أكدوا على أهمية الطرق الإحصائية، فهي في نظره السبيل السليم للسير بعلم الاجتماع في طريق التفسير العلمي الصحيح، ويتجلى ذلك في دراسته عن ظاهرة الانتحار. والى جانب “دوركايم” تؤكد المدرسة الوظيفية الأمريكية المعاصرة على أهمية الإحصاء في الدراسات السوسيولوجية.

محاولة حل المشكلة3

الدفاع عن الأطروحة بحجج شخصية جديدة مع الإستئناس بمذاهب فلسفية: إن البحث العلمي لأي ظاهرة يقتضي التعامل معها على أنها مستقلة عن ذوات الأفراد. وعليه، متى أردنا تحقيق قدر من الموضوعية في دراسة الظواهر الاجتماعية، أن ننظر إلى هذه الظواهر على أنها مطروحة في العالم الخارجي ومنفصلة تماما عن ذات الباحث. وإذا كان “دوركايم” قد وضع أسس علم الاجتماع بحيث أصبح مستقلا بموضوعه ومنهجه. ليس معنى ذلك أن علم الاجتماع لم يوجد قبله، فقد قطع “ابن خلدون” شوطا كبيرا وبذل مجهودا معتبرا في مجال الدراسات الاجتماعية. فالفضل كل الفضل يعود “لابن خلدون” في تأسيس “علم العمران البشري”، ووضع المنهج الاجتماعي الصحيح، وحدد موضوع علم الاجتماع في دراسة الظواهر الاجتماعية وهدفه كشف القوانين التي تتحكم في هذه الظواهر. والى جانب “ابن خلدون” وبدءا من القرن التاسع عشر ونهاية القرن الثامن عشر بدأ البحث في العلوم الاجتماعية يتعزز بالروح العلمية. ولعل محاولة “سان سيمون” مهدت الطريق للتطور الهائل الذي عرفه علم الاجتماع، فهو يذهب إلى “أن الفيزيولوجيا العامة التي يمثل علم الإنسان (يقصد علم الاجتماع أو بتعبيره الفيزيولوجيا الاجتماعية) الجزء الرئيسي منها، سوف تعالج بالمنهج المتبع في العلوم الطبيعية الأخرى”. والشيء نفسه عند “أوغيست كونت” الذي يرفض المنهج الاستبطاني والتأمل الذاتي للظواهر الاجتماعية، وتعود له الأسبقية في ابتكار مصطلح (علم الاجتماع) للدلالة على العلم النظري الذي يدرس الظواهر الاجتماعية بهدف معرفة القوانين التي تخضع لها في تطورها وتأثير بعضها في بعض، فأنشأ بذلك فلسفته الوضعية. وهو يرى أن تأخر علم الاجتماع في النشأة يعود إلى عدم اعتماد الباحثين الطريقة العلمية الدقيقة.
حل المشكلة: ختاما ومما سبق نستنتج أن الأطروحة القائلة: “…….” صحيحة وصادقة والدفاع عنها أمر مشروع وبالتالي يمكننا تبنيها والأخذ برأي مناصريها. فقد ساعدت أعمال “دوركايم” وكذا أعمال علماء الاجتماع الذين سبقوه أو الذين جاءوا بعده على تصويب بعض المفاهيم الفاسدة حول الظواهر الاجتماعية، وبالتالية تحقيق القفزة النوعية في مجال الدراسات الاجتماعية من مجال التأمل الفلسفي إلى مجال البحث العلمي الموضوعي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top