حدوثُ التآلفِ بينَ المسلمينَ، وذلكَ عندَ الاجتماعِ في عبادةٍ واحدةٍ، وقد شرعَ اللهُ عزَّ وجلَّ أسباباً كثيرةً لتلاقي المسلمينَ فيما بينَهم، فجعلَ لهم لقاءً يتكررُ في اليومِ الواحدِ خمس مرَّاتٍ، وشُرِعَت لتنظيمِ ذلكَ صلاةُ الجماعةِ، وجعلَ لهم لقاءً آخرَ يتكررُ في العامِ مرةً واحدةً، وشُرِعَ لتنظيمِ ذلكَ الحجُّ لبيتِ اللهِ الحرامِ.ونقدم كل من موقعنا “لحظات”
خطوات العمرة باختصار
العمرة
العمرة تعني في اللغة القصد والزيارة، أمّا معناها شرعاً فهي زيارة المسجد الحرام بمكة المكرّمة لأداء مناسك العمرة بشكل خاص. أمّا حكمها فهناك رأيان، الأول مأخوذ من المذهب الشافعيّ والحنبليّ، والذي يقول بأنّها واجبة، حيث استشهدوا على ذلك بقول النبي عليه السلام لأبي رزين العقيلي: (حُجَّ عن أبيكَ واعتمرْ) [شرح البخاري لابن الملقن]، كما استندوا أيضاً على قوله تعالى: (وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ) [البقرة:196].
أمّا القول الثاني المأخوذ من المذهب المالكي والحنفي فيقول بأنّها سنة، واستندوا على ما رواه جابر بن عبد الله، (أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ سُئلَ عنِ العمرةِ أواجبةٌ هيَ ؟ قال : لا، وأنْ تعتمِروا هوَ أفضلُ) [سنن الترمذي].
خطوات العمرة
الإحرام وهو نيّة الدخول لأداء العمرة ويُستحب قول المُعتمر لبيك اللهم عمرة.
لبس الرجال لباس الإحرام أمّا المرأة فتلبس لباسها العادي.
التلبية بعد الإحرام للرجال والنساء على أن ّالرجال يقومون برفع أصواتهم، أمّا النساء فيخفضن أصواتهنّ.
الطواف: هو الطواف حول الكعبة المشرّفة سبعة أشواط، حيث تكون البداية من الحجر الأسود وتنتهي به، وأن يجعل المُعتمر الكعبة على يساره أثناء الطواف، ثمّ يُسَن الصلاة ركعتين خلف مقام إبراهيم، إذ يقرأ في الركعة الأولى سورة الكافرون، وفي الركعة الثانية سورة الصمد.
شرب ماء زمزم حتى التضلّع.
السعي سبعة أشواط بين الصفا والمروة، بحيث يكون البدء من الصفا والانتهاء بالمروة.
حلق الشعر أو التقصير، ولكن يعتبر حلق الشعر بالنسبة للرجال هو الأولى؛ لأنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قال: (اللهمَّ َّارحَمِ المُحَلِّقينَ قالوا : والمُقصِّرينَ؟ يا رسولَ اللهِ! قال: اللهمَّ ارحَمِ المُحلِّقينَ، قالوا : والمُقصِّرينَ؟ يا رسولَ اللهِ! قال: والمُقَصِّرينَ) [صحيح مسلم].
التحلل من الإحرام.
شروط العمرة
الإسلام.
الحرية.
العقل.
البلوغ.
الاستطاعة، بحيث إن لم تتحقق الشروط أعلاه مجتمعة تكون العمرة قد سقطت عنه.
مستحبات العمرة
ما يُستحب قبل الإحرام:
الاغتسال.
تقليم الأظافر وحلق شعر العانة.
التطيّب في البدن.
ما يُستحب بعد الإحرام:
التلبية بحيث يقول المعتمر: لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك، ويكرّرها.
يفضل القول لبيك اللهم عمرة، كنيّة أداء العمرة.
ما يُستحب في الطواف:
محاولة تقبيل الحجر الأسود.
الإكثار من الذكر والدعاء.
الرمَل وهو الإسراع في المشي في أول ثلاثة أشواط.
ما يُستحب في السعي:
الهرولة بين العلامتين الخضراوين الموجودتين بين الصفا والمروة بالنسبة للرّجال، أمّا النساء فلا هرولة لها، وتمشي مشيتها العاديّة.
الإكثار من الذكر والدعاء.
العمرة
العمرةُ لغةً: الزيارةُ، ويُقالُ اعتَمَرَ فلاناً: أي زارهُ، وقيلَ إنَّ العُمرةَ هي قصدُ مكانٍ عامرٍ.
والعُمرةُ شرعاً: هي زيارةُ بيتِ اللهِ الحرامِ، في غيرِ وقتِ الحجِّ؛ لأداءِ عبادةٍ مخصوصةٍ، مِن طوافٍ وسعيٍ.
والعمرةُ في العُمرِ مرَّةً سُنَّةٌ مؤَكَّدةٌ، أي إذا أتى المسلم بِها مرةً واحدةً فقد أقامَ السُّنَّةَ، وزمنُ العُمرةِ غيرُ مقيَّدٍ بوقتٍ معينٍ، باستثناءِ الأوقاتِ التي ثبتَ النَّهيُ عنها، وهذا هو الفرقُ بينَ الحجِّ والعُمرةِ فيختلفانِ مِنْ حيثِ الزمانِ والأحكامِ؛ فللحج أشهرٌ معروفةٌ ومعلومةٌ، لا يجوزُ بغيرِها ولا يصحٌّ الحجُّ إلَّا فيها، وهذهِ الأشهرُ: شوالٌ وذو القعدةِ والعشرُ الأُوَل مِن ذي الحجَّةِ
العُمرةُ فالسَّنةُ كلُّها زمانٌ يصلُحُ لأدائِها في أشهُرِ الحجِّ وغيرِها، وهذا ما اتفَّقَ العُلماءُ عليهِ
بمعنى أنَّ الميقاتَ الزماني للعمرةِ جميعُ أيامِ السنةِ، فهي لم تُخصَّص وتُحدَّد بوقتٍ معينٍ، وأرجحُ ما قيلَ في تحديدِ الزَّمنِ الذي شُرِعت فيهِ العُمرة كانَ في العامِ التاسعِ مِنْ هجرةِ النبيِّ عليه الصلاة والسلام.
وقالَ عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ فيما يرويهِ عنهُ ابنُ عبَّاس رضي الله عنهما: (عُمْرَةٌ فِي رَمَضَانَ تَعْدِلُ حَجَّةً)
وإحرامُ المرأةِ كإحرامِ الرجلِ، إلا أنهُ يباحُ لها لبسُ المخيطِ، فتضعُ الثوبَ فوق رأسها وتسدلهُ على وجهها، وللإحرام محظوراتٌ: والمحظورُ هو الممنوعُ فعلهُ في الإحرامِ، مثل حلقِ الشعرِ من الرأسِ أو من جميعِ البدنِ بغيرِ عذرٍ، وتقليم الإظافرِ، وتغطية رأس الرجلِ، ولبس المخيطِ، والطيبِ في البدنِ، وقتل صيدِ البرِ، والجماع، وعقد النكاحِ.
ثم يدخل المسجدَ من بابِ السلامِ، في خشوعٍ وخضوعٍ ودعاءٍ وتضرعٍ، ثم يأتي الطواف، والبدءُ بالطوافِ بأن يقصدَ الحجرَ الأسودَ فيقبّلهُ إن تيسّرَ، وإلا فيشيرُ إليهِ بيدهِ، والحجرُ الأسودُ نقطةُ البدءِ في الطوافِ، ثم يستقبلهُ ويجعل البيتَ عن يسارهِ، ويُستَحبُّ أن يرملَ (أي يسرعَ في المشي) في الثلاثة أشواطِ الأُولِ، ويمشي كالمعتادِ في بقيةِ الأشواط الأربعةِ، ويُستحَبُّ أن يُقبِّلَ الحجرَ الأسود، أو يُشير إليهِ في كلِ شوطٍ، ويُكثرَ من الدعاءِ والتضرع إلى اللهِ عز وجلَ، فليس هناك دعاءٌ مخصوصٌ أثناءَ الطوافِ، ويُشترطُ للطوافِ الطهارة من الحدثِ الأصغرِ، أي أن يكون على وضوءٍ.
والعملُ الثالثُ مِن أعمالِ العُمرةِ: السعي بينَ الصفا والمروة، فإذا انتهى المُعتمر من الطوافِ خرجَ إلى الصَّفا لأداءِ السعي، ولا يُشترطُ الصعود على جبلِ الصَّفا بل عليهِ التأكد أنهُ في طرفِ الجبلِ بصعودِ بعضِ أجزاء مِنَ المُدرَّجِ الموضوعِ عليهِ، ثم يَهبطُ إلى الوادي داعياً اللهَ عزَّ وجلَّ، حتى إذا وصلَ ميلينِ بعدَ مشيهِ في الوادي هرولَ (أي أسرعَ في مشيهِ قليلاً)، وهنا الإسراعُ خاصٌ بالرِّجالِ دونَ النِّساءِ، ويُحتسبُ الذهابُ مِنَ الصَّفا إلى المروةِ بشوطٍ واحدٍ، ومِنَ المروةِ إلى الصَّفا كذلك، فإذا تمَّ السعيُ على هذهِ الحال سبعة أشواطٍ، فقد انتهى مِن أعمالِ العُمرةِ، وعليهِ أن يتحللَ مِن إحرامهِ بالحلقِ أو التقصيرِ.
الشروط الواجب توافرها في المعتمر
الإسلام: فلا تُقبلُ العُمرةُ مِن غيرِ المُسلمِ؛ لأنَّ العُمرة عِبادةٌ خصَّها اللهُ لِعبادِهِ المُسلمين، ولا تصحُّ مِنْ غيرِهم، فشرطُ صحَّةِ العِبادةِ الإسلام.
العَقل: ذلكَ أنَّ فاقدَ العقلِ كالمجنونِ لا عُمرة له؛ لِعدمِ التمييزِ بينَ ما هو مأمورٌ بهِ وبينَ ما هو محظور، ولا يتمُّ التكليفُ شرعاً إلّا بالعقلِ.
البُلوغ: والعُمرةُ غيرُ واجبةٍ على غيرِ البالغِ؛ لأنهُ غيرُ مكلَّفٍ، فالتَّكليفُ الشرعيُّ يكونُ بالبلوغِ، قالَ رسولُ اللهِ عليه الصلاة والسلام: (رُفِعَ القلمُ عن ثلاثةٍ: عن النائمِ حتى يستيقظَ، وعن الصبيِّ حتى يَبْلُغَ، وعن المَعْتُوهِ حتى يَعْقِلَ
الصبيِّ حتى يَبْلُغَ، وعن المَعْتُوهِ حتى يَعْقِلَ)[١٠]
الحريةُ: فلا تجبُ على العبدِ، لأنهُ هو ومالُهُ مِلكٌ لسيِّدِهِ.
أمنُ وسلامة الطريقِ: فلا عُمرةَ لِمَن وجدَ في طريقِهِ ضرراً، أو خافَ الخُروجَ على نفسِهِ ومالِهِ مِنْ عدوٍ يتربَّصُ بهِ.
الاستطاعةُ: تكونُ على شقَّينِ، الاستطاعةُ البدنيَّةُ والاستطاعةُ الماليةُ، فالاستطاعةُ البدنيَّةُ: أن يكونَ صحيحَ الجسمِ مُعافى، يُمكنُهُ السفرُ، وأداءُ العِبادةِ مِنْ غيرِ مشقَّةٍ وضررٍ كبيرٍ، وأمّا الاستطاعةُ الماليةُ: فهي تكمُنُ في أنَّ المُعتمِرَ يستطيعُ دفعَ تكاليفِ ونفقاتِ سفرِهِ، ذهاباً وإياباً، يشتملُ على ذلكَ المأكل والمشرب، وأن يتركَ ما يكفي مِنَ المالِ لنفقةِ عيالهِ طوالَ مدَّةِ غيابِهِ.
هذهِ هي الشروط العامةِ الواجبِ توافرها في المُعتمِر، أمّا الشروط الخاصةِ بالنِّساءِ فهما اثنانِ، أحدُهُما: أن يكونَ معها أثناءَ السَّفرِ زوجُها أو محرمٌ لها، لحديثِ الرَّسولِ عليه الصلاة والسلام: (لا تسافِرُ المرأةُ ثلاثًا إلا مع ذِي مَحْرَمٍ)
وللمزيد زوروا موقعنا “لحظات”