سأتحدث اليكم عن صالح جودت أحبته كوكب الشرق كثيراً لحنكته في الأسلوب والكلام ولذلك طلبت منه أم كلثوم أن يقوم بتنظيم قصيدة لها ووافق صالح جودت على الفور ونظم لها قصيدة مطلعها “الواحد الرحمن من كون الأكوان”، وفيما يلي مجموعة من الخواطر والأشعار للشاعر صالح جودت. لمزيد من المعلومات عن صالح جودت زورو موقعنا موقع لحظات
صالح جودت و بداية تكوينه الفني
وجد صالح جودت نفسه يقرأ كثيراً في كتب الشعر وتأثر كثيراً بأمير الشعراء أحمد شوقي لتقارب أفكاره مع آراء وأفكار أحمد شوقي، بدأ بكتابة الشعر وهو طالب في الكلية وتم صدور أول ديوان له وهو في سن الحادي والعشرين وكان شديد الحب للشعر الرومانسي وكان شاعرنا من أنصار مدرسة أبوللو الشعرية.
عاصر شاعرنا ثورة 1919 مما أدى إلى قيامه بكتابة المقالات السياسية الحادة التي أدت إلى وقوعه مع خصومه في حروب وأزمات ولكنه كان دوماً يرى بأنه يكتب ما يمليه عليه ضميره وكان شديد الحب للكتابة فعمل كمحرراً في جريدة الأهرام ثم دار الهلال وأخيراً ترأس مجلتي الهلال والزهور وكان دوماً يقول أنه يعمل بالصحافة لكي يستطيع أن ينفق على الشعر
وفأه صالح جودت
توفي شاعرنا الكبير في عام 1976 عن عمر يناهز 63 عام وبعد وفاته بعام واحد قام الأديب محمد رضوان بإصدار دراسة له بعنوان “شاعر النيل والنخيل” وهذا تكريماً له وإحياءاً لذكراه.
صالح جودت والحب
كان الحب في حياه صالح جودت كالماء والهواء فكان يحب فتاه عيونها زرقاء وشعرها ذهبي وكانت ممثلة لدرجة أنه قام بتنظيم قصيدة لها تحت عنوان “العيون الزرق” وليس فقط هذه الفتاه بل أحب مئات الفتيات وكان لكل فتاه يحبها ينظم لها قصيدة فقلب شاعرنا كما يقال دائم الخفق قليل الرضا.
خواطر واشعار صالح جودت
وقالت: سوف تنساني وتنسى أنني يوما وهبتكَ نبضَ وجداني وتعشقُ موجةً أخرى وتهجرُ دفءَ شطآني وتجلسُ مثلما كنا لتسمع بعضَ ألحاني ولا تعنيك أحزاني ويسقط كالمنى اسمي وسوف يتوه عنواني تُرى ستقول يا عمري بأنك كنت تهواني؟ فقلت: هواكِ إيماني ومغفرتي وعصياني أتيتُك والمنى عندي بقايا بين أحضاني ربيعٌ ماتَ طائرهُ على أنقاضِ بُستانِ رياحُ الحزنِ تعصرني وتسخرُ بين وجداني أحبكِ واحةً هدأت عليها كل أحزاني أحبكِ نسمةً تروي لصمت الناس ألحاني ولو خُيِّرتُ في وطنٍ لقلت: هواكِ أوطاني ولو أنساكِ يا عمري حنايا القلب تنساني إذا ما ضعتُ في درب ففي عينيكِ عنواني.
أجل ظمآن يا ليلى و ماء الحب في نهرك خذيني في ذراعيك و ضميني إلى صدرك دعيني أشرب النور الذي ينساب من شعرك وروي لهفة الظمآن بالقبلة من ثغرك هبي لي ليلة أثمل يا ليلاي من خمرك تقولين جمعت السحر يا ظمآن في شعرك وأنت قصيدتي الكبرى و هذا الشعر من سحرك كأني راهب الفتنة يستشهد في ديرك وقد يشرك هذا القلب إلا بك لا يشرك على أني عرفت الله لكن حرت في أمرك أجل ظمآن يا ليلى و ماء الحب في نهرك.
قالت وفي القلبين جرح: الحب احسان وصفح إني ظلمتك حين ضج بخاطري القلق الملح وكبى بي الشك العنيد فصح بي ما لا يصح خدني إليك فإنك قمة وأنا بغير هواك سفح أفما ترى صوت الضمير يكاد من خجلي يبح؟ فأجبتها متبسماُ: الحب مات فليس يصحو قد كان لي قلب كقلب النور معطاء وسمح يضفي حواليك الضياء وما انطوي لليل جنح ويمد راحتيه طلاهما عبق ونفح حتي تملكك الغرور ولم يعد يجديك نصح وغدوت أنثى في ثقوبها أفعى تفح قالت: اجل اذنبت فمحو الذنب أن الله يمحو فأجبتها: هل تطلبين من الضحايا أن يضحوا خمد اللظى في جانبي فلم يعد للنار لفح وخسرت فيكي عواطفي الهوجاء والخسران ربحُ إني نسيتك فإذهبي الحب مات فليس يصحو.
يا حلوة العشرين لا تفزعي من همسة الخمسين في مسمعي أنا شباب سرمدي المدي أنا ربيع دائم المطلع لايكبر الشاعر يا طفلتي فعمره في حسه الطيع لا زلت بالروح قوي السري كدفقة النهر من المنبع قلبي علي العشرين قيدنه فعمر قلبي ليس يجري معي أعيش بالشعر غرير الصبا أمرح في فردوسه الممتع أهوي العصافير وأغري الدمي وأفرش النوار في مخدعي وأشعل النور بقلب الدجي وأنثر الخضرة في البلقع وأبدع اللحن لكي ترقصي وأغمز الطير لكي تسجعي وأصنع العطر لتستروحي وأعصر الخمر لتستمتعي وأحتوي حبك في خافقي فأملك العالم في إصبعي وأفتح التاريخ كي تدخلي شرفته من بابها الأوسع.
رحاب الهدى يا منار الضياء سمعتك في ساعة من صفاء تقول أنا البيت ظل الإله وركن الخليل أبي الأنبياء أنا البيت قبلتكم للصلاة أنا البيت كعبتكم للرجاء فضموا الصفوف وولوا الوجوه إلى مشرق النور عند الدعاء وسيروا إلى هدف واحد وقوموا إلى دعوة للبناء يزكي بها الله إيمانكم ويرفع هاماتكم للسماء.
امة علمها حب السماء كيف تبني ثم تعلو بالبناء فمضت ترفل في وحدتها وتباهي في طريق الكبرياء بيد توسع في ازراقها ويد تدفع كيد الأشقياء سادت الأيام لما آمنت أن بالإيمان يسمو الأقوياء فإذا استشهد منهم بطل كانت الجنة وعد الشهداء.