لا يجد المسلم ملجأً يلجأ إليه وقت الشدة سوى أن يرفع يديه عالياً طالباً رحمة ربه ومساعدته ولا شيء أصعب على المسلم من أن يدع ربه دون أن يستجيب له وهذا ما نتحدث عنة تفصيليا في هذة المقالة .
أستجابة الدعاء
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(الدعاءُ مخُّ العبادةِ) فالمسلم متعلق رجاؤه بالله في كل أموره فهو يوقن أنه الرب المدبر لذا يلجأ إليه في سره وجهره ويدعوه في صلاته ويذكره لدى كل حاجة صغرت أم عظمت، ويسعى المسلم لأن يكون مستجاب الدعوة
لأن استجابة الدعاء من علامات صلاح النفس وتقواها وقد كان بعض الصحابة يتميّزون بأنّهم مستجابو الدّعوة ومن بينهم سيدنا سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه حين آذاه أحد الجهّال في عرضه فدعا عليه أن يطيل الله عمره وأن يعرّضه للفتن وأن يعمي بصره
وقد كان ذلك كله فكان يراه الناس في الأسواق يتتبع الجواري يغازلهم وقد كان شيخا كبيراً هرماً أعمى البصر وهو يردد شيخ كبير أصابته دعوة سعد.
أسباب عدم أستجابة الدعاء
المال والكسب الحرام
حين يكون مطعم الإنسان وملبسه حلال فإنّه بلا شك يكون مستجاب الدعوة، وعندما لا يتحرّى الحلال والحرام في الكسب فتراه ينغمس في البحث عن الرزق من أسباب لا ترضي الرحمن جلّ وعلا، كالكسب من القمار، والميسر، أو المراهنة الباطلة، أو أكل أموال الناس بالباطل وأخذ حقوقهم، وكلّ هذه الصور من الكسب الحرام توجب غضب الرب على العبد، وبالتالي فإنّه يحرم من استجابة الدعاء، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أيها الناسُ ! إنَّ اللهَ طيِّبٌ لا يقبلُ إلا طيِّبًا. وإنَّ اللهَ أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين. فقال : يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ. [23/المؤمنون:51 ] وقال: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ [2/البقرة:172].
ثم ذكر الرجلَ يطيلُ السَّفرَ أشعثَ أغبَرَ. يمدُّ يدَيه إلى السماءِ. يا ربِّ! يا ربِّ! ومطعمُه حرامٌ، ومشربُه حرامٌ، وملبَسُه حرامٌ، وغُذِيَ بالحرام. فأَنَّى يُستجابُ لذلك؟)[صحيح مسلم]
عدم الأخذ بالأسباب
في الحديث المروي عن النبي صلى الله عليه وسلم: (ثلاثةٌ يَدعونَ اللهَ عزَّ وجلَّ فلَا يُستجابُ لهُمْ: رجلٌ كانتْ تحتَهُ امْرأةٌ سيِّئةُ الخُلُقِ فلَمْ يُطلِّقْها، ورجلٌ كان لهُ على رجُلٍ مالٌ فلمْ يُشهِدْ عليْهِ؛ ورجُلٌ آتَى سفِيهًا مالَهُ؛ و قال اللهُ تعالَى: (ولا تُؤْتُوا السُّفَهاءَ أمْوالَكُمْ) [النساء:5]) [صحيح الجامع] ذلك أنّ الله تعالى قد جعله أمر الطلاق وهو الحلّ بيد الأول، والرجل الذي دان رجلاً مالاً فلم يكتب عليه، لا يستجاب له لأنّ الله أمر بكتابة الدين.
الذنوب التي تحبس الدعاء
الدّعاء ما هو إلّا أن يرفع المسلم يديه لله تعالى راجياً إيّاه رحمته وعطفه وإحسانه،
وأن يدعوه سبحانه بأجلّ أسمائه وأعظمها مناجياً إيّاه بكلّ ما يريد مع إلتزامه بآداب الدّعاء ويقينه وإيمانه بإستجابة الله له، يقول تعالى في كتابه العزيز: “وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ” (سورة البقرة: 186).
قد يرى البعض أنّ الله لم يستجب لدعائهم، وهذا غير صحيح، فالله لا يردّ دعوة داع إذا دعاه. وقد يكون الدّعاء مستجاباً في وقته ويرى المسلم آثار الإستجابة، وقد يكون مستجاباً لكن يؤخّر الله الإستجابة لحكمة ما يعلمها الله جلّ وعلا وحده، وقد تكون الإستجابة بغير ما نبغي ويكون الخير فيها. ولكن على الرّغم من ذلك، فإنّ الإنسان المسلم قد يرتكب ذنوباً تمنع الإستجابة وقبول الدّعاء، وذلك علينا أن لا نغفل عنها ونعلمها ونبتعد عنها حتّى يقبل دعاؤنا.
وطبعاً يكون السبب الأساس في حبس الدّعاء وعدم إستجابته من الله تعالى ما هو إلّا فعل الإنسان نفسه، فما عليك عند اللّجوء إلى الله سوء اللجوء إليه بقلب صافٍ ونيّة سليمة، ولا تقصد فيه الأذى لغيرك، مع إيمانك القويّ بقدرة الله على إستجابة الدّعاء ساعة يشاء وكيف يشاء، مع الإبتعاد عن الذّنوب التي تسبّب في منع الإستجابة.
ومن الذنوب التي ترّد الدعاء وتمنع إستجابته: سوء النيّة؛ كأن تنوي لنفسك شرّاً أو لغيرك، كدعاء بعض الناس على غيرهم بالموت أو الإصابة بالمصائب، فهنا لا يستجيب الله الدّعاء، وهذا من رحمته القدير علينا. ومن الذّنوب التي تمنع قبول الدّعاء أيضاً “خبث السريرة”، كأن تدعو في ظاهر دعائك بالخير وتضمر الشرّ في قلبك، فالله لا يستجيب الدّعاء أبداً في هذه الحالة.
كما أنّ النفاق مع الغير من أحد الذنوب التي تمنع إستجابة الدّعاء، فإن كنت تنافق أحياناً في تعاملك مع غيرك، فإبدأ بنفسك وغيّرها وإبتعد عن النفاق حّتى يستجيب الله دعاءك، ولا تظلم أحداً. كما أنّ تأخير الصلوات المفروضة علينا عمداً حتّى يذهب وقتها من أسباب حبس الدّعاء كذلك.
وإن أردت أن تكون مستجاب الدّعاء عليك كذلك بالإبتعاد عن الفحش في القول، وأستخدام ألطف الكلام وأهذبه في الحديث والقول مع الغير
وأكثر من الصدقات وأعمال الخير التّي تقرّبك من الله عزّ وجلّ وتجعلك من أحبابه المقرّبين، وإبتعد عن الأعمال المحرّمة التي حرّمها الله علينا حّتى لا يحلّ غضبه ولعنته عليك.
للمزيد من المعلومات زورو موقع لحظات .