هو أحد أركان الإسلام، ويقصد به حج المسلمين إلى بيت الله الواقع في مدينة مكة المكرّمة في أوائل أيام شهر ذي الحجة من كل عام، ويعتبر الحج واجباً على كل مسلم قادر، والحكمة منه هي تطهير النفس من الذوب والآثام وتعليمه التواضع والزهد والالتزام والصبر
من شروط الحج والعمرة
الحج
.
شروط الحج
يشترط لوجوب الحج عدد من الشروط هي: البلوغ، والإسلام، والعقل، والاستطاعة، وكمال الحرية، وجود الزاد، وللمرأة شرط زائد هو المَحْرَمُ، حيث إن حجت دونه أثمت. وأيضاً هناك بعض الشروط المتعلقة بمسائل الحج:
لا يحج الشخص عن غيره إن لم يحج هو عن نفسه.
إذا أحرم الصبي في الحج يكون نفلاً، ويجب عليه الحج بعد أن يبلغ.
إذا توفي الشخص ولم يحج، يخرج من ورثته مالاً ليحج به شخص عنه.
أركان الحج
الإحرام: هو نيّة الدخول إلى الحج، وواجباته ثلاثة هي: الإحرام من الميقات، والتجرّد من المخيط، و التلبية وهي قول (لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك).
الطواف: هو الدوران حول البيت الحرام لسبعة أشواط، ومن شروطه النية عند القيام به، وستر العورة، والطهارة من الخبث، وأن يكون الطواف بالبيت داخل المسجد، وأن يكون البيت على يسار الطائف، وأن لا يفصل بين الأشواط إلا لحاجة، وأن يبلغ عدد الطواف سبعة أشواط.
السعي: هو المشي بين الصفا والمروة ذهاباً وإياباً وذلك بنيّة التعبد، ومن شروطه: النيّة، والترتيب بينه وبين الطواف وذلك بأن يقدم الطواف على السعي، وأن لا يفصل بين الأشواط إلا لحاجة، ويبلغ عدد الأشواط سبعة.
الوقوف بعرفة: أي الوقوف على جبل عرفات ووقته يبدأ من ظهر يوم التاسع من شهر ذي الحجة إلى فجر اليوم العاشر منه.
العمرة
يقصد بها زيارة المسجد الحرام الواقع في مكة المكرّمة من أجل أداء مناسك العمرة كالطواف والسعي والحلق، حكمها مختلَف فيه، فمنهم من يراها واجبة، ومنهم من يراها سنّة، وفُرضت العمرة في العام التاسع للهجرة.
شروط العمرة
للعمر شروط عدة وهي كما يأتي:
البلوغ الكامل.
الإسلام.
العقل، والحرية، والاستطاعة في أدائها.
أركان العمرة
للعمرة عدة أركان مختلف عليها بين المذاهب الإسلاميّة، وهي كما يأتي:
عند مذهب الحنفية: الإحرام شرط، والطواف ركن.
عند مذهب الحنابلة والمالكية: الإحرام، والسعي بين الصفا والمروة، والطواف بالبيت.
عند المذهب الشافعي: السعي بين الصفا والمروة، والإحرام، والترتيب، والتقصير أو الحلق، والطواف بالبيت.
شروط الحج والعمرة
.2- العمرة:
– العمرة: هي التعبد لله بالطواف بالبيت، والسعي بين الصفا والمروة، والحلق أو التقصير.
.حكم العمرة:
العمرة واجبة في العمر مرة.
وتسن في كل وقت من العام، وفي أشهر الحج أفضل، والعمرة في رمضان تعدل حجة.
1- قال الله تعالى: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ فَإِذَا أَمِنْتُمْ فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ}
[البقرة:196].
2- وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْها قَالَتْ: قُلْتُ يَا رَسُولَ الله عَلَى النِّسَاءِ جِهَادٌ؟ قَالَ: «نَعَمْ عَلَيْهِنَّ جِهَادٌ لاَ قِتَالَ فِيهِ الحَجُّ وَالعُمْرَةُ»
. أخرجه أحمد وابن ماجه.
.فضل العمرة:
عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ: أنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: «العُمْرَةُ إِلَى العُمْرَةِ كَفَّارَةٌ لِمَا بَيْنَهُمَا، وَالحَجُّ المَبْرُورُ لَيْسَ لَهُ جَزَاءٌ إِلا الجَنَّةُ». متفق عليه.
.فضل المتابعة بين الحج والعمرة:
عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُما قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: «تَابعُوا بَيْنَ الحَجِّ وَالعُمْرَةِ فَإِنَّهُمَا يَنْفِيَانِ الفَقْرَ وَالذنُوبَ كَمَا يَنْفِي الكِيرُ خَبَث الحَدِيدِ». أخرجه النسائي.
.فضل العمرة في رمضان:
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِي اللهُ عَنْهُمَا قال: لَمَّا رَجَعَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مِنْ حَجَّتِهِ، قال لأُمِّ سِنَانٍ الأنْصاريَّةِ: «مَا مَنَعَكِ مِنَ الحَجِّ». قالتْ: أبُو فُلانٍ، تَعْنِي زَوْجَهَا، كَانَ لَهُ نَاضِحَانِ حَجَّ عَلَى أحَدِهِمَا، وَالآخَرُ يَسْقِي أرْضاً لَنَا. قال: «فَإِنَّ عُمْرَةً فِي رَمَضَانَ تَقْضِي حَجَّةً أوْ حَجَّةً مَعِي». متفق عليه.
.كم اعتمر النبي صلى الله عليه وسلم؟:
اعتمر النبي صلى الله عليه وسلم أربع عمر كلها في أشهر الحج في ذي القعدة:
عمرة الحديبية سنة ست.. وعمرة القضاء سنة سبع.. وعمرة الجعرانة سنة ثمان.. وعمرته مع حجته سنة عشر من الهجرة.
وكلها أحرم بها قادماً إلى مكة.
عَنْ قَتَادَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: سَألْتُ أنَساً رَضِيَ اللهُ عَنْه: كَمِ اعْتَمَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم؟ قال: أرْبَعاً: عُمْرَةُ الحُدَيْبِيَةِ فِي ذِي القَعْدَةِ حَيْثُ صَدَّهُ المُشْرِكُونَ، وَعُمْرَةٌ مِنَ العَامِ المُقْبِلِ فِي ذِي القَعْدَةِ حَيْثُ صَالَحَهُمْ، وَعُمْرَةُ الجِعِرَّانَةِ إِذْ قَسَمَ غَنِيمَةَ-أُرَاهُ- حُنَيْنٍ. قُلْتُ: كَمْ حَجَّ؟ قال: وَاحِدَةً. متفق عليه.
.حكمة مشروعية العمرة:
شرع الله عز وجل العمرة عبادة لله وتشريفاً للبيت الحرام، وتعظيماً للبقاع الطاهرة، وتكريماً للأماكن المقدسة، لتكون أسهل النسكين على زوار مكة، فيدخلونها بحسن الأدب محرمين ملبين، معظمين لله ولبيته الحرام.
ولما كانت مكة محط الرحال، ومجمع المسلمين من كل مكان، شرع الله لهم العمرة في جميع السنة، ليتم التعارف، وتتحقق المصالح طوال العام، رحمة من الله بعباده.
.3- شروط الحج والعمرة:
شروط وجوب الحج والعمرة:
يشترط لوجوب الحج والعمرة ما يلي:
الإسلام.. والعقل.. والبلوغ.. والحرية.. والاستطاعة.
والاستطاعة: هي وجود الزاد والراحلة، ووجود المحرم بالنسبة للمرأة.
فالإسلام والعقل شرطان للصحة.. والبلوغ والعتق شرطان للإجزاء.. والاستطاعة شرط للوجوب، فمن لا يستطيع لا يجب عليه الحج، وإن حج مع المشقة فحجه صحيح، وإن حجت المرأة بلا محرم فحجها صحيح لكنها آثمة.
فلا يصح الحج من كافر ولا مجنون.
ولو حج الصبي والعبد صح حجهما، لكن إذا بلغ الصبي، وعتق العبد، وجب عليهما الحج مرة أخرى، وإن ماتا أجزأ عنهما.
.شروط الاستطاعة:
1- سلامة البدن من الأمراض التي تعوقه عن أعمال الحج والعمرة، ومن لا يستطيع بنفسه لزمه أن ينيب عنه غيره.
2- ملك ما يكفيه في حجه وعمرته حتى يعود.
3- أمن الطريق، بأن يأمن على نفسه وماله وقت الحج.
4- وجود المحرم بالنسبة للمرأة.
1- قال الله تعالى: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ [97]}
للعمر شروط عدة وهي كما يأتي:
2- وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِي اللهُ عَنْهُمَا قال: قال النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «لا تُسَافِرِ المَرْأةُ إِلا مَعَ ذِي مَحْرَمٍ، وَلا يَدْخُلُ عَلَيْهَا رَجُلٌ إِلا وَمَعَهَا مَحْرَمٌ»
. فَقال رَجُلٌ: يَا رَسُولَ الله، إِنِّي أرِيدُ أنْ أخْرُجَ فِي جَيْشِ كَذَا وَكَذَا، وَامْرَأتِي تُرِيدُ الحَجَّ؟ فَقال: «اخْرُجْ مَعَهَا»
. متفق عليه.
.من هو القادر على الحج؟:
القادر على الحج من كان صحيح البدن، قادرا ًعلى السفر، ووجد زاداً وراحلة يتمكن بهما من أداء الحج ويرجع.
وذلك بعد قضاء الواجبات كالديون الحالّة، والنفقات اللازمة لأهله.. فهذا هو القادر على الحج.
.درجات القدرة:
من كان قادراً على الحج بماله وبدنه لزمه الحج بنفسه.
ومن كان قادراً على الحج بماله، عاجزاً ببدنه، وجب عليه أن ينيب من يحج عنه.
ومن كان قادراً ببدنه، عاجزاً بماله لم يجب عليه الحج.
ومن كان عاجزاً عن الحج بماله وبدنه سقط عنه الحج.
والحج في سبيل الله، فمن كان ليس لديه مال، يجوز له أن يأخذ من الزكاة مالاً يحج به.
قال الله تعالى: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ [97]}
[آل عمران:97].
.حكم حج من عليه دين:
من كان عليه دين حالّ فعليه أن يؤديه لأهله ثم يحج ويعتمر.
وإن كانت نفقة الحج تغطي ديونه قضى الدين ولا يحج.
وإن كانت نفقة الحج لا تغطي شيئاً بالنسبة للديون فله أن يحج؛ لأن الحج مجلبة للرزق، وهو حق الله فيؤديه.
ومن كان عليه دين مؤجل فله أن يحج ما لم يحل القسط، ولا يلزم أن يتحلل من أصحاب الدين إذا كان قادراً على السداد.
عَن ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُما قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: «تَابعُوا بَيْنَ الحَجِّ وَالعُمْرَةِ فَإِنَّهُمَا يَنْفِيَانِ الفَقْرَ وَالذنُوبَ كَمَا يَنْفِي الكِيرُ خَبَث الحَدِيدِ»
. أخرجه النسائي.
.صفة الحج المبرور:
الحج المبرور: هو ما كان خالصاً لله.. موافقاً للسنة.. ولم يخالطه إثم.. والنفقة فيه من حلال.. واشتغل فيه صاحبه بالطاعات والأعمال الصالحة.. كالعبادة والدعوة.. وإطعام الطعام.. وإفشاء السلام.. والأمر بالمعروف.. والنهي عن المنكر.. واجتناب الرفث والفسوق والجدال.. والتحلي بمكارم الأخلاق.
وعلامته: أن تظهر ثمرته على صاحبه، بأن تكون حاله بعده أحسن منها قبله.
.حكم أخذ المال على العمل الصالح:
المستحب للمسلم الفقير أن يأخذ المال ليحج، لا أن يحج ليأخذ المال، فإن الارتزاق بأعمال البر ليس من أعمال الصالحين.
وفرق بين أن يكون الدين مقصود المسلم، والدنيا وسيلة، وبين أن تكون الدنيا مقصوده، والدين وسيلة، فالأول مشروع، والثاني مذموم.
وهكذا في جميع الأرزاق المأخوذة على العمل الصالح كالإمامة، والأذان، والتعليم، والجهاد وغير ذلك.
عَنْ عُمَرَ بْنِ الخَطّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: «إِنّمَا الأَعْمَالُ بِالنّيّةِ، وَإِنّمَا لاِمْرِىءٍ مَا نَوَىَ، فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إلَىَ الله وَرَسُولِهِ، فَهِجْرَتُهُ إلَى الله وَرَسُولِهِ، وَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ لِدُنْيَا يُصِيبُهَا أَوِ امْرَأَةٍ يَتَزَوّجُهَا، فَهِجْرَتُهُ إلَىَ مَا هَاجَرَ إلَيْهِ»
. متفق عليه.
.حكم الحج من مال حرام:
إذا حج المسلم بمال حرام، أو على دابة أو سيارة مغصوبة، فهو آثم ومستحق للعقوبة، لكن حجه صحيح ومجزئ؛ لأن أفعال الحج مخصوصة، والتحريم لمعنى خارج عنها، كما لو صلى في ثوب مغصوب، أو صلى في مكان مغصوب، فالصلاة صحيحة، لكنه آثم.
أحوال الحج عن الغير:
1- من أراد حج الفريضة عن غيره فلابد أن يكون قد حج عن نفسه.
2- يشرع الحج عن الغير نفلاً ولو كان مستطيعاً؛ لأن النيابة إذا جازت في الفرض ففي النفل أولى.
3- يجوز للمرأة أن تحج وتعتمر عن الرجل فرضاً ونفلاً، كما يجوز للرجل أن يحج ويعتمر عن المرأة فرضاً ونفلاً.
4- من حج عن غيره أو اعتمر أحرم من أي ميقات، ولا يلزمه إنشاء السفر من بلد من يحج عنه، ولا يلزم من أنابه الإمساك عن محظورات الإحرام وقت النسك.
5- لا يجوز الحج والعمرة عن الحي إلا بإذنه فرضاً كان أو تطوعاً؛ لأنها عبادة تدخلها النيابة، ويسقط الحج عن الميت بحج أحد عنه ولو بدون إذن وليه؛ لأنه دَيْن، فإذا قضاه أحد سقط عنه.
6- يجب الحج عن الميت إذا كان قد استطاع في حياته ولم يحج إذا كان له تركه، وإلا فلا يجب على الوارث، ويشرع للوارث وغيره الحج عنه، سواء أوصى به أم لا.
1- عَنْ بُرَيْدَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: بَيْنَا أنَا جَالِسٌ عِنْدَ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم، إِذْ أتَتْهُ امْرَأةٌ، فَقَالَتْ: إِنِّي تَصَدَّقْتُ عَلَى أُمِّي بِجَارِيَةٍ، وَإِنَّهَا مَاتَتْ، قال: فَقَالَ: «وَجَبَ أجْرُكِ، وَرَدَّهَا عَلَيْكِ المِيرَاثُ»
. قَالَتْ: يَا رَسُولَ الله! إِنَّهُ كَانَ عَلَيْهَا صَوْمُ شَهْرٍ، أفَأصُومُ عَنْهَا؟ قال: «صُومِي عَنْهَا»
. قَالَتْ: إِنَّهَا لَمْ تَحُجَّ قَطُّ، أفَأحُجُّ عَنْهَا؟ قال: «حُجِّي عَنْهَا»
. أخرجه مسلم.
2- وَعَنْ عَبْدِالله بْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ: كَانَ الفَضْلُ رَدِيفَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَجَاءَتِ امْرَأةٌ مِنْ خَثْعَمَ، فَجَعَلَ الفَضْلُ يَنْظُرُ إِلَيْهَا وَتَنْظُرُ إِلَيْهِ، فَجَعَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَصْرِفُ وَجْهَ الفَضْلِ إِلَى الشِّقِّ الآخَرِ، فَقالتْ: إِنَّ فَرِيضَةَ الله أدْرَكَتْ أبِي شَيْخاً كَبِيراً، لا يَثْبُتُ عَلَى الرَّاحِلَةِ، أفَأحُجُّ عَنْهُ؟ قال: «نَعَمْ»
. وَذَلِكَ فِي حَجَّةِ الوَدَاعِ. متفق عليه.
.فضل حج النساء:
عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ المُؤْمِنِينَ رَضِي اللهُ عَنْهَا قالتْ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ الله، ألا نَغْزُو وَنُجَاهِدُ مَعَكُمْ؟ فَقال: «لَكِنَّ أحْسَنَ الجِهَادِ وَأجْمَلَهُ الحَجُّ، حَجٌّ مَبْرُورٌ». فَقالتْ عَائِشَةُ: فَلا أدَعُ الحَجَّ بَعْدَ إِذْ سَمِعْتُ هَذَا مِنْ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم. أخرجه البخاري.
.حكم سفر المرأة بلا محرم:
لا يجوز للمرأة أن تسافر للحج أو العمرة أو غيرهما إلا ومعها محرم، سواء كانت شابة أم عجوزاً، وسواء كان معها نساء أم لا، وسواء كان السفر طويلاً أم قصيراً؛ صيانة لعرضها، وخوفاً عليها من الفتنة.
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِي اللهُ عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «لا تُسَافِرِ المَرْأةُ إِلا مَعَ ذِي مَحْرَمٍ، وَلا يَدْخُلُ عَلَيْهَا رَجُلٌ إِلا وَمَعَهَا مَحْرَمٌ»
. فَقال رَجُلٌ: يَا رَسُولَ الله، إِنِّي أرِيدُ أنْ أخْرُجَ فِي جَيْشِ كَذَا وَكَذَا، وَامْرَأتِي تُرِيدُ الحَجَّ؟ فَقال: «اخْرُجْ مَعَهَا»
. متفق عليه.
.حكم استئذان المرأة زوجها في الحج:
1- يسن للمرأة أن تستأذن زوجها في حج الفريضة، فإن أذن وإلا حجت بدون إذنه؛ لأن حج الفريضة مقدم على حق الزوج، ولا طاعة لمخلوق في معصية الخالق.
2- إن كان عليها حج نذر فالأولى أن تستأذن زوجها، وله منعها منه، فلا تخرج إلا بإذنه.
3- إن أرادت حج تطوع فيجب عليها أن تستأذن زوجها، ولا يجوز لها الخروج للحج وغيره إلا بإذنه.
.حكم حج المرأة وعمرتها بلا محرم:
1- يشترط لوجوب الحج على المرأة وجود محرم لها من زوج، أو من يحرم عليه نكاحها أبداً كأب، أو أخ، أو ابن ونحوهم.
2- إذا أبى المَحْرم أن يحج معها فإنه لا يجب عليها الحج، فإن حجت بلا محرم فهي آثمة، وحجها صحيح.
3- إذا لم يكن للمرأة محرم ولا ولي، وحجت مع رفقة مأمونة، والطريق آمن، فحجها صحيح، وهي آثمة، فمثلها لا يجب عليها الحج، فهي غير قادرة.
4- من عليها عدة وفاة أو طلاق ونحوهما فلا تحج حتى تخرج من العدة.
1- قال الله تعالى: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ [97]}
[آل عمران:97].
2- وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضيَ اللهُ عَنْهمُا، أنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «لا يَخْلُوَنَّ رَجُلٌ بِامْرَأةٍ، وَلا تُسَافِرَنَّ امْرَأةٌ إِلاَّ وَمَعَهَا مَحْرَمٌ»
. فَقَامَ رَجُلٌ فَقال: يَا رَسُولَ الله، اكْتُتِبْتُ فِي غَزْوَةِ كَذَا وَكَذَا، وَخَرَجَتِ امْرَأتِي حَاجَّةً، قال:
«اذْهَبْ فَحُجَّ مَعَ امْرَأتِكَ»
. متفق عليه.
.حكم حج الصغير وعمرته:
1- إذا أحرم الصبي بالحج أو العمرة صح نفلاً.
فإن كان مميزاً فعل كما يفعل البالغ من الرجال والنساء.
وإن كان صغيراً عقد الإحرام عنه وليه، ويطوف ويسعى به، ويرمي عنه الجمرات، والأفضل أن يؤدي الصغير بنفسه ما قدر عليه من مناسك الحج أو العمرة.
2- إذا حج الصغير أو المملوك، ثم بلغ الصغير، وعتق المملوك، فعلى كل واحد منهما حجة أخرى، فإن ماتا قبل البلوغ والعتق أجزأ عنهما الحج الأول.
3- يصح حج الصبي، ومن حج به فهو مأجور له مثل أجره.
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُما عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، لَقِيَ رَكْباً بِالرَّوْحَاءِ، فَقَالَ: «مَنِ القَوْمُ؟»
. قَالُوا: المُسْلِمُونَ، فَقَالُوا: مَنْ أنْتَ؟ قال: «رَسُولُ الله»
. فَرَفَعَتْ إِلَيْهِ امْرَأةٌ صَبِيّاً فَقَالَتْ: ألِهَذَا حَجٌّ؟ قال: «نَعَمْ، وَلَكِ أجْرٌ»
. أخرجه مسلم.
.حكم دخول المشرك المسجد الحرام:
لا يجوز للمشرك دخول المسجد الحرام.
ويجوز دخوله بقية مساجد المسلمين لمصلحة شرعية كرجاء إسلامه ونحوه.
1- قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ إِنْ شَاءَ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ [28]}
[التوبة:28].
2- وَعَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: بَعَثَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم خَيْلاً قِبَلَ نَجْدٍ، فَجَاءَتْ بِرَجُلٍ مِنْ بَنِي حَنِيفَةَ، يُقَالُ لَهُ ثُمَامَةُ بْنُ أثَالٍ، فَرَبَطُوهُ بِسَارِيَةٍ مِنْ سَوَارِي المَسْجِدِ، فَخَرَجَ إلَيْهِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: «أطْلِقُوا ثُمَامَةَ»
. فَانْطَلَقَ إلَى نَخْلٍ قَرِيبٍ مِنَ المَسْجِدِ، فَاغْتَسَلَ ثُمَّ دَخَلَ المَسْجِدَ، فَقَالَ: أشْهَدُ أنْ لا إلَهَ إلا اللهُ، وَأنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ الله. متفق عليه.
.حكم تملُّك أرض المشاعر:
1- منى ومزدلفة وعرفات مشاعر كالمساجد، فلا يجوز لأحد أن يبني فيها بيتاً ويؤجره، أو يأخذ أرضاً ويؤجرها، فإن فعل فالناس معذورون ببذل الأجرة، والإثم على من أخذها.
2- على إمام المسلمين أن يمنع استغلال أراضي المشاعر، وأن ينظم نزول الحجاج في المشاعر بما يراه مناسباً يحقق المصلحة، والسلامة، والأمن، والراحة كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم.
عَنْ عَبْدِالرَّحْمَنِ بْنِ مُعَاذٍ عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَاب النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: خَطَبَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم النَّاسَ بمِنىً وَنَزَّلَهُمْ مَنَازِلَهُمْ فَقَالَ: «لِيَنْزِلِ المُهَاجِرُونَ هَا هُنَا وَأَشَارَ إِلَى مَيْمَنَةِ القِبْلَةِ وَالأَنْصَارُ هَا هُنَا وَأَشَارَ إِلَى مَيْسَرَةِ القِبْلَةِ ثمَّ لِيَنْزِلِ النَّاسُ حَوْلَهُمْ»
. أخرجه أبو داود والنسائي.
3- المسجد الحرام وجميع مشاعر الحج لا يجوز أن يختص بها أحد دون أحد، بل هي مشتركة بين عموم المسلمين، إذ هي محل نسكهم ومتعبدهم، وهي حرم الرب الذي جعله للناس سواء، ووقَفَه على العالمين فهم فيه سواء، كما قال سبحانه: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ الَّذِي جَعَلْنَاهُ لِلنَّاسِ سَوَاءً الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ
الشرط الأول : [ الإسلام ] لقوله تعالى: [ إنما المشركون نجس فلا يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا ] سورة التوبة آية 28 .
ولأنه لا يصح منهم ذلك ومحال أن يجب ما لا يصح لأن العبادات لا تجب إلا على المسلم لأن كل عبادة لا تصح من كافر لقوله تعالى [ وما منعهم أن تقبل منهم نفقاتهم إلا أنهم كفروا بالله وبرسوله ] سورة التوبة آية 54 .
الشرط الثاني : [ العقل ] فلا حج ولا عمرة على مجنون إلا أن يفيق لقوله صلى الله عليه وسلم [ رفع القلم عن ثلاثة : عن المجنون المغلوب على عقله حتى يبدأ ، وعن النائم حتى يستيقظ وعن الصبي حتى يحتلم ] رواه الإمام أحمد وأهل السنن وصححه الألباني ص ج ص 2/35 .
الشرط الثالث : [ البلوغ ] فلا يجب الحج على الصبي حتى يبلغ ولكن لو حج صح حجه لكن لا يجزئه عن حجة الإسلام . لحديث ابن عباس رضي الله عنهما أن امرأة رفعت إلى النبي صلى الله عليه وسلم صبياً فقالت : ألهذا حج ؟ قال : [ نعم ولك أجر ] رواه مسلم 2/974 .
ولقوله عليه الصلاة والسلام : [ أيما صبي حج ثم بلغ الحنث فعليه أن يحج حجة أخرى .. ] رواه الخطيب البغدادي وصححه الألباني في ص ج ص 2729 .
الشرط الرابع : [ كمال الحرية ] فلا يجب الحج على المملوك ولكنه لو حج فحجه صحيح لكن لا يجزئه عن حجة الإسلام لقوله صلى الله عليه وسلم : [ وأيما عبد حج ثم أعتق ، فعليه أن يحج حجة أخرى ] نفس المصدر السابق .
الشرط الخامس : [ القدرة أو الاستطاعة بالمال والبدن ] :
فإن كان الإنسان قادراً بماله دون بدنه فإنه ينيب من يحج عنه لفعل المرأة الخثعمية التي سألت النبي صلى الله عليه وسلم ( فقالت يا رسول الله : إن أبي أدركته فريضة الله على عباده في الحج شيخاً كبيراً لا يثبت على الراحلة أفأحج عنه ؟ قال عليه الصلاة والسلام [ نعم ] وذلك في حجة الوداع ) شريطة أن يكون النائب قد حج عن نفسه .
أما من كان قادراً ببدنه دون ماله ولا يستطيع الوصول إلى مكة فإن الحج لا يجب عليه .
[ ومن القدرة ] أن تجد المرأة محرماً لها؛ فإن لم تجد محرماً فإن الحج لا يجب عليها لقوله عليه الصلاة والسلام [ لا يخلون رجل بامرأة إلا ومعها ذو محرم ولا تسافر المرأة إلا ومع ذي محرم ، فقال رجل : يا رسول الله إن امرأتي خرجت حاجة وإني اكتتبت في غزوة كذا وكذا قال عليه الصلاة والسلام [ انطلق فحج مع امرأتك ] البخاري مع الفتح 6/143 ومسلم 3/978 .
لكن لو حجت المرأة بغير محرم أجزأتها الحجة عن حجة الفرض مع معصيتها وعظيم الإثم عليها .[شرح العمدة في بيان مناسك الحج والعمرة لابن تيمية 1/182] .
لكن اختلف العلماء هل يجب على من لم تجد محرم أن تنيب من يحج عنها ويعتمر ؟ أو لا يجب ؟.
على قولين لأهل العلم بناء على أن وجود المحرم هل هو شرط لوجوب الأداء ؟ أو هو شرط للوجوب من أصله ؟ والمشهور عند الحنابلة رحمهم الله تعالى- أن المحرم شرط للوجوب وأن المرأة التي لا تجد محرماً لا يلزمها حج ولا يلزمها أن تقيم من يحج عنها .
وللمزيد زوروا موقعنا “لحظات”