نقدم لكم عبر موقعنا ” لحظات ” شهر رمضان في القران ” رمضان شهر القرآن ، شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن ، كم مرة ذكر شهر رمضان في القران وفي اي سورة ، كم مره ذكر شهر رمضان في القران الكريم ، كم عدد ايام شهر رمضان في القران ، كم مرة ورد لفظ شهر في القران ، الايات التي ذكر فيها شهر رمضان ، كم مرة ذكر الصيام في القران ، شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن ، ايات رمضان في القران ” كل ده في موقعنا ” لحظات ” اكبر موقع في الشرق الاوسط وفي العالم العربي “
رمضان شهر القرآن
نقدم لكم في هذه الفقرة ” رمضان شهر القرآن ” ونتمني ان تنال أعجباكم وللمزيد زورو موقعنا ” لحظات ” اكبر موقع في الشرق الاوسط وفي العالم العربي ”
رمضان شهر القرآن
قرن النبي عليه الصلاة والسلام بين الصيام والقرآن لتلازمهما وترابطهما فقال: الصيام والقرآن يشفعان للعبد يوم القيامة؛ يقول الصيام: أي رب منعته الطعام والشهوات بالنهار، ويقول القرآن: منعته النوم بالليل فشفعني فيه، فيشفعان
الحمد لله الذي خصنا بشهر الطاعات، وأجزل لنا فيه المثوبة ورفع الدرجات، وَعَدَ من صامه إيمانا واحتسابا بتكفير الذنوب والسيئات، وشرّف أوقاته على سائر الأوقات، والصلاة والسلام على نبينا محمد خير البريات، وعلى آله وصحبه أولي الفضل والمكرمات،والتابعين لهم بإحسان إلى يوم المعاد، وبعد:
اختص الله سبحانه وتعالى هذا الشهر بخصائص عديدة، وميزه عن غيره من الشهور بمزايا فريدة، منها إنزال القرآن، بل والكتب السماوية السابقة نزلت في القرآن كما ثبت من حديث واثلة بن الأسقع أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: «أُنزِلَت صحُفُ إبراهيمَ أولَ ليلةٍ من رمضانَ،
و أُنزلَت التوراةُ لستٍّ مَضَين من رمضانَ، و أُنزِلَ الإنجيلُ لثلاثِ عشرةَ ليلةً خلَتْ من رمضانَ، و أُنزلَ الزَّبورُ لثمانِ عشرةَ خلَتْ من رمضانَ، وأُنزِلَ القرآنُ لأربعٍ وعشرين خلَتْ من رمضانَ» [1].
وعندما أراد الله سبحانه في كتابه بيان أعظم ميزة لهذا الشهر قرنه بإنزال القرآن فقال: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ} [البقرة : 185][2]، الشهر العظيم،
الذي قد حصل لكم فيه من الله الفضل العظيم، وهو القرآن الكريم، المشتمل على الهداية لمصالحكم الدينية والدنيوية، وتبيين الحق بأوضح بيان، والفرقان بين الحق والباطل، والهدى والضلال، وأهل السعادة وأهل الشقاوة [3] .
وفي مدحه بإنزاله فيه مدح للقرآن به من حيث أشعر أن من أعظم المقاصد بمشروعيته تصفية الفكر لأجل فهم القرآن[3] .
والقرآن نزل جملة واحدة في ليلة القدر من اللوح المحفوظ إلى بيت العزة في السماء الدنيا، قال تعالى: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ} [القدر : 1]، ثم نزل منجما مفرقا مفصلا طيلة ثلاث وعشرين سنة بحسب الأحداث.
كان جبريل عليه السلام يلقى النبي عليه الصلاة والسلام في رمضان كل ليلة يدارسه القرآن[4]، وكما في حديث ابن عباس كانت المدارسة ليلا[5]،
وقال ابن رجب: ودل الحديث أيضا على استحباب دراسة القرآن في رمضان، والاجتماع على ذلك، وعرض القرآن على من هو أحفظ له، وفيه دليل على استحباب الإكثار من تلاوة القرآن في شهر رمضان [6] .
فقه السلف رضوان الله عليهم أهمية القرآن سيما في شهر رمضان، فكانوا يقبلون عليه بكليتهم ويهتمون به تلاوة ودراسة وتدبرا، وإليكم بعض النماذج النيرة والصور المشرقة:
كان للشافعي في رمضان ستون ختمة، يقرؤها في غير الصلاة!! وعن أبي حنيفة نحوه.
وكان قتادة يدرس القرآن في شهر رمضان.
وكان الزهري إذا دخل رمضان قال: فإنما هو تلاوة القرآن، وإطعام الطعام.
وكان مالك إذا دخل رمضان يفر من قراءة الحديث ومجالسة أهل العلم، وأقبل على تلاوة القرآن من المصحف.
وكان سفيان الثوري إذا دخل رمضان ترك جميع العبادة وأقبل على تلاوة القرآن.
وقد قرن النبي عليه الصلاة والسلام بين الصيام والقرآن لتلازمهما وترابطهما فقال: الصيام والقرآن يشفعان للعبد يوم القيامة؛ «يقول الصيام: أي رب منعته الطعام والشهوات بالنهار، ويقول القرآن: منعته النوم بالليل فشفعني فيه، فيشفعان» [7].
قال ابن مسعود: ينبغي لحامل القرآن أن يعرف بليله إذ الناس نائمون، وبنهاره إذ الناس مفطرون، وبحزنه إذ الناس يفرحون، وببكائه إذ الناس يضحكون، وبصمته إذ الناس يخوضون [8].
قيل لرجل: مَالِي لا أَرَاكَ تَنَامُ؟ قَالَ: إِنَّ عَجَائِبَ الْقُرْآنِ أَطَرْنَ نَوْمِي، مَا أَخْرُجُ مِنْ أُعْجُوبَةٍ إِلا وَقَعْتُ فِي غَيْرِهَا [9].
للقرآن أهمية بالغة، تعظم في رمضان فهل من مشمر ومستثمر تلك الفضائل؟!!
اجعل لك برنامج متنوع مع القرآن في شهر رمضان، يتضمن التلاوة والحفظ والمدارسة والتدبر:
1- ليكن لك ورد من تلاوة القرآن على أن تختم مرة كل عشرة أيام على الأقل.
2- اجعل لك وقت بكل يوم لحفظ شيئا يسيرا من القرآن، حتى لو كان مجموع ما تحفظه طوال الشهر نصف جزء أول أقل.
3- خصص وقتا يوميا للتدبر والتأمل والتفكر، من خلال النظر في مدلولات بعض الآيات، حتى لو خرجت بآية يوميا،
واستنبطت منها العديد من الفوائد لكان جيدا، إذ كان بعض السلف إذا قرأ آية لم يكن قلبه فيها أعادها ثانية.
4- احرص على قراءة شيء من التفسير لمعرفة معاني بعض السور التي تحددها بحسب المتاح.
بذلك يكون لديك برنامج قرآني متنوع وشامل ستشعر بثمرته وقيمته لو تم تطبيقه في هذا الشهر المبارك.
من أجل حكم إنزال القرآن التدبر قال سبحانه: {كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ} [ص :
9] [12]، ولأهمية التدبر والخشوع والانتفاع بالقرآن نوعا لا كما أقام عليه الصلاة والسلام الليل في آية واحدة هي: {إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [المائدة : 118].
وقام تميم الداري بقوله تعالى: {أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاءً مَحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ} [الجاثية : 21].
وقام سعيد بن جبير يردد هذه الآية : {وَامْتَازُوا الْيَوْمَ أَيُّهَا الْمُجْرِمُونَ} [يس : 59].
وقال أبو سليمان الداراني: إني لأقيم في الآية أربع ليال أو خمس ليال.
وعن بعض السلف أنه بقي في سورة هود ستة أشهر يكررها ولا يفرغ من التدبر فيها.
وبقي ابن عمر رضي الله عنهما خمس سنوات في سورة البقرة.
وقال بعضهم: لي في كل جمعة ختمة، وفي كل شهر ختمة، وفي كل سنة ختمة، ولي ختمة منذ ثلاثين سنة ما فرغت منها بعد!
يقول الحسن بن علي رضي الله عنهما: إن من كان قبلكم رأوا القرآن رسائل من ربهم فكانوا يتدبرونها بالليل، ويتفقدونها في النهار [10].
كم نحن بحاجة لإعادة النظر، في علاقتنا مع القرآن، من حيث التلاوة ومعرفة المعاني والتفكر والتدبر والتأمل، ثم الانتفاع والتطبيق والعمل!
قال الحسن البصري: والله ما تدبره بحفظ حروفه وإضاعة حدوده، حتى إن أحدهم ليقول قرأت القرآن كله، ما يُرى له القرآن في خلق ولا عمل[11].
قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ: إِنَّا صَعُبَ عَلَيْنَا حِفْظُ أَلْفَاظِ الْقُرْآنِ، وَسَهُلَ عَلَيْنَا الْعَمَلُ بِهِ، وَإِنَّ مَنْ بَعْدَنَا يَسْهُلُ عَلَيْهِمْ حِفْظُ الْقُرْآنِ، وَيَصْعُبُ عَلَيْهِمُ الْعَمَلُ بِهِ[12].
اللهم اجعل القرآن ربيع قلوبنا وجلاء همومنا وذهاب أحزاننا ونور صدورنا، اللهم علمنا منه ما جهلنا وذكرنا منه ما أنسينا وارزقنا تلاوته آناء الليل وأطراف النار على الوجه الذي يرضيك عنا.
شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن
نقدم لكم في هذه الفقرة ” شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن ” ونتمني ان تنال أعجباكم وللمزيد زورو موقعنا ” لحظات ” اكبر موقع في الشرق الاوسط وفي العالم العربي ”
تنـزُّلٌ كريم:
في ليلة السابعَ عشر من رمضان، و النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم في الأربعين من عمره، أذن الله عز وجل للنور أن يتنزَّل، فإذا جبريل عليه السلام آخذ بالنبي صلى الله عليه وسلم يقول له: اقرأ! فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((ما أنا بقارئ قال فأخذني فغطني حتى بلغ مني الجهد ثم أرسلني فقال اقرأ قلت ما أنا بقارئ فأخذني فغطني الثانية حتى بلغ مني الجهد ثم أرسلني فقال اقرأ فقلت ما أنا بقارئ فأخذني فغطني الثالثة ثم أرسلني فقال {اقرأ باسم ربك الذي خلق خلق الإنسان من علق اقرأ وربك الأكرم} فرجع بها رسول الله صلى اللهم عليه وسلم يرجف فؤاده) [البخاري 3]
وهكذا نزلت أول آية من هذا الكتاب العظيم على النبي الرؤوف الرحيم في هذا الشهر العظيم.
وهكذا شهدت أيامه المباركة اتصال الأرض بالسماء، و تنزل الوحي بالنور و الضياء، فأشرقت الأرض بنور ربها وانقشعت ظلمات الجاهلية الجهلاء.
و من قبل ذلك شهد هذا الشهر الكريم نزولا آخر، إنه نزول القرآن جملة من اللوح المحفوظ إلى بيت العزة في السماء الدنيا، وكان ذلك في ليلة القدر … {إنا أنزلناه في ليلة القدر} {إنا أنزلنا في ليلة مباركة}، قال ابن عباس: أنزل القرآن جملة واحدة إلى سماء الدنيا ليلة القدر ثم أنزل بعد ذلك في عشرين سنة [النسائي و الحاكم]،
وقال ابن جرير: نزل القرآن من اللوح المحفوظ إلى سماء الدنيا في ليلة القدر من شهر رمضان ثم أنزل إلى محمد صلى الله عليه و سلم على ما أراد الله إنزاله إليه.
إنها تلك ” الليلة الموعودة التي سجلها الوجود كله في فرح و غبطة و ابتهال، ليلة الاتصال بين الأرض و الملأ الأعلى … ليلة ذلك الحدث العظيم الذي لم تشهد الأرض مثله في عظمته و في دلالته و في آثاره في حياة البشرية جميعا، العظمة التي لا يحيط بها الإدراك البشري …
والنصوص القرآنية التي تذكر هذا الحدث تكاد تَرِفُّ و تنير بل هي تفيض بالنور الهادئ الساري الرائق الودود نور الله المشرق في قرآنه {إنا أنزلناه في ليلة القدر}، و نور الملائكة و الروح و هم في غدوهم ورواحهم طوال الليلة بين الأرض و الملأ الأعلى {تنزل الملائكة و الروح فيها} و نور الفجر الذي تعرضهالنصوص متناسقا مع نور الوحي و نور الملائكة … {سلام هي حتى مطلع الفجر} ” [الظلال 6/ 3944]
و أي نعمة أعظم من نعمة نزول القرآن؟ نعمة لا يسعها حمد البشر فحمد الله نفسه على هذه النعمة {الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب و لم يجعل له عوجا}.
وهكذا إذن، شهد شهر رمضان هذا النزول الفريد لكتاب الله، و من يومذاك ارتبط القرآن بشهر رمضان {شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس و بينات من الهدى و الفرقان}
ومن يوم ذاك أصبح شهر رمضان هو شهر القرآن.
إكثار و اجتهاد:
عن ابن عباس قال كان رسول الله صلى اللهم عليه وسلم أجود الناس وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل وكان يلقاه في كل ليلة من رمضان فيدارسه القرآن فلرسول الله صلى اللهم عليه وسلم أجود بالخير من الريح المرسلة [البخاري 6 مسلم 2308].
قال الإمام ابن رجب: دل الحديث على استحباب دراسة القرآن في رمضان والاجتماع على ذلك، و عرض القرآن على من هو أحفظ له … و فيه دليل على استحباب الإكثار من تلاوة القرآن في شهر رمضان، وفي حديث فاطمة عليها السلام عن أبيها أنه أخبرها أن جبريل عليه السلام كان يعارضه القرآن كل عام مرة و أنه عارضه في عام وفاته مرتين [البخاري 3624 و مسلم 2450] [لطائف المعارف 354،355].
وفي رمضان يجتمع الصوم و القرآن، وهذه صورة أخرى من صور ارتباط رمضان بالقرآن، فتدرك المؤمن الصادق شفاعتان، يشفع له القرآن لقيامه، و يشفع له الصيام لصيامه، قال صلى الله عليه وسلم: ((الصيام و القرآن يشفعان للعبد يوم القيامة،
يقول الصيام: أي رب منعته الطعام والشهوات بالنهار فشفعني فيه، و يقول القرآن: رب منعته النوم بالليل فشفعني فيه فيشفعان)) [أحمد] و عند ابن ماجه عن ابن بريدة عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يجيء القرآن يوم القيامة كالرجل الشاحب يقول: أنا الذي أسهرت ليلك و أظمأت نهارك)).
“واعلم أن المؤمن يجتمع له في شهر رمضان جهادان لنفسه:
– جهاد بالنهار على الصيام!
– وجهاد بالليل على القيام!
فمن جمع بين هذين الجهادين و وفَّى بحقوقهما و صبر عليهما وُفِّي أجره بغير حساب ” [لطائف المعارف 360]
و من صور اختصاص شهر رمضان بالقرآن الكريم صلاة التراويح، فهذه الصلاة أكثر ما فيها قراءة القرآن، وكأنها شُرعت ليسمع الناس كتاب الله مجوداً مرتلاً، و لذلك استحب للإمام أن يختم فيها ختمة كاملة.
ناشئة الليل!
قال ابن رجب: و في حديث ابن عباس أن المدارسة بينه و بين جبريل كانت ليلاً يدل على استحباب الإكثار من التلاوة في رمضان ليلا فإن الليل تنقطع فيه الشواغل و يجتمع فيه الهم، و يتواطأ فيه القلب و اللسان على التدبر كما قال تعالى {إن ناشئة الليل هي أشد وطئا وأقوم قيلا} [لطائف المعارف 355]
وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يطيل القراءة في قيام رمضان بالليل أكثر من غيره [لطائف المعارف 356] ومما يؤيد ذلك ما رواه الإمام أحمد عن حذيفة قال أتيت النبي صلى اللهم عليه وسلم في ليلة من رمضان فقام يصلي فلما كبر قال الله أكبر ذو الملكوت والجبروت والكبرياء والعظمة
ثم قرأ البقرة ثم النساء ثم آل عمران لا يمر بآية تخويف إلا وقف عندها ثم ركع يقول سبحان ربي العظيم مثل ما كان قائما ثم رفع رأسه فقال سمع الله لمن حمده ربنا لك الحمد مثل ما كان قائما ثم سجد يقول سبحان ربي الأعلى مثل ما كان قائما ثم رفع رأسه فقال رب اغفر لي مثل ما كان قائما ثم سجد يقول سبحان ربي الأعلى مثل ما كان قائما ثم رفع رأسه فقام فما صلى إلا ركعتين حتى جاء بلال فآذنه بالصلاة [أحمد، باقي مسند الأنصار، رقم 22309]
وكان عمر قد أمر أبي بن كعب و تميما الداري أن يقوما بالناس في شهر رمضان، فكان القارئ يقرأ بالمائتين في ركعة حتى كانوا يعتمدون على العصي من طول القيام و ما كانوا ينصرفون إلا عند الفجر، و في رواية أنهم كانوا يربطون الحبال بين السواري ثم يتعلقون بها [لطائف المعارف 356] وكان بعض السلف يختم في قيام رمضان في كل ثلاث ليال و بعضهم في كل سبع منهم قتادة و بعضهم في كل عشرة منهم أبو رجاء العطاردي [لطائف المعارف 358]
كل هذا التطويل و القيام من أجل تلاوة القرآن و تعطير ليالي شهر القرآن بآيات القرآن.
عن واثلة بن الأسقع- رضي الله عنه- عن رسول الله – صلى الله عليه وسلم- قال: (أنزلت صحف إبراهيم أول ليلة من رمضان، وأنزلت التوراة لست مضت من رمضان،
وأنزل الإنجيل لثلاث عشرة مضت من رمضان، وأنزل الزبور لثمان عشرة خلت من رمضان، وأنزل القرآن لأربع وعشرين خلت من رمضان): رواه الطبراني في الكبير عن واثلة، وأحمد في مسنده وابن عساكر، وحسنه الألباني صحيح الجامع رقم (1509).
وشهر رمضان وإن كان موسماً لسائر العبادات، فإنَّ للقرآن فيه مزيد مزية وخصوصية، قال الله تعالى: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدىً لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ} [البقرة: من الآية 185]، {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ} [سورة القدر: 1]، {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ} [الدخان: من الآية3]، ولهذا كان للقرآن عند السلف خصوصية في موسمه،
* أسلافنا إذا قدم شهر رمضان فتحوا المصاحف وحلوا وارتحلوا مع القرآن الكريم.
ثبت عن الإمام مالك رحمه الله تعالى أنه كان في رمضان لا يتشاغل إلاّ بالقرآن الكريم، وكان يعتزل التدريس والفتيا والجلوس للناس، ويقول هذا شهر القرآن الكريم.
* بيوت سلفنا كان لها في رمضان خاصة دويّ كدويّ النحل، تشع نورًا وتملأ سعادة، كانوا يرتلون القرآن الكريم ترتيلاً، يقفون عند عجائبه ويبكون من عظاته ويفرحون ببشارته و يأتمرون بأمره وينتهون بنهيه!
طلب النبي صلى الله عليه وسلم من ابن مسعود أن يقرأ عليه القرآن، فقرأ سورة النساء، فلما بلغ قوله تعالى: (فكيف إذا جئنا من كل أمةٍ بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيداً). قال له عليه الصلاة والسلام: ((حسبك الآن)). قال: فنظرت فإذا عيناه تذرفان)). إنه المحب سمع كلام حبيبه فبكى:
إذا اشتبكت دموع في خدود تبين من بكى ممن تباكى
فأما من بكى فيذوب وجدًا لأنّ به من التقوى حراكا
وصحَّ عنه عليه الصلاة والسلام أنه استمع لأبي موسى رضى الله عنه:
ثم قال له: لو رأيتني وأنا أستمع إلى قراءتك البارحة، لقد أوتيت مزمارأً من مزامير آل داود فقال أبو موسى: لو علمت يا رسول الله أنك تستمع لي لحبرته لك تحبيراً)).
والمعنى لجملت صوتي أكثر وأكثر، فجعلت القرآن الكريم به أكثر تأثيراً وروعة وجمالاً.
كان عمر رضي الله عنه إذا اجتمع الصحابة قال: يا أبا موسى ذكّرنا ربّنا فيندفع أبو موسى يقرا بصوته الجميل وهم يبكون:
وإني ليبكيني سماع كلامه فكيف بعيني لو رأت شخصه بدا
تلا ذكر مولاه فحن حنينه وشوق قلوب العارفين تجدّدًا
لما فسدت أمزجة المتأخرين عن سماع كلام رب العالمين، ظهرت التربية معوجة، والفطرة منكوسة، والأفهام سقيمة.
لما استبدل القرآن الكريم بغيره حل الفساد، وكثر البلاء، واضطربت المفاهيم، وفشلت العزائم.
فهل لنا أن نعيش مع القرآن الكريم في رمضان وغير رمضان، وهل لنا أن نعرف عظمة القرآن الكريم فنملأ حياتنا سعادة بالقرآن الكريم، ونورًا بالقرآن الكريم، وإشراقاً مع القرآن الكريم. هل لنا أن نفعل ذلك؟
أخي الكريم، ها قد عرفتَ من فضل القرآن ما قد عرفتَ، و علمتَ من ارتباط هذا الشهر الكريم بالقرآن العظيم ما قد علمتَ، فلم يبق إلا أن تُشمِّر عن ساعد الجد، وتأخذ نفسك بالعزم، و تدرع الصبر، و تكون مع القرآن كما قال القائل:
أسرى مع القرآن في أفق فذ تبارك ذلك الأفق
وسرى به في رحلة عجب من واحة الإيمان تنطلق
وارتاد منه عوالما ملئت سحرا به الأرواح تنعتق
يامن يريد العيش في دعة نبع السعادة منه ينبثق
” عباد الله هذا شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن، و في بقيته للعابدين مستمتع، و هذا كتاب الله يتلى فيه بين أظهركم و يسمع، و هو القرآن الذي لو أنزل على جبل لرأيته خاشعا يتصدع، و مع هذا فلا قلب يخشع و لاعين تدمع ولا صيام يصان عن الحرام فينفع ولا قيام استقام فيرجى في صاحبه أن يشفع. [لطائف المعارف 364ا/365]
فهل للنفس إقبال؟
وهل للقلب اشتياق؟
وهل نملأ شهر القرآن بتلاوة القرآن؟
حالنا اليوم مع القرآن: أتستبدلون الذي هو أدنى بالذي هو خير؟!
حالُنا اليوم مع كتاب الله تعالى حالٌ تأسف لها النفوس، وتتحرَّق لها الأفئدة، وتدمع لها العيون، حالنا اليوم حال من ضيَّعَ شيئاً ثميناً ويطلبهُ ويبحثُ عنه وهو أمامه، ولكن عميت عنه بصيرته، حالنا حال من منّ الله عليه بكنز ولكن ما عرف كيف يتصرف به. هذا هو الحال، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
انظر إلى حال النّاس اليوم مع القرآن الكريم. فمن النّاس من إذا دخل المسجد صلى ركعتين تحية المسجد ثم جلس صامتاً ينتظر إقامة الصلاة. والمسجد مليء بالمصاحف ولكن عميت بصيرته فلا همَّ له إلّا أن تُقام الصلاة. أمّا القرآن لا مكان له في قلبه. ولو قدمت إليه المصحف ليقرأ. قال: شكراً شكراً، وكأنّه امتلأ بالحسنات. فلا إله إلّا الله.
تركوا كتاب الله، تركوا دستور هذه الأمة، وانكبوا على اللهو واللعب، ومشاهدة الخبيث من الأفلام والمسلسلات الهابطة التي في ظاهرتها السلامة وفي باطنها تبث أنواعاً من السموم والندامة. انكبوا على تحريك القنوات الفضائية لمشاهدة العاهرات والفاجرات، ومتابعة الملهيات وما يدعو إلى السيئات. انكبوا على الأكل والشرب وكثرة النوم، فالليل لعب ولهو وسهر إلى طلوع الفجر،
والنهار نوم إلى قبيل الغروب، والقرآن لا مكان له في القلوب، لا محل له في جدول أولئك النّاس، فلا حول ولا قوة إلّا بالله. فأين هؤلاء الخلف من أولئك السلف؟ ما هو حالنا مع القرآن في رمضان في هذا الوقت؟ فحال البعض ضياع ودمار وقتل للوقت والنفس وهولا يدري، فغيبة ونميمة وكذب وغش وخداع وبغضاء وشحناء. هكذا يتم قضاء الوقت في هذا الزمان مع الكثير من النّاس.
أخي الكريم: خصص لكتاب الله جزءاً من وقتك حتى تقرأه فيه, فخصص ساعة أو نصف ساعة كل يوم للقرآن الكريم تراجع فيه وتحفظ منه ما تيسر لك. حاول أن تختم كتاب الله لتجده اللذة، والطمأنينة، ولتشعر بالسكينة، وتحفك الملائكة، وتغشاك الرحمة, رحمة رب العباد. حاول وستجد أنّ ذلك سهلاً ميسراً بإذن الله تعالى.
إنّها أمور يندى لها الجبين، ويتفطر لها القلب؛ عندما نرى تلك السهرات والجلسات على الأرصفة في ليالي شهر رمضان المبارك، في الأعوام الماضية، والتي يتمُّ فيها معصية الخالق سبحانه، يعصون الله تعالى في شهر الرحمة والمغفرة والعتق من النّار، بينما لا مكان في قلوب أولئك للقرآن. فهي جلسات إلى قبيل الفجر، ثم نوم إلى قبيل الغروب. فأين هؤلاء الخلف من أولئك السلف؟!! فرق شاسع وواسع بين الفريقين.
ضعف الإيمان واليقين فحصل هذا البعد عن حبل الله المتين. أين هؤلاء من قول المولى – جل وعلا: {وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورا} [الفرقان:30]. وأين هؤلاء من قول النبي صلى الله عليه وسلم: «الصيام والقرآن يشفعان للعبد يوم القيامة، يقول الصيام: أي رب منعته الطعام والشهوة فشفعني فيه. ويقول القرآن: منعته النوم بالليل فشفعني فيه، قال: فيشفعان» [رواه أحمد والطبراني وصححه الألباني• فأولئك لم يعرفوا حقيقة الصيام والقرآن].
فأحوال النّاس مع القرآن في رمضان أحوال عجيبة. فمن النّاس من لا يعرف القرآن في رمضان ولا غير رمضان. ومن النّاس من لا يعرف القرآن إلّا في رمضان فتجده يقرأ القرآن في رمضان لعدة أيام ثم ما يلبث أن يترك القراءة وينكب على اللعب واللهو، فهذا استبدال الذي هو أدنى بالذي هو خير.
ومن النّاس من يختم القرآن الكريم في رمضان ولكنه لاه القلب أعمى البصيرة لا يتدبر ولا يتأمل كلام الله عز وجل، وكأنّه في سجن؛ فإذا انسلخ شهر رمضان وضع المصحف وأحكم عليه الوثاق ولسان حاله يقول: وداعاً إلى رمضان القادم، وكأنّه أيقن أنّه سيدرك رمضان القادم. فلا حول ولا قوة إلّا بالله. قال صلى الله عليه وسلم: «إنّ الله يرفع بهذا الكتاب أقواماً ويضع به آخرين».
هذا هو كتابنا إن لم نقرأه نحن فمن الذي سيقرأه إذن. أننتظر من غيرنا أن يقرأ كتابنا، والله تعالى يقول: {إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يِهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً كَبِيراً} [الإسراء:9].
أخي المسلم، أختي المسلمة:
الواجب علينا تلاوة القرآن الكريم بالتدبر والتفكر فهو سبب لحياة القلوب ونورها، وقوة الإيمان، وطرد الشيطان، وإيّاكما وهجران القرآن؛ فهجرانه يورث النفاق، وعمى القلب، والغفلة، وتسليط الشيطان.
فهذا هو الحال مع القرآن في شهر رمضان؛ فإلى الله نشتكي هذا الهجران، والبعد عن قراءة القرآن. نشكو إلى الله قسوة القلوب، وكثرة الذنوب، فأين المشمِّرون؟ وأين الراغبون فيما عند الله تعالى؟ فينبغي على المسلم المداومة على قراءة القرآن في شهر رمضان؛ لأنّه الشهر الذي أنزل فيه القرآن. وينبغي على المسلم أن يغتنم هذه الفرص في هذه الأوقات الفاضلة،
وفي هذا الشهر خصوصاً؛ لأنّ فيه ليلة هي خير من ألف شهر. فأي خسارة لمن مر عليه رمضان ولم يستفد منه، وأيُّ تضييع لمن مرَّ عليه رمضان ولم يقتنص تلك الفرص.
فيا من فرط في شهرِه وأضاعهُ، يا من بضاعتُه التسويف والتفريطُ! بئست البضاعة، يا من جعل خصمه القرآنُ وشهرُ رمضان، كيف ترجو ممن جعلته خصمك الشَّفاعة؟!
هذا هو حالنا مع القرآن في رمضان، فكيف كان حال السلف رضوان الله عليهم؟
حال السلف مع القرآن في رمضان
رمضان هو شهر القرآن فينبغي أن يكثر العبد المسلم من تلاوته وحفظه، وتدبره، وعرضه على من هو أقرأ منه:
كان جبريل يدارس النبي صلى الله عليه وسلم القرآن في رمضان، وعارضه في عام وفاته مرتين، وكان عثمان بن عفان رضي الله عنه يختم القرآن الكريم كل يوم مرة، وكان بعض السلف يختم في قيام رمضان في كل ثلاث ليال، وبعضهم في كل سبع، وبعضهم في كل عشر، فكانوا يقرءون القرآن في الصلاة وفي غيرها، فكان للشافعي في رمضان ستون ختمة يقرؤها في غير الصلاة،
وكان قتادة يختم في كل سبع دائماً، وفي رمضان في كل ثلاث، وفي العشر الأواخر في كل ليلة، وكان الزهري إذا دخل رمضان يفر من قراءة الحديث ومجالسة أهل العلم، ويُقبل على تلاوة المصحف. وكان سفيان الثوري إذا دخل رمضان ترك جميع العبادة، وأقبل على قراءة القرآن، قال الزهري: ‘ إذا دخل رمضان فإنما هو قراءة القرآن، وإطعام الطعام ‘.
قال ابن رجب: (كان السلف يتلون القرآن في شهر رمضان في الصلاة في كل ست ليال) لطائف المعارف (191).
وقد كان للسَّلف رحمهم الله اجتهاد عجيب في قراءة القرآن في رمضان بل لم يكونوا يشتغلون فيه بغيره.
كان الزهري إذا دخل رمضان يقول: إنما هو قراءة القرآن و إطعام الطعام.
قال ابن الحكم: كان مالك إذا دخل رمضان يفر من قراءة الحديث و مجالسة أهل العلم.
قال عبد الرزاق: كان سفيان الثوري إذا دخل رمضان ترك جميع العبادة و أقبل على قراءة القرآن.
وقال سفيان: كان زبيد اليامي إذا حضر رمضان أحضر المصاحف و جمع إليه أصحابه. [انظر اللطائف359،360]
وكانت لهم مجاهدات من كثرة الختمات رواها الأئمة الثقات الأثبات رحمهم الله:
كان الأسود يختم القرآن في رمضان كل ليلتين، وكان قتادة إذا جاء رمضان ختم في كل ثلاث ليال مرة، فإذا جاء العشر ختم في كل ليلة مرة، وقال ربيع بن سليمان: كان محمد بن إدريس الشافعي يختم في شهر رمضان ستين ختمة ما منها شيء إلا في صلاة، وروى ابن أبي داود بسند صحيح أن مجاهدا رحمه الله كان يختم القرآن في رمضان فيما بين المغرب و العشاء،
وكانوا يؤخرون العشاء في رمضان إلى أن يمضي ربع الليل، وكان علي الأزدي يختم فيما بين المغرب و العشاء في كل ليلة من رمضان، قال مالك: و لقد أخبرني من كان يصلي إلى جنب عمر بن حسين في رمضان قال: كنت أسمعه يستفتح القرآن في كل ليلة. [البيهقي في الشعب] قال النووي: وأما الذي يختم القرآن في ركعة فلا يحصون لكثرتهم فمن المتقدمين عثمان بن عفان، و تميم الداري، و سعيد بن جبير رضي الله ختمة في كل ركعة في الكعبة [التبيان 48] [وانظر اللطائف 358 – 360 و صلاح الأمة 3/ 5 – 85]
قال القاسم عن أبيه الحافظ ابن عساكر: كان مواظبا على صلاة الجماعة و تلاوة القرآن، يختم كل جمعة و يختم في رمضان كل يوم [سير أعلام النبلاء20/ 562]
هذا هو حال سلفنا الصالح مع القرآن الكريم، وإذا ما خطر لك السؤال عمّا حفزهم إلى تحقيق هذه الحال الطيبة والسيرة العطرة، فالجواب المجمل هو أنهم كانوا يعرفون حقيقة هذا القرآن الذي هاموا به جيّداً! فما تلك الحقيقة؟
حقيقة القرآن الكريم ومراتبُ الناس من حيث علاقتُهم به
هذا الشهر المبارك بما فيه من اجتهادٍ وعبادة وصومٍ وصلاة وقيام، يستجيشُ إيمان الفرد،
ومن ثمّ يجد المرء نفسه قريباً من القرآن، متفاعلاً مع آياته، متدبّراً في معانيها، ولعله عندئذٍ يصل إلى تلمّس حقيقة القرآن الكريم، فلنقف هنا ولنتساءل:
ما هي حقيقة القرآن الكريم؟
يقول الرّسول صلّى الله عليه وسلم: (كتابُ الله، حبلٌ ممدودٌ من السَّماء إلى الأرض)، وفي حديثٍ آخر عَنْ أَبِي شُرَيْحٍ الْخُزَاعِيِّ، قَالَ: خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: (أَبْشِرُوا وَأَبْشِرُوا، أَلَيْسَ تَشْهَدُونَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَنِّي رَسُولُ اللَّهِ؟ قَالُوا: نَعَمْ، قَالَ: فَإِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ سَبَبٌ طَرَفُهُ بِيَدِ اللَّهِ، وَطَرَفُهُ بِأَيْدِيكُمْ، فَتَمَسَّكُوا بِهِ، فَإِنَّكُمْ لَنْ تَضِلُّوا، وَلَنْ تَهْلِكُوا بَعْدَهُ أَبَدًا) .
ونظر بعضُ العلماء إلى القرآن من ناحية طرفه الّّذي بيد النّاس، فعرّفوه بأنه: “اللفظ المنزل على النبي صلى الله عليه وسلم من أول الفاتحة إلى آخر سورة الناس” ، وعرّفه آخرون بأنّه: “الكلام المعجز، المنزل على النبي صلى الله عليه وسلم، المكتوب في المصاحف، المنقول بالتواتر، المتعبد بتلاوته” وأنت ترى أن هذا التعريف جمعَ بين: الإعجاز، والتَّنزيل على النبي صلى الله عليه وسلم، والكتابة في المصاحف، والنقل بالتواتر، والتعبد بالتلاوة، وهي الخصائص العظمى التي امتاز بها القرآن الكريم” .
وهذا الطرفُ من حبل القرآن المتين، هو الّذي يملك الناس أن يتعاملوا معه، فيشُدّونه ويتمسّكون به.
وأمّا الطرف الآخرُ الّذي بيد الله عزّ وجلَّ، ولا يملك الإنسان أن يتعامل معه، فهو أنّ القرآن “نورٌ من عند الله، أنزله إلى خلقه يَستضيئونَ به” ، وهذا النور، يسكبه الله عزّ وجلّ في قلب المؤمن، عند تلاوته للقرآن الكريم، أي عندَ هزِّه وتحريكه وتمسّكه بطرف الحبل الّذي بيده.
إذن، فالقرآن له طرفانِ، طرفٌ نستطيع أن نمسك به، ألا وهو تلاوةُ القرآن خاصَّةً (باعتبار أنّ السمات الأخرى، متحقِّقة في القرآن أصلاً) والتّلاوة هي ما نحن مطالبون به. أمّا الطرف الآخر من القرآن، فليس بيدنا الإمساك به، إنما هو بيد الله عزّ وجلّ، ألا وهو كون القرآن روحاً ونوراً!
وعندما يُمسك المسلمُ بالطرف الذي يليه تالياً للقرآنِ، فعندئذٍ يُفيض الله عزّ وجلّ من أنوار القرآن وروحه، على عبده بحسب ما في قراءته من صدقٍ وتدبُّر وإخلاص!
بلى، أخي المسلم، إذا كان القرآنُ بتلك المثابة: رَوحاً للقلوب، ونوراً يُضيء طريق الحياة، ويكشفُ عنها الظلام ويُزيل من ملامحها القَتام؛ فما أحرانا بأن نُعظِّمَهُ ونُكرِمه، ونوليه ما يستحقُّه من العناية والاهتمام!
فالقرآن الكريم في الحقيقة: ليس مجرّدَ السُّوَر والآيات الّتي نقرؤها أو نسمعُها، فذلك هو الظّاهرُ الّذي يبدو لنا منه، والّذي إذا أحكمناه تلاوةً وتدبُّراً، رفع اللهُ درجتنا وأعلى مرتبتنا، وجعلنا في مقام المناجاةِ له سبحانه وتعالى، والفهم منه، والتّعلّم عنه، والتّعرُّضِ لرَوحه ورحمته ونوره!
وما هي مراتب الناس، من حيث علاقتهم بالقرآن الكريم وإدراكهم لحقيقته والتزامهم بها؟
روى الإمام البخاريُّ في صحيحه، عَنْ أَبِي مُوسَى عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ:
(الْمُؤْمِنُ الَّذِي يَقْرَأُ الْقُرْآنَ وَيَعْمَلُ بِهِ، كَالْأُتْرُجَّةِ: طَعْمُهَا طَيِّبٌ، وَرِيحُهَا طَيِّبٌ!
وَالْمُؤْمِنُ الَّذِي لَا يَقْرَأُ الْقُرْآنَ وَيَعْمَلُ بِهِ، كَالتَّمْرَةِ: طَعْمُهَا طَيِّبٌ، وَلَا رِيحَ لَهَا!
وَمَثَلُ الْمُنَافِقِ الَّذِي يَقْرَأُ الْقُرْآنَ، كَالرَّيْحَانَةِ: رِيحُهَا طَيِّبٌ، وَطَعْمُهَا مُرٌّ!
وَمَثَلُ الْمُنَافِقِ الَّذِي لَا يَقْرَأُ الْقُرْآنَ، كَالْحَنْظَلَةِ: طَعْمُهَا مُرٌّ أَوْ خَبِيثٌ، وَرِيحُهَا مُرٌّ!) !
في هذا الحديث نلمس أربع مراتب، يترتب فيها الناس بحسب إيمانهم وبحسب علاقتهم بالقرآن، على النحو التالي:
فالمرتبة الأولى، يجتمع فيها الإيمان والقرآن، تشمُّ رائحةً طيّبة، ثمّ تذوق الطّعم فتجده كذلك طيباً! ومثال هذه المرتبة ورمزها هو (الأُتُرُجَّة)!
وفي المرتبة الثانية، يحضر الإيمان ويغيب القرآن، فلا تشمّ رائحةً طيّبةً، ولا ترى سمتاً رائقاً، ولكنّك إذا ذقت الطعمَ ألفيتَه طيّباً! ومثال هذه المرتبة هو (التّمرة).
وفي المرتبة الثالثة، يغيبُ الإيمان، ويحضر القرآن، فتشمُّ رائحةً طيّبةً، وترى سمتاً حسَناً، ولكنّك إذا بلوتَ وجرّبتَ وذُقتَ؛ لم تجد طعماً طيّباً، ومثالُ هذه المرتبة هو (الرَّيحانة).
وفي المرتبة الرابعة، غابا معاً: الإيمان والقرآن، فرائحةٌ خبيثةٌ وطعمٌ مرٌّ، ومثالها (الحنظلة).
إذن، فينبغي على المسلم، أن يُقبل على القرآن، بكلِّ صدقٍ طمأنينة ويقينٍ، واثقاً ممّا سيُفيضه الله عليه من رَوحه ورحمته، عند إمساكه بطرف الحبل الّذي يليه من القرآن، أي عند تلاوته!
وهذا رمضانُ فرصة طيّبة لتوثيق صلتنا بالقرآن، والرُّقيّ بإيماننا، فلنجتهد في تلاوته آناء الليل وأطراف النهار، ولنجتهد في سماعه بتدبر وخشوع، ونحن نصلي صلواتنا في رمضان!
سطوة القرآن وعِظم تأثيره في النُّفوس!
ألا إنّ للقرآن لسطوةً وتأثيراً ينفذ إلى أعماق الإنسان!
ألا فلنتعرّض لها في هذا الشّهر المبارك! فإنّها تسكب في قلب المؤمن اليقينَ والطمأنينةَ وسعةَ الأفقِ واستعلاء الإيمانِ!
قدمنا لكم عبر موقعنا ” لحظات “شهر رمضان في القران ” ونتمني ان تكون انالت أعجباكم وللمزيد من التعريفات عن شهر رمضان الكريم زورو موقعنا ” لحظات ” اكبر موقع في الشرق الاوسط وفي العالم العربي “