طرق ووسائل لتحقيق العدل في المجتمع

طرق ووسائل لتحقيق العدل في المجتمع العدالة الاجتماعية مبدأ أساسي من مبادئ التعايش السلمي داخل الأمم وفيما بينها الذي يتحقق في ظله الازدهار. والهدف من العدالة الاجتماعية هو توفير الحياة الكريمة لكافة المواطنين فى ظل دولة تحترم الدستور والقانون.

مفهوم العدالة الاجتماعية:

ومن ثَّم فعندما نعمل على تحقيق المساواة بين الجنسين أو تعزيز حقوق الشعوب الأصلية والمهاجرين يكون ذلك إعلاءً منا لمبادئ العدالة الاجتماعية. وعندما نزيل الحواجز التي تواجهها الشعوب بسبب نوع الجنس أو السن أو العرق أو الانتماء الإثني، أو الدين أو الثقافة أو العجز نكون قد قطعنا شوطا بعيدا في النهوض بالعدالة الاجتماعية.
فالعدالة الاجتماعية تقوم على مرتكزات أساسية، منها: المساواة، تكافؤ الفرص، الحياة الكريمة والاحتياجات الأساسية لكل مواطن من: غذاء – مسكن – صحة – تعليم – عمل إلى جانب حق الإنسان فى السعادة. والعدالة الاجتماعية يمكن تحقيقها إذا كان هناك من السياسات ما يضمن الالتزام والوفاء بها.
هناك تعار يف كثيرة لمفهوم العدالة الاجتماعية، ومن بين هذه التعريفات والذى يعد تعريفاً جامعاً شاملاً لمفهوم العدالة ذلك التعريف الذى وضعه الفيلسوف الأمريكي”جون رولز/ John Rawls“- الذي صاغ نظرية العدالة التوزيعية كفلسفة أخلاقية ونظرية سياسية- ،في كتابه الذي أسماه ”نظرية في العدالة – Theory of Justice “،حيث عرفها على أنها:”تمتع كل فرد في مجتمع ما بالمساواة في الحصول على الفرص المتاحة للفئات المميزة“. كما أشار “رولز” إلى أن “الحرية “من المكونات الرئيسية للعدالة الاجتماعية، فالحرية هي حق من الحقوق الأساسية للإنسان التي لا تتحقق العدالة الاجتماعية في غيابها، وهذا ينطوى أيضاً على ان مفهوم العدالة الاجتماعية لا ينفصل عن فكرة حقوق الإنسان.
أى أن العدالة الاجتماعية بشكل عام هى عبارة عن نظام اجتماعى اقتصادى، يهدف إلى تذليل وإزالة الفوارق الاقتصادية بين طبقات المجتمع الواحد، حيث تعمل على توفير المعاملة العادلة وتوفير الحصة التشاركية من خيرات المجتمع للجميع.

ما هو مفهوم التعايش السلمى؟

التعايش السلمي هو مفهوم في العلاقات الدولية دعا إليه “خروتشوف” عقب وفاة “ستالين”، ومعناه انتهاج سياسة تقوم على مبدأ قبول فكرة تعدد المذاهب الإيديولوجية والتفاهم بين المعسكرين في القضايا الدولية. ونعنى بالمعسكرين هنا المعسكر الغربي والمعسكر الشرقي. كما تدعو الأديان كافة إلى التعايش السلمي فيما بينها، وتشجيع لغة الحوار والتفاهم والتعاون بين الأمم المختلفة.

ونجد أن كفالة الحقوق الاجتماعية و الاقتصادية والثقافية تعتمد على مشاركة كاملة من كافة مؤسسات المجتمع الحكومية والمدنية والتعاونية والرأسمالية فى تلك العملية كل فى حدود دوره واختصاصه المنوط به بلا أى تعدى من طرف على دور طرف آخر و وظيفته.

العدالة عبر التاريخ

إن مفهوم العدالة متواجد منذ القدم فى الحضارات المختلفة وكانت بداياتها على يد الفيلسوف “أرسطو” حيث يحيل مفهوم العدالة عنده إلى دلالتين: عامة وخاصة، فهو يشير في دلالته العامة إلى علاقة الفرد بالمؤسسات الاجتماعية، وهنا يكون مرادفا للفضيلة بالمعنى الدال على الامتثال للقوانين، فالإنسان الفاضل هو الذي يعمل وفقا للقانون، شريطة أن يكون هذا القانون مبنيا على أساس مبدأ الفضيلة. ومع ذلك فإنه لابد من الإشارة إلى وجود فرق طفيف بين مفهوم العدالة الكونية ومفهوم الفضيلة من حيث أن الأولى تقتصر على العلاقات بين الأفراد والمؤسسات، بينما تشمل الثانية علاقات الأفراد فيما بينهم. وأما العدالة بالمعنى الخاص فتدل على ما ينبغي أن يكون عليه سلوك الفرد في تعامله مع غيره من أفراد المجتمع.

كما يعد إنسان وادي الرافدين أقدم مشرعي إحكام العدالة، اذ أن الشرائع العراقية القديمة تسبق اقدم ما هو معروف من شرائع وقوانين في سائر الحضارات الأخرى كالفرعونية والإغريقية والرومانية بعشرات القرون. فقد وضع الإنسان العراقي القديم تصوراته لموضوع العدالة والظلم في صميم نظرته للآلهة والكون والإنسان. فارتبطت العدالة لديه بالنظام مثلما ارتبطت قيم الخير كلها به، وارتبط الظلم بالفوضى مثلما ارتبطت قيم الشر كلها به. ولأن إنسان وادي الرافدين أدرك علاقة الشمس بنشاطات الحياة المختلفة، فقد عدها إلها للحق والعدل، ومزيلاً للغموض، وكاشفاً للحقائق. فإله العدالة هو إله المعرفة نفسه.

أنماط العدالة

هناك جدل كبير حول طبيعة العدالة وجوهرها وأشكالها، سواء في الأحاديث العامة او في العمليات النفسية. فالعدالة لها مضامين دينية وفلسفية واجتماعية متـنوعة، تتضح من أنماطها التالية التى تتمثل فى أربعة أنماط لم يتم الخروج عنها طوال التأريخ البشري:
أولاً – عدالة الحاجات (العدالة الماركسية) Justice of Need Marxian
يتم بموجبها توزيع الموارد بين الأفراد على أساس تلبية أكثر حاجاتهم إلحاحاً، بصرف النظر عن مدخلاتهم أو أدائهم، ودون الأخذ بمبدأ التكافؤ. مثال ذلك الأسرة، إذ يقوم الأفراد البالغون فيها بتوزيع الموارد التي يكسبونها على الآخرين طبقاً لحاجاتهم لا لمدخلاتهم.

ثانياً – عدالة التكافؤ Justice of Parity
تظهر هذه العدالة لدى الأفراد المنتمين إلى جماعة معينة، ممن يدركون أنفسهم بوصفهم وحدة واحدة، إذ يشترك الجميع في تقاسم المخرجات بالتساوي: (الفرد من أجل الجماعة، والجماعة من أجل الفرد).

ثالثاً – عدالة الأنصاف Justice of Equity

تبرز في مواقف الاعتماد المتبادل، كما في السوق، حيث يعمل الفرد على تحقيق التكافؤ بين مخرجاته واستثماراته.

رابعاً – عدالة القانون Justice of Law

تعني أن العدالة ليست أكثر أو أقل مما يقرره ممثلو السلطة القانونية للمجتمع. ويمكن توظيف الأسس التي تقوم عليها أشكال العدالة الثلاثة السابقة، في تطوير القوانين وتقويمها وتعديلها. ولكن ما أن يُسن القانون، حتى يصبح المحدد الوحيد لاستحقاقات الفرد في موقف معين، بصرف النظر عن حاجاته واستثماراته ومدخلاته وآرائه.

أهمية تحقيق العدل في أماكن العمل

انتبهوا أيها المديرون: إن العمل على تحقيق “العدل” و المساواة فى مكان العمل لا يعد عملاً أخلاقيًا فحسب، بل لقد أظهرت أبحاث سابقة أنه يؤدي أيضًا إلى زيادة درجة الرضا الوظيفي لدى العاملين و إلى زيادة التزامهم تجاه المؤسسة التي يعملون بها.

كما أظهرت دراسة أجريت مؤخرًا بناءًا على هذة الإكتشافات و نشرت فى جريدة علم النفس الاجتماعي التطبيقي أن الأشخاص الذين يعتقدون أن العالم من حولهم عادلاً و منصفًا يتمتعون بصحة عقلية أفضل من غيرهم، و تكون تقييمات مكان العمل لهم أكثر إيجابية، و لديهم قدر أكبر على الثقة بزملائهم.

مقياس مدى الإعتقاد بعدالة العالم

في سلسلة دراسات أخرى، قام باحثون ألمان باستخدام استبيان نفسي يسمى “مقياس مدى الاعتقاد بعدالة العالم” و هو يقيس إلى أي مدى يعتقد الناس أن الحياة منصفة و عادلة، و يحتوى على أسئلة تطلب من الناس ذكر مدى اتفاقهم مع عبارات مثل “أعتقد إني عادة أحصل على ما أستحق”.

و فى إحدى الدراسات قام الباحثون بإجراء هذا الإستبيان على عدد من الأشخاص يشمل عاملين و عاطلين عن العمل فى ألمانيا، ثم قاموا بتحليل شخصيات هؤلاء الناس، و رواتبهم، و مواقفهم تجاه العمل بالإضافة إلى عدة خصائص أخرى.

و كانت النتيجة بحسب المقياس هى ارتفاع مستويات الرضا الوظيفي و المشاركة الوظيفية و الالتزام تجاه المؤسسات و الاعتزاز بالنفس و الارتياح في الحياة لدى أصحاب الوظائف، بينما انخفضت هذه المستويات بشكل ملحوظ لدى العاطلين عن العمل. أي أنه كلما طال الوقت الذي يكون الإنسان فيه بلا عمل، كلما انخفضت درجاته على هذا المقياس.

هذا و قد عمل الباحثون فى دراسة أخرى على البحث فى كيفية تغير هذا المقياس بمرور الوقت. فوجدوا أن هذا المقياس استطاع أن يتنبأ بحدوث تحسن فى نسب الصحة العقلية و الثقة بالزملاء و احترام الذات و الإرتياح فى الحياة خلال فترة زمنية تتراوح بين ستة إلى تسعة أشهر .

و يرى الباحثون أن النتائج التى خلصوا إليها تسلط الضوء على الأهمية المستمرة لتحقيق “العدل” و المساواة فى أماكن العمل. و كتبوا فى نتائجهم ” إن إحقاق “العدل” يعد أمرًا هامًا فى كل مراحل الحياة الوظيفية و المهنية لأن الناس لديهم حاجة إلى الإعتقاد و الثقة بعالم عادل يحصلون فيه على ما يستحقون و يستحقون ما يحصلون عليه .”

 

الخاتمه

 

نتمني ان يعجبكم المقال وان ينال موقعنا لحظات علي اعجابكم وان تعودو مره اخري للاطلاع علي جميع المقالات.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top