قصائد هشام الجخ قصائد هشام الجخ جديدة أجمل القصائد لهشام الجخ ولد هشام في 1 أكتوبر عام 1978 في محافظة سوهاج، لأسرة صعيدية من أصل قناوي حيث أنه ينتمي لقبيلة (الهوارة) بمركز أبو تشت محافظة قنا، وأخواله أيضاً من محافظة سوهاج – عائلة (حجي)، درس هشام في سوهاج ثم انتقل في مرحلة الجامعة إلى القاهرة وحصل على بكالوريوس كلية التجارة من جامعة عين شمس عام 2003
وفور التخرج تم تعيينه مشرفاً على المركز الثقافي في جامعة عين شمس حتى أستقال من هذه الوظيفة عام 2009 رافضاً حياة الموظفين التقليدية وأيضاً ليتفرغ بشكل كامل للشعر، وقبل ذلك كان قد حصل على الدراسات العليا في علم إدارة الأعمال من نفس الجامعة عام 2007، أيضاً حصل على لقب أحسن شاعر عامية شاب من اتحاد الكتاب المصري عام 2008، حصل على المركز الثاني في مسابقة أمير الشعراء بأبي ظبي في الشعر الفصيح عام 2011، ورغم ما حظي به من شهرة في البلدان العربية لكنه يرفض إصدار ديوانه الشعري الأول
قصيدة خمسة الصبح هشام الجخ
خمسة الصبح
خمسة الصبح .. كل بواقي الليل بتروّح
ناس بتغمض .. وتسلم وردية الغلب لناس بتفتح ..
وتشطب عربية الكبدة وتعلق يافطة مقفول ..
فبسرعة الفيروس يتحول عربية فول ..
وكماين الشرطة المبدورة بتتسلّى على بلاوي الناس ..
بتمشي الناس ..
هي كمان زهقت م الوقفة وعايزة تروح ..
خمسة الصبح ..
هو الوقت الأمثل ليها إنها تفتح شيش الأوضة وتطرد كل كلام السهرة الجارح ..
هو الوقت الفاصل بين دلوقتي وبين امبارح ..
كنا زمان نسهر ع الراديو .. نتصاحب على أي كتاب
.. دلوقتي بيسهروا ع اللاب ..
وتكلم بالمليون واحد .. الصادق فيهم كداب ..
كنا زمان ما بينا مسافة وبينا بلاد
دلوقتي بنسهر مع بعض لخمسة الصبح .. بس بعاد ..
خمسة الصبح .. هو سكوت الفجر في شقة ستي ..
وخرير المية وهي بتتوضا في عز البرد ..
كانت حافظة مكان الراديو .. وكبس النور .. وازاي يشتغل القرآن .. وازاي بتعلّي ..
وانت بتعمل نفسك ميت لتصحيك وتقول لك صلِّ ..
والعصافير يستفردوا بيك ..
صوتهم يعلا .. ويصحيك ..
خمسة الصبح ..
البنت اللي عنيها امبارح كانت قتّالة ودبّاحة ..
تبدأ تتسحب بالراحة ..
وتغير لبس الكاباريه .. وتلبس واسع ..
كالعادة التاكس مايرضاش يدخل في الحارة وينزلها في آخر الشارع ..
تنزل تمشي وجوا ودانها الرقص وضحك الناس والخمرة ..
من جواها الدوشة بتشغي .. لكن برة ..
حَدِّش سامع ..
والفقر اما بيفرض جوعه .. تتغير له بنود العقد ما بين الشاري وبين البايع
المشهد مفيهوش تفاصيل .. غير بنت لوحدها في الشارع ..
ماحيلتهاش غير جسم حيفضل حلو شوية ..
وحلم حيفضل طول العمر الباقي .. ضايع ..
خمسة الصبح .. خَش عليها البيت يستلوح ..
كان سكران داخل يطوّح ..
كانت جارته بتكوي هدوم جوزها الشقيان ..
وبتقفل بلكونة الصالة عشان عارفاه .. حيقوم عرقان ..
والبواب غسل العربية ونشّف إيده ..
وبسرعة المشهد يتحول (عَبد وسِيده )
افتح لي المشهد ع الآخر .. هاته لغاية آخر كادر ..
مايطرحش الملح خضار .. ولا يبنيش الأوطان غدر ..
والقمر اللي يبات طفيان .. غير القمر اللي يبات بدر
آه يا سواقي المية الهدر ..
لساكي عفية وبتدوري ..
الحب عشان يطرح ناس .. مش محتاج فارس اسطوري ..
الحب عشان يطرح ناس .. مش مستني قرار جمهوري ..
خمسة الصبح .. اتقيد ضد المجهول محضر قتل الطفل السوري ..
آه يا البت اللي بتتلوى .. ولا في الرقص عرفت تهزي ..
ولا في الثورة عرفت تثوري
.. ليلك زي البحر الهِيج .. ولا مركب حيكمّل طافي ..
وسلاسل نورك كرابيج .. وفنارك متغطي وطافي ..
وانا متعود .. ياما البحر حدف أشكال ..
واسأل على راسي الطبال ..
اسأل على شبكي وخُطافي
.. أنا جدر وغارز في الرملة ..
أما الضيف اللي بيتسلى ..
ده بييجي وبيروح .. خَطّافي ..
خمسة الصبح بتاعت الفقرا ..
غير خمسة الصبح البشوات ..
والصحيان علشان الرحلة ..
غير صحيان الامتحانات .. وسكوت الشاعر أحيانا … مش معناه ان الشاعر مات ..
خمسة الصبح .. وقت لكل الاحتمالات
.. للي يعرض واللي يكشكش ..
واللي يصلي واللي يفحش ..
واللي يغني واللي يحشش ..
واللي يونّس واللي يلبّش ..
واللي كتير احلو عشانه وهو يوحّش ..
واما ازعل واتكلم عنه .. يتنرفز وتقول ما يصحش ..
خمسة الصبح الوقت المنعش ..
كل بواقي الليل بتروح ..
كل عيون الصبح تفتح ..
لسة رموش السمرا حبيبتي سهام بتدبّح ..
لسة العصافير اللي سايبها ف شجرة بيتنا بتصحى تسبّح ..
لسة المشهد زي ما هو ..
ناس بتشوفه ف غاية الروعة ..
وناس بتشوفه ف غاية القُبح ..
وانا باتّريق ع الاتنين ..
وباسكر وحدي .. لخمسة الصبح.
قصيدة غفير القصر هشام الجخ
غفير القصر أهم من الملك والقصر والحاشية ..
بيتغيّر عليه وزرا .. ويتغير عليه دواوين ..
وناس قاعدة وناس ماشية ..
وهو الشاهد الأوحد على الأحداث
هو اللي ف إيديه العد .. وهو اللي ف إيديه الحصر ..
هو مراية التواريخ .. وهو فيلسوف العصر
وانت الفارس الخيبان
لما الدنيا ضاقت بيك .. طلِعت جبان ..
هِرِبت ف قطر أحلامك وسِبت البيت ..
أميرة القصر ضحكت لك .. رميت اللي ف إيديك وجريت ..
يا واد اللي ف إيديك كان نور ..
أميرة القصر مش أحلى بنات الحور
ولا انت الفارس الأوحد ولا الددبان ..
وسور القصر طول عمره بيتفرج على الفرسان
بييجوا كل يوم يتلمّوا برّا الخط ..
وعمر ما حد فيهم فكر انه ينُط ..
يباتوا زي ما يباتوا .. يهاتوا زي ما يهاتوا ..
ويركع تحت رجليها ويوهب عمره وحياته ..
وبرضه تقول له مش عايزاك
لو حبَّك غفير القصر كان عدَّاك
كان ودَّاك لبلكونة الأميرة تشوف ..
من جوّا بيبقى اللعب ع المكشوف
يعني حتكدب الكدبة اللي كل الناس بتكدبها ..
وتحفظها .. وترسمها .. وتكتبها ..
حتقول ان انت اللي اعتليت السور
وجعت شهور .. وعمت بحور .. عشان توصل لأحلامك ..
ساعتها الناس حتمشي وراك وحتأمن على كلامك ..
وبالنسبة لغفير القصر .. يتغيّر
زهقنا خلاص من العواجيز .. نشوف لك شاب وصغير ..
عشان يتربى على إيدك ..
يا فاكر غربتك عيدك ..
مفيش في الغربة غير سهرك ..
ولا تغرّكش أنوارها .. دي غربة تقيلة وبخيلة ..
حتنهش لحم أيامك وتدّيك خيرها بالتيلة ..
مفيش في الغربة يا ابن الغربة غير الزيف ..
في وقت السرقة ليه يا اهبل عملت شريف ؟؟
وِرِثت من امك الإخلاص ؟؟
يا ولد الناظرة مش كل الخدود تتباس
بتعافر لوحدك ضد جهل الناس .. وكره الناس ..
وعايش الغربة بتدور على سندك ..
لو حبَّك غفير القصر كان نجدك ..
كان عدلك على القبلة وردَّك في الآيات السهو ..
كان عدّاك من السراديب عشان توصل لباب البهو
.. وتتملا في نور الذكر والحضرة كما الدراويش ..
مفيش مليم بييجي يا ولدي م السرقة وخيره يعيش ..
صلاتك باطلة يا ابن الناظرة وصيامك فطور مبتور ..
وساعة السيف ما يطلع يا ابني ..
كل الناس حتشهد زور
يا شادد بؤجتك في إديك على بوارج
خلاص بطلت حكاية عقد في الخارج ..
حبيبتك مش حتستناك ..
لو حبّك غفير القصر كان ادَّاك ..
مش كل الكلام يتقال ومش كل الودان تسمع ..
ولو مجبور على العيبة نصيحة مني تستمتع ..
غفير القصر مش حيهددك بالسر ..
حتفضل تور في ساقية غربتك بتدور محلّك سر ..
سنين عمرك حتفرُط تحت عقب الباب ..
وتصحى فجأة فتلاقي ان شعرك شاب ..
وحتحن لزمان فايت ..
طعم الفرح مهما بيحلا في الغربة .. طبيخ بايت
ووجع الغربة زي الدبش
يا واد اللي ماداقش الغربة ما تأدّبش ..
أنا الهربان من الخولي ومن غفري
وانا اللي ببات على عرقي وعلى عفري ..
غريب ومعاه جواز سفري ..
ومش عاجبه ..
انا المصري اللي علّمته بقي بيرفع لي في حواجبه
أنا المصري اللي علّم أمتين تقرا ..
بقيت واقف طابور بالدور عشان اختم ورق هجرة ..
غفير القصر لمّا ضحكت ماعجِبهوش
لما زعلت ما عجبهوش
لما سكت ما عجبهوش ..
لما نطقت ما عجبهوش
قال لي تجيب لي أوراقك وأحلامك ودمغة وحسن سير وسلوك
وقبل الكل هات لي لسانك المبرد يقف ويقول انا صعلوك
ساعتها انا قلت : ماعجبهوش
يا مهاجر وسايب حلمها يدبل
صرمت الناقة لحسن في الحرام تِحبَل
وتُهت ف غربتك والنوم ..
قضيت العمر عَد نجوم ..
دي مش نفس النجوم يا اهبل ..
دي مش نفس السنين والعمر ..
انا عارفك مشيت مغصوب ودايق المر
لو بيدي لالمّ لك بيوت الحي والونسة
واجيب لك كل أحلامك في خيط معقود ..
عيالك لما بتسافر بيبقى اسمهم ورثة
مفيش فلاح حتطرح أرضه عز وهو مش موجود ..
غفير القصر غرّربنا عقود وعقود ..
بقينا مقطوعين الإيد ..
ومش ذنبي اني حبيتك عشان ترميني للمطاريد
واعيش العمر بتمنّاكي في الأحلام ..
أزورك أسبوعين في العام ..
واشم هواكي في الأفلام واحوّش مهرك الغالي
واقول معلش بكرة ارجع والاقي حبيبتي لابسة لي
وطبل وزمر وقرايب وهيصة وزينة بتلالي
أتاري العمر بيعدي كلام في كلام ..
يا بياع السنين قل لي أجيبها بكام …
غفير القصر بيبيع ابتساماته ..
وبيوزّع على اللي مصدقين غِشه
مابنحسّش في وقت الغربة مين ماتوا ..
ونحسد كل ميت مات على فرشه ..
يعدي الموت على غفر القصور بالدور ما يوعظها ..
ويرمونا في ليل الغربة والتشريدة والمنفى
ليالي تمر ولا حدّش من النايمين ملاحظها ..
وابات في الغربة انا سقعان وغيري ف بيتي يتدفّى ..
أنا من الناس لو غضبت بتفلت منها ملافظها ..
وغضب الغربة شارب دمي ما استرجع ولا استكفى
ولا انتم حِمل غضب الناس ولا انتم حِمل سيل غيظها
ولا اتعلمتوا من الأيام وم الدوران وم اللفة ..
في الآخر مصيركم تيجيوا نفس الشلة وبتظهر ساعتها الشمس والحق اللي بات ضعفان بيستعفى ..
ساعتها ننصب الزفة ..
ويرجع مُهرنا الحَرْنان ..
وننسى ان احنا كنا زمان
بنهجر مصر ..
عشان ماعرفش يفهمنا .. غفير القصر
قصيدة لقطة الفراق هشام الجخ
كانت عيلة لسه وشايفة الدنيا بالألوان
وبتدور ما بين أصحابها في الجامعة علي الفرسان
ومستنية فرس أبيض وورد أبيض وواد أسمر ولابس أبيض
تجري في حضنه وتعيط ويحميها من الغربان
كانت لسه سنة أولى ولبس المريله عادة
وباص المدرسة والشنطة والدادة
خلاص خلصوا
هروح الجامعة من دلوقتي بالفستان
وكان هو فقير الحال على قده
ومتغرب عشان يدرس ويصرف من عرق يده
كان غلبان
وكان خايف يجبلها ورد لريحته تفضح الكف اللي جاي عرقان
تحكيله عن الموضة يكلمها عن الإنسان
تحكيله عن السوشي يقول دي قراءة في القرآن
كان فقران لكن عفيان
يسد بكفه عين الشمس ويضلل على عينها
يوصلها لحد البيت ويرجع مشي كان شاعر كلامه حي لكنه حزين
وهي الفرحه سرقاها ومش فاضيه لشيلة الطين
كان بيعالج الوحده بكتر اللمه والاصحاب
يحكي حاجات ماحصلتش ويتجمل وواحدة بواحدة يتحول لواد كداب
كان يسهر ويتخيل ويتقلب في نومة العاذب الكحيان
وكانت هيا ست الحسن والمحاسين والحسان
جمالها يقلق النعسان وصوتها بلوه علي الشبان
ابوها باشا من الاعيان وجدها كان وعمها كان
وهو فقير بياخد غربته في حضنه وبيناموا
كانت سارقه احلامه ودايما جايه في كلامه
ساعه الفرح يتمناها قدامه وساعه الصبر بتحليله ايامه
ويكتب شعر
انا والليل مرهونان في البدو وصحرائي مسافات وانتي بطيئه العدو
ويكتب شعر
هنا لا شيء غير الحزن يا محبوبتي يدوي
ويكتب شعر
عنيكي فدانين راحة وانا تعبان ومايحسش حلاوة الماية غير عطشان
وكانت هي مش بتحب تسمع شعر!
تحب الرقص والمزيكا والزيطه عيال متعرفش جايه منين بتتشقلب علي الحيطه
وكان هو كمان رقاص لكنه بيتكسف من الناس
كان الفقر راسم فوق ملامحه وقار
مهو المرمي على الميه غير المرمي في قلب النار
ورغم الاختلاف الكلى في المظهر وفي المضمون
لكنه حبها بجنون كان عاشق وكان مهوس
وكلمة حب أياميها كانت بفلوس
كواه شوقه في يوم الفرقه واتدارى
ولف قصايده في هدوم الشقا لتبان
لو شفته في ساعة الفرقة كنت تقول عليه فرحان
كانت عزته صالباه واقوى من قانون الجذب
وهي قصاده مش فاهماه ما يفهمشي الخضار الجدب
يا بت النعمة كان عاشق ماتخسريهوش
مش هتحسي وانت في ضله دلوقتي
ما تتغريش بضحكه يوم ما فارقتي دي بس وشوش
ماتسيبهوش
كان نفسه يجيبلك بس مابيدوش
بتطلبي ليه ياست الناس حاجات ماعاهوش
يوم الفرقه كان هو عنيه احزان
وواقف هادي وبيضحك ومن جواه حمم بركان
وكانت هي مبتسمه
وبتدور ما بين اصحابها في الجامعه علي الفرسان
قصيدة ملك النحل هشام الجخ
على مشهد اللي افترَقْ
يِبكِي العَرَقْ وينُوحْ
إيَّاك تخافي الغَرَقْ
قلبي سفينة نوحْ
لا تغُرِّك المتاهات..
ولا صَهْد أيَّامِكْ
عُمْر اللي سقَّى ما ماتْ
وآهو زرْعُه قدامِكْ
شُوبش يا الْخَطَّافِينْ
خبِّيتوا الخِطَّة فين؟
وبيِبْنُوا قلوعِكْ من جوعِكْ
وبيرْمُولْنا الخُطَّافِينْ
يا ريتني كنت ملِك النَّحلْ..
أقول الحقّ مرّة.. وأموتْ
عينيكِ فدّانين من نَخْلْ
ومن مِيتَى النّخِل بيموتْ؟
والبت عروسة بكَارْ
زفُّوها بضرْب النَّارْ
حواليها خَدَمْ وِوْلادْ
فارْشين وَرْد وسِجَّادْ
واخْدينْهَا بالخِنَاقَة
والمَهْر أَلْف نَاقَة
والنِّيل اِعْوَجّ ولَفّ
ويا وِيل الزّرع إنْ جَفّ
صوتَكْ هَجَّة مهجَّة
والشَّاطِر يِتْهجَّى
فِيض يا نِيل في جنادِلْ
ما تصُبِّش في الجرادِلْ
ده البِتّ عروسة بكَارْ
خَطَفُوها بضرْب النَّارْ
قصيدة طبعا ماصلتش العشاء هشام الجخ
طبعا ما صليتش العِشا
المشهد الأول (السبت الأول من أكتوبر سنة 81)
كانت ككل نخيل بلدتنا تطل عليّ من أعلى سماء
وأنا أجمّع لعبتي سرا .. وأعيد تشكيل البناء
وقد اصطففنا في طابور الصبح ألهانا الغناء
في الطابق العلوي.. وقفَت هيبةً .. كفنار بحر ترتدي زي النساء
وتراقب الطابور في حزم وصمت بارعين .. فتستقيم ظهورنا
يعلو الهتاف تحية العلم المرفرف في الفناء
بإشارة منها يقود مدرس الألعاب ذو الصوت الجهور الصف نحو فصولنا
وبنظرة منها يدق العامل الجرس ابتداء الحصة الأولى
من أين يأتي كل هذا الحزم في نظراتها؟
وأنا أراها كلَّ ليل تطفئ الأنوار من حولي وتصنع خيمة من حبها
وتحيك دفء حنانها فوقي غطاء
وعلام يخشون الأساتذة الكبار وجودها
يعدّلون من هندامهم.. ويراقبون الصف عند مرورها
أنا لا أراها مثلهم
ما زلتُ لم أفهم حقيقة كونها أمي وناظرة بمدرستي
فأنا – كطفل – لا أفرق بين أحداث الصباح.. وبين أحداث المساء
لكنني ما زلت أذكر جيدا غضبي وضجري كلَّ ليل
حين يغلبني النعاسُ تهزني.. وتتهمُني أنني دوما أنام وقد سهيتُ عن العشاء
وقد سهتْ هي أنها ما تزال على يديها من وضوئي.. آثارُ ماء
بعدما صليتُ يا أمي العشاء
المشهد الثاني (6 أكتوبر 85)
يوم أجازة
لمّة خالاتي عندنا أو عند سِتّي
كلام حريم.. وانت خدتِ وانت جبتِ
أبويا كان يحس بلمة العيال.. يطير
واجواز خالاتي هكذا.. يوصّلوهم عند بير السلم بالكتير
ما اعرفش ليه بيقولوا على باب العمارة إنه بير
المهم عيال خالاتي يجولنا بدري، وأبويا ينزل.. وأنا الكبير!
أنا اللي أقول مين اللي يُقف، وأنا اللي أقول مين اللي يلعب
وأنا اللي أقول مين اللي ياكل، وأنا اللي أقول مين اللي يشرب
كنت أكبرهم وهما عيال يا عيني صغيرين
أنا كنت أرخم طفل عنده عشر سنين!
لما أغيب عن عين خالاتي يا إما تِلقاني ف مصيبة.. يا إما باعمل مشكلة
كنت عايش طول حياتي أسئلة
“ماما!.. بنصلي ليه؟”
“ماما!.. مين بابا حسني؟”
“ماما!.. يعني إيه عابر سبيل؟”
“ماما!.. يعني إيه راجل أصيل؟”
عيّل فَصِيل!
كنت باسأل أسئلة ولا ليها رد.. ولا ليها عازة
بس السؤال اللي سألته وقتها.. كان مهم
“احنا ليه واخدين أجازة؟”
لِمعتْ عنيها ساعتها لمعة باحبِها
اللمعة دي على طول بتظهر لما باعمل حاجة أمي تحبها
لما بانجح.. لما باسأل .. لما باتنرفز على إخواتي البنات لو حد كركر
لما باعمل أي حاجة تحسّ فيها إني باكبر
لفّتْ على الكرسي اللي عمّر عندنا عشرين سنة
وبدأِت حكاوي ودندنة
ساعتين حكاوي ودندنة
ع اللي اتضرب واللي اتفنى.. واللي اتهدم واللي اتبنى
أبطال هنا وشهداء هنا
وأنا وِدني أصلا مش هنا
كات ماما نجوى بتبدِي.. وأنا.. إلّا دي!
أنا لسة حاسمع حرب وأكتوبر وخط بارليف وأرض سينا ومين حماها ومين خطفها؟!
دي حكاوي تافهة!
كلام تقيل وكلام مجعلظ
ونجوى جت.. عايزين نبقلظ!
هرِبت من نص الكلام.. لكني فاكرُه
انا كنت آه عيل صحيح
لكني فاهم الكلام من أوله ولحد آخره
إن اسرائيل سرقت سلامي
وإن إسرائيل قتلت عمامي
وإننا زي النهاردة.. خدنا تارنا
داقوا نارنا
عرفوا طعم جند مصر في المعارك
وإن سوريا والجزاير والعراق والخليج وكله كله كله شارك
وإننا بعد امّا فزنا
بعد مّا شافوا الوحدة بتوسّع نفوزنا
وعلمنا بيرفرف عليهم تحت عينّا
دقوا نار الفتنة بينّا
كنت عيل بس فاكر.. كنت بالعب بس شاطر
كنت باحضر ماما نجوى وبابا ماجد
كنت أنام احلم بجونجر، وإني حاكبر.. أبقى مارد
يجمع العرب اللي تايهين.. صف واحد
وأبقى قائد
كنت أنام أحلم بأني ف موقعة حطين
وإني الأمير “هشام الدين”
ومعايا جيش وسع المكان
مالوش لا أول في الشمال ولا في اليمين
بإشارة من إيدي الحصون متدشدشة
وإشارة من سيفي الحشود متفركشة
وإشارة من أمي اللي جت بتهزني وتقول لي طبعا نمت قبل ما تصلي العشا
المشهد الثالث (1 أكتوبر 89)
مين يا خويا؟!
عيد ميلاد؟!
والله خلَّفت وعَلَفت!
وإنت أطول مني عايز عيد ميلاد .. امشي ياد
في اعدادية ولسة بتفكر يا شَحْط في عيد ميلاد
روح لابوك .. كلمه في الشغل
قل له وانت جاي .. عدّي هات لي نفّاخة
شوف العيال لما تكبر تتملي مساخة
ثم خد يا بعيد .. ايه اللي خلا يوم ميلادك اسمه عيد
يَكْش فاكر يوم ميلادك اختفت نار المجوس
ولا حد قالك ان لقينا يومها شوال فلوس
ده احنا كنا العيش يادوبك والغموس
كنا مش لاقيين نجيب لك هدمتين
ايه ياد السعادة اللي انت فيها دي ؟ جاياك منين؟
ده احنا أفقر فترة عشناها في حياتنا .. حملي بيك
كانت البلد ولا فيها زيت ولا فيها سكر
والجو بينا وبين كل العرب .. كان شان وعكّر
والسادات كان كل يوم .. شدوا الحزام .. شدوا الحزام
والإعارات اللي كانت في الخليج رجعوا لنا تاني
والجنيه مابقاش يجيب ولا جوز حمام ولا نص ضاني
كنا دايرين نستلف من القريب ومن البعيد .. خليته عيد؟؟؟!!!
بس عارف
لما قالوا جه ولد .. ضهري اتسند
رغم اني كنت مخلفة قبلك بنات .. كنت انت بكري
أبوك حريمه كلهم جابوا الولاد بدري
وجدتك – في غياب أبوك – كانت تلقح بالكلام
وانا طبعا اهري
حتى لو ماقالتش حاجة .. أحنا ستات
أوعر كلام بنقوله بنقوله بسكات
ماكانش ابوك يعرف يا ولدي انهم سمّوني بينهم .. أم البنات
وماكنتش اعرف حظي الاغبر .. وان خلفة الولاد
حتجيب لي نَطْع يقول لي عايز عيد ميلاد
اسمع يا ولدي
اسمع وركز في الكلام
النبي عليه الصلاة والسلام
كان يحتفل بعيد ميلاده .. زيك تمام
ازاي بقى؟؟؟ بالصيام
يعني انت بكرة تجيني صايم
عيد ميلاد يعني تقوى .. مش جاتوه وباتوه وعزايم
ولا اقول لابوك على الدرجتين اللي نقصوا في التاريخ
مش عايز تعلّق نفاخات ؟؟ أجيب لك النفّيخ
خش ذاكر
أيوة واتنغوج وخبّط في البيبان .. هو يعني ابوك مسافر
بس ييجي وكل ده حيوصل له حاضر
تاني يوم الصبح وانا نازل ورايح المدرسة
لقيت ع السفرة كيكة مقطّعة ومكيّسة
قالت خد طفّح صحابك .. ما انتو جيل العيد ميلاد
جيل مايعرفش الخِشا
قول لي صح .. انت نمت الساعة كام؟
شكلك ما صلتش العشا
المشهد الرابع (24 ديسمبر 2004)
النهاردة عُرْس .. مش زي الخطوبة
مش كله رقص رقص رقص .. والبس فانلتك مقلوبة
وما تطلّعش حد تاني شقتك
مفتاح حماتك تاخده وانت ف سكتك
وانده لي وادّ اختك يغيّر صندوقين
و(حسن) سألني على السجاير قلت له ماعرفش فين
كلّمت خالك؟ آخر مكالمة قالولي وصلوا المنيا خلّي بالك
بَعَتّ حد ع المحطة؟
بص طيب .. انا كنت ناوية الليلة اعشيكم ببطة
بس بصراحة لقيت حماتك جايبة أكل أسبوعين
افترا .. وفَرْتِيك فلوس .. وحتاخدوا عين
قلت اشيلها عندي في الفريزر حبتين
حلوة بدلتك عليك .. ماشا الله .. بدر وهلّ ضيُّه
شبه ابوك .. بس انت فين .. هو ابوك كان حد زيه
بس عارف .. الواحدة فينا بتبقى فاكرة يوم ما يتجوز ولدها بتبقى فرحة
الحمايم تبقى سارحة .. والجناين تبقى طارحة
فين يا ولدي؟
ليّا اسبوع شيل وحطّ .. وسَلق بط .. حتى ولا غيّرت طرحة
البنات جوازاتهم اسهل .. ع الاقل كنا وسط عيلتنا قِبلي
كنت بلقى اللي يساعدني اللي يلافيني اللي يجاوبلي
كان نفسي اجوّزك هناك واتباهى بيك
وكلهم ييجوا الفرح ويباركوا ليك
بس انت طفشان من زمان .. ومالكش صحبة
زي جدك الكبير .. كان غاوي غربة
كان يختفي شهرين تلاتة لا كان يقول بلاده فين ولا كنا نعرف خط سيره
لف أرض الله بطولها وعرضها
ولإن ستك ست صانت عرضها
ربك مابهدلهاش .. ماخدش روحه الا ف سريره
أصل أصعب حاجة يا ابني لما تبقى الست تايهة عن راجلها
المرض والفكر والأحزان تجيلها
شوف يا ولدي
أوحش لحظة حتعيشها ف حياتك
لو بعدت عن مراتك
والبعاد يا ولدي مش بعد المكان
البعاد لو جت في حضنك .. وانت بخلان بالحنان
افرح يا واد
وافرد دراعك ع الرجال ولم عيلتك
الليلة ليلتك
والله مامنعني اني ارقص كالعيال غير بس هيبتك
ليقولوا أمه اتجننت ولا جاها مسّ
طب مين حيفهم ان عمري ضاع عشانه بس
افرح يا واد الليلة ليلة فرفشة
بس اوعي ياخدك الكلام والدردشة والوشوشة والنغنشة
والفجر يتسحّب عليكم .. قبل ما تصلوا العشا
المشهد الخامس (25 مارس 2009)
كل الدكاترة قالولي خير
ماعندهاش ولا أي حاجة
ولا حتى محتاجة لدوا
ما احنا عارفين شهر مارس والهوا
السن برضه ماتنسهوش
شوية برد ما يستاهلوش
أول مرة اشوف حبيبتي بتتوِجع وبتتلوِي
وانا عارف امي .. ماتشتكيش غير م القوي
عجّزتِ يا امة؟ وشاخ جريدك
ده انت لسة ماسحة الشقة بايدك
عجزت فجأة
ده احنا كل جمعة نبوس اديكي عشان نوضب شقتك وتقولي لأة
عجزت فجأة
ومالك ابيضّيتي ليه؟ ياك حاطة بودرة؟
ما انت كنت زيي سمرا
الدكاترة مش بيحكوا حاجة بينّا
وانا قلبي متوغوش وحاسس ان امي فيها إنّ
طب لو مافيشي شيّ قلقانين عليه .. حجزوها ليه؟
لأول مرة احس دماغي بتشقق وتفكيري بيعمل صوت
ماصدقتش ولا اتخيلت وانا واقف في ساعتها بإنه الموت
رسمت الضحكة بزيادة
دخلت عليها عارفاني أنا الكداب كالعادة
ومين يقفشني غير امي اللي عاجناني وخابزاني وخالعة بيدها سناني
فعرفت بس من عيني انها شهادة
وشهدت ييجي 100 مرة
ساعتها كل احساسي اللي كان محبوس طلع برة
وهاجت ذكريات عبّت عنيا دموع
واحساس الطريق اللي ملوهش رجوع
حاولت اخدعها واستهبل
بقالك عمر بتمثل
وهي معيّشاك في الدور وصدقت انها بتتخمّ
يا راخل خلي عندك دم
دي حافظة عنيك وتقاطيعك وتهتهتك وألاعيبك
مش هاين عليك الويل ؟؟
عايزها منين تجيب لك حيل عشان مايبانش في عنيها العذاب والهم
يا راجل .. خلي عندك دم
كانت باصة لي في عنيها السنين بتفوت
وجوايا كلام من كتره عدّا سكوت
كان نفسي أقول آسف .. واقول ندمان .. واقول خجلان
واقول لك إني والله بحبك حب مش معقول
ماعرفتش ساعتها الحلق كان مقفول
لكن القلب كان مفروط على قلبك وكان بيقول
بكل حروف كتاب الله اللي حافظها على يدك
ومن أيام ما كنت بعد على يدك وعلى عدك
وفرحة خدي يامايا وانا نايم على خدك
وقسما باللي قام حدي وقام حدك
ما حبيت في الوجود قدك
وجاي دلوقتي تتنغوج .. بتستعجل في وقت الموت وتتلهوج
مابنحسش بقيمة الثانية غير بعدين
وتسرقنا الحياة مانفوقش غير والموت مبكي العين
يا شاقة القلب ومسافرة
خدتني الغربة من حضنك سنين كافرة
نسيت نفسي وانا آسف
قالولي الغربة بتعلم دروس وحياة
وان الغربة يا مايا دي طوق ونجاة
أتاريها حزام ناسف .. أنا آسف
ميعادنا يامّة في الآخرة
وهي الدنيا أيه يامايا .. حقة مناهتة ومعافرة
خلاص خلينا للآخرة
حتى تكوني محلوة وعليك العين
واوريكي العيال يامّة .. بقم بتين
وجبت الواد يا ستي عشان ماتضايقيش
حاوصيهم يا ستي خلاص ماتخنقنيش
أفراد عيلة هشام المدهشة
دي تعليمات جدتكم المفتشة
ممنوع تناموا في أي يوم أي يوم .. قبل ما تصلوا العشا
قصيدة حمزة هشام الجخ
وحّد إلهك ..
واترمي كنَفه وجنابه ..
واشكره ..
وامّا تيجي تشكره .. أشكره ..
إنه علّم حد فينا يعلّمك .. إزاي بقلبك تذكره .. وتشكره ..
وحّد إلهك ..
واترمي في كنفه وجنابه ..
ما تفارقش ف يوم عَتابه ..
واسعى سعيك .. احبي حبيك ..
وامشي مشيك .. واجري جريك ..
مهما تقلت المعاصي .. اوعى تيأس ..
ربنا مش زيّه زيّك .. ربنا بس اللي ما بيقفلش بابه ..
فاحتمي ف كنفه وجنابه ..
واحفظ السكة اللي ترجع منها ليه ..
إن عصيت .. وأكيد حتعصى .. استحي وارجع ناديه ..
اللي دخلوا الجنة يا ابني مش ملايكة .. اللي دخلوا الجنة كانوا زي ابوك .. شنقوا من كتر المعاصي .. بس تابوا ..
وانت حظك .. ان ربك رحمته سبقت عذابه ..
فاترمي ف كنفه وجنابه …..
عينك على امك ..
مهما كان حجم انشغالك ..
اوعى تكبر وانت مش واخد بالك ..
اوعى تعرج .. ولا تتقل ودنها ومتاخدش بالك ..
اوعى يلهيك عنها حالك ..
عايز امّا اموت ..
يفضل لي كف وعين وصوت ..
وكتف تتسند عليه متكلفتة ..
ونفس يدفي فرشها ف برد الشتا ..
وقلب مطمن بإني مشيت وسبتها لك ..
فاوعى يلهيك عنها حالك..
طول حياتها .. شيلها في عنيك وف وريدك ..
حج بيتها كل يوم .. بيتها ريدك ..
في المدافن وانتو جايين حابقى في العين اللي جنبك ..
حابقى شايفك ..
عايز اشوفك وانت بتنزلها بيدك ..
وانت صاين لحمها لحد الممات ..
سيبها تتباهى بآخر لمسة منك لما تنزل وسط باقي الأمهات ..
حتقول ده ولدي .. صلب ابوه ..
جبته للشيلة الأخيرة .. وسبته لاخواته البنات ..
أوعى تطلع واد جبان ..
اجري خلف الموت يخافك ..
موت فدا البلد اللي ربت لك كتافك ..
اوعى تنكر خيرها زي الخوانين ..
الطماعين اللحاسين الكدابين ..
اوعى لينسوك يا ولدي انت مين ..
وابن مين ..
اوعى ماتفرقش بين العفيانين والورمانين ..
اقرا من كتب الشمال ..
واقرا من كتب اليمين ..
اقرا لصحاب البلاط ..
واقرا أدب المسجونين ..
شوف حكومات السياط ..
واقرا سيرة الراشدين ..
أوعى لينسوك يا ولدي .. مصر مين ..
أوعى تركن للكلام اللي يوماتي بنسمعه م الرغايين ..
مصر خوفو .. مصر خفرع .. الحضارة .. السنين ..
لا يا ولدي .. مصر انت .. مصر شغل وناس بتعرق ..
مصر جيش من غيره نغرق ..
مصر حواليها العِدا متربصين ..
اوعى تنضم لعشيرة البياعين ..
حتى لو تهموك يا ولدي زي ابوك وقالوا كافر ..
قل لهم أنا ديني ربي .. وبعد منه .. مصر دين ..
آخر وصية ..
لما تكبر حتلاقينا في التاريخ ..
باب صغير .. حيداروه .. مكتوب عليه (شباب ثاير) ..
مش بعيدة يعلموكم في المدارس وقتها إن اسمها نكسة يناير ..
قل لجيلك .. إنها ماكانتش نكسة ..
واننا جيل البداية وانتو دوركم جاي لسة ..
وافرد كتافك واحكي عن جيلي بفتوة ..
عايز الناس لما تسمع نبرتك في الميكروفون يقولوا (هو) ..
اللي خلف لسة عايش ..
لسة صوته ونبرته فيها الوجع ..
لسة واقف ضد ظلم الجبارين .. وقفة جدع ..
آخر وصية ..
سبت لك ورثك براح .. تسقي كرمه يزيد ويكرم ..
سبت لك ستر وجناح .. عقل يفهم .. قلب يرحم ..
سبت لك حب الغلابة .. ناس كتيرة .. جيش عرمرم ..
وان جم يقايضوك بالفلوس .. ويقعدوك وسط الكبار .. ويسكتوك ..
قل لهم أنا زي ابويا ..
لا عمره كَلّ فضلة موايد .. ولا عمره رمرم ..
سبت لك حب الغلابة .. أغلى من كل الدهب .. واكتر .. وأعظم.
قصيدة اختلاف هشام الجخ
يا حبيبي، هذي البدايةُ تختلفْ
هذا البريقُ الساكنُ الجَفنينِ
ما بينَ البدايةِ والبدايةِ يختلفْ
هذي الوجيعةُ.. حين يُذكَرُ اسمُها،
أو حين يعلو في الدماءِ نداؤُها،
هذي السطورُ تآلَفتْ وتجمَّعَتْ كلماتُها..
كي تستحيلَ قصيدةً
هذه القصيدةُ تختلفْ
*
وآدي اللي صارْ
من يومي مطلوق تحت فوق
عايش حياتى بالاختيارْ
من غير حِصارْ
لا أنا ناوي أحبّ
ولا غاوي أحبّ
ولا فاضي أحبّ
ولا لاقي سمْرَا ترُجّني وتخُضّني..
وتصحّي فيَّ الحِبر يِكتب ع الورقْ
قلبي اتسرقْ
وأنا باعترفْ
هذي الغلامةُ.. تختلفْ
*
“يَا – تِيبْيَالُو – بِلُو”
إنَّنِي أَحْبَبْتُكِ رَغْم زِحَامِ الغَيَدَاوات
وبِرغمِ الْسَّفَرِ ورغْمِ الْضَجَرِ ورغْمِ الَوَجَعِ..
ورغْمِ الْقَسَمِ بِأَنْ أَتَحَجَّرَ فَوْقَ سُعَالِ الْسَّهْوِ
(نانا) تَتَشَبَّثُ فِي جِلْبَابِكْ
فَلبَابِكِ رِيحٌ يُزْعِجُهَا
يُخْرِجُهَا مِن هَذَا الْحَيِّز، يَسْخَرُ مِنْهَا
إنّى أَحْبَبْتُكِ رغْمًا عَنْهَا
وكل لِيلَة كنت باحكي للقمر وباشهّدُه
وأما تِشْتي، كنت باحكي للمطر وباعهِّدُه
لمّا ينزل فوق قزاز شباكِك المقفولْ.. يقولْ
هذي القصائدُ تختلفْ
هُزّي سُكوني قدْ مَللْتُ الآنَ ألا أعترف
*
“هَا – رِي – سَا”
إنّي أحْبَبَتُكِ فِى زَمَنٍ مَا قَبْلَ زَمَانِ الْأَرْوَاحْ
مَا قَبْلَ النَّهرِ وقَبْلَ الْبَحْرِ وقَبْل السُّكْرِ..
وقَبْلَ الْفُجرِ وقَبْلَ الْرَّاحْ
إنّي أحْبَبَتُكِ فِي زَمَنٍ لَا يَعْرِفُ كَيْفَ تُسَافِرُ فِي الْأَوْرِدَةِ جِرَاحْ
وشايفِك
عاتِتْرِعْشي.. وشفايفِكْ
بدّها تقول لي:
“آي- كَا- دُوللي”
باحبَّك.. قد ما أنا مشتاقة لبلادي
وقدّ الوادي.. مِ النوبة لحدّ البحرْ
باحبَّك قدّ يوم العيدْ.. ولِبس العيدْ..
ورعشِة جِسمي وأنا واقفة باشوف النَّحرْ
هَذَا الْحُزْنُ الْسَّاكِنُ جَوْفَي يَعْرِفُ خَوْفِي
يَحْلُمُ يَوْمًا أَنْ يَتَقَيَّأَ صَدْرُكَ هَذَا الْجَسَدَ الْمُتْعَبْ
إِنِّي أَلْهَمَتْكَ أَشْعَارِي.. فَحَذَارِ
*
باحبّك حبّ صَعيدي جوّاني
باحبّك كِيف ما سكن الليل في صوت (فيروز)
وسكن الصوت في ليل قلبي وجُوّاني
باحبك كيف نسيم الزرعة لما يطير في جو الريف وجو النيل وجواني
باحبِّك حُبّ حيَّاني
وزوّد شوقي للحُرقة ولِلُّقْيَا ولِلْفُرقَة
وللدمعة اللي تنزل تحرق الجوابات
وكلمة “ماما مش راضية”
و”عندي مذاكرة.. مش فاضية”
وزوِّد شوقي للمواعيد وللعربيدْ
ومُشتاقلِك وواحْشاني ومِحتاجلِك.. باحبِّكْ
بَاحبِّك حُب كان مكسوف يبيِّن نفسُه قُدّامي
وكان يطلع لي في منامي
في صورة جوز عيون صافية
وبنت جمالها كله سَمَارْ
وأنا شايلِكْ عروس الدارْ
وضرْب النار في كفّ عمامي مامْبَطّلش
غريب الحِلم لما يواعِد النّعسان ومايطوّلش
قصيدة شارع الجحاز هشام الجخ
اِتدلّعي، واتبغدَدِي، واتْفاخري، واتْباهي
قولي لكل الناس: “ده عْشِقْني والله”!
لِمِّي العيال حواليّا زِفُّوني!
ظاظوا عليَّ.. وحَدِّفُوني طوب
ما أنا اللي سِبْت عينيكي لَفُّوني..
وأنا اللي أستاهل كل يوم مركوب
فاتدلّعي، واتبغددي، واتفاخري، واتباهي
آدِي ضَحِيَّة كمان.. فِدا رِمشك الساهي
موت الضحايا جَزَايَا.. ما أنا اللي وَدِّيتِك
ولْحَدّ حَد ما وَدِّيتُوش ولا حَدْ وَدِّيتك
وقلعت كل سنيني على خَصْرِك
ضَفَّرْت شَعْرِك عِشّ جُوَّايا
بايعْت حُكمِك وابتديت عصرِك
ووقَفْت ورا عرشِك ومَسَكْت هوَّاية
موت الضحايا جَزَايَا.. وكُلَّها ضحايا
مين اللي قال “الحب آخره عَمَار”؟
الحب آخره نهاية في رحَاية!
القسوة طاحْنة.. والحجر دوَّار
فاتدلعي، واتبغددي، واتفاخري، واتباهي
واستنكري من عزتي.. واستهتري بجاهي
خَلِّيني مضرب مَثَل.. من بعد هيبة ووَزْن
كُبَّي المرار في العسل.. واملي الفرَح بالحزن
يعني إنتي أولهم؟! ولا إنتي أوّل هَمّ؟!
ولّا انتي أوّل سهم اتْسَنّ لي واتسمّ؟!
لو تكشفي ضهري تلْقِي السهام علامات!
وأنا زي زرع ف هوا: وَطَّا.. حِيِي، وعَلا.. مات!
موت العلالي شرف.. بس اسمها موتة
مش عَدْل تبقِي ف ترف، وأنا باطفح الكوتة
ما يا إمَّا نقْسِمْهُم: وَخْزَة قصاد وخزة..
يا إمَّا – لا مواخذة – توتة يا حدوتة
وابقِي اكدبي براحتِك.. واتدلعي براحتِك
طعم الهزيمة جِزَا لِلّي يزور ساحتِك
وأنا قلبي ياما غَلَب.. مش عيب يبات مغلوب
آهو برضه فِيدْتِينا.. وكَفَّرنا بيكي ذنوب
ولَحَسْنا من شَهْدِك، وشرِبْنا من رِيقِك
وسْكِرْنا من كاسِك، وكَسَرْنا أبريقِك
وطْعِمْنَا من حُسْنِك، وشْبِعنا بِبَريقِك
ومْشِينا في طَريقِك، ورجِعْنا مَلْوِ اليَدّ
جَرْحِي قُصَاد جَرْحِك.. ولا حد ظالم حد
ولّا انتي فاكرانا رجالة خيبانة؟
نبكي على النسوان.. ونْسِحّ في بُكانا..
كنتي اسألي (نانا)!
اللي اسمها (نانا)!
يا دوب زِعِلْنا يومين.. وآهي دنيا لاهْيَانا
حابكي عليكي إنتي؟!
ماتكدبيش ع الناس.. الناس دي عارفاني
قلبي خشب، لو غطس.. بِيْقِبّ من تاني
فماتحرجيش روحِك وتقولي “ده عشِقْني”..
بدال ما صاحباتك يقولولِك: “آدي دِقْني”!
حِبِّي على قَدِّك.. واحكي على قدِّك
وإن جَت سيرتنا ف يوم.. ابقي الْزَمِي حَدِّك!
تتدلعي.. ماشي!
تتبغددي.. ماشي!
وتقولي: “حبِّني موت”.. برضه ما يجراشي!
بس إنتي من جوّه فاهمة إن زمنك مات
وبقيتي زي أميرة قلبها شحّات
لِفِّي على صحابي.. سِبِّيني في غيابي
قولي إن عمرِكْ يوم ما وقفتي على بابي
لا كَوِيتي قمصاني، ولا جِيتِي زُرتيني
ولا تعرفي مكاني، ولا تعرفي تجيني
وإني يا دوب واحد.. دايب ف دباديبِكْ
عامل كما عَيِّل شابط في جلاليبِكْ
وإنتي – يا عيني! – أُف!
زهقانة مني خلاص
عملتي زارْ بالدُّفّ.. وسُقْتِي كل الناس
وأنا برضه لازِقلِكْ
معلش، حظك كدة!
ربك ورازِقلِك
روحي يا شاطرة هناك انضمي للألبوم
أنا كل عِشْرِتي بيكي اتنين وعشرين يوم
عملتي نفسك حكاية..
ومحبة فيَّاضة.. ومخَدَّة بَكِّاية..
وسهر وسُهْد وويل..
وبُكا وغُنا ومواويل..
في اتنين وعشرين ليل؟
على أيّ حال:
شكرًا وشكرًا..
ثم شكرًا.. للقصيدة
قَلَّما تأتيني امرأةٌ بأفكارٍ جديدة!
لقد بنيتُ لحبِّنا قصرًا جميلًا رائعًا
وظللْتِ فيهِ بجانبي ومسحتِ أقدامي سعيدة
وخشيتُ أنْ يتسللَ الحُسّادُ من جَنَبَاتِهِ..
فبنيتُ أسوارًا من الصلبِ المسلّحِ حولَهُ
واخترتُ منطقةً بعيدة
اليومَ أخرجُ تاركًا إياكِ خلفَ السّورِ في يأسٍ وحيدة
فَلَطَالَمَا أحبَبْتِ هذا السجنَ قبل فراقِنَا
اليومَ ترتعدينَ خوفًا.. تضربينَ الأرضَ كالطفلِ الصغير
تحاولينَ لتنفُذِي وتُكَسِّري وهمًا حديدَا
ونسيتِ أنِّي شاعرٌ
فنُّ النساءِ هو الوحيدُ من الفنونِ عشِقْتُهُ
وحلَفْتُ إمَّا هالِكٌ من دونِه أو أنْ أُجِيدَه