مضي الأيام لتحل مكانها أيام أخرى.. ليكبر الصغير.. ويشيب الكبير.. لتكبر الأحلام ومعها تزداد فرصة تحقيق الأمنيات..
هل حلمت يوما بامتلاك منزل كبير؟.. أو حتى فكرت بالحصول على سيارة من أحدث طراز..ما الذي منعك من تحقيق هذه الأمنيات؟.. أو ما الذي يمنعك الآن؟.. تكاسل ام خيبة امل.. ام هو يا ترى الشعور بان الأحلام لا تتحقق..
من قال هذا؟..جميع الناس على هذه الأرض الواسعة لا تكف عن التمني..وبالعزم والاصرار..حققوا ما يحلمون به ويصبون إليه منذ ان كانوا صغارا..
وهو أول الرسل عليهم السلام. ودليل رسالته من القرآن الكريم ما جاء في الآيتين السابقتين:
(أ) قوله تعالى في آية البقرة: {فإما يأتينكم مني هدى}.
ففي هذا وعد بالهدى من الله تعالى، وإشعار بالرسالة.
(ب) وقوله تعالى في آية طه: {ثم اجتباه ربه}.
والظاهر أن اجتباء الله له بعد المعصية وتوبة الله عليه، إنما هو اصطفاء الله إياه للرسالة.
كما يدل على رسالته عموم قوله تعالى: {وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلا خلا فِيهَا نَذِيرٌ}، وقوله تعالى: {ولقد بعثنا في كل أمة رسولاً}.
وقد كان أولاد آدم أمة تتطلب رسالة ربانية، وأحرى الناس بأن يكون رسولاً لأول أمة إنسانية إنما هو آدم عليه السلام أبو البشر، المكلّم من قِبل الله تعالى.
لذلك نرى اتفاق معظم علماء المسلمين على نبوته ورسالته.
وعن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “أنا سيد ولد آدم يوم القيامة ولا فخر، وبيدي لواء الحمد ولا فخر، وما من نبي يومئذٍ – آدم فمن سواه – إلا تحت لوائي، وأنا أول من تنشق عنه الأرض ولا فخر”. رواه الترمذي.
وقد تولى الله جلَّ وعلا عرض قصة خلق آدم في تسع سور من القرآن الكريم، وبيّن لنا في قصته أنه هو الإِنسان الأول الذي بثّ الله منه هذه السلالة من البشر على وجه هذه الأرض. كما حدَّد الله لنا في كتابه كيفية خلقه لآدم، بشكل صريح واضح لا يحتمل التأويل، فلا مجال لإِيراد تكهّنات وتخيّلات وفرضيّات حول كيفية بدء وجود الإِنسان على هذه الأرض، ولا مجال لفرضيات “دارون” وغيره بعد أن ورد إلينا يقين لا شبهة فيه عن الذي خَلَق وصوّر وهو بكل شيء عليم. ونحن نعلم أن كل اعتقاد يخالف ما تضمنه القرآن الكريم بشكل قاطع هو اعتقاد مخالف للحقيقة، وكل اعتقاد مخالف للحقيقة من الحقائق القطعية التي نصت عليها الشرعية اعتقاد مُكفِّر.
(2)
“إدريس عليه السلام”
قال الله تعالى بشأنه: {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِدْرِيسَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَبِيًّا * وَرَفَعْنَاهُ مَكَانًا عَلِيًّا} [مريم: 56-57].
وقد جاء في صحيحي (البخاري ومسلم) في حديث المعراج:
“ثم صعد بي – أي جبريل – حتى أتى السماء الرابعة فاستفتح، قيل: من هذا؟ قال: جبريل، قيل: ومن معك؟ قال: محمد، قيل: وقد أُرسل إليه؟ قال: نعم، قيل: مرحباً به فنعم المجيء جاء. ففُتح. فلما خلصتُ فإذا إدريس، فقال: هذا إدريس فسلِّم عليه، فسلّمت عليه، فردّ ثم قال: مرحباً بالأخ الصالح والنبي الصالح”.
*نسب إدريس:
ويذكر النسّابون أنه: إدريس عليه السلام بن يارد بن مهلائيل بن قينان بن أنوش بن (شيث عليه السلام) بن (آدم عليه السلام). والله أعلم.
وإدريس عند العبرانيين: (حنوخ) أو (خنوخ)، وعُرِّب: (أخنوخ).
* أقوال المؤرِّخين في ديانته ومن ينتسب إليها:
يقول المؤرخون: إن أمة السريان أقدم الأمم، وملتهم هي ملة الصابئين – نسبة إلى صابي أحد أولاد شيث -، ويذكر الصابئون أنهم أخذوا دينهم عن شيث وإدريس، وأن لهم كتاباً يعزونه إلى شيث ويسمونه: “صحف شيث”، ويتضمن هذا الكتاب على ما يذكرون الأمرَ بمحاسن الأخلاق، والنهي عن الرذائل.
وأصل دينهم التوحيد وعبادة الخالق جل وعلا، وتخليص النفوس من العذاب في الآخرة بالعمل الصالح في الدنيا، والحض على الزهد في الدنيا، والعمل بالعدل، وبعد ذلك أحدثوا ما أحدثوا في دين الله وحرفوا.
وكانت مدة إقامة إدريس عليه السلام في الأرض(82) سنة ثم رفعه الله إليه.
قصه سيدنا نوح”عليه السلام “
(3)
“نوح عليه السلام”
قال الله تعالى: {إِنَّا أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ أَنْ أَنذِرْ قَوْمَكَ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [نوح: 1].
وقد أرسله الله إلى قومٍ فسد حالهم، ونسوا أصول شريعة الله التي أنزلها على أنبيائه ورسله السابقين، وصاروا يعبدون الأوثان. وقد أثبت القرآن الكريم خمسة أوثان لهم، كانوا يقدسونها ويعبدونها، وهي: (وَدّ – سُوَاع – يَغُوث – يَعُوق – نْسْر). قال الله تعالى: {وَقَالُوا لا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلا سُوَاعًا وَلا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا} [نوح: 23].
* نسب نوح:
يذكر النسَّابون أنه: نوح (عليه السلام) بن لامك بن متوشالح بن إدريس (“أخنوخ” عليه السلام) بن يارد بن مهلائيل بن قينان بن أنوش بن شيث (عليه السلام) بن آدم (عليه السلام) أبي البشر. والله أعلم.
* حياة نوح مع قومه في فقرات:
وقد ذُكرت قصة نوح مع قومه في ست سور من القرآن الكريم بشكل مفصَّل، وأبرز ما فيها النقاط التالية:
1- إثبات نبوته ورسالته.
2- دعوته لقومه دعوة ملحَّة، وثباته وصبره فيها، واتخاذه فيها مختلف الحجج والوسائل.
3- إعراض قومه عنه، فكلما زادهم دعاءً وتذكيراً زادوه فراراً وإعراضاً، وإصراراً على الباطل، واحتقاراً لأتباعه من الضعفاء.
4- عبادة قومه الأوثان الخمسة التي مرَّ ذكرها، وضلالهم الكثير.
5- تنكّر قومه لدعوته، وتكذيبه فيها بحجة أنه رجل منهم، ثم طلبهم إنزال العذاب الذي يَعِدهم به.
6- شكوى نوح إلى ربه أن قومه عصَوْه، واتبعوا من لم يزده ماله وولده إلاَّ خساراً.
7- إعلام أو إخبار الله لنوح بأنه لن يؤمن من قومه إلاَّ من آمن، وذلك بعد زمن طويل لبعثه فيهم وهو يدعوهم ويصبر عليهم، وقد تعاقبت عليه منهم أجيال.
8- دعوة نوح عليهم بقوله: {رَبِّ لا تَذَرْ عَلَى الأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا * إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ وَلا يَلِدُوا إِلا فَاجِرًا كَفَّارًا} [نوح: 26-27].
9- أمْرُ الله لنوح أن يصنع السفينة – وقد كان ماهراً في النجارة – وذلك تهيئة لإِنقاذه هو ومَن معه من الطوفان الذي سيغسل الأرض من الكفر.
10- سخرية قوم نوح منه كلما مرَّ عليه ملأَ منهم ورأَوْهِ يصنع السفينة، وذلك إمعاناً منهم بالضلال وهم يَرَون منذرات العذاب.
11- حلول الأجل الذي قضاه الله وقدَّره للطوفان، وكان من علامة ذلك أن فار الماء من التَّنُّور.
12- أمر الله لنوح أن يحمل في السفينة:
(أ) من كلٍّ زوجين اثنين.
(ب)أهله إلاَّ من كفر منهم، ومنهم ولده الذي كان من المُغْرَقين وزوجته.
(ج) الذين آمنوا معه، وهؤلاء قليل.
فركبوا فيها وقالوا: {بِاِسْمِ اللَّهِ مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا} [هود: 41].
13- تفجّر عيون الأرض، وانسكاب سحب السماء، ووقوع قضاء الله، ودعوة نوحٍ ولدَه في آخر الساعات قبيل غرقه، ولكن هذا الولد رفض الإِيمان، وظن النجاة بالاعتصام بالجبل وجرت السفينة بأمر الله، وقُضي الأمر، وكان ولد نوح من المغرقين.
14- تحسُّر نوحٍ على ولده وهو في السفينة تجري بأمر الله وتمنِّيه أن يكون معه ناجياً، وقوله لربه: “إن ابني من أهلي” وعتاب الله له، وإخباره بأن هذا الولد ليس من أهله، لأنه كافر عمل عملاً غير صالح.
15- ختم القصة بالإِعلان عن انقضاء الأمر:
{وَقِيلَ يَا أَرْضُ ابْلَعِي مَاءَكِ وَيَا سَمَاءُ أَقْلِعِي وَغِيضَ الْمَاءُ وَقُضِيَ الأَمْرُ وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ وَقِيلَ بُعْدًا لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ} [هود: 44].
الجودي: جبل في نواحي ديار بكر من بلاد الجزيرة، وهو متصل بجبال أرمينية. ويُسمى في التوراة: “أراراط”.
16- ذِكْرُ المدة التي لبثها نوح في قومه، وهي: ألف سنة إلاَّ خمسين عاماً، فهل هي مجموع حياته، أو هي فترة دعوته لقومه – أي: منذ رسالته حتى وفاته – أو هي منذ ولادته أو رسالته إلى زمن الطوفان؟ كل ذلك محتمل والله أعلم بالحقيقة.
قال الله تعالى: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلا خَمْسِينَ عَامًا فَأَخَذَهُمْ الطُّوفَانُ وَهُمْ ظَالِمُونَ} [العنكبوت: 14].
ويرجح الرأي الأخير لقوله تعالى: {فأخذهم الطوفان} بعد قوله: {فلبث فيهم ألف سنة إلاَّ خمسين عاماً}، لما تفيده الفاء من الترتيب.
17- بيان أن الذين بقوا بعد نوح هم ذريته فقط، وذلك في قوله تعالى: {وجعلنا ذريته هم الباقين}.
قال المؤرخون: وهم ذرية أولاده الثلاثة، سام وحام ويافث.
ويقولون أيضاً:
1- سام: أبو العرب وفارس الروم.
2- وحام: أبو السودان والفرنج والقبط والهند والسند.
3- ويافث: أبو الترك والصين والصقالبة ويأجوج ومأجوج.
والله أعلم بالحقيقة.