كيف اصبر على الابتلاء

بسم الله الرحمن الرحيم يقدم لكم موقعنا المتميز لحظات هذا الموضوع الجميل على كيف اصبر على ابتلاء الله

الصبر في اللغة اسم، ومصدره؛ صَبَرَ، يُقال: يَتَحَلَّى بِالصَبْرِ أي؛ يَتَحَلَّى بِالْجَلَدِ، أَيْ؛ لاَ يُظْهِرُ شَكْوىً مِنْ أَلَمٍ أَوْ بَلْوىً أصابه.للمزيد زورو موقعنا لحظات.

الصبر على الابتلاء

كلّ إنسانٍ في هذه الدنيا مهما كان معتقده وفكره معرّض للابتلاء، ومن الابتلاءات التي يتعرّض لها الإنسان

خلال حياته الإصابة بمرضٍ أو أمراضٍ عديدة، أو فقدان المال، أو موت شخصٍ عزيزٍ عليه، أو مفارقة الأهل والأحبة،

أو المشاكل العائليّة. ويختلف التعامل مع حالات الابتلاء التي يمرّ بها الإنسان من حالةٍ إلى أُخرى، ولكن هناك قاسم مشترك للتعامل مع كل حالات الابتلاء،

وهو الصبر، فكيف يصبر الإنسان على الابتلاء؟ وللصبر على الابتلاءفضل، وأسباب معينة،

معنى الصبر على الابتلاء

يوجد العديد من الطُرق والوسائل التي تُعين العبد على الصبر على ما يصيبه من ابتلاءات ومصائب منها:[٥]

معرفة المسلم للحكمة من ابتلاء الله سبحانه وتعالى له؛ فالله يبتلي عبده ليهذّبه لا ليعذّبه، وأنّ ابتلاءه له يعتبر كفارةً من الذنوب، ودليل على محبّة الله سبحانه وتعالى له، وطريق لبلوغ المنازل العُلا مع الأنبياء عليهم الصلاة والسلام.
تذكُّرالمسلم لأحوال من هم أشدّ منه بلاء؛ فمن ينظر إلى الابتلاء الذي يمرّ به غيره يهون عليه ابتلاؤه.
تلقّي المسلم لما يصيبه من ابتلاء بالرضا بقضاء الله وقدره.
معرفة أنّ الجزع وعدم الرضا لا ينفعان المسلم عند وقوع الابتلاء.
معرفة المسلم لطبيعة الدنيـا وأنّها دار عناءٍ، ودار اختبارٍ وامتحان.
معرفة الثواب العظيم للصبر على الابتلاء، فقد قال الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز: (… إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ) [٦]
الثِقة بحدوث الفرج من الله سبحانه وتعالى، وأنّه ما من ضائقةٍ إلا وتُفرج.
الاستعانة بالله سبحانه وتعالى واللجوء إليه وطلب العون منه، وسؤاله الصبر والرضا بقضائه وقدره.
عدم الشكوى لأحدٍ غير الله سبحانه وتعالى.
عدم اليأس والاستسلام لمُثبّطات الشيطان.
التأمّل في قصص السابقين من أهل الصبر، وتأمّل مواقفهم وصبرهم على الابتلاء، والتأسّي بهم.
تفويض الأمر لله سبحانه وتعالى، مع الأخذ بالأسباب، وعدم الاستعجال فكلّ شيءٍ عند الله بقدر.

فضل الصبر على الابتلاء

صبر على الابتلاء له فضل وفوائد عظيمة منها:[٧]

للصبر على الابتلاء عاقبة حسنة لمن يتحلّى به؛ وللمسلم في ذلك أُسوة حسنة في قصة صبر نبيّ الله أيوب عليه الصلاة والسلام.

إنّ المسلم الذي امتحنه الله بمحنةٍ في الدنيا، وتلقّاها بجميل الصبر، وحمد الله على المحنة التي أصابته له الجزاء الحَسَن في الآخرة.

في الصبر على الابتلاء تسليم كامل ورضا بقضاء الله وقدره، وهذا من شأنه أن يعود على المسلم بالسعادة، وعمارة القلب بالإيمان.

أنواع الصبر

ينقسم الصبر الواجب على المسلم إلى ثلاثة أقسام هي:[٨]

الصبر على طاعة الله سبحانه وتعالى: فالطريق إلى الله مليئة بالعوائق الكثيرة؛ وذلك لأنّ النفس بطبيعتها لا تحبّ القيود والعبوديّة، فلا بدّ من ترويضها وكبح جماحها حتّى

تستقيم، وهذا يحتاج إلى الصبر، والصبر على الطاعة يتكوّن من ثلاثة أمور، صبر قبل القيام بالطاعة

وذلك بتصحيح النية والإخلاص لله تعالى، وصبر وقت الطاعة بحيث لا يغفل عن تأديتها ولا يتكاسل عنها، وصبر بعد العمل؛

فلا يُنظر للنفس بعين العجب، لئلا يُحبط عمله.
الصبر عن المعاصي والمحرمات: فالإنسان بحاجةٍ إلى الصبر عن ملذّات الدنيا وشهوات النفس، فلا يُطلق لها العنان لتسترسل خلف شهواتها.

 

الصبر على المصائب وأقدار الله المؤلمة: فلا يسلم أحد من البشر من الآلام، أو الأمراض، أو المصائب، أو الابتلاءات، لكنّ المؤمن يتلقى هذه الأمور بالصبر عليها واحتساب أجرها عند الله سبحانه وتعالى.

مجالات الصبر

للصبر مجالات عديدة في الحياة الإنسانية منها:[٩]

الأعمال التي تتطلب المثابرة والصبر حتّى يتمّ إنجازها، فيضبط الإنسان نفسه عن الملل حتّى يُنجزها.

المصائب والمكاره، يصبر الإنسان عليها ويضبط نفسه عن التضجر.
المطالب الماديّة والمعنويّة، يتمّ ضبط النفس عن الاستعجال حتّى يتمّ تحقيقها.
الغضب، والعوامل التي تدفع النفس إلى الاندفاع والطيش.

الخوف عند إثارة الخوف في النفس.
الطمع، فيضبط الإنسان نفسه حتّى لا يندفع وراء مثيرات الطمع.

أهواء النفس وطلباتها وضبط النفس عن الاندفاع خلف هذه الأهواء.

المتاعب ومشاق الحياة والآلآ=ام الجسديّة والنفسيّة.

كيف أصبر نفسي على الابتلاء

الابتلاء يأتي من الله تعالى بعدّةِ أهدافٍ مختلفة، فقد يبتلي الله تعالى عَبَده كي يقوّمه ويعيدَه إلى الطريق الصحيح؛ فإنْ كان المسلم عاصياً فقد يبتليه الله تعالى كي يهديه إلى الطريق الصحيح، ويذكره بهدفه من الوجود في الدنيا، وقد يبتلي الله تعالى المؤمن كي يُخلّصه من ذنوبه ومعاصيه، وكي يقابِله وهو طاهرٌ من جميع ذنوبه ومعاصيه.

كلّما زاد إيمان المؤمن زادَ ابتلاؤه؛ كي يثبته الله تعالى على دينه ويمتحنه ويطهّره من ذنوبه، فأكثر الناس إيماناً على وجه الأرض هم الأنبياء وهم كانوا أشدّ الناس بلاءً وصبراً عليه، ويبتلي الله تعالى المؤمنين ليميّزَ القلوب الخبيثة عن القلوب الطيبة، كما تميزُ النارُ الذهب عن العناصر الأخرى؛ فيظهر المنافق من المؤمن ويزداد المؤمن إيماناً، بالإضافة إلى غيرها من الأهداف التي تصب جميعها في صالح المؤمنين.

كيفية الصبر على الابتلاء

كي تصبر على الابتلاء عليك أنْ توقنَ تماماً أنّ البلاء دائماً يَصب في صالح الإنسان؛ فالله لا يبتلي الناس كي يُعذّبهم على الإطلاق، وحاشاه

تعالى أنْ يفعل ذلك، بل إنّه تعالى يبتلي الناس لِحبه لهم، وعندما تعلم أنّ الله تعالى يبتليكَ لِصالحك

فإنّك بهذا سَتَكون أكثرَ صبراً على البلاء، فعلى سبيل المثال عندما تَعلم أنّ الله تعالى يَبتليك في صالحك

سَتَكون رؤيتُك مُختلفةً بشكلٍ كليٍّ عن البلاء، فالمريضُ يصبر على الألم الذي يحدث له بعد العمليةِ الجراحيةِ

التي يقوم بها الطبيب؛ لمعرفتِهِ أنّ هذا الألم جُزءٌ من العلاج، وأنّه يَصبّ في صالحه؛ فسيصبر بذلك على

جميع الآلام التي قد يتسبّب بها الطبيب في سبيل العلاج، ولله تعالى المثل الأعلى.
إنّ الله تعالى قد يبتلي الإنسان بعدةِ أمور، وعلى رأسها الشهوات المختلفة التي بَثّها الله تعالى في قلوب الناس،

وإنّ الله لم يُوجِد أي بلاءٍ ولن يبعث بأيّ نوعٍ من أنواع البلاء التي لا يمكن للشخص تحملها، فقد يَبتلي الله تعالى بعض الناس بالفقر وآخرين بالغنى،

فالله تعالى يَعلم أنّه لو ابتلى الأول بالغنى والثاني بالفقر فلن يَنجو أيٌّ منهما من الابتلاء وسيكونان من المُفسدين.

ممّا سبق يتبيّن أنّ الله تعالى يَبتلي كلّ شخصٍ بما يناسبه وما يستطيع تحمله، فإنْ بَقِي

المُسلم على الطريق الصحيح الذي وَضَعه الله تعالى للمسلمين في قرآنه الكريم، واتباع سنة رسوله الكريم،

والتوكل على الله في كلّ وقتٍ وحين، والعمل بكلّ جهدٍ أعطاه الله تعالى له فإنّه بذلك يتمكّن من الصبر على المصائب جميعها.

أجد من الابتلاء ما لا أطيق… فكيف أكون صابرة

السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

قال الله تعالى: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا}، وأنا أجد من الابتلاءات ما ﻻ أطيق، فمرة ﻻ أستطيع الصبر فأبكي وأجزع وأحس أني على وشك الاعتراض، ثم استغفر وأحمد الله، ومرة أصبر وأحمد الله وأظل أبكي أريد أن يرجع الله لي ما أخذه مني، وأنا أعلم أنه أخذه لحكمة، لكن أدعو وﻻ يرجعه الله، وفي الحالتين تسوء حالتي النفسية وأعجز عن تناول الطعام، وأصاب بأمراض عضوية من كثرة الحزن، وعندما أبدأ أستفيق أتعرض لابتلاء جديد، وكل مرة يكون الابتلاء أشد من السابق، ويكون الشيء الذي حرمني الله منه أعز علي من الذي قبله، وأكون متعلقة به أكثر.

قدر الله كله خير -والحمد لله- لكن ليس في وسعي تحمل ابتلاءات أكثر، فكلما أرسل الله شيئاً من عنده ظننته تعويضا على ابتلاء سابق، وأول ما أتعلق به يأخذه مني، مع أن الله هو الذي أرسله، ويكون هذا ابتلاء جديدا، يقولون ما بين خير وخير مسافة مرهقة تسمى الابتلاء، لكني أجد أن هذا الخير ظاهره الخير وباطنه ابتلاء، فهذا الخير الذي رزقني الله به سيحرمني منه بعد فترة، وهكذا يحدث دوماً، ﻻ أعلم كيف أصبر دون حزن لأحقق الثواب من عند الله، لأني على يقين أن الذي حرمني الله منه كان شراً، ورزقني به اختبارا للصبر.

جزاكم الله، خيراً وجعله الله في ميزان حسناتكم.

الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ شيماء حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

فنرحب بك -ابنتنا الفاضلة-، ونشكر لك التواصل المستمر، ونتمنى أن تتذكري أن الإيمان بالقضاء والقدر خيره وشره من أركان الإيمان، وأن أشد الناس بلاء الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل، ونسأل الله أن يجعلنا ممن إذا أُعطي شكر، وإذا ابتلي صبر، وإذا أذنب استغفر، واعلمي أن الرضا بقضاء الله وقدره ركن الإيمان الركين، هو سبب للطمأنينة والسعادة، والعاقل يُدرك أن الله تبارك وتعالى يبتلي الإنسان فمن رضي فله الرضا، وأمر الله نافذ، ومن سخط فعليه السخط، وأمر الله نافذ.

لذلك عودي نفسك التماسك عند أقدار الله تعالى مهما كانت -والحمد لله- أنت على علم بأن الإنسان لا يدري من أين يأتيه الخير، فالخير أحيانًا يأتي في صورة شر، بل هناك خير لا يُدركه الإنسان، فأحيانًا يأتي للإنسان ابتلاء لينال درجة عند الله ما كان لينالها إلا بصبره على البلاء، والإنسان عندما يقع في بعض الأزمات يُكثر اللجوء إلى الله تعالى فيجد في ذلك حلاوة وطعمًا، فإذا انقضت هذه المصيبة نسي اللجوء إلى الله تبارك وتعالى، والله تبارك وتعالى يبتلي في هذه الدنيا من يُحب ومن لا يُحب، والبلاء ينزل، والناس أمام البلاء أنواع:

طائفة كانت على الخير –أو إنسان كان على الخير– فيزداد بالبلاء ثباتًا وصبرًا وإيمانًا، وينال منازل –كما قلنا– ما كان لينالها إلا بصبرٍ على البلاء، لأن الله يقول: {إنما يوفَّى الصابرون أجرهم بغير حساب}.

وطائفة ثانية كانوا على الغفلة، فلما جاء البلاء رجعوا إلى الله كما قال:{لعلهم يضَّرعون}، يرفعون أكفَّ الضراعة إلى الله، وهذه حكمة عظيمة جدًّا، وهؤلاء أيضًا على خير، فإنهم بهذا البلاء يعودون إلى الله تبارك وتعالى وينيبون إليه ويتضرعون إليه، وهذا مطلب عظيم {لعلهم يرجعون}.

أما الطائفة الثالثة -والعياذ بالله- فهم الذين كانوا على الغفلة، ثم جاء البلاء وما ازدادوا بذلك إلا بُعدًا، لا يفهمون البلاء، ويأتي الشيطان بعدد من التأويلات، قال تعالى: {فلولا إذ جاءهم بأسنا تضرعوا}، هذا المفروض، {ولكن قست قلوبهم وزين لهم الشيطان ما كانوا يعملون} فلا يشعرون بموعظة، ولا يشعرون بألم، ولا يتأثرون بموت حبيب، ولا تؤثر فيهم الزلازل والفواجع -والعياذ بالله-، وهؤلاء كما قال الحسن البصري: هم كالحمار، لا يدري فيم ربطه أهله ولا فيم أرسلوه؛ لأن هذه الابتلاءات مواعظ مرسلة من الله تبارك وتعالى، قال تعالى: {فلولا إذ جاءهم بأسنا تضرعوا ولكن قست قلوبهم}، فلم ينتفعوا بالموعظة ولم يفهموها وزين لهم الشيطان أعمالهم رغم قبحها، فهم يقولون: (هذا جاءنا ونحن أفضل من كذا) بدلاً من أن يعودوا إلى أنفسهم ويتوبوا وينيبوا إلى الله تبارك وتعالى.

وعليك أن تُدركي أن البكاء وأن الجزع لا يرد شيئًا من هذه المصائب والابتلاءات، لكنه يمكن أن يزيد ذنوب الإنسان ويزيد الآلام عليه؛ ولذلك المؤمنة ينبغي أن ترى سعادتها في مواطن الأقدار، كما قال عمر بن عبد العزيز، فترين السعادة فيما يُقدره الله تبارك وتعالى، والحق أن الإنسان لا يرى من البلاء إلا وجهًا واحدًا، وإلا فكم من منحةٍ جاءت في شكل محنة، وكم من نعمة جاءت في شكل مصيبة، لمَّا صبر عليها أهلها ارتفعوا عند الله تبارك وتعالى درجات.

نسأل الله تبارك وتعالى أن يعينك على الخير، واعلمي أن الله إذا حرم شيئًا يعطي أشياء، وأن المؤمن ينبغي أن يتعلق قلبه بالله ويحبه، ولا يحب هذه الأشياء والنعم التي تأتي، فإن الإنسان إذا أحب النعم ونسي المُنعم قد يبتليه الله تبارك وتعالى في ذلك، فاجعلي حبك لله، ورضاك بالله، واشكريه على ما أولاك، وتجنبي هذا اليأس وهذه المشاعر السالبة، فإن الشيطان يريد أن يشغلك عن الشكر بهذا اليأس والقنوط والتخوف من المستقبل الذي ما كُلفنا بالنظر فيه، فإذا نزلت نعمة فافرحي بها، وإذا جاءت مصيبة فاصبري واحتسبي، واستمعي إلى قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (عجبًا لأمر المؤمن إن أصابته سراء شكر فكان خيرًا له، أو أصابته ضراء صبر فكان خيرًا له، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن).

نسأل الله أن يرزقنا وإياك الإيمان، والرضا بقضاء الله مالك الأكوان، هو ولي ذلك والقادر عليه.

السلام عليكم.و الله يا اختاه انه يوجد ابتلاءات لا نجد لها حل و لا يفهمها عالم او امام لدلك ندخل القبر بمفردنا و بالتالي احتسبي الاجر من الله عز و جل فما هده الحياة الا جسر نعبره والسلام عليكم

السلام عليكم و رحمـة الله ،
أنا مثلك تماما.. و مهما حكيت للناس تعقد ابتلائي لا يفهمون أو لا يُقدرون.
كما قال الأخ الذي علق قبلي:
سندخـل القبر وحدنـا ..
انتِ و أنا و من هم على شاكلتنا في الإبتلاء الذي لا يُفهم و لا يُدرى الحكمة من وراءه سواء من حيث التعقيد (فتجدي كل الأبواب و الحلول مؤصدة)، أو من حيث التتابع كما ذكرتِ فما يذهب عنكِ بلاء حتى يحل آخـر لن يفهمنا سوى الله الذي ابتلانا هذا الإبتلاء ..
سندخل القبر وحدنـا و نحاسب و حدنـا، و الله المستعان.

عشر وصايا للصبر على المصائب

بسم الله الرحمن الرحيم

ضرب رسول الله – صلى الله عليه وسلم – مثلاً معبراً للمؤمن في هذه الحياة، فقال: «مثل المؤمن كمثل الزرع لا تزال الريح تميله، ولا يزال المؤمن يصيبه البلاء، ومثل المنافق كمثل شجرة الأَرزِ لا تهتز حتى تُستحصد»(1). لقد اختلطت جذور الزرع في الأرض وتماسكتº فالريح ـ وإن أمالته ـ لا تطرحه ولا تكسره ولا تسقطه. وكذلك المؤمن فإنّ المصائب وإن آلمته وأحزنته فإنها لا يمكن أن تهزمه أو تنال من إيمانه شيئاًº ذلك أنّ إيمانه بالله عاصمُه من ذلك.

وهذه الدنيا مليئة بالحوادث والفواجع، والأمراض والقواصمº فبينا الإنسان يسعد بقرب عزيز أو حبيب إذا هو يفجع ويفاجأ بخبر وفاته، وبينا الإنسان في صحة وعافية وسلامة وسعة رزق إذا هو يُفجع ويفاجأ بمرض يكدر حياته ويقضي على آماله، أو بضياع مال أو وظيفة تذهب معه طموحاته، وتفسد مخططاته ورغباته.

في هذه الدنيا منح ومحن، وأفراح وأتراح، وآمال وآلامº فدوام الحال من المحال، والصفو يعقبه الكدر، والفرح فيها مشوب بترح وحذر. وهيهات أن يضحك من لا يبكي، وأن يتنعّم من لم يتنغَّص، أو يسعدَ من لم يحزن!!

هكذا هي الدنيا، وهذه أحوالها، وليس للمؤمن الصادق فيها إلا الصبرº فذلكم دواء أدوائها. قال الحسن – رحمه الله -: «جرَّبنا وجرَّب المجرِّبون فلم نر شيئاً أنفع من الصبر، به تداوى الأمور، وهو لا يُداوى بغيره». «وما أعطي أحد عطاء خيراً وأوسع من الصبر»(2)، وكان أمر المؤمن ـ من بين الناس ـ أمراً عجيباًº لأنّه «إن أصابته سراءُ شكر فكان خيراً له، وإن أصابته ضراءُ صبر فكان خيراً له»(3).

أمرنا الله بالصبر، وجعله من أسباب العون والمعيّة الإلهيةº فقال – سبحانه – : {يَا أَيٌّهَا الَّذِينَ آمَنُوا استَعِينُوا بِالصَّبرِ وَالصَّلاةِ إنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ} [البقرة: 153]، ثم أخبر مؤكِّداً أنّ الحياة محل الابتلاء بالخوف والجوع ونقص الأرزاق والأموال والأنفس والثمرات، وأطلق البشرى للصابرين، وأخبر عن حالهم عند المصائب، وأثبت جزاءهمº فقال: {وَلَنَبلُوَنَّكُم بِشَيءٍ, مِّنَ الـخَوفِ وَالـجُوعِ وَنَقصٍ, مِّنَ الأَموَالِ وَالأَنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إذَا أَصَابَتهُم مٌّصِيبَةٌ قَالُوا إنَّا لِلَّهِ وَإنَّا إلَيهِ رَاجِعُونَ * أُولَئِكَ عَلَيهِم صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِم وَرَحمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الـمُهتَدُونَ} [البقرة: 155 – 157].

فالصبر سبب بقاء العزيمة، ودوام البذل والعمل، وما فات لأحد كمال إلا لضعف في قدرته على الصبر والاحتمال، وبمفتاح عزيمة الصبر تُعالج مغاليق الأمور، وأفضل العُدَّة الصبر على الشدَّة.

ما يعين على الصبر على النوائب:

ونظراً لحاجة الناس جميعاً إلى هذه الخصلة، وافتقارهم الشديد إليها أقف معها وقفات، أذكِّر فيها بعشر وصايا تعين المسلم في الصبر على المصائب. وهي:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top