كثيراً ما ترى عدداً من النّاس يصلّون بطريقةٍ سريعةٍ بعيدةٍ عن الخشوع، وتتساءل في نفسك وتتعجّب كيف يستطيعون قراءة الفاتحة في لحظاتٍ معدودة، والحقيقة أنّ ما يغفل عنه كثيرٌ من المسلمين بأنّ الخشوع في الصّلاة هو أمرٌ مطلوبٌ لكمالها وتمامها وضمان حصول الأجر الكامل نتيجة أدائها على الوجه الأكمل والصّحيح، وإنّ الخشوع في الصّلاة تأتي أهميّته من أهميّة الصّلاة في الإسلام وركنيّتها، فهي أوّل ما يسأل عنه العبد يوم القيامة فإن حفظها حفظه الله تعالى، وإن ضيّعها ضاع وخسر، وقد حثّ النّبي صلّى الله عليه وسلّم على الخشوع في الصّلاة وأكّد عليها، والشّاهد على ذلك قصّة الرّجل الذي أمره النبّي الكريم بأن يعيد صلاته حينما رآه لا يؤديّها على الوجه الأكمل، كما قد نهى النّبي عليه الصّلاة والسّلام عن أن يصلي أحدنا الصّلاة كنقر الدّيك، أي كما ينقر الدّيك الحبّ من الأرض، ويتساءل الكثير من المسلمين الذين يريدون الخشوع في الصّلاة عن الطّرق التي تعيين المسلم على ذلك، فنقول له :

إنّ أوّل شيءٍ ينبغي على المسلم أن يراعيه لكي يحقق الخشوع في الصّلاة استحضار عظمة الله تعالى في النّفس، وممّا يروى عن الصّالحين في ذلك قصّة العابد الذي كان عندما يقف بين يد الله تعالى يراه النّاس قد أصفرّ وجه، فيسأل عن ذلك، فيقول أتدرون بين يدي من أقف، وإنّ كثيراً من النّاس تراه إذا أراد مقابلة إنسانٍ أو مسؤولٍ مهمٍ فإنّك تراه يتجهّر لذلك، وتراه حين المقابلة يغلق هاتفه كي لا يشغله عن هذه المقابلة والله المثل الأعلى فهو أحقّ جلّ وعلا باستحضار عظمته وخشيته في القلوب .

وإنّ من الأمور التي تجعل القلب حاضراً بين يدي الله تعالى الزّهد في الحياة الدّنيا وعدم التّطلع إلى زينة الحياة الدّنيا ومتعتها الزّائلة حتى لا يكون المسلم أسيراً لها فتشغل عليه صلاته وسائر شأنه، فالقلب وعاء إذا شغلته بأمرٍ معينٍ كان من الصّعب عليك اشغاله بأمرٍ آخر .

وأخيراً نقول أنّ هناك شيطانٌ يسمى خنزب يدخل ليلهي المسلم ويشغله في صلاته، فتراه كما بين النّبي صلّى الله عليه وسلّم يأتي للمسلم فيقول له اذكر كذا وكذا حتى ينشغل عن الصّلاة بغيرها، ويكون التّخلص منه من خلال الاستعاذة بالله تعالى من شرّه، جعلنا الله جميعاً من الخاشعين المخبتين .