كيف نتعامل مع الاختلاف

كيف نتعامل مع الاختلاف ان الاختلاف هو شئ موجود دائما فكل انسان يختلف عن الاخر والانسان يختلف عن الاخر في كل شئ الاراء والزوق وجميع الاشياء والتصرفات ورد الفعل واليوم سوف نقدم لكم او نجاوب عليكم علي سؤال من الاساله المنتشره وهو كيف نتعامل مع الاختلاف .

اختلاف الناس

من حكمة الله عز وجل أنه خلق الناس مختلفين في الشكل، واللون، والهيئة، والصورة، واللغة حتى في القدرات العقلية، فلكل شخص مستوى معين من الطاقة الفكرية التي يستطيع من خلالها أن يستوعب ما يدور حوله، وقد أوجد الله تعالى ما يناسب هذا الاختلاف بين الناس من أجل تسهيل حياتهم، ولعل أبرز ما يهم المسلمين في حياتهم هي تعاليم الدين الإسلامي؛ حيث إنه من خلال القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة تم تنظيم حياة المسلم من جميع الجهات والجوانب، ولم يغفل الإسلام عن شيء مما يخص المسلم، وذلك ليكون قادرا على العبادة والتقرب إلى الله عز وجل، ولكن كما قلنا فإن الناس خلقهم الله عز وجل مختلفين فيما بينهم؛ لذلك أوجد الاختلافات بين الفقهاء، فكيف يمكن التعامل مع هذه الاختلافات دون الوقوع في الإثم.

طريقة التعامل مع الاختلافات بين المذاهب الفقهية

إن اختلاف المذاهب الفقهية يدور حول المسائل الفرعية في الإسلام التي لم يثبت فيها دليل قاطع سواء من القرآن الكريم أو السنة النبوية الشريفة مثل الصلاة، والصيام، والحج فهذه الأمور لا يمكن الاختلاف في فرضيتها، كما لا يمكن الاختلاف في تحريم الربا، والزنا، وقتل النفس.
لقد اجتهد الفقهاء في محاولة تفسير وتوضيح بعض المسائل الفقهية التي لا يوجد فيها نص صريح، واختلاف هذه الآراء يعتبر رحمة بالناس وتخفيفا للمشقة عليهم، وقد جاء الاختلاف في تفسير المسألة نظرا لأن القرآن الكريم تمت قراءته بعدة قراءات، وكما نعلم فإن الحركات على الحروف تحدد معاني بعض الكلمات وعبارات في اللغة العربية مما يؤدي إلى تفسيرها بشكل معين، كما تم النقل عن الرسول صلى الله عليه وسلم بطرق ووسائل مختلفة نظرا لاختلاف علم الصحابة، وقد يكون بعض الصحابة غائبا عن جلسة من جلسات النبي صلى الله عليه وسلم فينقل إليه من كان حاضرا ما جرى في المجلس فيحصل الاختلاف في عملية النقل وهكذا.
على المسلم اتباع مذهب معين في جميع أحكامه ولكن في حال صعبت بعض المسائل عليه فله الرخصة بأخذ تعرف ما هو ميسرعند المذهب الآخر، لأن المذاهب الأربعة التي يتبعها المسلمون (المذهب المالكي، والمذهب الحنبلي، والمذهب الحنفي، والمذهب الشافعي) كلها موثوقة ولا يوجد تناقض فيما بينها بما يخص العقيدة والأمور الأساسية في الدين، ولكن لا يجوز للمسلم التنقل فيما بين هذه المذاهب بحثا عن الأسهل والذي يناسب هواه لأنه بذلك قد يقع في دائرة من حذرهم الله تعالى ممن اتبعوا أهواءهم، لأن الشيطان يجري في الإنسان مجرى الدم وقد يهيئ له بعض الأمور بأنها صحيحة ويمكن التحايل بشأنها فيقع المسلم في الإثم.

كيف نتعامل مع الاختلاف ؟

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
فقد قدَّر الله تعالى بعلمه وحكمته وجود الاختلاف بين البشر فقال: {وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ (118) إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ} [هود:118-119]، وهو القادر سبحانه أن يجعل العباد جميعًا على قلب رجل واحد في الإيمان، {وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لآمَنَ مَنْ فِي الأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا} [يونس:99].
ومن تأمّل حكمته سبحانه وتعالى في وجود هذا النوع البشري وجعْل الشهوات في داخل نفوس بني آدم، وجعل من يفسد في الأرض ويسفك الدماء؛ مما استغربته الملائكة فبيَّن لهم سبحانه أنه يعلم ما لا يعلمون بوجود الأنبياء والصالحين، أي وجود من يعبده سبحانه من هذا النوع الإنساني مع المدافعة والمراوغة والمنازعة.
وهذا النوع من العبودية يختلف عن عبودية الملائكة الذين خلقهم الله: {لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} [التحريم:6]، ويختلف عن عبودية السماوات والأرض والجماد بلا تكليف ولا حمل أمانة.
وهذا النوع من العبودية هو أحب أنواع العبودية إلى الله عز وجل، ولذا كان من كمَّله من البشر خير الخليقة: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ} [البينة:7].
ومن تأمّل هذا علم أن من لوازم وجود النوع البشري وجود الاختلاف بين أفراده بين مؤمن وكافر، وبر وفاجر، وطائع وعاصٍ، وسني ومبتدع، ومصيب ومخطئ.
ومِن أعظم ثمرات معرفة ذلك ألا يضيق صدر العبد عند رؤية الاختلاف ويُصاب باليأس والإحباط، بل ربما ترك بعضهم العبادة الواجبة، والالتزام بطاعة الله؛ لأنه قد ضاق بالاختلافات فلم يتبع أحدًا! وصار كمن علم بوجود طعام فاسد وطعام صالح في السوق فقال: لن آكل من أي صنف حتى مات جوعًا!
بل يجب أن نهتم بما يجب علينا عند الاختلاف، وأن نتعبَّد لله كما يجب، فإنما تَظهر معادن الناس عند الفرقة، ويظهر تفاوت علمهم ومعارفهم وفقههم في الدين وبصيرتهم، وإنما تَعرف صفات مَنْ تعامله عندما تخاطبه، وتخالفه، وتغضبه، وتحزنه، وليس عندما توافقه وترضيه وتسره.
وقد بيَّن النبي صلى الله عليه وسلم القاعدة النبوية الذهبية التي هي أغلى من الذهب عند الاختلاف، فقال: «فَإِنَّهُ مَنْ يَعِشْ مِنْكُمْ بَعْدِي فَسَيَرَى اخْتِلافًا كَثِيرًا فَعَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ تَمَسَّكُوا بِهَا وَعَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ، وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الأُمُورِ فَإِنَّ كُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلالَةٌ». (رواه أحمد وأبو داود والترمذي، وصححه الألباني).
فلزوم السنة يجب أن يكون عقيدة، ومنهجًا، وعبادة، وخلقًا، وسلوكًا، ومعاملة، وليس فقط هيئة وشكلاً، والمخرج من فتنة الاختلاف يكون بالتزام السنة، وتطبيق منهج الخلفاء الراشدين، والحذر من البدع والضلالات التي هي من أعظم أسباب الاختلاف.
ومن أهم ما يلزم عند الاختلاف ترك البغي، قال الله تعالى: {وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلا الَّذِينَ أُوتُوهُ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ} [البقرة:213]، فالبغي من أعظم أسباب فرقة الأمة، ومن أعظم أسباب شق صفها.
وكذلك يجب علينا عند الاختلاف أن نهتم بالعلم وأن نحذر من الجهل الذي هو سبب البدعة والضلال، قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ اللَّهَ لاَ يَنْزِعُ العِلْمَ بَعْدَ أَنْ أَعْطَاكُمُوهُ انْتِزَاعًا، وَلَكِنْ يَنْتَزِعُهُ مِنْهُمْ مَعَ قَبْضِ العُلَمَاءِ بِعِلْمِهِمْ فَيَبْقَى نَاسٌ جُهَّالٌ، يُسْتَفْتَوْنَ فَيُفْتُونَ بِرَأْيِهِمْ، فَيُضِلُّونَ وَيَضِلُّونَ». (رواه البخاري ومسلم).
والبدع اليوم هي التي تُفرِّق الأمة وتُعرِّضها لأعظم المخاطر، فلابُدّ لنا من بصائر في أمر البدع، وأن نحذر من نشر المبتدعين لبدعتهم، ومن أخطر البدع المعاصرة بدعة الرافضة خاصة، وهم لهم دولة تسعى لنشر بدعتهم في العالم كله، وهم أشد أهل البدع محاربة لأهل السنة عبر التاريخ وموالاة لأعداء الإسلام، وأشد رغبة في استئصال السنة وأهلها.
ومن الواجبات عند الاختلاف كذلك – وفي الأمور كلها – الإخلاص لله تعالى والحذر من التنافس على الدنيا، وقال الرسول صلى الله عليه وسلم: «مَا الْفَقْرَ أَخْشَى عَلَيْكُمْ، وَلَكِنِّي أَخْشَى عَلَيْكُمْ أَنْ تُبْسَطَ الدُّنْيَا عَلَيْكُمْ، كَمَا بُسِطَتْ عَلَى مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ، فَتَنَافَسُوهَا كَمَا تَنَافَسُوهَا، وَتُهْلِكَكُمْ كَمَا أَهْلَكَتْهُمْ». (متفق عليه).
ومن أخطر ما في السياسة: أنها تفتح الباب على مصراعيه أمام التنافس على الدنيا، ومن صَحّح لنفسه، وأجاز لنفسه التنافس على المال والجاه والشهرة والرياء والسمعة فقد فتح على نفسه باب الهلاك، وحكم على عمله بالفشل والخسران، وكان من أعظم أسباب اختلاف الأمة وفرقتها.
ونسأل الله أن يؤلف بين قلوبنا وأن يصلح ذات بيننا، وأن ينصرنا على عدوه وعدونا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top