ما هي آثار شهادة الزور

ما هي آثار شهادة الزور ان شهاده الزور من الكبائر ولقد جاء في الصحيحين عن عبد الرحمن بن أبي بكرة رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلى اللهُ عليهِ وسلمَ: ((أَلاَ أُنَبِّئُكُمْ بِأَكْبَرِ الْكَبَائِرِ – ثَلَاثًا – ؟ قُلْنَا: بَلَى يا رَسُولَ اللهِ. قَالَ: الإِشْرَاكُ بِاللهِ، وَعُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ، وَكَانَ مُتَّكِئًا فَجَلَسَ، فقالَ: أَلاَ وَقَوْلُ الزُّورِ، وَشَهَادَةُ الزُّورِ)) فَمَا زَالَ يُكَرِّرُهَا حتَّى قُلْنَا: لَيْتَهُ سَكَتَ .

شهادة الزور خطرها وصورها

جاء في الصحيحين عن عبد الرحمن بن أبي بكرة رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلى اللهُ عليهِ وسلمَ: ((أَلاَ أُنَبِّئُكُمْ بِأَكْبَرِ الْكَبَائِرِ – ثَلَاثًا – ؟ قُلْنَا: بَلَى يا رَسُولَ اللهِ. قَالَ: الإِشْرَاكُ بِاللهِ، وَعُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ، وَكَانَ مُتَّكِئًا فَجَلَسَ، فقالَ: أَلاَ وَقَوْلُ الزُّورِ، وَشَهَادَةُ الزُّورِ)) فَمَا زَالَ يُكَرِّرُهَا حتَّى قُلْنَا: لَيْتَهُ سَكَتَ .

هذا الحديث الشريف يبين خطر هذا الذنب العظيم الذي بادر النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه بالكلام عليه قبل أن يسألوه فقال (ألا أنبئكم بأكبر الكبائر) (ألا أنبئكم بأكبر الكبائر) (ألا أنبئكم بأكبر الكبائر) ثلاث مرات وعندما أراد أن يذكر قول الزور جلس بعد أن كان متكئاً وهذا دليل آخر على عظمة هذا الأمر وخطره ثم أخذ صلى الله عليه وسلم يكرر ألا وقول الزور ألا وشهادة الزور حتى قال الصحابة رضي الله تعالى عنهم ” ليته سكت”.

وقد قرن الله سبحانه وتعالى بين عبادة الأصنام وبين قول الزور فقال ﴿ فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ ﴾ ونزه المؤمنين عن قول الزور و جعل من أبرز صفاتهم الابتعاد عن قول الزور وشهادة الزور فقال: ﴿ وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا ﴾.

وما ذلك إلا لأنه من أكبر الكبائر وأعظم الجرائر وأخطر الظواهر لما يترتب عليه من الكذب والفجور والظلم وهدر الحقوق ونشر البغضاء والضغينة فبسببه انتزعت أملاك بغير حق وأكلت أموال ظلماً وانتهبت حقوق بالباطل، كم برئ بسبب شهادة الزور أصبح متهم وكم من متهم بسبب شهادة الزور أصبح بريئاً وكم من قضايا باطلة ودعاوى كاذبة ألبست لباس الزور فأصبحت قضايا مصدقة،وقضايا حقيقية أصبحت بشهادة الزور باطلة مكذبة، وكم من شخص ظلم في حقه أو أودع السجن وهو برئ بسبب قول الزور وشهادة الزور.

عباد الله

إن شهادة الزور تسبب لشاهدها دخول النار لأنها تطمس العدل والإنصاف وتعين الظالم على ظلمه وتضيع حقوق الناس وتظلم بعضهم على حساب بعض وتعطي الحق لغير مستحقه وتزرع الأحقاد في القلوب وتعصف بالمجتمع وتقوض أركانه وتزعزع أمنه واستقراره يقول النبي صلى الله عليه وسلم ((إنما أنا بشر، وإنكم تختصمون إلي، ولعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض فأقضي له على نحو ما أسمع منه، فمن قضيت له بحق أخيه فإنما هي قطعة من النار فليأخذها أو يذرها.

إن هذا الذنب الخطير والشر المستطير موجود ومنتشر للأسف الشديد في أوساط مجتمعنا فكم سمعنا عن أناس يجلسون على أبواب المحاكم يبيعون ذممهم ويعرضون شهادتهم ولا يستحون أن يقولوا ” تريد شهادة” أو ” تريد أحداً يشهد معك” فيشهد معه في أمر لم يره ولم يعلم به مقابل ثمن بخس يتحصله أو عوض دنيوي يأكله أو لأجل صداقة أو قرابة أو عداوة للطرف الثاني أو لأجل مجاملة أو محاباة أو خوف منه وقد تكون سلفاً فيشهد له في قضيته على أن يشهد له في قضيته.

يشهد أحدهم شهادة مزورة أو يجمع أقوالاً ملفقة أو يوشي بوشايات كاذبة لا يخافون الله فيها ولا يخشون عقابه عليها وصدق النبي صلى الله عليه وسلم إذ يقول ((إن بعدكم قوماً يخونون ولا يُؤتمنون، ويشهدون ولا ُيستشهدون، وينذرون ولا يوفون)) رواه البخاري ومسلم.

لقد نسي هؤلاء لقاء ربهم وظلمة قبرهم ونسيوا أن الحقائق قد تقلب في الدنيا لكنها عند الله في الآخرة لن يحق فيها إلا الحق ولن يصح منها إلا الصحيح فالحق في ميزان رب العالمين وأحكم الحاكمين سبحانه وتعالى لا تنفع في رده شهادة المزورين ولا فصاحة المحامين ولا تزوير المدلسين والمزورين يقول الله جل جلاله ﴿ يَوْمَ هُمْ بَارِزُونَ لا يَخْفَى عَلَى اللَّهِ مِنْهُمْ شَيْءٌ لِمَنَ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ * الْيَوْمَ تُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ لا ظُلْمَ الْيَوْمَ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ * وَأَنذِرْهُمْ يَوْمَ الآزِفَةِ إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَنَاجِرِ كَاظِمِينَ مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلا شَفِيعٍ يُطَاعُ * يَعْلَمُ خَائِنَةَ الأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ وَاللَّهُ يَقْضِي بِالْحَقِّ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لا يَقْضُونَ بِشَيْءٍ إِنَّ اللَّهَ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ﴾ ويقول سبحانه ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنفُسِكُمْ أَوْ الْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلا تَتَّبِعُوا الْهَوَى أَنْ تَعْدِلُوا وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا ﴾.

الخطبة الثانية

يظن كثير من الناس أن شهادة الزور مقتصرة على التي في المحاكم وعند القضاة وهذا إنما هو نوع من أنواع الزور الشاهد والمشهود له مجرمان فيه غاية الإجرام والشاهد أشد إجراماً لأنه يبيع دينه بدنيا غيره وأشد إجراماً منهما القاضي أو الحاكم إذا كان يعلم أن شهادة الشاهد كاذبة كما هو حال بعض الشهود الذين يرابطون عند أبواب المحاكم فيترددون على القاضي مراراً وتكراراً في قضايا مختلفة ولأناس مختلفين.

ومن أنواع الزور تلك التوقيعات التي يُوقعها بعض المسئولين في بعض الإدارات بأن فلاناً تم انتدابه لمدة كذا وكذا أو أنه مصاب بمرض كذا وكذا أو أنه موجود ومداوم عندهم في الإدارة والأمر ليس كذلك فهذا زور وتزوير من الطرفين وأكل للمال بالباطل.

ومن الزور تلك التقارير المزورة التي يرفعها بعض المدراء والمشرفين في أمور يعلمون علم اليقين أنها غير صحيحة كالتقارير التي تعطى لبعض الأشخاص للحصول على إجازة من العمل أو الحصول على مساعدة من جهة معينة أو التقارير التي يرفعها بعض الأطباء بمرض من ليس بمريض أصلاً أو إعطاء الطالب تقريراً يمنعه من الذهاب إلى المدرسة أو دخول الامتحان أو غير ذلك من الزور والبهتان.

ومن الزور ما يفعله بعض أصحاب المحلات التجارية من كتابة لفواتير مزيفة وغير حقيقية أو إعطاء الزبون فاتورة بيضاء ليكتب فيها ما يريد أو كتابة فواتير بمبلغ غير المبلغ الفعلي الذي استلمه صاحب المحل كل ذلك من الزور والإعانة على الإثم والعدوان والله سبحانه وتعالى يقول ﴿ وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ ﴾.

ومن شهادة الزور ما يفعله بعض الدلالين والمروجين للسلع حيث يصفونها بأوصاف يعلمون أنها كذب وغير موجودة في السلعةأو ينفون عنها عيوباً هي موجودة فيها أو يشهدون أن فلاناً قد وضع على البضاعة سعراً أكثر من الذي وضعته من أجل أن يخدعوا المشتري حتى يزيد في الثمن وهذه خيانة وبيع للأمانة ومحق لبركة البيع والشراء.

ومن الزور ما يفعله بعض المهندسين أو المشرفين على المشاريع حيث يشهد بعضهم أنها حسب المواصفات المتفق عليها وهي في الحقيقة ليست كذلك وهو يعلم بذلك وهذا زور يترتب عليه نتائج خطيرة على البلاد والعباد.

ومن أعظم الزور تلك الشهادات المزورة التي تعطى لمن ليس أهلاً لها كالشهادات التي تعطى لمن نجح بالغش أو لمن لم يدرس أصلاً وكذلك شهادات الخبرة في مجال معين لمن ليس كذلك.

وعلى كل حال فالزور موجود ومنتشر على كافة الأصعدة والمستويات وما ذكر من النماذج والأمثلة كاف لمن ظن أن الزور مقتصر على شهادة الزور المعروفة في المرافق التي يتحاكم الناس إليها.

وكما أن من أظهر الشهادة زوراً قد اقترف إثماً عظيماً فكذلك من كتم الشهادة وهو يعلمها وشهد بغير الحقيقة التي يعرفها فقد اقترف أيضاً كبيرة من الكبائر يقول الله سبحانه وتعالى ﴿ وَلَا تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ وَمَنْ يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ ﴾ ويقول ﴿ وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَتَمَ شَهَادَةً عِنْدَهُ مِنَ اللَّهِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ ﴾ يقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي أخرجه الإمام مسلم في صحيحه ((ألا أخبركم بخير الشهداء؟ الذي يأتي بشهادته قبل أن يُسألها)).

شهادة الزور من أكبر الكبائر

قال رسول الله صلي الله عليه وسلم‏:(‏ ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟‏)..‏ قلنا‏:(‏ بلي يا رسول الله‏)..‏ قال‏:(‏ الإشراك بالله‏,‏ وعقوق الوالدين‏)..‏ وكان متكئا فجلس‏,‏ فقال‏:(‏ ألا وقول الزور‏,‏ وشهادة الزور‏)..‏ فمازال يكررها‏,‏ حتي قلنا‏:(‏ ليته سكت‏)‏الشهادة بمنزلة الروح للحقوق, فالله أحيا النفوس بالأرواح الطاهرة, وأحيا الحقوق بالشهادة الصادقة.

ولذا أمرنا الإسلام ألا نتخلف عن أداء الشهادة إذا ما دعينا إليها, فقال:( ولا يأب الشهداء إذا ما دعوا).. وجعل القائمين بشهاداتهم في عداد أهل البر والإحسان, فقال في الثناء عليهم:( والذين هم بشهاداتهم قائمون).. وحذر من كتمانها فقال:( ولا تكتموا الشهادة ومن يكتمها فإنه آثم قلبه, والله بما تعملون عليم).. وقد أثر عن الصحابي الجليل عبدالله بن عباس رضي الله عنهما ـ في بيان خطورة كتمان الشهادة ـ قوله:( شهادة الزور من أكبر الكبائر, وكتمانها كذلك).
ويضيف القرآن الكريم بعدا آخر يتعلق بمن يؤدي الشهادة, وهو أنه يتعبد بها لله, فلا يجوز أن يصرفها لأحد آخر سواه, فيقول رب العز ة:( وأقيموا الشهادة لله).
وإذا كان الأمر علي هذا النحو فلن تتغير شهادة المرء إذا كانت لقريب أو غريب, لعدو أو صديق, وإنما الهدف إحقاق الحق, وإقرار العدل, وإنصاف المظلوم.
وإلي هذا المعني يشير القرآن الكريم في آيتين من كتاب الله:
يقول الله تعالي في الآية الأولي:( يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء لله, ولو علي أنفسكم أو الوالدين والأقربين).. ويقول في الآية الثانية:( يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين لله شهداء بالقسط, ولا يجر منكم شنآن قوم علي ألا تعدلوا, اعدلوا هو أقرب للتقوي).
وإذا كان الأمر بالشيء نهيا عن ضده, فإنه كان من الممكن الاكتفاء بهذه التوجيهات لضمان سلامة الشهادة من أي تزوير.. لكن تعاليم الإسلام أضافت إلي هذه التوجيهات تحذيرات شديدة من أية محاولة قد يلجأ إليها البعض لتزوير الحقائق, وتغيير الشهادة عما يجب أن تكون عليه.
ولا أدل علي ذلك من أن النبي صلي الله عليه وسلم وهو يذكر أصحابه بأكبر الكبائر, حين جاء علي ذكر شهادة الزور وقول الزور, كان صلي الله عليه وسلم متكئا فجلس, وهذا يدل علي اهتمامه صلي الله عليه وسلم بالأمر, وزاد علي ذلك تكراره للتحذير من الزور, حتي قال الصحابة ـ إشفاقا عليه ورحمة به ـ ليته سكت.
يقول الحافظ ابن حجر في تعليقه علي هذا الحديث:( وسبب الاهتمام بذلك كون قول الزور أو شهادة الزور أسهل وقوعا علي الناس, والتهاون بها أكثر, فإن الإشراك ينبو عنه قلب المسلم, والعقوق يصرف عنه الطبع, وأما الزور فالحوامل عليه كثيرة, كالعداوة والحسد وغيرها, فاحتيج للاهتمام بتعظيمه).
وشهادة الزور خلق قبيح, سيئ الأثر, تضيع بسببه معالم العدل والإنصاف, وتعين الظالم علي ظلمه, وتعطي الحق لمن لا يستحقه, وبذلك تزرع الأحقاد والضغائن في القلوب, وتشيع الفوضي والاضطراب في المجتمع.

الإمام الذهبي

يقول الإمام الذهبي في إشارة منه إلي بعض ما يقترفه شاهد الزور من آثام: شاهد الزور ارتكب عظائم:
(أ) الكذب والافتراء
(ب) ظلم الذي شهد عليه حتي أخذ بشهادته ماله وعرضه وروحه.
(ج) ظلم الذي شهد له بأن ساق إليه المال الحرام, فأخذه بشهادته فوجبت له النار.
(د) أباح ما حرمه الله وعصمه, من المال والدم والعرض.
وإلي جانب ما ورد من تغليظ عقوبة شهادة الزور نجد أن سلف الأمة الصالح قد استعظموا أمرها وشددوا النكير علي تعاطيها.
فقد ورد عن الصحابي الجليل عبدالله بن مسعود رضي الله عنه قوله: عدلت شهادة الزور الشرك بالله, وقرأ الآية الكريمة:( فاجتنبوا الرجس من الأوثان واجتنبوا قول الزور).
وعن ربيعة بن أبي عبدالرحمن قال: قدم رجل من العراق علي عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال: جئتك لأمر ما له رأس ولا ذنب( ذيل), فقال عمر: وماذاك؟, قال: شهادة الزور ظهرت بأرضنا, قال: وقد كان ذلك؟, قال: نعم, فقال عمر رضي الله عنه: والله لا يؤسر( لا يحبس) رجل في الإسلام بغير العدول.
ومما يؤسف له أن الأمر تطور في عصرنا هذا إلي أن بعض الناس ممن ضاعت مروءتهم, وضعفت ديانتهم يقفون بأبواب المحاكم مستعدين لشهادة الزور لقاء دراهم معدودة, ويشيعون بذلك الفساد في البلاد وبين العباد.. والضرب علي يد هؤلاء العابثين, ورد شهادتهم وعدم الاعتداد بها أمر واجب شرعا.
وإذا كانت شهادة الزور محرمة ـ علي النحو الذي أشرنا إليه ـ فإن هناك أنواعا أخري من الزور لها من الخطورة ما لشهادة الزور ـ وربما أكثر ـ ولذا لم يكتف الحديث بتجريم شهادة الزور فقط, بل أضاف إليها: قول الزور.
وقول الزور أعم والشهادة أخص, فقول الزور ـ إذن ـ يشمل الشهادة وغير الشهادة, والمقصود به وصف الشيء علي خلاف ما هو عليه, فهو لون من الكذب, وطريقة لإلباس الحق بالباطل, ولمظاهر قول الزور في حياتنا نضرب بعض الأمثلة, فمنها:
(أ) الرشوة والتزوير في الاستفتاءات والانتخابات في المجالس النيابية والنقابات وغيرها, مجاملة لشخص أو حزب علي حساب آخرين أولي وأحق بالمكان.
(ب) تزوير الشهادات العلمية, وإعطاء الطلاب درجات لا يستحقونها, فيتفوق الفاشل, ويضيع حق المجتهد.
(ج) تزوير الأخبار المكتوبة أو المسموعة بواسطة الصحفيين والمذيعين, لتضليل الرأي العام, وإيهام الناس بغير الحقيقة.
(د) تزوير الحقائق المتعلقة بالقضايا بواسطة المحامين, دفاعا عن الظالمين, وإضاعة لحق المظلومين, وكل ما يحمل في طياته خلاف الحقيقة, ويخبر بخلاف الواقع يعد تزويرا, ولو كان شيئا يسيرا.
إن تعاليم الإسلام تستهدف إيجاد العبد الصالح, الذي يعرف حق الله عليه ممثلا في عبادات يؤديها من صلاة وصيام وغير ذلك, وفي ذات الوقت يتعامل مع الخلق برعاية حقوقهم, ونصر مظلومهم, وينأي بنفسه عن الغش لأمته, وقول الزور والعمل به بين عشيرته, وإلا فلافائدة من عبادته.. ففي صحيح البخاري من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال النبي صلي الله عليه وسلم:( من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه).

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top