مظاهر التخلف

مظاهر التخلف القليل منا يقدس العمل ويبدع فيه ولا يغش في المعاملات والامتحانات. وقد أصبحنا بحكم العادة راضين قابلين للتجاوزات وصامتين انقلبت القيم من الضد إلى الضد فأصبحنا نمجّد من لا يستحق ذلك ونرفع على الأعناق النكرات ولا نستحي. 

مظاهر التخلف الفكري والحضاري

تصوروا منظراً لعرس في وسط نيويورك أو باريس أو روما تطلق فيه العيارات النارية وغلق الشارع وايقاف حركة السير !!
سيبث الخبر مباشرة عبر محطات التلفزة العالمية وسيتصدر الخبر كل نشرات الأخبار !!
تصوروا قيام الناجحين وذويهم في امتحان التوجيهي في روما وبروكسل وبرلين ولندن باطلاق العيارات النارية واغلاق الشوارع لمجرد النجاح في امتحان الثانوية العامة ماذا ستكون ردود الفعل في تلك العواصم !!
طبعاً هذه الأمور لا تحدث ولا يمكن أن تحدث في تلك العواصم والسبب هو فكري وحضاري، فالتقدم الفكري والحضاري لا يمكن أن يقبل أو يسمح لتلك المظاهر أن تحدث، اما عندنا فالأمر مختلف تماماً لأننا ما زلنا نعيش في أزمة فكرية وحضارية، نملك عشرات الجامعات وآلاف المدارس، نستعمل آخر ما أنتجته التكنولوجيا من هواتف وسيارات وغيرها، نفتح الشوارع العريضة ونبني القصور الفخمة ونستعمل أرقى العطور الباريسية ونقيم المصانع لكننا بقينا نعيش في تخلف فكري وحضاري، فالحضارة تقاس بالتقدم الفكري وليس باستعمال التكنولوجيا، لأننا لا نصنع التكنولوجيا فصناعة التكنولوجيا هي نتاج تقدم فكري أدى الى تقدم علمي وحضاري !!
فجامعاتنا لا تخرج علماء بل حملة شهادات تبحث عن عمل!!
تصوروا قيام أهل القتيل في لندن وروما وباريس بمهاجمة أهل القاتل وعشيرته (عفواً أقاربه) لأن في تلك العواصم لا توجد عشائر وتكسير المحلات التجارية وغيرها من أعمال الشغب، ومطالبة أهل القتيل بترحيل (خلو) أهل القاتل من المدينة الى مدينة أخرى !!
نحن شعوب مهزوزة حضارياً !!
وسنبقى كذلك لأننا لا نزال بعقلية عصور الجاهلية!!
أعرف الكثير من الرجال الذين قاموا بتطليق الزوجات لأنهن يُنجبن اناثا !!
وفي كل يوم نقرأ عن جرائم القتل لفتيات أقمن قصة حب مع شباب!!
المشكلة أننا نعترف بتخلفنا الفكري والحضاري ولكن لا نعمل شيئاً للخروج من هذه الأزمة أو أننا غير قادرين على الخروج منها، وبالتالي سنظل نعيش في تخلف علمي واجتماعي واقتصادي وسياسي ،لأن الذي يصنع العلم والاجتماع والاقتصاد والسياسة بمفهومها المعاصر أي الديموقراطية هو التقدم الفكري. فأساس الحضارة يا سادة هو الفكر لذلك نحن نعيش خارج الحضارة!!

مظاهر التخلّف في عالمنا العربي

مظاهر التخلّف في عالمنا العربي ظاهرة للعيان ومعروضة في الشوارع والإدارات والمؤسسات
القليل منّا يحترم القوانين.
القليل منا يقدس العمل ويبدع فيه ولا يغش في المعاملات والامتحانات. وقد أصبحنا بحكم العادة راضين قابلين للتجاوزات وصامتين .
انقلبت القيم من الضد إلى الضد فأصبحنا نمجّد من لا يستحق ذلك ونرفع على الأعناق النكرات ولا نستحي.
أصبحت المادة هي المسيطرة على الأخلاق والعقول ولا يقف أمامها ضمير ولا قانون وكلّ شيء يباع فهي اذن بورصة الصفقات وسياسة السوق المفتوحة.
الفقر المدقع والتشرّد والبؤس ومدن الصفيح وجحافل المتسوّلين وانعدام الضمير وغياب المروءة وتطور الجرائم كالسرقة والمتاجرة في الممنوعات وترويج المخدرات.
الفوارق الطبقية تزداد اتساعا بين قلّة غنيّة مسيطرة ومتنفّذة تكدّس الأموال وتتحكم في الأسواق وتشتري الذمم وتربح الانتخابات بحثا عن الحماية وعدم المساءلة وتنشر الفساد في مفاصل المجتمع وقاعدة عريضة من المهمشين المقهورين المحرومين والباحثين عن سدّ الرمق ولقمة العيش ما انفكت تتوسّع بإطراد.
الطبقة الوسطى التي كانت صمّام أمان المجتمع المدني تدحرجت الى الأسفل وفقدت مكانتها فأصبحت عديمة الفائدة والتأثير
أصبح التعليم بلا ابداع، مجرّد دروس وكتب وطباشير وذهاب ومجيء إلى المدرسة بلا روح وأصبح النجاح شبه مضمون بأقل مجهود والمعلم يفكّر في الدروس الخصوصية وحلقات التكوين والترقيات أكثر ممّا يفكّر في التربية والتعليم.
التعليم أصبح لدى التلاميذ كالعادة الثقيلة والواجب الذي لا مفر منه ومضيعة للوقت لا غير، فتدنّت المستويات وقلّ النظر في الكتاب والابداع الأدبي والفكري والعلمي وأصبحت الشهادات حبرا على ورق.
الموظفون في الادارات فلا يسألون الاّ عن الترقيات ومشاكل النقل وغلاء المعيشة وهل حلّ ركب الشهرية والزيادات؟
والكل يبحث عن بدعة تجعله من المقربين لصاحب القرار ليفوز بالرضى وبشائر الصعود إلى الأمام ويبقى العمل آخر الاهتمام.
الموظف لا يقع اختياره للوصول الى مكانة أرفع حسب مؤهلاته العلمية والعملية وكفاءته بل حسب ولائه و»معارفه»، وهذا ما يجعل البقية من الذين لا قدرة لهم على المزاحمة لا يهتمون بالعمل وتفتر عزيمتهم مع الوقت فيصبحون عالة على الإدارة ويكثر التذمّر والسخط حتى وان كان غالبا مكتوما في الصدور ولا يقع البوح به. وهكذا تتأثّر الخدمات ويهبط مستواها الى الأسفل وكلّنا نخسر في النهاية ومجتمعنا يبقى متخلّفا.
المواطن يحسّ في عالمنا العربي بأنّه مفعول به وليس فاعلا ومتهّما في كل شيء وحقوقه في الغالب مصادرة ولا يستطيع الوصول إليها بسهولة، فهو ممنوع من الاحتجاج وحرية التعبير ونقد من يستحق ذلك ودائما يشعر بالدونية والخوف فلا يجرؤ على البوح العلني ولا حق له الاّ في الانصياع للأوامر.
هذا الواقع يجعل من المواطن آلة عديمة الفعل والتحرّك، دائما في انتظار الآني والقرارات والاجراءات فلا يبادر ولا يبدأ بالمغامرة خوفا من العقاب والزجر.
المواطن العربي لا يعترف حتى في قرارة نفسه بأنّه صاحب السلطة وهو الذي فوّضها لآخرين ليحكموه وهو قادر على نزعها منهم متى يشاء. فهو غبيّ في السياسة لا يفقه شيئا.
وهكذا فإذا فقد الانسان روح المبادرة وتمسّك بالانتظار فلا يمكن له أن يفعل شيئا ذيأهمية فيعمّ الكسل والتواكل والاعتماد على الغير في كل شيء ونجد أنفسنا في آخر الترتيب انتاجا وانتاجية وفي أوّل الترتيب تقاعسا وتكاسلا.
فالأسباب الحقيقة لتخلفنا أمام الأمم الأخرى هي صنيعة أنفسنا ولا يمكن ان نحمّل الأخرين وزر ما اقترفنا ونقترف ولابد أن نعترف بذلك حتى نتقدّم. فمن السهل أن نرمي بضعفنا وتخلفنا على الاستعمار مثلا أو القوى الخارجية المحيطة بنا، فهاهي دول مثلنا كانت في الوقت القريب مستعمرة ومتخلفة ومتأخرة تجاوزتنا بأشواط وأصبحت في ظرف زمني قصير من الأمم المتطورة.
علينا ان نحاسب انفسنا وان أسأل ماذا قدمت انا لهذا الوطن ؟؟؟؟

هل كنت ايجابيا في عملي وفي قرارتي وحتى هل كنت مخلصا ووفيا لضميري لما اختارت من يمثلني ويدافع عن حقوقي بعدما اديت واجباتي …..

العنصرية أبرز مظاهر التخلف السياسي والثقافي

من مظاهر التخلف السياسي والثقافي البحث في أصول الناس لا في أفكارها وأفعالها، والحكم على الإنسان بموجب أصله وفصله ونسبه، هذه من مظاهر التخلف الذي لا يمنع من استخدام معايير الكفاءة والمهنية في بناء المجتمع، ولامعايير الحقوق والمساواة أمام القانون في السياسة.
في أمريكا انتخب رئيس من أصل أفريقي ومن أب مسلم مهاجر الى أمريكا، وفي بلادنا ما زالوا يبحثون في أصول والد الشخص ويعيرونه بأمه إذا اختلفوا معه، حتى في الجاهلية تذمروا من هذه الظاهرة، ولكننا ما زلنا نلتقيها لا يمكن التعامل مع المواطنة وحقوق المواطن كفرد، ولا بناء الأمة والمجتمع الحديث بهذه العقلية، وما زلت تجد حتى قوميين واشخاصا ًيسمون أنفسهم تقدميين يناقشون خصومهم في أصلهم وفصلهم ونسبهم ومهن أهلهم.
كما أن الدين الإسلامي نهى عن التفاخر بين الناس الذي يؤدي بهم إلى العصبية أو القبلية التي تؤدي إلى الشقاق والخلاف بين الناس، والتفريق بين المجتمع الواحد، بل وتؤدي بهم إلى قطع أواصر الصلة والمحبة بينهم.. وقد ورد في القرآن الكريم ما يؤكد على التواصل والمحبة بين أفراد المجتمع المسلم، ويحقق الوئام بين عموم المسلمين، من خلال رابطة العقيدة الإسلامية، التي هي أسمى رابط بين المجتمع المسلم.. وفي ظل هذا الهدف الأسمى للدين الإسلامي، وتأكيداً على رابطة العقيدة، ونبذ العصبية والقبلية التي كانت سائدة قبل الإسلام، وما شهدته السنوات الأخيرة من عودة بعض من صفات الجاهلية من التفاخر بالقبيلة، وظهور العصبية..يجب أن نرسخ المفاهيم الإسلامية بين أفراد المجتمع المسلم، ونعيد التأكيد على ترسيخ مفهوم المجتمع المسلم الواحد الذي يمتاز فيما بينه بميزة تقوى الله.. كما قال تعالى: “إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُم”ْ الحجرات: 13.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top