من أسباب كثرة الرزق

الرزق مقسوم للانسان فان لكل أنسان رزقه الذي يكتب له منذ الأربعين يوما في بطن أمه فلا يسلبه إياه أحد أو ينازعه لأن الله توكل به حيث قال: (وفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونْ)  ولأجل هذا ينال الإنسان رزقه كاملا كما قسمه الله له وسوف نوضح تفصيليا في هذة المقالة عن اسباب سعة الرزق ومعرفة ايضا اسباب ضيق الرزق وما هي أنواع الرزق .

من أسباب كثرة الرزق

الأول كَثْرَةِالِاسْتِغْفَارِ :

قال الله تعالى : {فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا }[نوح /10].

 

قال ابن كثير رحمه الله أي: إذا تبتم إلى الله واستغفرتموه وأطعتموه، كثر الرزق عليكم، وأسقاكم من بركات السماء، وأنبت لكم من بركات الأرض، وأنبت لكم الزرع، وَأَدَرَّ لكم الضرع، وأمدكم بأموال وبنين، أي: أعطاكم الأموال والأولاد، وجعل لكم جنات فيها أنواع الثمار، وخللها بالأنهار الجارية بينها.

وفي صحيح البخاري: من حديث أبي هريرةَ رضي الله عنه ، قَالَ : سمعْتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، يقول:” والله إنِّي لأَسْتَغْفِرُ الله وأَتُوبُ إِلَيْه في اليَوْمِ أَكْثَرَ مِنْ سَبْعِينَ مَرَّةً”.

 

وفي رواية لمسلم:من حديث الأغر المزنى رضي الله عنه وكانت له صحبة, أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:”وَإِنِّي لاَسْتَغْفِرُ اللَّهَ فِي الْيَوْمِ مِائَةَ مَرَّةٍ “.

 

وفي سنن أبي داود وابن ماجه من حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:” مَنْ لَزِمَ الاِسْتِغْفَارَ ، جَعَلَ اللَّهُ لَهُ مِنْ كُلِّ ضِيقٍ مَخْرَجًا ، وَمِنْ كُلِّ هَمٍّ فَرَجًا ، وَرَزَقَهُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَحْتَسِبُ “.

 

وقال ابن صبيح: شكا رجل إلى الحسن الجدوبة فقال له: استغفر الله. وشكا آخر إليه الفقر فقال له: استغفر الله. وقال له آخر. ادْعُ الله أن يرزقني ولدا، فقال له: استغفر الله. وشكا إليه آخر جفاف بستانه، فقال له: استغفر الله. فقلنا له في ذلك؟ فقال: ما قلت من عندي شيئا، إن الله تعالى يقول : {اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كانَ غَفَّاراً. يُرْسِلِ السَّماءَ عَلَيْكُمْ مِدْراراً}.

 

الثاني التَّقْوَى:

قال الله تعالى : {وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ}[الطلاق/ 3].

رَوَى الْحَاكِم فِي المستدرك بِنَقص من حَدِيث عبيد بن كثير العامري عَن عباد بن يَعْقُوب ثَنَا يَحْيَى بن آدم ثَنَا إِسْرَائِيل ثَنَا عمار بن أبي مُعَاوِيَة عَن سَالم بن أبي الْجَعْد عَن جَابر بن عبد الله رضي الله عنه قَالَ:

” نزلت هَذِه الْآيَة {وَمن يتق الله يَجْعَل لَهُ مخرجا} فِي رجل من أَشْجَع كَانَ فَقِيرا خَفِيف ذَات الْيَد كثير الْعِيَال فَأَتَى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ فَسَأَلَهُ فَقَالَ: اتَّقِ الله واصبر فَلم يلبث إِلَّا يَسِيرا حَتَّى جَاءَ ابْن لَهُ بِغنم كَانَ الْعَدو أَصَابُوهُ فَأَتَى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ فَسَأَلَهُ عَنْهَا وَأخْبرهُ خَبَرهَا فَقَالَ لَهُ: رَسُول الله صلى الله عليه وسلمَ كُلهَا فَنزلت: {وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا} الْآيَة.

 

وَقَالَ الحاكم صَحِيح الْإِسْنَاد وَلم يخرجَاهُ, وقد َتعقبه الذَّهَبِيّ وقال: عبيد بن كثير قَالَ عنه الأزدي: مَتْرُوك الحديث, وَعباد بن يَعْقُوب رَافِضِي.

الثالث التَّوَكُّلُ عَلَى اللَّهِ:

في مسند الإمام أحمد وجامع الترمذي والنسائي من حديث عُمَر بن الخطاب رضي الله عنه قَالَ : سمعتُ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يقول :”لَوْ أَنَّكُمْ تَتَوَكَّلُونَ عَلَى اللهِ حَقَّ تَوَكُّلِهِ لَرَزَقَكُمْ كَمَا يَرْزُقُ الطَّيْرَ، تَغْدُو خِمَاصاً وَتَرُوحُ بِطَاناً “.

 

قال أبوعيسى هذا:حديث حسن صحيح. وصححه ابن حبان والحاكم وإسناده حسن.

 

قال البيهقي في شعب الإيمان: ليس في هذا الحديث دلالة على القعود عن الكسب، بل فيه ما يدل على طلب الرزق، لأن الطير إذا غدت فإنها تغدو وتطلب الرزق، وإنما أراد.

 

الرابع الْإِنْفَاق فِي سَبِيل اللَّه:

 

قال الله تعالى:{وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ}[سبأ/ 39].وقوله:{ قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ}.

وقال تعالى:{مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِئَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ } [البقرة/ 261 ].

 

أي: يعطي خلفه، قال سعيد بن جبير: ما كان في غير إسراف ولا تقتير فهو يخلفه.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه يبلغ به النبي صلى الله عليه وسلم قال: ” قَالَ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى:” يَا ابْنَ آدَمَ، أَنْفِقْ أُنْفِقْ عَلَيْكَ “.متفق عليه.

وفي رواية للبخاري ومسلم: قال رسول صلى الله عليه وسلم:”اللَّهُمَّ أَعْطِ مُنْفِقًا خَلَفًا”.

الخامس كَثْرَةِ الشُّكْر :

فإن الشكر مقرون بالمزيد قال الله تعالى: {وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ } [إبراهيم/ 7].

في صحيح مسلم عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:” إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ ، لَيَرْضَى عَنِ الْعَبْدِ أَنْ يَأْكُلَ الأَكْلَةَ فَيَحْمَدَهُ عَلَيْهَا أَوْ يَشْرَبَ الشَّرْبَةَ فَيَحْمَدَهُ عَلَيْهَا”.
ويستحب حَمْد اللَّه تَعَالَى عَقِب الْأَكْل وَالشُّرْب.

 

وجاء في صحيح البخاري من حديث أبي أمامة رضي الله عنه صفة التَّحْمِيد :” الْحَمْد لِلَّهِ حَمْدًا كَثِيرًا طَيِّبًا مُبَارَكًا فِيهِ، غَيْر مَكْفِيّ وَلَا مُودَع وَلَا مُسْتَغْنًى عَنْهُ، رَبّنَا”.

وَجَاءَ غَيْر ذَلِكَ ، وَلَوْ اِقْتَصَرَ عَلَى الْحَمْد لِلَّهِ حَصَّلَ أَصْلَ السُّنَّة .

ومن الوسائل أن ندعو الله أن يعيننا على الشكر,
في سنن النسائي بسند صحيح عن معاذ بن جبل رضي الله ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : أَلاَ أُعَلِّمُكُ كَلِمَاتٍ تَقُولُهُنَّ:” اللَّهُمَّ أَعِنِّي عَلَى ذِكْرِكَ وَشُكْرِكَ، وَحُسْنِ عِبَادَتِكَ”.

ولا ينقطع المزيد من الله حتى ينقطع الشكر من العبد, وقال عمر بن عبد العزيز رحمه الله:”قيدوا نعم الله بشكر”. وقَالَ قَتَادَة : حق عَلَى الله إِنَّ يعطي مِنْ سأله ويزيد مِنْ شكره، والله منعم يحب الشاكرين، فاشكروا لله نعمه”.

والشكر في نفسه ومعناه ، أن تعلم أن النعمة من الله سبحانه وتعالى ، وأنه لا نعمة على الخلق من أهل السموات والأرض إلا وبدايتها من الله عز وجل ، فتكون الشاكر لله عز وجل عن نفسك وعن غيرك بمعرفة نعم الله على الخلق جميعاً ، فهذا غاية الشكر.

السادس صِلَةُ الرَّحِمِ:

جاء في الصحيحين من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:” مَنْ أَحَبَّ أَنْ يُبْسَطَ لَهُ فِي رِزْقِهِ وَ يُنْسَأَ لَهُ فِي أَثَرِهِ فَلْ يَصِلْ رَحِمَهُ”.

قوله:”من أحب” وفي رواية للبخاري:” من سره أنيبسط” وفي رواية: “من سره أن يعظم اللّه له في رزقه”, أي: يوسعه عليه ويكثر له فيه بالبركة والنمو والزيادة, قوله:” وأن ينسأ” أي: يؤخر ومنه النسيئة. قوله:”له في أثره” ً أي: في بقية عمرة سمي أثراً لأنه يتبع العمر. قوله:” فليصل رحمه ” أي: أقاربه وخاصةً والدية فليحسن لهما بماله وغيره, والصلة تختلف باختلاف حال الواصل فتارة تكون بالإحسان وتارة بسلام وتارة بالزيارة والهدية والدعاء ونحو ذلك.

 

السابع الزَّوَاج:

رُوي في مسند أحمد والنسائي والترمذي بسند جيد عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:” ثَلاَثَةٌ كُلُّهُمْ حَقٌّ عَلَى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ: عَوْنُهُ النَّاكِحُ الَّذِي يُرِيدُ الْعَفَافَ، وَالْمُجَاهِدُ فِي سَبِيلِ اللهِ، َوَالْمُكَاتَبُ الَّذِي يُرِيدُ الأَدَاءَ “.

 

والحديث مقيد بأنه يريد العفاف, شهد به الواقع والتجارب, كما قال بعض أهل العلم, وكان بعض التابعين يوصي الفقراء بالزواج.

 

أسباب سعة الرزق

لسعة الرزق أسباب كثيرة أهمها:

 

تركه الحرامَ وخشيته اللهَ طلباً لما عنده، فإن الله سيخلف عليه خيراً، حيث إنّه من ترك شيئاً لله عوضه الله خيراً منه، نذكر هنا قصة الصحابي الذي ترفّع عن تفاحة واحدة في حقل يعمل به خشية لله فأورثه الله الحقل كاملاً.

كثرة ذكره لله و كما قيل: “إن الله يعطي الذاكرين أكثر ممّا يعطي السائلين”، والذكر يكون بالدعاء والصلاة، وخاصة قيام الليل والصلاوات المفروضات وقضاء الحاجة، والاستغفار والابتهال والتضرع لله عز وجل، حيث قال المولى: (فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا. يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَارًا. وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَارًا) [نوح: 71]،

 

فالاستغفار والذكر والإنابة سببٌ في سعة الرزق ونزول الغيث وكثرة المال والزرع والبنين الذين جميعهم رزق من الله، والإكثار من “لا حول ولا قوة إلأ بالله” فإنها كنزٌ من كنوز الجنة وخلاص من تسعةٍ وتسعين هماً.

 

الإنفاق في سبيل الله وكثرة الصدقات كما في الحديث القدسي: “يا ابن آدم أَنفق أُنفق عليك”، وهذه بشرى عظيمة كما حدث مع عثمان بن عفان -رضي الله عنه- حين كثر ماله وعمّ، فلمّا سئل عنه فأجاب: ما أفعل إن كنت أنفق بالصباح مئة فتأتيني ألف في المساء؟ وقد صدَقَ من قال: نِعْمَ المال الصالح في يد العبد الصالح. ومنها أيضاً شكرالله، حيث قال الله: (ولئِن شَكَرْتُمْ لأَزيدَنَّكُمْ) [إبراهيم:7]

 

فالرزق مقرونٌ إذاً بالشكر الذي هو تعبيرٌ منّا عن إحساسنا بفضل الله علينا.

 

الجهاد والهجرة في سبيل الله، وصلة الرحم، وبر الوالدين، والأحاديث في هذا كثيرةٌ لعل أبرزها ما رواه البخاري في مسنده حيث قال: روي عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أنّه قال: (مَن سرَّهُ أن يُبسطَ لَه في رزقِهِ، وأن يُنسَأَ لَه في أثرِهِ، فليَصِلْ رَحِمَهُ) [البخاري: صحيح]، وهذه قاعدة يتربع على سلّمها الوالدان اللذان هما أقرب الناس والأولى بالصلة والمعروف والرحمة، كما أنّ لدعاء الوالدين ورضاهما أثراً كبيراً في توفيق العبد وسعْده في دنياه وأخراه. البكور إلى العمل.

 

الأمانة التي ضِيعت وحُرم الكثيرون من رزقهم بسببها، فالموظف في عمله يعتدي على الحق العام، وينهب ظنّاً منه أن ذلك سيغدق عليه الخير الكثير، فإذا الله يمحق ماله وينزع بركته ويقطع عليه رزقه، لذلك كلما كان الإنسان أميناً يسر الله له رزقه وباركه وأنماه.

 

الصدق مع الله ومع الناس، والبعد عن الرياء والنفاق والذنوب التي تحول جميعها بيننا وبين النعمة.

 

النية الحسنة هي سبب مهم، ففي حديث النبي: (إنما الأعمالُ بالنياتِ، وإنما لكلِّ امرئٍ ما نوى) [البخاري: صحيح].

 

السعي في حاجة أخيك والأيتام والأرامل.

أسباب ضيق الرزق

أشارَ العُلماءُ أنَّ الرِّزقَ غير محصورٍ بالمالِ؛ بل يتعدَّاهُ إلى الصِّحَّةِ، والعافِيةِ، والذُّريَّةِ، والاستِقرارِ الأسريّ وغيرَ ذلِكَ الكَثيرَ مِن نِعمِ اللهِ التي لا يُحصيها عَقلُ آدميّ.

 

وفي تفسيرِ قولِهِ تَعالى: (لهُ مَقَالِيدُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ)، يَقولُ الطَّبري:

(يُوسِّعُ رِزقَه وفَضلَه على من يَشاءُ من خَلقِه، ويَبسُطُ لَه، ويُكثِّر ماله ويُغنيه. ويَقدِر: أي ويَقتُر على من يَشاءُ مِنهم فيضيِّقُه ويُفقِره).

 

فإنَّ اللهَ تَعالى يَحكُمُ بِعلمِهِ الواسِعِ وحِكمَتِهِ بأن يوسِّعَ على من يَشاءُ لِعلمِهِ بِمن يُصلِحُهُ البسطُ في الرِّزقِ أو يُفسِدُه، ويُقتِرُ على من يَشاءُ لِعلمِهِ بِمن يصلِحهُ التَّقتيرُ عليهِ أو يُفسِدُه، وقد تَكونَ السَِّعةُ في الرِّزقِ جزاءً على الإحسانِ للمُسلِمِ ولِغيرِهِ كما قد تَكونُ ابتلاءً وكذلِك أمرُ التَّقتير، وقَد وَرَد في آياتِ الله وسُنَّةِ الرَّسولِ عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ أسبابٌ ودلالاتٌ لِضيقِ الرِّزقِ،

 

وفيما يلي عرضٌ لِبعضِها: المعاصي والذُّنوب: فقَد يُحرَمُ العبدُ رِزقاً مَكتوباً لهُ بذنبٍ يأتيهِ أو معصِيةً يستَهينُ بِها، فعن ثوبانَ مولى رسولِ الله عن الرَّسولِ عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ أنَّهُ قال: (إنَّ الرَّجلَ ليُحرمُ الرِّزقَ بالذَّنبِ يُصيبُه)

فإنَّ العَبدُ يُحرَمُ الرِّزقَ جزاءً بِما ارتَكبَ من المعاصي والذُّنوبِ أو يُحرَمُ برَكتَه، فلا يأتيهِ رِزقَهُ إلَّا مُنغَّصاً مَنزوعَ البَرَكةِ.

 

حِكمةُ الله في المُفاضَلةِ بينَ النَّاسِ في الرِّزق: قالَ تَعالى: (وَاَللَّه فَضَّلَ بَعْضكُمْ عَلَى بَعْض فِي الرِّزْق فَمَا الَّذِينَ فُضِّلُوا بِرَادِّي رِزْقهمْ عَلَى مَا مَلَكَتْ أَيْمَانهمْ فَهُمْ فِيهِ سَوَاء أَفَبِنِعْمَةِ اللَّه يَجْحَدُونَ)،

وفي الآيةِ تِبيانُ اختِلافِ النَّاسِ في الأرزاقِ وتفاضُلِهم فيها فَمِنهم غنيُّ ومنهم فَقيرٌ، ثمَّ إنَّ الأغنياءَ لَم يؤدوا زكاةَ أموالِهم وصَدقاتِها فينتَفِعَ بِها الفُقَراءُ ليتساووا في الرِّزقِ،

وفي ذلِكَ حِكمةٌ ربَّانيَّةٌ لِيُسالَ كُلُّ عَبدٍ عن رِزقِهِ وعن حُقوقِ النَّاسِ فيه.

 

الزِّنا: فعَن عبد الله عمر رضِيَ اللهُ عنهُ عن رَسولِ اللهِ عليهِ الصَّلاة والسَّلامُ أنَّه قال: (الزِّنا يورِثُ الفقرَ)، وقَد قُرِن الزِّنا بالفَقر في أكثَرِ من مَوضِعٍ في الأثَرِ لِما لهُ مِن فسادٍ للمُجتَمعاتِ وهَدمٍ لِبنيانها.

 

الرِّبا والكَسبُ المُحرَّم: عن عَمرو بن العاصِ رضِيَ الله عنهُ عن رَسولِ الله عليهِ الصَّلاةُ والسَّلام أنَّهُ قال: (ما مِن قومٍ يَظهرُ فيهِمُ الرِّبا إلَّا أُخِذوا بالسَّنةِ وما مِن قومٍ يَظهرُ فيهم الرِّشا إلَّا أُخِذوا بالرُّعبِ)،

وقَد وَعَدَ الله المُتَعامِلينَ بالرِّبا بالفَقرِ والخَسارَةِ، فقالَ في كِتابِهِ العظيم: (يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ ۗ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ )

فيَمحَقُ اللهُ الرِّبا بأن يذهبَ بِهِ كلّه أو يذهب بِبَرَكَتِه وفي كِلاهُما فسادٌ في المالِ وذهابٌ للرِّزقِ.

 

نَقصُ المِكيالِ والمِيزان: ويَشهَدُ تاريخُ الأمَمِ الغابِرةِ على صِدقِ وبيِّنةِ هذا السَّببِ، وقَد أخبَرَ بِهذا رَسولُنا عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ مُحذِّراً أمَّتَهُ الفَقرَ والخَرابَ.

 

رَوى عبد الله بن عُمر: (أقبلَ علينا رَسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ فقالَ يا معشرَ المُهاجِرينَ خمسٌ إذا ابتُليتُمْ بِهِنَّ وأعوذُ باللَّهِ أن تدرِكوهنَّ لم تَظهَرِ الفاحشةُ في قومٍ قطُّ حتَّى يُعلِنوا بِها إلَّا فَشا فيهمُ الطَّاعونُ والأوجاعُ الَّتي لم تَكُن مَضت في أسلافِهِمُ الَّذينَ مَضوا ولم ينقُصوا المِكْيالَ والميزانَ إلَّا أُخِذوا بالسِّنينَ وشدَّةِ المئونَةِ وجَورِ السُّلطانِ عليهِم ولم يمنَعوا زَكاةَ أموالِهِم إلَّا مُنِعوا القَطرَ منَ السَّماءِ ولَولا البَهائمُ لم يُمطَروا ولم يَنقُضوا عَهْدَ اللَّهِ وعَهْدَ رسولِهِ إلَّا سلَّطَ اللَّهُ عليهم عدوًّا من غيرِهِم فأخَذوا بعضَ ما في أيدَيهِم وما لَم تَحكُم أئمَّتُهُم بِكِتابِ اللَّهِ ويتخيَّروا مِمَّا أنزلَ اللَّهُ إلَّا جعلَ اللَّهُ بأسَهُم بينَهُم).

 

قَطعُ الرَّحم: فصِلَةُ الرَّحمِ من الطَّاعاتِ الجالِبةِ للرِّزقِ والبركةِ وقطيعةُ الرَّحمِ مَفسَدةٌ وظُلمٌ ومعصيةٌ تستَدعي تعطيلَ الرِّزقِ ومَنعِه، عن أنس بن مالك رَضِيَ الله عنهُ أنَّ رَسولَ الله عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ قال: (مَن أحَبَّ أنْ يُبسَطَ له في رزقِه ويُنسَأَ له في أجَلِه فلْيتَّقِ اللهَ ولْيصِلْ رحِمَه).

 

أنواع الرزق

قدَّرَ الله لِعبادِهِ أنَّهم مرزوقونَ مِن مُلكِهِ بأحدِ صورتينِ فالأولى رِزقٌ رَبَّانيٌّ يَطلُبُ العَبدَ ويُقسَمُ لهُ من غيرِ كدٍّ ولا طَلَب، ويتحقَّقُ امتِلاكُ العبدِ لَهُ من أبوابَ مُختَلِفةٍ كالميراثِ.

 

والصُّورةُ الثَّانيةُ للرِّزقِ فإنَّما تتمثَّلُ باجتِهادِ العبدِ وسَعيِهِ للعَملِ والكسبِ الحلالِ الطيِّبِ، فَهوَ رِزقٌ يَطلُبُه العَبدُ ويسعى لامتِلاكِهِ وتحقيقِه، وكِلتا الصُّورتينِ من صورِ لرِّزقِ لا تتحصَّلُ إلا برحمةِ اللهِ وإرادته.

لكل ما هو جديد ومفيد زورو موقع لحظات .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top