من أين يحرم أهل جدة

يُعتبرُ الحجّ مُعلّماً للإيمان والأعمال الصّالحة، ففيه يعتاد المسلمون على الأخلاق والأعمال الفاضلة كالرّحمة، والصّبر، والتّواضع، وفيه تزيد خشيتهم من خالقهم لتذكّرهم أهوال اليوم الآخر، كما يستشعرون لذّة العبودية ويعرفون عظّمة الخالق وحاجتهم إليهم.ونقدم لكم من جديد وهو عن الحج والعمره وذلك تتم عن طريق الاسلام في موقعنا هذا

من أين يحرم أهل جدة

أهل جدة كلهم من داخل الميقات، من أهل الميقات الذي هو رابغ وما وراءه ذو الحليفة، هم داخل الميقات، فأهلها يحرمون من مكانهم؛ لقول النبي -صلى الله عليه وسلم- لما وقت المواقيت قال: (وما كان دون ذلك فمهله من حيث أنشأ، حتى أهل مكة من مكة)، فالذين في جدة أو في الزيمة، أو الشرايع، أو بحرة، أو في أم السلم هؤلاء ميقاتهم بلدهم يحرمون من مكانهم إذا أرادوا عمرة، أو حجاً يحرمون من مكانهم واللي في رابغ يحرم من رابغ، وهي ميقات، هي الجحفة، والذي فوق الجحفة يحرم من مكانه؛ لأنه دون ذو الحليفة، فالحاصل أن المواقيت خمسة ذو الحليفة ميقات أهل المدينة، الجحفة ميقات أهل الشام ومصر ونحوهم ممن يأتي من جهة الساحل، والآن يحرمون من رابغ، ورابغ قبل الجحفة بقليل من باب الاحتياط، الثالث يلملم ميقات لأهل اليمن، الرابع قرن المنازل، ويقال له السيل ميقات لأهل نجد وأهل الشرق، والخامس ذا عرق، ويسمى ضريبة ميقات لأهل العراق، فالذي يأتي قبل هذه المواقيت يحرم منها، الذي من طريق المدينة يحرم من ذي الحليفة، والذي يأتي من طريق الساحل من مصر، أو الشام، أو غيرها من طريق البحر يحرم من الجحفة رابغ، والذي يأتي من طريق اليمن، جيزان واليمن يحرم من يلملم، والذي يأتي من العراق وما حولها يحرم من ضريبة، من ذات عرق، والذي يأتي من نجد، أو غيرها من جهة الشرق يحرم من السيل من وادي قرن، وإذا كان دون هذه المواقيت كأهل جدة، وأهل الشرايع وأهل الزيمة، وأهل بحرة يحرمون من محلهم؛ لقوله -صلى الله عليه وسلم-: (فمن كان دون ذلك فمهله من حيث أنشأ حتى أهل مكة من مكة)، أهل مكة في الحج، أما في العمرة يحرمون من خارج مكة؛ لأن الرسول أمر عائشة أن تحرم بالعمرة من خارج مكة، من التنعيم، وهكذا من الجعرانة، ومن عرفات يعني خارج الحرم، من أراد العمرة وهو في مكة يتوجه إلى الحل، يخرج إلى الحل ويلبي من هناك بالعمرة، بعدما يغتسل في بيته، ويستعد.

من أين يحرم أهل جدة

مواقيت الإحرام

يعتبر الإحرام هو أوّل الأعمال التي يقوم بها كلُّ من أراد الحجّ أو العُمرة، والإحرام هو عقد النِّية قلبياً على الدُّخول في النُّسُك سواءً كان معتمراً أو حاجاً، والإحرام لا يكون إلا في أماكن حددّها النَّبي صلى الله عليه وسلم أُطلِق عليها اسم الميقات، والمواقيت عددها خمسةٌ، لا يجوز لحاجٍّ أو معتمرٍ تجاوزها دون إحرام،ٍ ومن تجاوزها متعمداً دون إحرامٍ لَزِمه الرُّجوع إليها والإحرام منها، وإلا فعليه دم شاة يذبحها في مكّة ويوزعها على فقرائها، فعن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((يهل أهل المدينة من ذي الحليفة، وأهل الشام من الجحفة، وأهل نجد من قرن. قال عبدالله – يعني ابن عمر – وبلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ويهل أهل اليمن من يلملم).
أماكن الإحرام

ذو الحليفة: ميقات أهل المدينة المنوّرة ومن جاء عن طريقهم ويُسمى أبيار عليّ، ويبعد عن مكّة مسافة أربعمائة وخمسين كيلومتراً جهة الشمال الغربيّ منها.
الجُحفة: ميقات أهل الشَّام والمغرب العربيّ ومصر ومن جاء عن طريقهم، ويقع بالقُرب من مدينة رابغ السُّعوديّة، ويبعد عن مكّة مسافة مائة وثلاثةٍ وثمانين كيلومتراً جهة الغرب تقريباً، وفي الوقت الحالي يُحرم النَّاس من رابغ بدلاً من الجُحفة.
قرن المنازل: ميقات أهل نجدٍ ومن جاء عن طريقهم ويُسمى السَّيل الكبير وبيعد عن مكّة مسافة خمسةٍ وسبعين كيلومتراً جهة الشَّمال الشَّرقيّ.
يَلملم: ميقات أهل اليمن ومن جاء عن طريقهم جنوباً، ويبعد عن مكّة مسافة اثنين وتسعين كيلومتراً، ويُحرم النَّاس حالياً من السَّعديّة.
ذات عِرق: ميقات أهل العراق ويبعد عن مكّة مسافة أربعة وتسعين كيلومتراً شمالاً.
أهل مكّة: وكلُّ من كان فيها من غير أهلها يُحرمون من مكّة للحجّ، أمّا العُمرة فيحرمون من الحِلَّ خارج حدود الحرم مثل منطقة التَّنعيم.

إحرام أهل جدَّة

جدَّة مدينة تقع في المملكة العربيّة السُّعودية على ساحل البحر الأحمر، وتبعد عن مكّة المُكرَّمة قُرابة السَّبعين كيلومتراً، أي أنّها تقع دون المواقيت؛ لذلك كُلُّ من كان مكان إقامته دون الميقات يُحرم من بيته أو من أيّ مكان لأداء فريضة الحجّ أو العُمرة، ومن المناطق التي يُحرم فيها أهل جدَّة: مستورة، وبدر، وبحرة، وأمّ السَّلم، والشَّرائع، وغيرها.
مُباحات الإحرام

يجوز للمُحرم فِعل وارتداء ما يلي:

لِبس السَّاعة، وسماعة الأُذن، والنَّظارة الطِّبيّة والشَّمسيّة، والخاتم، والنَّعلين، وارتداء الحِزام والكَمر؛ فتلك من الأساسيات التي لا يُستغنى عنها.
الاستظلال من حرّ الشَّمس باستخدام الشَّمسيّة أو الوقوف في ظلّ الأشجار وغيرها.
تضميد الجُروح ولفَّها في حال التَّعرض للإصابة، والتَّغيير عليها وتغطيتها بما يلزم الحِفاظ على سلامة المُحرِم.
تغيير ملابس الإحرام بأخرى نظيفة مع الحِفاظ على نفس النَّمط في الإحرام خاصةً للرِّجال وهو الرِّداء والإزار، كما يجوز للمُحرِم الاستحمام والاغتسال دون تطيّبٍ، وإن سقط شعرٌ دون قصدٍ فلا شيء عليه.

فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد بين مواقيت الإحرام التي لا يجوز لمن مر بها يريد الحج أو العمرة تجاوزها بدون إحرام، وهي: ذو الحُلَيْفَة – أبيار علي – لأهل المدينة ومن جاء عن طريقهم، والجُحْفَة لأهل الشام ومصر والمغرب ومن جاء عن طريقهم، ويَلَمْلَم (السَّعْدية) لأهل اليمن ومن جاء عن طريقهم، وذَاتُ عِرْق لأهل العراق ومن جاء عن طريقهم، وقَرْنُ المَنَازِل لأهل نجد والطائف ومن جاء عن طريقهم. ومن كان منزله دون هذه المواقيت مما يلي مكة فإنه يحرم من منزله؛ حتى أهل مكة يحرمون من مكة للحج، وأما العمرة فيحرمون بها من أدنى الحِلّ، كما يحرم أهل جدة والمقيمون فيها من جدة

إن هم أرادوا الحج أو العمرة .

ومن مر بهذه المواقيت قادماً إلى مكة وهو لا يريد حجاً ولا عمرة فإنه لا يلزمه إحرام على الصحيح، لكن لو بدا له أن يحج أو يعتمر بعدما تجاوزها فإنه يحرم من المكان الذي نوى فيه الحج أو العمرة إلا إذا نوى العمرة وهو في مكة، فإنه يخرج إلى أدنى الحل ويحرم (كما سبق)؛ فالإحرام يجب من هذه المواقيت على كل من مر بها أو حاذاها براً أو بحراً أو جواً وهو يريد الحج أو العمرة .

والذي أوجب نشر هذا البيان أنه قد صدر من بعض الإخوة في هذه الأيام كتيب اسمه: (أدلة الإثبات أن جدة ميقات) – يحاول فيه إيجاد ميقات زائد على المواقيت التي وقتها رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ حيث ظن أن جدة تكون ميقاتاً للقادمين في الطائرات إلى مطارها أو القادمين إليها عن طريق البحر أو عن طريق البر، فلكل هؤلاء أن يؤخروا الإحرام إلى أن يصلوا إلى جدة ويحرموا منها؛ لأنها (بزعمه وتقديره) تحاذي ميقاتي السعدية والجحفة فهي ميقات .
وهذا خطأ واضح يعرفه كل من له بصيرة ومعرفة بالواقع؛ لأن جدة داخل المواقيت، والقادم إليها لابد أن يمر بميقات من المواقيت التي حددها رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو يحاذيه براً أو بحراً أو جواً، فلا يجوز له تجاوزه بدون إحرام إذا كان يريد الحج أو العمرة؛ لقوله صلى الله عليه وسلم لما حدد هذه المواقيت: هُنَّ لَهُنَّ، ولِمَنْ أَتَى عليهِنَّ مِنْ غَيْرِ أهلِهن، مِمَّنْ يُرِيدُ الحَجَّ أو العمرة[1] . فلا يجوز للحاج والمعتمر أن يخترق هذه المواقيت إلى جدة بدون إحرام ثم يحرم منها؛ لأنها داخل المواقيت .

ولما تسرع بعض العلماء منذ سنوات إلى مثل ما تسرع عليه صاحب هذا الكتيب؛ فأفتى بأن جدة ميقات للقادمين إليها: صدر عن هيئة كبار العلماء قرار بإبطال هذا الزعم وتفنيده، جاء فيه ما نصه: (وبعد الرجوع إلى الأدلة وما ذكره أهل العلم في المواقيت المكانية ومناقشة الموضوع من جميع جوانبه، فإن المجلس يقرر بالإجماع ما يلي:

1 – إن الفتوى الصادرة الخاصة بجواز جعل جدة ميقاتاً لركاب الطائرات الجوية والسفن البحرية فتوى باطلة؛ لعدم استنادها إلى نص من كتاب الله، أو سنة رسوله، أو إجماع سلف الأمة، ولم يسبقه إليها أحد من علماء المسلمين الذين يعتد بأقوالهم .

2 – لا يجوز لمن مر بميقات من المواقيت المكانية، أو حاذى واحداً منها جواً أو براً أو بحراً أن يتجاوزه من غير إحرام، كما تشهد لذلك الأدلة، وكما قرره أهل العلم رحمهم الله تعالى إذا كان يريد الحج أو العمرة .

ولِواجب النصح لله ولعباده رأيت أنا وأعضاء اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء إصدار هذا البيان؛ حتى لا يغتر أحد بالكتيب المذكور . انتهى.

هذا، وبالله التوفيق، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وآله وصحبه.
وللمزيد زوروا موقعنا “لحظات”

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top