تأثير التسامح في العلاقات الإنسانية

ندعو الله العلي العظيم أن يجنب شعبنا وشعوب العالم أجمع شرور الحقد والكراهية والعدوان والتطرف والعنف ، وينمي المحبة والسماح في النفوس لكي يكون الإنسان (خليفة الله) أميناً حقاً في الأرض لا مدمراً ولا مخرباً لها.

وعلى ضوء ذلك يمكن أن تكون درجات التسامح كالآتي :-

1- العفو – ومعناه ترك عقاب المخطئ عند المقدرة لإعطــــــــائه فرصة إصلاح نفسه .

2- الصفح – ومعناه الإعراض عن توبيخ وإذلال المخطئ وذلك لا يضرك ولا ينفعك

3- الغفران – وهو ترك أو نسيان ما حصل من خطأ الآخر وهذا من فضائل النفوس.

وهذه الدرجات الثلاث هي مدلول لصفة واحدة أساسها التنازل عن الحقوق الشخصية بالسماحة والحكمة وسعة الصدر لصالح الأسرة والمجتمع.

أولاً – معاني التسامح وآفاقه الرحبة

التسامح يعني اصطلاحاً مفهوم العفو عند المقدرة وعدم رد الإساءة بالإساءة ، والترفع عن الصغائر والسمو بالنفس إلى مرتبة أخلاقية عالية .

والتسامح مفهوم أخلاقي اجتماعي دعا إليه كافة الأنبياء والرسل لما له من أهمية كبرى في تحقيق تضامن وتماسك المجتمعات وحسم الخلافات بين الأفراد والجماعات ، وهذا يعني احترام الإنسان وتحقيق العدل وصيانة الحريات الإنسانية العامة . وقد عرف الفيلسوف والكاتب الفرنسي (فولتير) التسامح بأنه نتيجة ملازمة لكينونتنا البشرية الضعيفة الميالة للخطأ (وخلق الإنسان ضعيفاً ، إن النفس لأمارة بالسوء) . لذلك يصبح التسامح المبدأ الأول لقانون الطبيعة وحقوق الإنسان كافة .

وأساس أهمية التسامح هي الاحترام والقبول والتقدير المتبادل بين ألأفراد والجماعات وعدم عد المخالفة في الآراء والمعتقدات ذريعة للصراعات والنزاعات التي تدمر المجتمعات وتفقدها أمنها . ولأننا نعيش ضمن مجتمعات متشابكة المصالح والعلاقات ومتباينة في أساليب حياتها ، فقد تختلف آراؤها بشأنها . وبذلك فمن الحكمة اللجوء إلى لغة التسامح والتفاهم التي تجمع ولا تفرق ، والتحلي بالأخلاق التي تمكننا من التعايش بسلام وتعاون وأمان ، ومن مكارم الأخلاق عد التسامح دليل قوة وليس ضعفاً لأن العفو والتسامح لا يقدر عليها إلا ألأقوياء وليس الجبناء . ومن المعلوم إن قول ( أنا ، أنت ) يشكل دعامة للتعاون ونسيان الأحقاد أو تجاوزها لأن كلنا معرض للأخطاء والتسامح مفتاح لحلها . ومن حكم الإمام علي قوله : اضرب خادمك إذ عصى الله وأعفو عنه إذا عصاك . وكذلك قوله : أقوى الناس من قويّ على غضبه بحلمه .

ثانياً – فوائد وأهمية التسامح بين الناس

ابتداءً إن أجر المسامح وثوابه عند الله كبير ، فضلاً عن اكتسابه حب واحترام الناس وثقتهم به ، لأن الحقد والكراهية ورد الإساءة بمثلها تولد في نفس الإنسان طاقة سلبية (ضائعة) يمكن التخلص منها وتفريغها بشحن الإنسان بطاقة إيجابية تساعده على الإبداع والإنتاج بكفاءة أكبر وتمنحه فرصة كافية لتفكير صائب وتسامح إيجابي .

وكنتيجة لذلك فإن التسامح يزيد من قوة ترابط المجتمع الواحد وينشر المحبة والتعاون والألفة فيما بينهم مما يجعل من الصعوبة البالغة اختراقه والسيطرة عليه وإذلاله . بل على العكس من ذلك فالتسامح يزيل الخلافات والنزاعات بين الأفراد والمجتمعات .

ويمكن إجمال بعض آثار التسامح بما يأتي :

1- يحافظ على صحة الإنسان ومن حوله وينال عفو الله (من عفا عفا الله عنه) .

2- يزيل سرطان الكراهية من نفوس الناس ويولد الأمن والاستقرار لهم بدل الكراهية والحقد .

3- زيادة إنتاجية الإنسان وسعادته وكسب رضا الله في الدنيا والآخرة .

4- يزيل أو يضعف حالة الغضب وحب الانتقام التي تعتبر مفتاح الشرور والفتن .

5- يزرع البهجة في النفوس ويعمر القلوب ويذهب غيضها 6- التسامح أساس لبناء دولة العدل والحضارة والديمقراطية.

7- وقول الشاعر : إذا كنت في كل الأمور معاتباً صديقك لم تلق الذي لا تعاتبه

8- وقول رسول الله (ص) : المسلم أخو المسلم لا يحل عليه دمه وماله وعرضه .

9- ولا ننسى قول أمير المؤمنين علي بن أبي طالب : عودوا بالفضل على من أساء إليكم

ثالثاً – درجات التسامح

ثالثاً – درجات التسامح :

إذ كانت أخطاء ومشاكل ومصالح الناس مختلفة في أنواعها وتأثيراتها على العلاقات الإنسانية أو الاجتماعية ، فيمكن القول أن موضوعة التسامح متباينة وعلى درجات ، وأفضل ما نعتمده في تقسيم درجات التسامح ، قوله تعالى في سورة التغابن /14 : ( وإن تعفوا .. وتصفحوا .. وتغفروا فإن الله غفور رحيم) .

وعلى ضوء ذلك يمكن أن تكون درجات التسامح كالآتي :-

1- العفو – ومعناه ترك عقاب المخطئ عند المقدرة لإعطــــــــائه فرصة إصلاح نفسه .

2- الصفح – ومعناه الإعراض عن توبيخ وإذلال المخطئ وذلك لا يضرك ولا ينفعك

3- الغفران – وهو ترك أو نسيان ما حصل من خطأ الآخر وهذا من فضائل النفوس.

وهذه الدرجات الثلاث هي مدلول لصفة واحدة أساسها التنازل عن الحقوق الشخصية بالسماحة والحكمة وسعة الصدر لصالح الأسرة والمجتمع.

رابعاً – التسامح أساس بناء المجتمع التعاوني

قال تعالى : (خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين) الأعراف /199 .

إن المصطلح القرآني (العفو والتسامح والمسامحة) كلها مفردات ذات دلالات كبيرة يلامس مداها قلوب الآدميين فيزرع فيها المحبة والاحترام .

إن مفهوم التسامح أو العفو بغض النظر عن الفارق بين المدلولين ، ومن المفاهيم التي تدعو إلى بناء المجتمع الفاضل وزرع روح المحبة لكن ليس على حساب الثوابت الدينية والعقائدية .

فلا مسامحة في الشرك وعبادة الأصنام وإن كان في ذلك آراء أخرى . بل على ما تسمح به دائرة التسامح من مرونة وحيوية ، فغض الطرف عما يفعله الآخرون بنا وإشعارهم بالأمن والســــلام داخل نفوسهم .

ولنا في رسول الله (ص) حين فتح مكة التي عانى من مشركيها الأمرين أن قال لهم (اذهبوا فأنتم الطلقاء) لأنه رسول رحمة وليس الانتقام . ومن هنا فإن بناء دولة المواطنة والعدل يتطلب من الأفراد الاستعداد للتضحية بما يحقق دولة المجتمع التعاوني الذي يحافظ على نفوس ودماء وأموال وأعراض أفراده دون تمييز لأي سبب ، لأن الناس كما وصفهم أمير المؤمنين صنفان : أما أخو لك في الدين أو نظير لك في الخلق .

وأن قول الخالق العظيم : (فأصفح الصفح الجميل) الحجر/85 .

تعد أحد ركائز بناء الدولة والمجتمع التعاوني وتحقق العدل والصبر على الأذى واحترام الآخرين ومساعدة المحتاجين ونصرة المستضعفين ونشر المحبة والرحمة .وللمزيد زورو موقعنا “لحظات”

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top