كتاب دعاوي المناوئين لابن تميمة

وينظر كتاب : دعاوى المناوئين لشيخ الإسلام ابن تيمية ، وهو بحث أكاديمي من إعداد الدكتور : عبد الله بن صالح الغصن
اتفق سلف الأمة وأئمتها أن الله ليس كمثله شيء ، لا فى ذاته ولا في صفاته ولا في أفعاله ، وقال من قال من الأئمة : من شبه الله بخلقه فقد كفر ، ومن جحد ما وصف الله به نفسه فقد كفر ، وليس ما وصف الله به نفسه ولا رسوله تشبيها ” اهـ
فتاوى شيخ الإسلام

وقال رحمه الله

” ثم القول الشامل في جميع هذا الباب : أن يوصف الله بما وصف به نفسه ، أو وصفه به رسوله ، وبما وصفه به السابقون الأولون ؛ لا يُتجاوز القرآن والحديث .
قال الإمام أحمد رضي الله عنه : لا يوصف الله إلا بما وصف به نفسه ، أو وصفه به رسوله ؛ لا يتجاوز القرآن والحديث . ٍ
ومذهب السلف أنهم يصفون الله بما وصف به نفسه وبما وصفه به رسوله ، من غير تحريف ولا تعطيل ، ومن غير تكييف ولا تمثيل ، ونعلم أن ما وصف الله به من ذلك فهو حق ليس فيه لغز ولا أحاجى ، بل معناه يعرف من حيث يعرف مقصود المتكلم بكلامه ، لا سيما إذا كان المتكلم أعلم الخلق بما يقول ، وأفصح الخلق في بيان العلم ، وأفصح الخلق في البيان والتعريف والدلالة والإرشاد .
وهو سبحانه مع ذلك ليس كمثله شيء ، لا في نفسه المقدسة المذكورة بأسمائه وصفاته ، ولا في أفعاله ، فكما نتيقن أن الله سبحانه له ذات حقيقة ، وله أفعال حقيقة ، فكذلك له صفات حقيقة ؛ وهو ليس كمثله شيء ، لا في ذاته ولا في صفاته ولا في أفعاله ، وكل ما أوجب نقصا أو حدوثا فإن الله منزه عنه حقيقة ؛ فانه سبحانه مستحق للكمال الذي لا غاية فوقه ، ويمتنع عليه الحدوث ؛ لامتناع العدم عليه ، واستلزام الحدوث سابقة العدم ، ولافتقار المحدَث إلى محدِث ، ولوجوب وجوده بنفسه ، سبحانه وتعالى .
ومذهب السلف بين التعطيل والتمثيل ؛ فلا يمثلون صفات الله بصفات خلقه ، كما لا يمثلون ذاته بذات خلقه ، ولا ينفون عنه ما وصف به نفسه ووصفه به رسوله ؛ فيعطلوا أسماءه الحسنى وصفاته العليا ، ويحرفوا الكلم عن مواضعه ، ويلحدوا في أسماء الله وآياته .
وكل واحد من فريقي التعطيل والتمثيل فهو جامع بين التعطيل والتمثيل ؛ أما المعطلون فإنهم لم يفهموا من أسماء الله وصفاته إلا ما هو اللائق بالمخلوق ، ثم شرعوا في نفي تلك المفهومات ؛ فقد جمعوا بين التعطيل والتمثيل ؛ مثلوا أولا ، وعطلوا آخرا ؛ وهذا تشبيه وتمثيل منهم للمفهوم من أسمائه وصفاته ، بالمفهوم من أسماء خلقه وصفاتهم ، وتعطيل لما يستحقه هو سبحانه من الأسماء والصفات اللائقة بالله سبحانه وتعالى .. ”
فتاوى شيخ الإسلام (5/26-27) .

هل اهل السنة والسلف مشبهون مجسمون ؟ وبالاخص ابن تيمية ؟ … التشبيه: قسمان: تشبيه المخلوق بالخالق، وتشبيه الخالق بالمخلوق.
القسم الأول: من شبه المخلوق بالخالق، ومن ذلك تشبيه النصارى حيث جعلوا عيسى ابن مريم ابن الله، ومن هذا الصنف السبئية الذين يزعمون أن علياً هو الله .
القسم الآخر: من شبه الخالق بالمخلوق: وهم صنفان:
الصنف الأول: شبهوا ذات البارئ بذات غيره.
الصنف الآخر: شبهوا صفات البارئ بصفات غيره.
يقول البغدادي رحمه الله عن هذين الصنفين: (وكل صنف من هذين الصنفين مفترقون على أصنافٍ شتى) .
وسأذكر باختصار أبرز الفرق التي عرفت بالتشبيه، ويأتي في مقدمتها طوائف متعددة من الشيعة، وهم أول من أظهر التشبيه عند المسلمين كما يقول الرازي رحمه الله عنهم .

وأبرز الفرق التي قالت بالتشبيه ما يلي:
الفرقة الأولى: الهشامية: وهم طائفتان:
الطائفة الأولى: أتباع هشام بن الحكم ، ومما زعمه ابن الحكم في معبوده أنه عريض طويل عميق، طوله مثل عرضه، وعرضه مثل عمقه، كالسبيكة الصافية يتلألأ كاللؤلؤة المستديرة من جميع جوانبها، وأنه ذو لون وطعم ورائحة وأنه سبعة أشبار بشبر نفسه…) .
الطائفة الأخرى: أتباع هشام بن سالم الجواليقي ، ومما زعمه أن معبوده على صورة الإنسان، وأن نصفه الأعلى مجوف، ونصفه الأسفل مصمت، وأن له شعرة سوداء، وقلباً ينبع منه الحكمة .
ويطلق على الطائفة الأولى: الهشامية الحكمية، ويطلق على الطائفة الثانية: الهشامية الجواليقية .
الفرقة الثانية: الجواربية:
أتباع داود الجواربي ، ومما زعمه في معبوده أنه جسم ولحم ودم، وله جوارح وأعضاء، ووصف معبوده بأن له جميع أعضاء الإنسان إلا الفرج واللحية .
الفرقة الثالثة: الكرامية: أتباع محمد بن كرام السجستاني ، وأثبتوا لله الجسمية، وأنه جوهر، وهم طوائف متعددة تختلف ببعض جزئيات التشبيه .

تواترت عبارات سلف الأمة في نفي تمثيل وتشبيه الخالق بالمخلوق، فهم يثبتون ما أثبته الله لنفسه، أو أثبته له رسوله صلّى الله عليه وسلّم إثباتاً يليق بجلال الله وعظمته. وينفون ما نفاه الله عن نفسه، أو نفاه عنه رسوله صلّى الله عليه وسلّم.
فقد سئل أبو حنيفة النعمان عن نزول الباري – جل وعلا – فقال:
(ينزل بلا كيف) .
وقال ابن أبي زمنين (ت – 399هـ) رحمه الله: (فهذه صفات ربنا التي وصف بها نفسه في كتابه ووصفه بها نبيه صلّى الله عليه وسلّم وليس في شيء منها تحديد ولا تشبيه ولا تقدير، فسبحان من ليس كمثله شيء وهو السميع البصير، لم تره العيون فتحده كيف هو كينونيته) .
وقال الحافظ أبو بكر الإسماعيلي رحمه الله:
(ويداه مبسوطتان، ينفق كيف يشاء، بلا اعتقاد كيف، وأنه عزّ وجل استوى على العرش بلا كيف،… ولا يوصف بما فيه نقص، أو عيب، أو آفة، فإنه عزّ وجل تعالى عن ذلك) .

وقال الإمام الآجري (ت – 360هـ) رحمه الله عن نزول الباري جل وعلا إلى السماء الدنيا:
(وأما أهل الحق فيقولون: الإيمان به واجب بلا كيف؛ لأن الأخبار قد صحت عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أن الله عز وجل ينزل إلى السماء الدنيا كل ليلة ) . قال الحافظ عبد الغني المقدسي رحمه الله ناقلاً اتفاق السلف على ترك التشبيه والتمثيل:
(اعلم وفقنا الله وإياك لما يرضيه من القول والعمل والنية، وأعاذنا وإياك من الزيغ والزلل: أن صالح السلف، وخيار الخلف، وسادات الأئمة، وعلماء الأمة اتفقت أقوالهم، وتطابقت آراؤهم على الإيمان بالله عزّ وجل وأنه واحد أحد، فرد صمد، حي قيوم، سميع بصير، لا شريك له ولا وزير، ولا شبيه ولا نظير، ولا عدل ولا مثيل) .
وقال – أيضاً -: (وتواترت الأخبار، وصحت الآثار بأن الله عزّ وجل ينزل كل ليلة إلى السماء الدنيا، فيجب الإيمان والتسليم له، وترك الاعتراض عليه، وإمراره من غير تكييف ولا تمثيل، ولا تأويل ولا تنزيه ينفي حقيقة النزول)

وقال ابن قدامة المقدسي رحمه الله

(وكل ما جاء في القرآن، أو صح عن المصطفى عليه السلام من صفات الرحمن وجب الإيمان به، وتلقيه بالتسليم والقبول، وترك التعرض له بالرد والتأويل والتشبيه والتمثيل) . … الخ من النصوص التي تظهر عقيدة الاثبات

صور ل ابن المقدسي رحمه الله

(وكل ما جاء في القرآن، أو صح عن المصطفى عليه السلام من صفات الرحمن وجب الإيمان به، وتلقيه بالتسليم والقبول، وترك التعرض له بالرد والتأويل والتشبيه والتمثيل) . … الخ من النصوص التي تظهر عقيدة الاثبات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top