ومع قدوم مولده – عليه السلام – تتبارى الأمم والشعوب في إحياء هذه الذكرى العطرة، كل حسب طريقته، فتتباين الطقوس هنا وهناك، وتتنوع مظاهر الإحياء ما بين دولة وأخرى ومدينة وغيرها، ورغم هذا الثراء في طقوس الاحتفال بالمولد النبوي الشريف وتعدد مظاهره غير أن هناك رابط واحد يجمعها وسحابة كبيرة تظلها ألا وهي حب النبي صلى الله عليه وسلم وشكراً لوجودكم معنا فى موقع لحظات
أول من احتفل بمولد النبى
“لا يفرح بمولد النبى إلا مؤمن!
هذه الفرحة بمولد الحبيب تحولت بين أيدى المؤمنين إلى مظاهر شتى جعلت من أيام شهر النور, شهر المولد الشريف أيام أفراح ومودة وإحسان”
و بين بعضاً من صورالحفاوة بالمناسبة الكريمة وما يصاحبها من مظاهر البر والإحسان والتراحم بين الناس, ثم يتأسف لضياع كثير من تلك المظاهر
في هذه الأيام ويقول:
“هل السبب في ذلك زيادة حب الدنيا في القلوب التي هى مجلبة للشح والأثرة؟
إن القلب إذا أصيب بحب الدنيا حسن لصاحبه الإنفاق الباذخ في التراب, وبغض إليه أى نفقة توجه للآخرة التي هى خير وأبقى.
أم أن السبب يكمن في وجود أناس يحاربون الاحتفال بمولد سيد الكائنات, ويخوفون الناس من بذل البر والإحسان فيه, إما لأنهم وهابية مسلطون على هدم الدين لبنة لبنة, أو علمانيون يكرهون أى مظهر من مظاهر التمسك بالدين, ويؤثرون الاحتفالات الغربية على احتفالات أهل الإسلام”
ثم يقول: “ربماكان السببان معاً قد تعاونا وتآزرا على محاولة وأد هذا الخير ودفنه في التراب. ولكن مما لاشك فيه أن السبب الأقوى هو تضخم حب الدنيا في القلوب الذي حذر منه نبينا أشد التحذير”
و يسوق حديث النبى الذي يبين أن الإيمان يزيد وينقص, ثم يقول إن الإيمان إذا نقص تمكن حب الدنيا من القلب, وإذا زاد وجدنا كل خير وكل ما يسر ويشرح الصدور..
ثم يقول: “و فيما يلى بعض تلك الصور التي تفرح قلوب المؤمنين أينما كان المسلمون أقوى إيمانا..
تاريخ الاحتفال بالمولد النبوى الشريف في مصر عبر القرون
“فيما يلى فصول من ملحمة من ملاحم الحب والتعظيم لم يعرف التاريخ الإنسانى لها نظيرا.. رسم معالمها وضخ في عروقها الدماء الحارة شعب مصر الذي فطر على محبة النبى وأهل بيته وأولياء الله الصالحين.
قام الأستاذ حسن السندوبى — بجمع بعض معالمها في كتاب نفيس عنوانه: “تاريخ الاحتفال بالمولد النبوي في عصر الإسلام الأول إلى عصر فاروق الأول” طبع بمطبعة الاستقامة بالقاهرة سنه 1367 هـ – 1948 م.”
ثم قال: “و قد انتقيت منه بعض فصول وفقرات, أوردها فيما يلى مع اختصار – منعاً للتطويل – كما قمت بوضع عناوين وهوامش من عندى كلما دعت الحاجة.
ثم استعرض في عدة فصول مظاهر الاحتفال في عصر سلاطين المماليك: الظاهر برقوق وسيف الدين جقمق والأشرف قايتباى والغورى..
مرورا بالحملة الفرنسية والاحتفال بالمولد الذي تم أثناءها, ثم وصف للمستشرق البريطانى إدوارد وليم لين الذي وصف الاحتفال بالقاهرة سنة 1834 م وصفاً دقيقاً، وانتهى السندوبى بوصف مظاهر الاحتفال في عصر الملك فاروق الأول, وهو ختام هذا الباب.
مظاهر الاحتفال بالمولد النبوى الشريف في أنحاء العالم
هذا هو الجزء الأكبر من الكتاب، إذ استغرق أكثر من 230 صفحة غطت مظاهر الاحتفال بالمولد الشريف في حوالى خمسين دولة من دول العالم في الشرق وفي الغرب، واشتملت أيضا على ثلاثة وعشرين ترجمة لبعض من ارتبطت أسماؤهم بالاحتفال بالمولد وإذكاء محبة النبى في القلوب
و تلك الدول هي:
الدولة العثمانية العلية – تركيا الحديثة – الشيشان – الإمارات العربية المتحدة – باكستان – السودان – اليمن – تونس – المغرب – فلسطين – الأردن – ليبيا – الجزائر – سلطنة عمان – المملكة العربية السعودية – سوريا – العراق – لبنان – ماليزيا – أثيوبيا – دول البلقان – روسيا – نيجيريا – مالى -تركستان الشرقية – كينيا – أسبانيا – أوكرانيا – هولندا – الصين – الهند – بريطانيا – كندا – السويد – فرنسا – الدنمارك – مصر – ألمانيا – بلجيكا – سويسرا – بلغاريا – إيطاليا – أيرلنده – أستراليا – اليونان – السنغال – أندونيسيا – الولايات المتحدة الأمريكية.
الختام
ختم المؤلف الكتاب بكلمات قال فيها:
ها نحن قد وصلنا إلى نهاية الكتاب..
أما نهاية الأفراح فلا..
لأن أفراح أهل الله لا تنتهى أبدًا..
إنما تنمو، وتتعاظم، وتتضاعف أضعافا مضاعفة كثيرة..
والله يضاعف لمن يشاء..
ولقد استدار الزمان..
وبدا الأمر كأن الأمة المسلمة تتشكل اليوم من جديد.
فبعد أن اختلطت المفاهيم، وامتزج الباطل بالحق حتى كاد يغلب عليه..
برز الاحتفال بمولد النبى كعلامة فارقة تفرق بين أهل الحق وأهل الباطل.
بين الفرحين برسول الله، والمحزونين لذكرى مولده..
اللهم بجاه محمد..
فرِّحنا بمحمد..
وفرّح به أهل الأرض..
كما فرحت به أهل السماء..
وصل عليه صلاة تكون لنا رحمة..
ولأدوائنا شفاء..
و سلام على المرسلين.. والحمد لله رب العالمين