قصيدة ” وفاء القبور “

مرحباً بكم في موقع لحظات الذي يقدم لكم كل جديد وقديم عن الشعر , واليوم نقدم لكم قصيدة ” وفاء القبور ” للشاعر المبدع بدوي الجبل , ونتمني أن تنال أعجابكم , وتستمروا في متابعتنا .

” وفاء القبور “

إنّي أكرّم شعري في متارفه
كما تكرّم عند المؤمن السور
هديّة الله فيها عطر جنّته
و الخمر و اللّعس النشوان و الحور
و قد أحنّ إلى حسن يدلّلني
كما يحنّ إلى أندائه الزّهر
و بلبل الدّوح ترضيه بأيكته
نعمى الجمال و يرضي غيره الثمر
أريد حبّا كنار الحقّ ماتهبا
كمزبد الموج من شمّاء ينحدر
نزر الهوى ليس يرضي جائعا شرها
إلى الصّبابة لا يبقي و لا يذر
و العبقريّ و إن جلّت موهبه
طفل السّريرة لا حقد و لا حذر
طفل فإن نال ضيم من كرامته
ما البحر يزأر . ما البركان ينفجر
ذنوبه خفرات من براءته
أحلى الغواية ما يندى به الخفر
و ما تمنّى خيالي أنّني ملك
فوق الملائك زهوا أنّني بشر
أقيم ما شئت في عدن و أتركها
و أخلع الجسم أحيانا و أتّزر
أطلّ و الشعر من عصماء باذخة
و في السّفوح غرور الحكم و البطر
نحن النّسور و من نعمى جوانحنا
أنّا رأينا صغارا كلّ من كبروا
و ربّ هجر سولء في مواجعه
أكباد من هجروا ظلما و من هجروا
***

أدعو قبور أحبّائي لتسمعني
و هل تجيب دعاء الثاكل الحفر
قبر بضاحية الشهباء طاف به
فلملم الطيب من حصبائه السحر
و استودعت حمص قبرا لو مررت به
لهشّ لي منه حبّ مترف عطر
و لي قبور على الفيحاء غافية
زوّارها الطير و الأشواق و القمر
ظمأى و يندى ثراها لوعة و هوى
إذا ألمّ بها من غربتي خبر
تلك المصارع ردّ الموت نجدتها
عنّي فكاد الأديم السمح يعتذر
طاح الزمان بإخواني و أوردهم
على الحتوف فلا عين و لا أثر
أصبحت بعدهم حيران منفردا
و الريح معولة و اللّيل معتكر
أحنو على كلّ قبر من قبورهم
أبكيه .. حتّى بكى من لوعتي الحجر
قد عقّني الصحب حتّى لا أضيق به
إن عقّني الأقربان السمع و البصر
ألوّن الخطب أضواء و غالية
و أبدع الفقر عزّا حين أفتقر
و ما وفى لي ممّن كنت أوثرهم
إلاّ القبور و إلاّ الأيك و النّهر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top