فإذا تأملنا أركان الإسلام الخمسة وجدنا أن بعضها بدني محض، وبعضها مالي محض، وبعضها مركب من مال وبدن، حتى يتبين الشحيح من الجواد، والمسارع من المتثاقل، وعبد الرب من عبد الهوى والطبع. فمن الناس من يهون عليه صلاة ألف ركعة، ويعصب عليه جدا أن يبذل لله درهما واحدا. ومنهم من يروق له البذل والعطاء، ويشق عليه أن يسجد لله ركعة واحدة.ومن المزيد في موقعنا كل ماتحبه في موقعنا “لحظات”
فضائل حج بيت الله الحرام
الحج
بُني الإسلام على أركان خمسة، وخامس هذه الأركان حج بيت الله الحرام، والحج المبرور هو ما لا تكون فيه سمعة ولا رياء، ولم يقع فيه إثم، ولم تؤتَ بعده المعاصي والآثام، وكانت أحكامه تامة كاملة، وأُدِّي كما يحب الله ويرضى على أكمل وجه، وللحج فضائل وفوائد عظيمة يغتنمها الحاج ويَنعم بها في حياته وآخرته.
تعريف الحج
الحج لغةً: معناه القصد، أما اصطلاحاً فهو عبادة الله تعالى في وقت مخصوص، وفي مكان مخصوص، وبأعمال خاصة به، وذلك تبعاً لما جاء به نبينا الكريم محمد صلى الله عليه وسلم.
فضائل حج بيت الله الحرام
أفضل الأعمال بعد الإيمان بالله تعالى وبرسوله، وبعد الجهاد في سبيله.
ذكرٌ كثير لله تعالى.
إكرام الله تعالى وضيافته.
الشعور بمراقبة الله تعالى على الدوام.
تطهير للنفس وتزكية لها، وصفاء وسعادة.
تجديد للإيمان وزيادة له.
كفارة للمعاصي، ومغفرة للذنوب والسيئات، فالحج المبرور يعود بعده الحاج كما ولدته أمه.
جزاء الحج المبرور دخول الجنة.
مباهاة الله عز وجل ملائكته بالحجاج ليلة عرفة.
عتق الرقاب من النار.
التقرب إلى الله تعالى بالأضاحي والهَدْي.
يعادل الجهاد في سبيل الله تعالى بالنسبة إلى من لم يُكلّف به، ومن لا يستطيعه.
منفاة للفقر والحاجة.
إظهار العبودية لله تعالى والخضوع له.
تعويد النفس على الصبر وتحمل المشاق.
تربية للنفس وحثها على ترك المعاصي.
الشعور بهول الموقف يوم القيامة والاستعداد له.
الشعور بالآخرين وبالمساواة، وأن لا فضل لعبد على آخر إلا بالتقوى.
التعارف بين المسلمين وزيادة اللُّحمة بينهم.
تربية النفس وتعويدها الأخلاق الحميدة.
حكم الحج
حج بيت الله الحرام فرض واجب على كل مسلم، ولا تُقبل فريضة الحج من الكافر، ومن أنكر هذه الفريضة فهو كافر مرتد عن دين الإسلام إذا لم يكن جاهلاً، كما يجب وجود المحرم للمرأة، ولا يجب الحج على المسلم إلا مرة واحدة في العمر.
شروط الحج
الإسلام.
البلوغ؛ فلا يجب الحج على الصغير.
العقل؛ فلا حج على المجنون.
الحرية؛ فلا يجب الحج على العبد.
الاستطاعة؛ والمقصود بالاستطاعة: الراحلة، والزاد، والبدن، والمال.
أمان الطريق.
أركان الحج
نية الإحرام.
طواف الإفاضة حول البيت الحرام.
السعي بين الصفا والمروة.
الوقوف في عرفة.
حلق الشعر عند التحلّل.
مواقيت الحج
المواقيت الزمانية: ابتداءً من دخول شهر شوال وانتهاءً بعشر ذي الحجة، وهناك قول آخر وهو الأرجح وهو بانتهاء شهر ذي الحجة.
المواقيت المكانية: وهي خمسة مواقيت؛ وهي: ذو الحليفة، والجحفة، ويلملم، وقرن المنازل، وذات عرق.
فضل الحج وفوائده
بسم الله الرحمن الرحيم
الحج ركن عظيم من أركان الإسلام، فرضه الله سبحانه على المسلم المستطيع بقوله: ( ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا ومن كفر فإن الله غني عن العالمين ) {آل عمران: 97}، ولا يزال الناس يحجون منذ رفع إبراهيم القواعد من البيت، وأذن في الناس بالحج كما أمره ربه عز وجل إلى يومنا هذا، ولا ينقطع الحج طالما على الأرض مؤمن، فإذا قبض الله أرواح المؤمنين، ولم يبق على ظهر الأرض إلا شرار الخلق الذين تدركهم الساعة وهم أحياء توقف سيل الحجيج إلى بيت الله الحرام كما سيأتي.
فضائل الحج كثيرة ومتنوعة
1- فهو من أفضل الأعمال والقربات عند الله، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سُئل رسول الله صلى الله عليه وسلم : أي العمل أفضل؟ قال: “إيمان بالله ورسوله”. قيل: ثم ماذا؟ قال: “الجهاد في سبيل الله”. قيل: “ثم ماذا؟” قال: “حج مبرور”. {البخاري، ومسلم، والترمذي، والنسائي، وأحمد}.
2- والحج يعدل الجهاد في سبيل الله، وينوب عنه لمن لا يقدر عليه ومن لا يُكلف به.
عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: يا رسول الله، نرى الجهاد أفضل العمل، أفلا نجاهد؟ قال: “لا، لكن أفضل الجهاد حج مبرور”. {البخاري كتاب الحج حديث رقم 1423}.
وفي رواية: قلت: يا رسول الله، ألا نغزو ونجاهد معكم؟ فقال: “لكن أحسن الجهاد وأجمله الحج، حجٌ مبرور”. فقالت عائشة: فلا أدعُ الحج بعد إذ سمعت هذا من رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم . {البخاري كتاب الحج حديث 1728}.
وفي رواية للنسائي: قلت: يا رسول الله، ألا نخرج فنجاهد معك، فإني لا أرى عملاً في القرآن أفضل من الجهاد. قال: “لا، ولَكُنَّ أحسنُ الجهاد وأجملُه حج البيت، حجٌ مبرور”.
3- والحج المبرور ليس له ثواب إلا الجنة. عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما، والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة”. {متفق عليه، البخاري كتاب الحج (1650)، ومسلم (2403)}.
4- والحج المبرور سبب لغفران الذنوب. عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول: “من حج لله فلم يرفث ولم يفسق، رجح كيوم ولدته أمه”. {البخاري 1424}.
وعند مسلم: “من أتى هذا البيت فلم يرفث ولم يفسق رجع كما ولدته أمه”. {ح 2404}.
وعند الترمذي: “من حج فلم يرفث ولم يفسق غُفر له ما تقدم من ذنبه”. {ح 739}.
5- والإكثار من الحج والعمرة ينفيان الفقر . قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم : “تابعوا بين الحج والعمرة، فإن المتابعة بينهما تنفي الفقر والذنوب كما ينفي الكير خبث الحديد”. {الترمذي ح738 عن ابن مسعود، وابن ماجه ح2887 عن عمر، والصحيحة ح1200}.
6- والحاج وافد على الله، ومن وفد على الله أكرمه الله.
عن عمر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “الغازي في سبيل الله، والحاج، والمعتمر، وفد الله، دعاهم فأجابوه، وسألوه فأعطاهم”. {ابن ماجه ح2893، الصحيحة 1820}. وفي رواية: “الحجاج والعمار وفد الله، إن دعوه أجابهم، وإن استغفروه غفر لهم”. {ابن ماجه ح2883}.
وفريضة الحج دائمة مستمرة حتى بعد ظهور الفتن العظام: “ليحجن هذا البيت، وليعتمرن بعد خروج يأجوج ومأجوج”. {صحيح الجامع 5361}.
فإذا قبض الله أرواح المؤمنين في آخر الزمان ولم يبق على الأرض إلا شرار الخلق الذين تدركهم الساعة وهم أحياء توقف الحج، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : “لا تقوم الساعة حتى لا يحج البيت”. {صحيح الجامع 7419}.
ولهذا وجب على كل مسلم مستطيع أن يتعجل الحج، فقد يأتي يومٌ يَعْجَزُ فيه عن الحج: “من أراد الحج فليتعجل، فإنه قد يمرض المريض، وتضل الضالة، وتعرض الحاجة”. {صحيح الجامع}.
بشرى لمن عجز عن الحج
وللمسلم أن يغتنم مثل أجر الحاج ؛ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : “من صلى الفجر في جماعة، ثم قعد يذكر الله حتى تطلع الشمس، ثم صلى ركعتين كانت له كأجر حجة وعمرة تامة، تامة، تامة”. {الترمذي عن أنس، صحيح الجامع 7346}.
المصالح المرعية في الحج
أولاً: تعظيم البيت فإنه من شعائر الله وتعظيم لله، قال تعالى: إن أول بيت وضع للناس للذي ببكة مباركا وهدى للعالمين (96) فيه آيات بينات مقام إبراهيم ومن دخله كان آمنا ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلاً {آل عمران: 96، 97} ، وقال تعالى: ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب {الحج: 32}.
ثانيًا: تحقيق الألفة والوحدة، فيجتمع المسلمون على اختلاف ألسنتهم وألوانهم وأوطانهم في صعيد واحد، يدعون ربًا واحدًا، ويتوجهون لبيت واحد، فتتوحد الأهداف والغايات، وتصبح الأمة على قلب رجل واحد؛ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : “مثل المؤمنين في توادهم وتعاطفهم كمثل الجسد، إذا اشتكى منه عضو، تداعى له سائر الأعضاء بالحمى والسهر”. {مسلم: 20/8}. وقال صلى الله عليه وسلم : “المسلمون تتكافأ دماؤهم ويسعى بذمتهم أدناهم وهم يدٌ على من سواهم”. {صحيح ابن ماجه (ح2181)}. فالحج يعرض لمظاهر قوة المسلمين وشوكتهم واجتماع جندهم وإظهار شريعتهم: وإذ جعلنا البيت مثابة للناس وأمنا .
ثالثًا: موافقة ما توارثه الناس عن إمام الحنفاء إبراهيم وولده إسماعيل، ودعا إليه محمد صلى الله عليه وسلم ، وتذكُّر هذه المواقف والمقامات: وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم (127) ربنا واجعلنا مسلمين لك ومن ذريتنا أمة مسلمة لك وأرنا مناسكنا وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم (128) ربنا وابعث فيهم رسولا منهم يتلو عليهم آياتك ويعلمهم الكتاب والحكمة ويزكيهم إنك أنت العزيز الحكيم {البقرة: 127- 129}.
وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول للناس في حجة الوداع: “قفوا على مشاعركم فإنكم على إرث من إرث أبيكم إبراهيم”. {صحيح أبي داود (ح1702)}. ويقول: “خذوا عني مناسككم لعلي لا ألقاكم بعد عامي هذا”. {مسلم}.
رابعًا: إعلان التوحيد الذي بعث الله به رسله وإظهاره في الأقوال والأفعال.
ففي التلبية يقول الحاج : لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك ؛ وقد كان أهل الجاهلية يلبون بالشرك فيقولون: إلا شريكًا هو لك تملكه وما ملك.
وفي سائر المواقف والمشاعر يتجرد العبد في توحيده وطاعته لله عز وجل ومبايعته للنبي صلى الله عليه وسلم ، فيسير ويقف حيث أمره الله، ويحلق شعره، وينحر أو يذبح هديه حيث أمره الله وشرع له ، ويتابع في ذلك كله رسول الله صلى الله عليه وسلم .
اللهم ارزقنا حج بيتك ، ووفقنا لما تحب وترضى . وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
ونوع ثان في التكليف ينقسم به إلى: كف عن المحبوبات، وبذل للمحبوبات، فالكف عن المحبوبات كالصوم، يكف به المرء عن الطعام والشراب والشهوة الحلال في غير الصيام امتثالا لأمر الله، والمرء لا يكف عن محبوب إلا من أجل ما هو أحب إليه منه، فيمسك عن هذه الأشياء الحبيبة إلى نفسه من أجل محبته لربه -جل وعلا- التي تثمر طاعة وامتثالا وإقبالا على الأمر، وبعدا وفرارا وهجرا للنهي. فالصيام نوع تكليف فيه كف عن المحبوبات. ونوع تكليف فيه بذل للمحبوبات كالزكاة؛ ففيها يبذل المرء جزءا من ماله ويخرجه امتثالا لأمر الله جل وعلا. والمال محبوب إلى النفس جدا، فلا يَبذُل العبد المالَ المحبوبَ إلى النفس إلا لمن هو أحب إليه من ماله، بل ومن نفسه وأهله وعياله وهو الله جل وعلا، وصدق الله العظيم حين قال: {… وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ …} (البقرة: 165). فبهذا التنوع يظهر العابد لربه، من العابد لنفسه وطبعه.
وتنوع ثالث نوَّع به ربنا -تبارك وتعالى- العبادات من حيث زمنها ووقتها، فعبادات غير مقيدة بوقت –عبادات مطلقة- كمطلق الذكر النفل في غير أوقات الكراهة، وقراءة القرآن، وعبادات يومية كالصلاة، يؤديها العبد خمس مرات في اليوم والليلة، وعبادة أسبوعية، وهي صلاة الجمعة، يؤديها المسلمون مرة في الأسبوع، وعبادات سنوية، تفعل مرة واحدة في العام، كالصوم والزكاة بشروطهما، وعبادة عمرية، تجب على العبد مرة واحدة في عمره، وما زاد كان تطوعا، وهي الحج.
والحج فرض فرضه الله سبحانه وتعالى على عباده، وهو ركن من أركان دين الإسلام العظيم، قال تعالى: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ } (آل عمران: 97). وقال عز وجل: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ ..} البقرة: 157). وقال سبحانه: {وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ} (الحج: 27) وفي الصحيحين من حديث ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: “بُنِيَ الْإِسْلَامُ عَلَى خَمْسٍ شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، وَإِقَامِ الصَّلَاةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَالْحَجِّ، وَصَوْمِ رَمَضَانَ”. فالحج ركن من أركان الإسلام، وعبادة جليلة لها خصائصها وفضائلها.
فمن فضائل حج بيت الله الحرام: أنه من أفضل الأعمال: فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ: أَيُّ الْعَمَلِ أَفْضَلُ؟ فَقَالَ: “إِيمَانٌ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ” قِيلَ: ثُمَّ مَاذَا؟ قَالَ: “الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ” قِيلَ: ثُمَّ مَاذَا؟ قَالَ: “حَجٌّ مَبْرُورٌ”. متفق عليه. وعند أحمد والطبراني في الكبير عَنْ مَاعِزٍ -رضي الله عنه- عَنْ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنَّهُ سُئِلَ أَيُّ الْأَعْمَالِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: “إِيمَانٌ بِاللَّهِ وَحْدَهُ، ثُمَّ الْجِهَادُ، ثُمَّ حَجَّةٌ بَرَّةٌ تَفْضُلُ سَائِرَ الْعَمَلِ كَمَا بَيْنَ مَطْلَعِ الشَّمْسِ إِلَى مَغْرِبِهَا”. وصححه الألباني.
ومن فضائل الحج: أنه يمحو الذنوب ويكفر السيئات، وينفي الفقر ويسد الحاجات، ويرفع المراتب والدرجات. يمحو الذنوب ويكفر السيئات، فعن أبي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: “مَنْ حَجَّ لِلَّهِ فَلَمْ يَرْفُثْ وَلَمْ يَفْسُقْ رَجَعَ كَيَوْمِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ”. متفق عليه. وللترمذي: “مَنْ حَجَّ فَلَمْ يَرْفُثْ وَلَمْ يَفْسُقْ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ”.
والحج ينفي الفقر ويسد الحاجات، كما عند أحمد والترمذي عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ -رضي الله عنه- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: “تَابِعُوا بَيْنَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ، فَإِنَّهُمَا يَنْفِيَانِ الْفَقْرَ وَالذُّنُوبَ كَمَا يَنْفِي الْكِيرُ خَبَثَ الْحَدِيدِ وَالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَلَيْسَ لِلْحَجَّةِ الْمَبْرُورَةِ ثَوَابٌ إِلَّا الْجَنَّةُ”.
والحج يرفع المراتب والدرجات، فعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: “ما ترفع إبل الحاج رجلا ولا تضع يدا إلا كتب الله له بها حسنة، أو محا عنه سيئة، أو رفع بها درجة”. رواه البيهقي وابن حبان
صحيحه، وصححه الألباني.
ومن فضائل الحج: أنه إذا كان مبرورا فليس له ثواب وجزاء إلا الجنة. ففي الصحيحين من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: “الْعُمْرَةُ إِلَى الْعُمْرَةِ كَفَّارَةٌ لِمَا بَيْنَهُمَا وَالْحَجُّ الْمَبْرُورُ لَيْسَ لَهُ جَزَاءٌ إِلَّا الْجَنَّةُ”. وعَنْ جَابِرٍ -رضي الله عنه- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: “الْحَجُّ الْمَبْرُورُ لَيْسَ لَهُ جَزَاءٌ إِلَّا الْجَنَّةَ”. قَالُوا: يَا نَبِيَّ اللَّهِ! مَا الْحَجُّ الْمَبْرُورُ؟ قَالَ: “إِطْعَامُ الطَّعَامِ وَطِيبُ الْكَلَامِ”. رواه الطبراني في الأوسط، وابن خزيمة، والحاكم، وهو صحيح لغيره.
ومن فضائل الحج: أنه يهدم ما كان قبله، فعَنْ ابْنِ شِمَاسَة -رحمه الله- قال: حضرنا عمرو بن العاص –رضي الله عنه- وهو في سياقة الموت فبكى طويلا وقال: فَلَمَّا جَعَلَ اللَّهُ الْإِسْلَامَ فِي قَلْبِي أَتَيْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقُلْتُ ابْسُطْ يَمِينَكَ فَلْأُبَايِعْكَ! فَبَسَطَ يَمِينَهُ، قَالَ: فَقَبَضْتُ يَدِي، قَالَ: “مَا لَكَ يَا عَمْرُو؟!” قَالَ: قُلْتُ: أَرَدْتُ أَنْ أَشْتَرِطَ. قَالَ: “تَشْتَرِطُ بِمَاذَ؟ا” قُلْتُ: أَنْ يُغْفَرَ لِي. قَالَ: “أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ الْإِسْلَامَ يَهْدِمُ مَا كَانَ قَبْلَهُ، وَأَنَّ الْهِجْرَةَ تَهْدِمُ مَا كَانَ قَبْلِهَا وَأَنَّ الْحَجَّ يَهْدِمُ مَا كَانَ قَبْلَهُ؟!”. رواه ابن خزيمة في صحيحه هكذا مختصرا ورواه مسلم وغيره أطول منه.
ومن فضائل الحج أنه جهاد الصغير والكبير، والمرأة والضعيف ومن لا يقوى على الجهاد، بل هو أفضل الجهاد للمرأة. فعند البخاري وغيره عنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا- أَنَّهَا قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! نَرَى الْجِهَادَ أَفْضَلَ الْعَمَلِ، أَفَلَا نُجَاهِدُ؟ قَالَ: “لَا، لَكُنَّ أَفْضَلَ الْجِهَادِ حَجٌّ مَبْرُورٌ”. قال الحافظ رحمه الله: (اخْتُلِفَ فِي ضَبْط “لَكِنَّ” فَالْأَكْثَر بِضَمِّ الْكَاف خِطَاب لِلنِّسْوَةِ، وروي:”لَكِنْ” بِكَسْرِ الْكَاف وَزِيَادَة أَلِف قَبْلهَا بِلَفْظِ الِاسْتِدْرَاك، وَالْأَوَّل أَكْثَر فَائِدَة لِأَنَّهُ يَشْتَمِل عَلَى إِثْبَات فَضْل الْحَجّ، وَعَلَى جَوَاب سُؤَالهَا عَنْ الْجِهَاد، وَسَمَّاهُ جِهَادًا لِمَا فِيهِ مِنْ مُجَاهَدَة النَّفْس). ورواه ابن خزيمة أيضا، ولفظه: قلت: يا رسول الله! هل على النساء من جهاد؟ قال: “عليهن جهاد لا قتال فيه: الحج والعمرة”.
وعند النسائي بسند حسن لغيره عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: “جِهَادُ الْكَبِيرِ، وَالصَّغِيرِ، وَالضَّعِيفِ، وَالْمَرْأَةِ الْحَجُّ وَالْعُمْرَةُ”. وعند ابن ماجه بسند صحيح لغيره عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ -رضي الله عنها- قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: “الْحَجُّ جِهَادُ كُلِّ ضَعِيفٍ”.
وأخرج عبد الرزاق في مصنفه، والطبراني في الكبير والأوسط، وعَنِ الْحُسَيْنِ بن عَلِيًّ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: إِنِّي جَبَانٌ، وَإِنِّي ضَعِيفٌ (يعني لا يقوى على الجهاد في سبيل الله) قَالَ: “هَلُمَّ إِلَى جِهَادٍ لا شَوْكَةَ فِيهِ، الْحَجُّ”. وصححه الألباني.
ومن فضائل الحج: أن الحجاج والعمار وفد الله العزيز الغفار. أخرج النسائي والحاكم وغيرهما عن أبي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- قال: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: “وَفْدُ اللَّهِ ثَلَاثَةٌ: الْغَازِي وَالْحَاجُّ وَالْمُعْتَمِرُ”. وعند ابن ماجه وابن حبان من حديث ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما: “الْغَازِي فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْحَاجُّ وَالْمُعْتَمِرُ وَفْدُ اللَّهِ دَعَاهُمْ فَأَجَابُوهُ وَسَأَلُوهُ فَأَعْطَاهُمْ”. وصححه الألباني. ورواه البزار عن جابر رضي الله عنه، وهو حسن لغيره. الحجاج والعمار وفد الله، دعاهم فأجابوه، وسألوه فأعطاهم.
وللمزيد زوروا موقعنا “لحظات”
ومازال وفـد الله يقـصد مكة إلى أن يـرى البيت العتيق وركناه
يطوف به الجــاني فيغفر ذنبه ويسقط عنـه جرمــه وخطاياه
فمولى الموالي للزيارة قـد دعـا أنقعـد عنهـا؟! والمــزور الله
نحج لبيت حجه الرسـل قبـلنا لنشهد نفعا فـي الكتاب وعـدناه
فيا من أسى يا من عصى لو رأيتنا وأوزارنـا تمحـى ويرحمنـا الله
فضل الحج وفوائده
ومن فضائل الحج: أن من خرج حاجا أو معتمرا فمات، كتب له أجر الحاج والمعتمر إلى يوم القيامة، فعند أبي يعلي بسند صحيح لغيره عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “من خرج حاجا فمات كتب له أجر الحاج إلى يوم القيامة، ومن خرج معتمرا فمات كتب له أجر المعتمر إلى يوم القيامة، ومن خرج غازيا فمات كتب له أجر الغازي إلى يوم القيامة”.
وفي الصحيحين عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما قَالَ: بَيْنَمَا رَجُلٌ وَاقِفٌ بِعَرَفَةَ إِذْ وَقَعَ عَنْ رَاحِلَتِهِ فَوَقَصَتْهُ -أَوْ قَالَ فَأَوْقَصَتْهُ- قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: “اغْسِلُوهُ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ، وَكَفِّنُوهُ فِي ثَوْبَيْنِ، وَلَا تُحَنِّطُوهُ وَلَا تُخَمِّرُوا رَأْسَهُ، فَإِنَّهُ يُبْعَثُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مُلَبِّيًا”. (والسدر: شجر النبق، يجفف ورقه ويستعمل في التنظيف)
فيا لفرحته ويا لسعادته ذلكم الذي يموت هنالك في إحرامه، يبعث يوم القيامة ملبيا، والناس يبعثون من قبورهم في فزع وقلق، وخوف وفرق، والأهوال جسيمة، والكروب عظيمة، فبينما الحال هكذا يأتي صوت لطالما اهتزت له قلوب، واشتاقت له أنفس، وتهافتت عليه أرواح، وطربت له آذان، ورددته ألسن، ودمعت له عيون، يبعث ملبيا يردد نشيج الحجيج يقول: (لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك).
الخطبة الثانية:
المقدمة: الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله ….
أما بعد: فقد كان الصالحون –وما زالوا- تهفوا أرواحهم، وتطير قلوبهم، وتشتاق نفوسهم، وتدمع عيونهم في مثل هذه الأيام شوقا لبيت الله الحرام.
فها هي أم أيمن -امرأة أبي علي أحمد بن عطاء الروذباري- تخرج من مصر وقت خروج الحجيج إلى الصحراء، والجِمالُ تمر بها، وهي تبكي وتقول: (واضعفاه … واضعفاه!! هذه حسرة من انقطع عن البيت، فكيف تكون حسرة من انقطع عن ربِّ البيت).
وكان بعض الصالحين يتحسر إذا فاته الحج، ويقول: (لئن سار القوم وقعدنا، وقربوا وبعدنا فما يؤمننا أن نكون ممن قال الله فيهم: {… وَلَكِنْ كَرِهَ اللَّهُ انْبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ وَقِيلَ اقْعُدُوا مَعَ الْقَاعِدِينَ} (التوبة: 46).
عباد الله! لقد أمرنا نبينا –صلى الله عليه وسلم- وحضنا، ورغبنا وحثنا على تعجيل الحج، وحذرنا من التهوان فيه: فعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله -عنهما- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: “تَعَجَّلُوا إِلَى الْحَجِّ -يَعْنِي الْفَرِيضَةَ- فَإِنَّ أَحَدَكُمْ لَا يَدْرِي مَا يَعْرِضُ لَهُ”. رواه أحمد، وصححه الألباني. وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَالْفَضْلِ أَوْ أَحَدِهِمَا عَنْ الْآخَرِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: “مَنْ أَرَادَ الْحَجَّ فَلْيَتَعَجَّلْ فَإِنَّهُ قَدْ يَمْرَضُ الْمَرِيضُ وَتَضِلُّ الرَّاحِلَةُ وَتَعْرِضُ الْحَاجَةُ”. رواه الإمام أحمد وابن ماجه، وحسنه الألباني.
وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “استمتعوا بهذا البيت، فقد هدم مرتين ويرفع في الثالثة”. رواه البزار، والطبراني في الكبير، وابن خزيمة وابن حبان، والحاكم وقال: صحيح الإسناد، وصححه الألباني. وقال ابن خزيمة: قوله: “ويرفع في الثالثة” يريد بعد الثالثة. وفي الصحيحين عن أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- عَنْ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: “يُخَرِّبُ الْكَعْبَةَ ذُو السُّوَيْقَتَيْنِ مِنْ الْحَبَشَةِ”. والسُّوَيْقَتَيْنِ: تَثْنِيَة سُوَيْقَة، وَهِيَ تَصْغِير سَاقَ، أَيْ لَهُ سَاقَانِ دَقِيقَانِ.
وروى البيهقي بسنده عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: (لقد هممت أن أبعث رجالاً إلى هذه الأمصار، فينظروا كل من كان له جدةٌ ولم يحج، فيضربوا عليهم الجزية، ما هم بمسلمين، ما هم بمسلمين)
فحجوا عباد الله قبل ألا تحجوا، قبل أن تخرب الكعبة، ويرفع البيت الحرام. حجوا قبل أن توافيكم المنية، ويقبض أرواحكم رب البرية. فبادروا بصالح العمل، قبل أن يوافيكم الأجل، واحذروا طول الأمل، فالعمر يمضي على عجل.
فيا من صحح الله لكم أجسادكم، وملككم الزاد والراحلة، ولم تحجوا حجة الإسلام بعد! حجوا قبل ألا تحجوا، حجوا قبل أن تخرب الكعبة، واستمتعوا باليت قبل أن يرفع، حجوا قبل أن ينزل بساحتكم الموت، حجوا قبل يأتيكم الفوت.
فالصحيح أن الحج واجب على الفور على من كان مستطيعا، قال ابن قدامة -رحمه الله- في (المغني): من وجب عليه الحج, وأمكنه فعله, وجب عليه على الفور, ولم يجز له تأخيره. وبهذا قال أبو حنيفة ومالك، لقول الله تعالى: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً …} (آل عمران: 97). والأمر على الفور، ومعنى أن الأمر على الفور: أنه يجب على المكلف فعل المأمور به بمجرد التمكن من فعله، ولا يجوز له تأخيره من غير عذر. فهذا لمن لم يحج حجة الإسلام.
عبارات الحج والعمرة
وأما من حج قبل، فدونه قولَ النبي صلى الله عليه وسلم: “تَابِعُوا بَيْنَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ، فَإِنَّهُمَا يَنْفِيَانِ الْفَقْرَ وَالذُّنُوبَ كَمَا يَنْفِي الْكِيرُ خَبَثَ الْحَدِيدِ وَالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ”.
وعن أبي سعيد الخدري –رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: قال الله تعالى: {إن عبدا صححت له جسمه، ووسعت عليه في المعيشة يمضي عليه خمسة أعوام لا يفد إلي لمحروم} رواه ابن حبان وغيره، وصححه الألباني.
وكان السلف الصالح يتابعون بين الحج والعمرة، فقد حج ابن المسيب: أربعين حجة. وحج الحسين بن علي -رضي الله عنهما- خمساً وعشرين حجة ماشياً. وحج أبو داود ستين حجة. وحج أبو محمد عبد الملك الأنصاري سبعاً وسبعين حجة. وقَالَ الحسنُ بنُ عمران ابن أخي سفيان بن عيينة: حججتُ مع عمي سفيان آخر حجة حجَّها سنة سبع وتسعين ومائة، فلمَّا كنا بجمع وصلى استلقى على فراشه، ثم قَالَ: قد وافيتُ هذا الموضعَ سبعين عاماً، أقولُ في كلّ سنة: اللهم لا تجعله آخر العهد من هذا المكان، وإني قد استحييتُ مِنْ الله من كثرة ما أسأله ذلك، فرجع فتوفي رحمه الله.
فاللهم ارزقنا حج بيتك الحرام، عاما بعد عام، وتقبله منا يا رحمن، ولا تحرم خير ما عندك بسوء ما عندنا.
هذا، والله تعالى أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، والحمد لله رب العالمين. وسبحان الله وبحمده، سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك.وللمزيد زوروا موقعنا “لحظات”