موقع لحظات يقدم لكم تحقيق صحفى عن المخدرات وما هى المخدرات وتعريفها ☺
المخدرات من أخطر الآفات التي تواجه أفراد المجتمع، حيث تؤدي إلى تدمير الأجيال وتدمير مستقبلها، وتدفع بهم نحو الجريمة، والعنف، والسرقة، من أجل توفير الأموال اللازمة لشراء المخدرات، إلا أنه من الممكن الوقوف في وجه هذه الآفة من خلال تتكاف المجتمع وتراصه، وعدم السماح لمروجي وبائعي المخدرات من اختراق أبناء وبنات المجتمع.☺♥☺♥
تحقيق صحفي قصير عن المخدرات
مما لاشك فيه أنّ المخدرات من أخطر الآفات التي تواجه أفراد المجتمع، حيث تؤدي إلى تدمير الأجيال وتدمير مستقبلها، وتدفع بهم نحو الجريمة، والعنف، والسرقة، من أجل توفير الأموال اللازمة لشراء المخدرات، إلا أنه من الممكن الوقوف في وجه هذه الآفة من خلال تتكاف المجتمع وتراصه، وعدم السماح لمروجي وبائعي المخدرات من اختراق أبناء وبنات المجتمع.
تعريف المخدرات
المخدرات هي مجموعة من المواد التي يدمن عليها متناولوها، لهذا يحظر تداولها، أو اقتناؤها، أو زراعتها، أو تصنيعها إلا عند تحديد أغراض استعمالها وفقاً للقانون وبعد إصدار تراخيص خاصة بذلك، وتشمل المخدرات: الأفيون ومشتقاته، وعشبة الحشيش، وعقاقير الهلوسة، بالإضافة إلى الكوكايين، و أنواع المنشطات المختلفة.
انواع المخدرات
المخدرات هي مجموعة من المواد التي يدمن عليها متناولوها، لهذا يحظر تداولها، أو اقتناؤها، أو زراعتها، أو تصنيعها إلا عند تحديد أغراض استعمالها وفقاً للقانون وبعد إصدار تراخيص خاصة بذلك، وتشمل المخدرات: الأفيون ومشتقاته، وعشبة الحشيش، وعقاقير الهلوسة، بالإضافة إلى الكوكايين، و أنواع المنشطات المختلفة.
أنواع المخدرات
المخدرات الطبيعية
تشمل النباتات التي تحتوي على المادة المخدرة، والتي يمكن أن يحصل عليها الإنسان من الطبيعة، دون وجود أي تدخل أو تعديل صناعي عليها، ومن أهم أنواع المخدرات الطبيعية: الأفيون، والبانجو، والقات، والحشيش، والكوكا.
مخدرات نصف تصنيعية
هي مجموعة المخدرات التي يتم استخلاصها من الأعشاب الطبيعة، ثمّ معالجتها كيميائياً، مثل: المورفين، والهيروين، والكوداين المستخلصة من عشبة الأفيون، بالإضافة إلى الكوكايين المستخلصة من أوراق شجر الكوكا.
المخدرات المصنعة
يقصد بها المخدرات التي يتم إنتاجها من خلال التفاعلات الكيميائية دون وجود أي نباتات أو أعشاب، مثل: السيكونال والكبتاجون والترامادول.
تحقيق صحفى عن المخدرات
ليس من الصَّعب التَّعرف عليهم، فبصمتهم واضحة مميزة .. وملامح أجسادهم لا تخفى على بسيط.. عيونٌ مشجَّرة باحمرارٍ .. غائرةٌ في كهوف وجوههم مُهالةٍ بسوادٍ مُزعج.. يشوبها نعاسٌ غير حقيقيّ، إذ تكاد تُطبِق إلا قليلاً.. وبالوجه عتمةٌ ليست مألوفة وهزالٌ بالجسدِ يوحي بالأَرَق..
متعاطون لم يصلوا حدَّ الإدمان القاتل بعد، ومدمنون غالباً ما فاتهم قطار النَّجاة.. ورؤوس شياطين لتجار ليسوا ببسطاء ولا أغبياء ليورِّطوا أجسامهم وصحتهم في سمٍّ لا يُقدّم من شيءٍ، وفي وقتٍ لم يبحثوا فيه أصلاً على “الكيف” بل لهثوا فيه خلف “مالٍ” أي كان مصدره..
“فلسطين” جلست معهم وحادثتهم حول بدايات دخولهم “عالم المخدرات”، حتى النهاية التي وصلوا إليها، تعرَّفت على أسباب غوصهم في هذا المستنقع الموحِش الذي غالباً ما يخرج منه صاحبه منبوذاً_ إن خَرَج_ لتلمس بهم ندماً عميقاً محفوراً بكل أقصوصةٍ قصُّوها هنا..
“بانجو” بجانب “البندورة”!
“خليل” ، الذي يبلغ 44 عاماً، رجلٌ أشبه بالمرضى.. تنبعث منه رائحةٌ كريهةٌ تشمئزُّ منها الأنوف، وتغطي ذقنَه الرفيعةَ لحيةٌ مغبّرةٌ غير مرتَّبة، عيناه الداكنتان ترسمان تعاسةً أعمق من الحُفَر، كان يُخلِّلُ أصابعه بشعر لحيته الرَّثَّة سارحاً في أفقٍ بعيدٍ وكأنه في واقعٍ آخر..
عاش طيلة حياته مزارعاً، يفلح في أرضه التي توارثها عن أجداده، متزوج من أربع نساءٍ ولديه من الأولاد الكثير، تحدَّث عن قصته بامتعاضٍ وتأفُّف وكأنه يقول:”أوجزي.. لا تكثري من السؤال فلستُ في حالٍ رائق”!.
وبكلماتٍ مسحوبةٍ مُقتضبة قال: “عشرون عاماً قضيتها في تعاطي البانجو، فإلى جانب الخضرة التي زرعتُها كنت أزرع البانجو وأتعاطاه، إذ بدأتُ زراعته عندما كنت شاباً في السادس والعشرين من عمري، بنصيحةٍ من جماعةٍ من الأصدقاء الذين كانوا يتعاطونها، ومرَّت الأعوام وأنا على تلك الحال، حتى ضاقت بي الدنيا وتذكرت الفكرة الشيطانية التي عرضها عليَّ الأصدقاء:”خبطة واحدة وبتزبط حالك”، فزرعتها في بداية عام 2000 بنية التجارة، لكني بتلك الخبطة لم أستفد غير البهدلة”.
عشرون عاماً قضيتها في تعاطي البانجو، فإلى جانب الخضرة التي زرعتُها كنت أزرع البانجو وأتعاطاه، إذ بدأتُ زراعته عندما كنت شاباً في السادس والعشرين من عمري، بنصيحةٍ من جماعةٍ من الأصدقاء الذين كانوا يتعاطونها
المدمن خليل
في المقابر والخرابات
“بسام” ويبلغ 32 عاماً، أحد متعاطي المخدرات والذي صعد سُلَّمَها تدريجياً حتى وصل إلى تدخين “الحشيش”، يقول:”درست المرحلة الإبتدائية فقط، ومن بعدها كنت أذهب للمدرسة لمجرَّد الخروج من البيت، وعندما بلغت الثانية عشرة التففتُ على شلَّة من الرفاق علّمتني التدخين، فصرنا نهرب من المدرسة إلى المقابر والخرابات ندخّن دون أن يعلم أحد بحالنا، من ثم تعلَّمت الحدادة وتركت المدرسة نهائياً، حتى بلغت السادسة عشرة فتطوَّرْتُ من مدخنٍ للسجائر إلى “شرّيب” خمور في السهرات والحفلات وفي الرحلات على شاطئ البحر، في الوقت الذي انتشرت فيه “الخمَّارات” في غزة”.
وبعد قضاء سهرةٍ طويلةٍ حافلةٍ بالخمور والمجون كان “بسام” يعود لبيته مترنحاً، يجد أهلَه يغُطّون في سُباتٍ عميق، مما سهَّل عليه تلك الحياة، إلى جانب توفر المال الذي كانت تدرُّه عليه مهنة الحدادة.
لم يقف الأمر لدى “بسام” عند هذا الحدّ، فقد وصلت به الجرأةُ أن يتعاطى الحبوب المخدّرة والتي وصلت إلى ثلاث حبات يومياً وزادت لتصل إلى تعاطي البانجو والحشيش حسب قوله.
ويذكر بقية القصة في التالي: “كنت في الثامنة عشرة عندما اجتمعت ورفاقي في سهرةٍ لأحد الرفاق، وكالعادة كنا قد شربنا الخمر وتعاطينا الحبوب المخدرة، حتى اقترب منا رجلٌ كبير يلف بين إصبعيه سيجارة غريبة ويدخنها، فساقني فضولي أن أجربها لكن الرجل رفض، وبإلحاحي أعطاني شتلة صغيرة وعلّمني كيفية تعاطيها فلم يكن الأمر صعباً، فقصصتها ولففتُها وبدأت في أخذ نفسٍ فاثنين فثلاثة حتى شعرت بها تضرب بأعصابي وبدأت أغيب عن الوعي”.
وهنا بدأت رحلةٌ جديدةٌ في حياة “بسام” دامت عامين، لم تنتهِ إلا عندما تطوَّرت لتعاطي الحشيش والتي استمرت حتى بلوغه الثلاثين وأكثر، سألتُه كيف كنت تجد تجَّارَه؟ أجاب:”المكان المشبوه لم يكن يخفى على أحد، ومن يبحث عن ضالته لن يتوه عنها..”!
رفقة سوء
وفي اجتماعٍ آخر للرفاق، “رائد” البالغ 23 عاماً لم تبدأ حياته بتعاطي المخدرات تدريجياً إنما دفعةً واحدة، عندما خرج من بيت أهله قاصداً بيته الجديد الذي بناه بتعبه _حسب قوله_ فقد كان يجتمع برفاقه الخمسة يومياً في مجلس بيته البعيد عن بيت أهله، حتى جاء أحدهم بسيجارة الحشيش، ووزعها على الجميع، وبالطبع لم يُفشِّله أحدُهُم بل شاركوه وطلبوها ثانيةً واعتادوا على تدخينها كل ليلة”.
يقول رائد:” كانت جلساتنا محفوفةٌ بالضحك والمسخرة والطيش واللاشعور.. لم نكن نشعر إلا بالدائرة التي نحن فيها، حتى أن أمر السيجارة لم يعد يكفينا فبتنا نستخدم الزجاجة”.
كان رائد قد أطلق على تلك الزجاجة مصطلحاً غير مألوفٍ باسم “بَنْجْ ” أو “بكبوك”!
استمرَّ الحال مع “رائد” مدة ست سنوات، أي عندما كان في السابعة عشرة من عمره، لكنه اليوم يندم على فعلته مستفيداً من خبرات الآخرين فيختم حديثه بالقول:”لن أعود إليها ثانيةً، لن أخسر حياتي وصحتي ومستقبلي من أجل سيجارة..”.
رأس الأفعى
“أيمن” البالغ 32 عاماً، والذي أكّد الكثيرون من منطقته أنه يتاجر بالمخدرات مذ كان في الخامسة عشرة من عمره، لم يشأ أن يُصوّر نفسه أمامي بالمجرم الذي تتلمذ على يديه الكثيرون من التجار والمتعاطين، بل بدا يرسم لنفسه صورةً مظلومةً متخيلاً نفسه القط الوديع الذي وقع فريسةَ الكلاب الشرسة، وكأنه كذب الكذبة وصدَّقها محولاً الأمر أغلبَه إلى ابن خاله.
كنت أذهب خفيةً لابن عمتي لأجد ضالتي هناك بعد أن أُلهي والدي عن مراقبتي، وبالوقت نفسه كنت أذهب لـ(إسرائيل) وأعمل هناك وأصرف كل ما أحصله في شراء الحشيش، حتى في المدرسة لم أكن أدرس بل كنت أشرب الحشيش تحت أشجار المدرسة وفي الملعب
المدمن عدنان
فيقول:” ابن خالي -وزوج أختي- تاجر مخدرات كبير، كان يجبر زوجته على مساعدته في تجهيز أغراض المخدرات، فكانت تفعل كما يأمرها وهي تبكي على حظها النحس الذي جمعها به، والذي تورَّطَتْ به بسبب الأولاد، حتى تمَّ القبض عليه وإلقاؤه في السجن، فلم يزُره أحد أو يسأل به، فرحت له في زيارةٍ ذات مرةٍ بطلبٍ من زوجته وبرفقتها، ومرةً أخرى زرته وحيداً فطلب مني أن أذهب لإحدى الشقق التي لا يعلم بها أحدٌ غيره، كي أُحضِر من أحد الخزائن كيساً صغيراً فيه شيء مهم للغاية”.
بالطبع إنه شيءٌ مهمٌ للغاية لأولئك التجار اللاهثين خلف المال حتى وإن كان حراماً، فقدر 275 جم من الكوكائين كفيلٌ بجني مالٍ وفير هو بالحقيقةٍ سمٌ في بدن من يستخدمه بأي حال.
لقد ذهب “أيمن” إلى الشقة وحصل على كيس الكوكائين بتلك الكمية، وقرَّر أن يتدبَّر أمره بأي طريقةٍ كانت بناءً على طلب ابن خاله، الذي خاف من أن تقع تلك الكمية في يد المباحث فيكون عقابه وخيماً، وفعلاً استطاع بيع “الكوكائين” بسهولةٍ والحصول على مبلغٍ ليس قليلاً، الأمر الذي يؤكد أنه “رأسٌ كبيرةٌ في تجارة المخدرات وليس قطة كما أراد تصوير نفسِه، فالسرعة في بيعها دليل مِراسِه في هذا العمل وخبرته الطويلة، أما عنه فقال حرفياً :”لقيتها شغلة مْوَفْية”.. وكأنه لم يكن رآها كذلك من قبل!!
لكن وحسب حديث أيمن الذي بدا كثيرٌ منه ملفقاً ليُظهِر نفسه ضحية، فقد اتبع طريق تجارة المخدرات من أجل كسب المال الذي أراد به قتل شخصٍ ما للأخذ بثأر قريبٍ عزيز! وبذلك فإنه ومهما حاول تبرير فعلته يبقى مداناً..
ويذكر “أيمن” أن أخاه الذي يصغره بقليلٍ يتاجر بالمخدرات هو الآخر ولكن بطريقةٍ أكثر نباهةٍ منه، ليصدق من قال:”فرخ البطّ عوَّام..”.. المهم أن “أيمن” فوجئ بالأمر ولم يقبله على أخيه، ونصحه كثيراً لأنه عالِمٌ بخطورته، فلم يمتثل لنصائحه.. فما كان منه إلا أن ذهب للتاجر الأكبر وهدّده إن هو تعامل مع أخيه وأعطاه المخدرات!! ولكن هل يمكن لفاقد الشيء أن يعطيه؟
والغريب أن “أيمن” لم يرتدع بالأيام الكثيرة التي ضاعت من عمره في السجن ، فقد حوصِر أكثر من مرَّةٍ من قِبَل رجال الأمن فما كان منه إلا أن أطلق النار عليهم وصدم بعضهم بسيارته عن عمد وهو لا يعلم أنه يودي بنفسه للهاوية..وربَّما يعلم ولم يكترث!
مشوار الموت
حتى هذا المقام فإن “فلسطين” لم تطرق باب المدمنين بعد، الذين هم أشدُّ سوءاً ومرضاً وتدهوراً من المتعاطين دون الوصول لمرحلة الإدمان الذي غالباً ما يخلِّفه الكوكائين، فحالهم للأسف يُرثَى لها، وعلامات الموتِ البطيء تستحوذ على أكبر مساحةٍ من أجسادهم، كيف لا وقد أصيب الكثير منهم بفيروس الكبد الوبائي الذي يتغلغل بالجسد فيصرعه، وللبقيةِ حديثٌ على صفحات هذا التحقيق..
مدمن يروي قصته
“عدنان”.. تعدّى الأربعين بثلاثة أعوام، لا يخفى على أي أحدٍ مرضُه، حتى وإن لم يتمكن تحديده بالضبط، فقد تحدَّث جارَّاً كلماتِه بصعوبةٍ تخنق من يقابله.. هكذا كان شعوري بمجرَّد أن بدأ بالحديث عن قصته الجحيمية التي خلَّفت وراءها مريضاً مُجرَّح الصّدر لكثرة ما نهش جسده حال انتهاء مفعول المخدر الذي سمَّم بدنه ودمه وروحَه..
لقد بدأ “عدنان” مشوار موته بتعاطي الحشيش أولاً في وقتٍ كان فيه بعمر السادسة عشرة، في عام 1986 أي قبل الانتفاضة الأولى بقليل، وفي الوقت الذي كانت فيه (إسرائيل) مفتوحة الأبواب على غزة، ووقتها خرج من بيت أهله مكدراً غضِباً من والده الذي كثيراً ما ضيَّق الحال عليه وقيَّد حريته.
وتلك القصة يرويها بنفسه:” خرجت من بيتي وسواد الدنيا يملأ عينيَّ وفكري، بعد نقاشٍ حادٍ هبَّ بيني وبين والدي، فخرجت ضارباً بعرض الحائط كل من خلفي والحزن والكآبة يعتصراني، فما كان لي من ملاذ غير ابن عمتي الذي يكبرني بقرابة العشرين عاماً.. ذهبتُ إليه فرحَّب بي أعظم ترحاب، كان يمسك بزجاجةٍ ويشرب، فطلبت منه مشاركته فلم يبخل عليَّ.. وبفعل تلك الزجاجة لم أستطع التوازن وبِتُّ في عالمٍ آخر..”!
الهدف الأساسي من تلك الحملة هو إيجاد ثقافة وقائية حول آفة المخدرات لتجنب الناس خطر الوقوع فيها وبالذات الأبناء ، والتعرف بسهولة من خلال الندوات التي تقيمها تلك الحملة على مؤشرات الانحراف عندهم وطرق علاجه
أبو ندي
لكن الأمر لم يخفَ على والده بعد أن شربها مرات عديدة، فعنفه وضربه ضرباً مبرحاً بعد أن أوضح له أنها طريقٌ لا خلاص منها خاصة وأن والده نفسَه مشى فيها.. لكن لا النصح ولا التعنيف ولا الضرب كان فعالاً في تربية “عدنان” المتأخرة!
يقول “عدنان”: “كنت أذهب خفيةً لابن عمتي لأجد ضالتي هناك بعد أن أُلهي والدي عن مراقبتي، وبالوقت نفسه كنت أذهب لـ(إسرائيل) وأعمل هناك وأصرف كل ما أحصله في شراء الحشيش، حتى في المدرسة لم أكن أدرس بل كنت أشرب الحشيش تحت أشجار المدرسة وفي الملعب”..
فجأة هبَّت عواصف الانتفاضة فانقطع الحشيش واختفى التجار لأنهم بلا شك في تلك المرحلة كانوا مهدّدين بالقتل، ومن بينهم ابن عمته الذي دلَّه على تلك الطريقة الموحلة، فلم يكن أمامه سوى اللجوء “للبودرة”، تلك التي أدمنها فقتلته في الوقت الذي بلغ فيه 18 عاماً فقط.
ويواصل عدنان:”كنت أذهب لـ(إسرائيل) فتعرفت على اليهود واشتريت الكوكائين وجئتُ بها وصرت أشمّها بحدود ثلاث مرات يومياً، فإن غابت أنام بألم فقدانها فأكون كالميت وقت الاحتضار وإن وُجِدت أنتعِش”!.
لأجلها سرق زوجته
ويضيف:”بقيت على تلك الحالة أشمُّ البودرة مدة سبعة شهور حتى لم يعد الشمُّ يأخذ مفعولَه في جسدي.. ومن بعدها أُغلِقت (إسرائيل)..”.
هنا.. لم يكن أمام “عدنان” سوى المكوث مع أهله مضطراً، فتزوَّج بنصيحةٍ من أمه حتى “تروق وتعقل” حسب ظن الأم، بعد أن ذهبت به لأحد الأطباء، حتى مضت أربعة شهور انقطع فيها “عدنان” عن ذاك السمَّ نهائياً، وحسب قوله فإن جسده اعتاد على تركها لكنها بقيت تروح وتجيء كطيفٍ في رأسه وحلمه، يغفو ويصحو يفكر بها فتطارده!.. حتى عرضها عليه أحد أصدقائه، وكالمجنون قَبِلَ بشمَّةٍ مقابل 50 شيكلاً كانت تساوي الكثير في زمنه.
لكن الشيطان لم يغفل عنه لحظة، إذ سوَّلت له نفسُه أن يسرق ذهب زوجته لشراء ذاك السمّ، ففعل دون تردُّد واشترى، ليُكشَف أمره بعدها مباشرة وهنا يقول عدنان:”غادرت زوجتي البيت وذهبت لأهلها مصدومةً، أما أبي فقد حبسني في إحدى غرف البيت وغلَّق الباب عليَّ وحذر والدتي من فتحه”.
وفي فترة حجزه فرغ ما كان لديه من بودرة، فما كان منه إلا أن يتحايل على والدته وإقناعها بفتح الباب لقضاء حاجة ماسة جداً، ففتحت له ولَوَت ذراع زوجها وألقت بوصيته وتحذيراته.. وفرَّ عدنان لـ(إسرائيل) عبر “إيرز” دون أن يلتفت خلفه..
هناك.. اشتغل عدنان وحصل على المال الذي كان يضيعه مباشرةً في شراء المخدرات، حتى وصل به الأمر أن يستنشق سم المخدرات كل ساعةٍ.. مما دفعه لترك العمل قليلاً من الوقت فترة استنشاقها، الأمر الذي أزعج رئيس العمل ومن ثمَّ أراد أن يجلب له الراحة التي تنعشه من الصباح حتى المساء.. الراحة بالحُقنة .. تلك التي وقع بين مخالبها فريسةً طريةً فمَضَغَتْه!
لم يكن “عدنان” يفكر في شيء آخر غير الحصول على تلك الحقنة، فاعتاد دفع أي ثمنٍ كي يحصِّلها.. اعتاد العمل والسرقة وأي شيءٍ يمكن أن يجلب له “حقنة”..
في تلك المرحلة كان “عدنان” في ريعان شبابه.. كان يزيد عن العشرين بعامين فقط بالوقت الذي كان يحقن أوردته بأربع وجباتٍ يومياً كفِلتْ له أن يكون مدمناً بأقصى درجات الإدمان.. بل مدمنٌ حدَّ العبودية!!
النهاية المؤلمة
ومرَّت السنون و”عدنان” على نفس الحال، يحقن دمَه بالسمِّ فيشعر بنفسه طائراً في السماء وكل من حوله يقبعون في الأرض!! وما إن ينتهي مفعول السمِّ المخدّر حتى يؤنبه ضميره ويأسف على نفسه المدمّرة دون أن يتراجع عنه!!
واليوم.. “عدنان” الأب الذي حرَم أبناءه وبناته من أن يكون لهم قدوة صالحة، والذي حرم نفسه وأهلَه من عيشةٍ هنيةٍ سويّة .. يقبعُ تحت رحمة فايروس الكبد الوبائي الذي ما أصابه إلا لكثرة ما نَفَثَ سمّ المخدرات بدمه وأوردته.
ولو عدنا لماضي “عدنان” فقد سار والدُهُ بهذا الطريق المُختلّ، وبذلك مهَّد التربةَ أمام ابنه وسمَّدها، وعندما وقع ابنه بنفس الفخ الذي وقع به والده بل وأكثر من والدِه، حاول الأب تقديم النصيحة تارةً لأنه جرَّب بشاعة تلك الطريق وتارةً أخرى ضربه وسجنه، لكن أياً من هذه الإجراءات لم تفلح معه، بل تمادى فيه أكثر، وإن ضاع “عدنان” اليوم فرُحماك ربي في الأسرة القادمة التي خلَّفها من بعدِه..
حب التجريب هو بالغالب أول ما يدفع بالشخص لهذا الطريق، وذلك عادةً ما يكون عن طريق رفاق السوء، إلى جانب الواقع السيئ الذي يعيش به مجموعة من الأشخاص نتيجة عدم توفر فرص العمل، كذلك فإن التفكك الأسري والطلاق وسوء العلاقة بين الأشخاص في الأسرة الواحدة من شأنها أن تكون سبباً لتعاطيها
د. دلول
فضول
ليس “عدنان” وحده الذي أصيب بفايروس الكبد الوبائي المُعدي، نتيجة إدمانه على المخدرات خاصة المتمثلة بالكوكائين من خلال الحقن، فقد التقت “فلسطين” مع جمال البالغ 32 عاماً والذي أُصيب هو الآخر بذاك الفايروس الخطير، وبحكم عدد السنين الأقل التي أدمن فيها “جمال” على المخدرات فقد كانت ملامحه أقل سوءٍ بقليلٍ من سابقه، دون تجاهلٍ لعينيه الناعستين المحمرتين، وشفتيه الأقرب للازرقاق، ووشم كفِّه الغريب!
يقول “جمال”:” كنت أعمل في (إسرائيل) عندما شربت البيرة منذ كنت في الثالثة والعشرين من العمر، وفي اجتماعٍ مع بعض اليهود والعرب قدَّم لنا أحدهم تلك “الزجاجة” المعهودة في عالم المخدرات، وبدون تردد جربتها فلم أشعر بتغير يُذكَر”، إذ يذكر “جمال” أنه لم يتأثر لأن مفعول الخمور التي شربها قبل وقتٍ قصير من شرب “الزجاجة” لم يكن قد انتهى بعد، ومن ثم فإنه لم يُعِد شربها ثانيةً..
ومع بداية الانتفاضة عاد “جمال” لغزة في وقتٍ انقطعت فيه الخمور، فلم يكن أمامه سوى اللجوء لبديلٍ عن الخمور، فاتجه للبانجو الذي كان متوفراً آنذاك حسب “جمال”، ومن ثم لجأ بعدها للحشيش، وعندما سمع “جمال” عن الكوكائين فكَّر في تجريبه بل ومما أثار فضولَه غير السَّويِّ سماعه عن كثرة معاناة مدمنيها.. فأحَبَّ التعرف على السر في تلك المعاناة، وفعلاً تعرَّف عليه وابتلي بها!
مكافحة المخدرات
ويتزامن عرض هذا التحقيق مع الحملة الوطنية لمكافحة المخدرات في القطاع والتي انطلقت بتاريخ 26/6/2010 وستستمر حتى 19/9/2010، وذلك بمشاركة مؤسساتٍ أهليةٍ ورسمية ٍ بالتعاون مع وزارة الداخلية.
وفي حديثٍ “لفلسطين” مع رئيس الحملة كمال أبو ندى “المستشار الثقافي لهيئة التوجيه السياسي والمعنوي” أوضح أن الهدف الأساسي من تلك الحملة هو إيجاد ثقافة وقائية حول آفة المخدرات لتجنب الناس خطر الوقوع فيها وبالذات الأبناء ، والتعرف بسهولة من خلال الندوات التي تقيمها تلك الحملة على مؤشرات الانحراف عندهم وطرق علاجه.
وأضاف: “كذلك فإن الحملة تهدف لخلق وعي عام حول العلاقة القائمة بين تجارة المخدرات والاستهداف الصهيوني”، منوهاً إلى أن معظم تجار المخدرات هم عملاءٌ والحكم بإعدامهم بعد انتهاء الحملة لمن لم يرتدع ويتوب حكماً غير ظالم لأن تجار المخدرات مفسدون في الأرض حسب أبو ندى.
ويواصل:”الحملة حملت على عاتقها القيام بالبرامج المتنوعة من خلال الندوات الجماهيرية التثقيفية إلى جانب الندوات التي تؤصل وتقوي الوازع الديني كذلك توضيح التأثيرات الصحية الخطيرة على حياة المتعاطي، والتأثيرات السلوكية والمجتمعية والنفسية، ليس هذا فحسب فحتى الخطب في المساجد لن تغفل عن التضامن مع تلك الحملة”.
ونوَّه أبو ندى إلى أن الحملة استهدفت أيضاً نزلاء مراكز التأهيل والإصلاح، والمعتقلين وشملتهم ببرامجها القاسية في الوقت الممتعة في المضمون لأنهم ضعفاء من الناحية الدينية إذا ما قورنوا بغيرهم.
وعن عدد النزلاء المتعاطين في سجون القطاع أكَّد أبو ندى أنهم لا يتجاوزون 180 نزيلاً، وهذا يعني أن قضية تعاطي المخدرات ليست ظاهرة.
وأعرب أبو ندى عن أمله في أن تنتهي الحملة بالإفراج عن كافة النزلاء الذين يثبت توبتهم وإقلاعهم بقناعة، مشيرًا إلى أن معظم من يعتقلون بتهمة المخدرات هم من الشباب الذين وقعوا في هذا الفخ نتيجة جهلهم ورغبتهم بالحصول على المال.
أسباب
وقد بيَّن الطبيب النفسي د. منذر دلُّول الأسباب التي قد تدفع بالشخص للجوء لتعاطي المخدرات معتبراً أن حب التجريب هو بالغالب أول ما يدفع بالشخص لهذا الطريق، وذلك عادةً ما يكون عن طريق رفاق السوء، إلى جانب الواقع السيئ الذي يعيش به مجموعة من الأشخاص نتيجة عدم توفر فرص العمل، كذلك فإن التفكك الأسري والطلاق وسوء العلاقة بين الأشخاص في الأسرة الواحدة من شأنها أن تكون سبباً لتعاطيها، والبعض يلجأ إليها معتقداً أنها مخرج من موقفٍ أو واقعٍ مؤلمٍ يعيشه دون أن يدري أنها بداية الدمار النفسي والأسري والاجتماعي، لما فيها من استنزافٍ للوضع الاقتصادي أولاً وكثيرٍ من المشاكل الأخرى ثانياً.
يقول د. دلُّول:” إذا ما أدمن الشخص على المخدرات فإنه لن يتراجع في الوقوع في انحرافاتٍ كثيرةٍ أخرى كالكذب وسرقة الأهل أو الزوجة وأمور أخلاقية أخرى كثيرة من أجل الحصول على المال الذي يحصل به على المادة المخدرة.
وعن كيفية التعرف على متعاطي المخدرات أوضح د. دلُّول أن علامات تعاطي المخدرات تكون واضحة على المتعاطي فما بين سن “11- 17” تقريباً فإن التسرب من المدارس قد يكون أحد المؤشرات، كذلك فإن التفكُّك والاتجاه للعصابات والشلل مؤشر آخر، إلى جانب الخمول في البيت وعدم الذهاب للمدرسة وإقامة العلاقات مع رفاق السوء وتدني مستوى التركيز والدراسة وسوء العلاقة مع المدرسين وسوئها كذلك مع الأهل والعصبية المفرطة لدى الشخص واستخدام الألفاظ البذيئة وتحدِّي المواقف خاصة الأهل والإخوة الكبار وعدم الاهتمام بالمظهر وغيرها الكثير من المؤشرات قد تكون دليلاً على تعاطي الشخص للمخدرات حسب د. دلول.
لكن ما يزيد الأمر سوءاً هو تعاطف بعض الأهالي مع الأبناء بخلق مبررات لهم والتذرع باسم “المراهقة”، وهذا ما حذّر منه د. دلُّول معتبراً أن العاطفة والحنان والودّ لهم بلا شكّ دورٌ فعال في حياة الشخص حياةً سوية إلا أنها لا تستخدم في كل المواقف والمقامات.
ولو عدنا قليلاً للقصص السابقة التي ذكرها متعاطو المخدرات في هذا التحقيق لوجدنا أن بداية تعاطي أغلبهم لها كانت في سن المراهقة في الوقت الذي لم يكن فيه باب المتابعةِ مفتوحاً أمام الأهالي.
إن في المخدرات إثماً عظيماً، لأن فيها مفاسد كثيرة تمسّ بما كرَّم الله به الإنسان عن غيره، فهي تُعطِّل المصالح العليا ومن ثم فهي من الكبائر التي تُعرِّض الإنسان للعذاب الأليم
د. العنف
الضحية والمجرم
ولكن لو صنَّفنا متعاطي ومدمني وتجار المخدّرات، فهل سنضيفهم إلى قائمة المجرمين أم الضحايا؟ هل يشفع لهم حب التجريب والفضول أو يشفع لهم سن المراهقة أو رفاق السوء أو نقص المال وغيره؟ هل كل الظروف النفسية أو الاجتماعية التي قد يكونون قد مرُّوا بها تشفع لهم وتبرر فعلتهم؟
يقول د. دلول:”الشخصية الضعيفة المهزوزة الاستعدادية التي رَبَتْ في بيتٍ مليء بالمشاكل والعلاقات الأسرية المهزوزة قد تلجأ للتعويض ويسهل عليها الوقوع فريسةً في عالم المخدرات، ومن هنا قد نقول عنها ضحية، وقد نقول عن الشخصية أنها مجرمة عندما تكون مضادَّة للمجتمع والتي غالباً ما تتمثل بتجار المخدرات الذين يبحثون عن المال بشكلٍ نهِم فيجدون المتعة في تلك التجارة وتعمى أبصارهم أمام المال الوفير حتى وإن انحرف تحت أيديهم المئات من الأشخاص”.
ويضيف:”لكن الطرفين لا يعفوان من المسئولية أبداً مهما ألمَّت بالإنسان الظروف والصِّعاب، فشخصية الإنسان مولودة على الفطرة التي تأبى الخطأ والحرام والمنبوذ من المجتمع”.
ويذكر د. دلُّول أن المدمنين القدامى على المخدرات غالباً ما وجدوا التربة الخصبة في (إسرائيل) عندما غادروا غزة وعملوا هناك، في ظل وفرة المال ووفرة المخدرات ووفرة الاستغلاليين المفسدين، مع غياب الرقابة الاجتماعية فلم يكونوا ظاهرين للعيان، أما عندما أغلقت (إسرائيل) بعد الانتفاضة الثانية بدأت المشكلة في الظهور على المدمنين لعدم توفر المادة المخدرة والمال ومن ثم بدأت الآثار النفسية والاجتماعية تظهر عليهم بوضوح.
وللحدِّ من الإدمان يقول د. دلول:”لا بد من توفر رجال مخلصين في قسم مكافحة المخدرات والمراكز المختلفة التي تقدم الخدمات، كذلك فلا بد للأهل من أن يطغى لديهم العقل على العاطفة في التعامل مع الفرد الذي يسلك سلوكاً غير سويّ” إلى جانب توفر القدوة الحسنة من الأساس”.
“ولأن الإدمان هو تكرار استخدام مادة معينة وبدونها لا يمكن لمستخدمها أن يقوم بالمهام المناطة إليه ومن ثم إصابته بأمراض نفسية واجتماعية وصحية مختلفة” كما يقول د. دلُّول، كان لابد من توفر العلاج الدوائي التدريجي إلى جانب العلاج النفسي وتعاون الأهل والمحيطين كذلك لا بد من سيادة الرقابة القانونية التي تمنع إيجاد تلك المخدرات من الأساس.
وختاماً يتأسف د. دلول من عدم وجود مركزٍ تخصصيٍّ لعلاج المدمنين، في الوقت الذي هم فيه بأمس الحاجة إلى دواءٍ تدريجيٍّ وعلاجٍ نفسي.
مسٌّ بالمصالح العليا
ولا يخفى علينا الجانب الديني في هذا المقام، فإن كان الدخول في عالم المخدرات هلاك نفسي واجتماعي وصحي فإن فيه هلاكٌ ومسٌّ بحفظ الجسد والعقل والمال وربما للنسل، حسب ما أورد د. بسام العف المحاضر في كلية الدعوة الإسلامية، والذي قال:”إن كان الله جلَّ وعلا قد حرَّم مشروب الخمر الذي هو بالواقع أقل تأثيراً من المخدرات في قوله تعالى :”يأيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجسٌ من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون..”
وأضاف: “إن في المخدرات إثماً عظيماً، لأن فيها مفاسد كثيرة تمسّ بما كرَّم الله به الإنسان عن غيره، فهي تُعطِّل المصالح العليا ومن ثم فهي من الكبائر التي تُعرِّض الإنسان للعذاب الأليم”. ويضيف:” لقد كرَّم الله الإنسان عن غيره من المخلوقات بالعقل وسخَّر له الكون كله ليستغل عقله في عبادة الله وإعمار الأرض فكيف يعمل على تغييب عقله بإرادته؟!”.
ويواصل:”من هنا فإن تعاطي المخدرات معصيةٌ لله تعالى وحرامٌ شرعاً، ولا بد من توبةٍ نصوح لكل من تعاطاها..”.