الصلاة، الزكاة، الحج، الصيام والكثير من العبادات أمرنا الله عزوجل يالقيام بها، وجعل لكل من يقوم بها الأجر والثواب عنده تعالى، فكل عبادة نقوم بها فإننا نتقرب بها إليه ، وجعل عزوجل مجموعة من الحكم من تشريع هذه العبادات، فمثلاً : الحكمة من الصلاة هي نهينا عن فعل الفحشاء والمنكر، وقراءة القرآن تنير القلب وتزيل الهموم، لكن في هذا المقال سيكون موضوع حديثنا هو الحكمة من تشريع الصيام.

في البداية قبل الحديث عن الحكمة من مشروعية الصيام، لا بد لنا من الحديث عن الصيام، فقد قال تعالى في كتابه الكريم : ” يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ” ، فما المقصود بالصيام ؟

الصيام ليس فقط مجرد الإمتناع عن الطعام والشراب من طلوع الشمس إلى غروبها، بل هو الإمتناع عن القيام بالمعاصي والآثام، ومحاربة الشهوات طاعةً لله تعالى، فالصيام هي العبادة التي ترفع مكانة الإنسان عند ربه، فالإنسان رتبته فوق البهائم كونه يتمتع بالعقل، وهو أيضاً دون الملائكة كونه تغلب عليه الشهوات، فإذا انهمك الإنسان في تحقيق شهواته نزلت رتبته إلى أسفل إلى رتبة البهائم، بينما إذا عمل على قمع شهواته فإنه سيرتفع في رتبته وسيلتحق بالقرب من مرتبة الملائكة، فالملائكة أقرب المخلوقات إلى الله.

كما ذكرنا سابقاً أن الله عزوجل جعل مجموعة من الحكم من تشريع العبادات، والصيام من العبادات التي شرعها الله عزوجل، فما هي الحكمة من تشريع الصيام.

  • أول وأهم حكمة من تشريع الصيام هي تربية الإنسان وإعداد نفسه لتقوى الله عزوجل، ففي الصيام يمتنع الإنسان عن الشهوات المباحة امتثالاً لأوامر الله عزوجل، وبالتالي تصبح لديه ملكة ترك الشهوات المحرمة، فقد قال عزّ وجلّ : ” يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ “.
  • الصوم مدرسة أخلاقية يتخرج منها الإنسان وهو يستطيع التحكم بزمام نفسه ويكبح نفسه عن شهواته، ويكون قد استطاع الامتناع عن فعل الممنوعات والمحرمات.
  • يشبه الله عزوجل عباده المؤمنون الصائمون والمحببون إليه والمقربين منه بأقرب المخلوقات عنده ألا وهم الملائكة المنزهون عن الشهوات فهم لا يأكلون ولا يشربون، ولا يرغبون في شيء إلا في عبادة الله عزوجل وتنفيذ أوامره.
  • في الصوم يشعر الإنسان بما يحل للفقراء والمساكين، ويتعاطف معهم ويرأف بهم ويساعدهم، ويشعر الإنسان بالمساواة بين الغني والفقير فكل الناس سواسية، يصومون ويفطرون في وقت واحد، ولا يتقدم أحد على الآخر.
  • للصيام قدرة عجيبة على الحفاظ على صحة الإنسان، ففيه يتخلص الإنسان من المواد السامة الموجودة في جسمه، فقد قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم – : ” غزوا تَغتنموا، وصوموا تصِحوا، وسافروا تَستغنوا “.
  • الصوم يقهر الشيطان ويذله، لأنه يجري في الإنسان مجرى الدم، كما قال رسولنا الكريم : ” الشَّيْطَان يَجْرِيَ مِنْ ابْنِ آدَمَ مَجْرَى الدَّم ” والصيام يعمل على تضييق مجرى الدم، وبالتالي التخلص من الشيطان ووسوسته.