رمضان شهر التويه

رمضان شهر التويه هذا هم موضوع اليوم على موقع لحظات رمضان شهر التويه اللهم ارزقنا التوبه النصوحه هل من قائل “أمين ” وخاصتا التوبه فى شهر رمضان اعد لكم اليوم فى مقالى هذا اجمل فقرات عن التوبه وهى : شهر الصيام شهر التوبة والغفران , التّوبة في رمضان , اصول العبادات التعاملية تقوم على حسن العلاقة بالله , تعريف التّوبة , العبادة الخالصة نقطف ثمارها في الدنيا والآخرة , حُكم التّوبة , حقيقة الصيام , التمور آية من آيات الله الدالة على عظمته , الدعاء ,  واليكم المقاله اعذائى القراء

شهر الصيام شهر التوبة والغفران

أيها الأخوة الكرام: أطلَّ علينا شهر الصيام، شهر التوبة والغفران، شهر الطاعة والإحسان، شهر الذِّكر والحب:

 

(( فرغم أنف عبد، رغم أنف عبد أدرك رمضان فلم يُغفر له، إن لم يُغفر له فمتى؟))

 

ينبغي للمسلم في رمضان أن يخرج من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم، ومن وحول الشَّهوات إلى جنَّات القربات، ومن مدافعة التدنِّي إلى متابعة الترقِّي.

 

موضوع الخطبة اليوم: وقفة متأنِّية عند آيات الصيام، وقبل أن نقف هذه الوقفة، لابد من مقدمة.

 

الإسلام أيها الأخوة دين الله الذي ارتضاه لعباده، وهو المنهج القويم الذي ينبغي للإنسان أن يسير عليه، تطبيق هذا المنهج عن إيمان وإخلاص هو جوهر العبادة، تطبيق هذا المنهج الذي أنزله الله على نبيه إيماناً واحتساباً هو جوهر العبادة، والعبادة أيها الأخوة هي على وجودنا، قال تعالى:

﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ﴾

[سورة الذاريات: 56

التّوبة في رمضان

يُعين الله -تعالى- عباده في شهر رمضان المُبارك على أداء العبادات؛ بتسهيل الطريق المُؤدّية إليها، ويجد المسلم في هذا الشهر دافعاً للتّوبة عن كلّ معصيةٍ ارتكبها، ففي كلّ سنة يحلّ فيها شهر رمضان الفضيل يُجدَّد طريق التّوبة والتغيير في علاقة العبد مع الله تعالى،

فقد قال النبيّ صلّى الله عليه وسلّم: (إذا كان أولُ ليلةٍ من شهرِ رمضانَ صُفِّدَتِ الشياطينُ ومَرَدةُ الجنِّ، وغُلِّقتْ أبوابُ النارِ فلم يُفتَحْ منها بابٌ، وفُتِّحَتْ أبوابُ الجنةِ فلم يُغلَقْ منها بابٌ، ويُنادي منادٍ كلَّ ليلةٍ: يا باغيَ الخيرِ أقبلْ، ويا باغيَ الشرِّ أقْصرْ، وللهِ عتقاءُ من النارِ، وذلك كلَّ ليلةٍ)،

 

لذا من اليسير على العبد أن يُقبِل على الله -تعالى- دون أيّ عوائق؛ فالشياطين مُصفَّدة، وأبواب جهنّم مُغلَقة، وأبواب الجنّة مُفتَّحة، فهذا الوقت أفضل وقت ليُعلن فيه المسلم توبته إلى الله -تعالى- ويترك المُحرَّمات، ويراجع نفسه بما كان يرتكب من أخطاء، فلا يعود إليها.

اصول العبادات التعاملية تقوم على حسن العلاقة بالله

وكما تعلمون أيها الأخوة هناك عبادات تعاملية، كالأمر بالصدق، والأمانة، والعفاف، وإنجاز الوعد، والوفاء بالعهد، وتحرِّي الحلال، وضبط الجوارح والأعضاء، هذه العبادات التعاملية تقوم أصولها على حسن العلاقة بالله.
الإسلام عبادات تعاملية، حينما سأل النَّجاشي سيدنا جعفر عن الإسلام قال: ” أمرنا بصدق الحديث، وأداء المانة، وصلة الرَّحم، وحسن الجوار، والكفِّ عن المحارم والدِّماء “. سيدنا جعفر رضي الله عنه عرَّف الإسلام تعريفاً أخلاقياً، هذه العبادات التعاملية تقوم أصولها على حسن المعاملة مع الخلق، أما العبادات الشعائرية كالصلاة والصوم والحج فتقوم أصولها على حسن العلاقة مع الله عزَّ وجل.
حسن العلاقة مع العباد عبادة تعاملية، حسن العلاقة مع الله عبادة شعائرية، والصيام من العبادات الشعائرية، التي أساسها حسن العلاقة مع الله.
إن صحت العبادات التعاملية صحت العبادات الشعائرية.

(( ركعتان من ورع خير من ألف ركعة من مُخلِّط ))

[ الديلمي في مسند الفردوس عن أنس وأورده الذهبي في الضعفاء]

والمخلِّط هو الذي خلط عملاً صالحاً وآخر سيِّئاً.. الدِّين حينما قال الله تعالى على لسان سيدنا عيسى عليه وعلى نبيِّنا أفضل الصلاة والسلام ـ قال تعالى:

﴿وَجَعَلَنِي مُبَارَكاً أَيْنَ مَا كُنْتُ وَأَوْصْانِي بِالصّلاةِ والزَّكَاةِ مَا دُمْت حَيّاً ﴾

[سورة مريم : 31]

وأوصاني بالصلاة:

حسن العلاقة مع الله.

والزكاة:

حسن العلاقة مع الخلق.

حينما يُقبل المسلم على تطبيق أمر تكليفي لعلَّة فيه، أو لما فيه من أسرار أو حكم، يكون إيمانه بالأمر لا بالآمر، والمفروض أن يكون الإيمان بالآمر لا بالأمر،

حينما يُقبل المسلم على تنفيذ أمر تكليفي لعلة واضحة فيه، أو لما فيه من أسرار وحكم، يكون إيمانه بالأمر لا بالآمر والمفروض العكس؛ أن يكون إيمانه بالآمر لا بالأمر،

والقصد عبادة الله وطلب رضوانه، لا الوصول إلى السَّلامة وبلوغ السعادة في الدنيا، فالمؤمن الصادق الذي عرف الله حقَّ المعرفة، يقبل على امتثال الأمر، لأنه أمرٌ من خالقه، ذو القدرة المقتدرة، والحكمة البالغة، والكمال المطلق

، يقبل على الائتمار بالأمر لأنه أمر من خالقه وكفى، فهمت العلة أو لم تُفهم، المهم أن يكون الدَّافع إلى فعل الأمر، وترك النَّهي هي عبادة الله وطاعته، لا جني ثمار الأمر واجتناب تبعات النَّهي

تعريف التّوبة

التّوبة لُغةً: مصدر تَابَ، وهي الاعتراف، والنّدم، والإقلاع، والعزم على عدم الرجوع إلى المعصية واقتراف الذُّنوب.

التّوبة اصطِلاحاً:

هي الرجوع إلى الله، بحلّ عُقدة الإصرار عن القلب، ثمّ القيام بكلّ حقوق الله سبحانه وتعالى،

والتائب إلى الله -تعالى- هو من ترك السيِّئات والخطايا إرضاءً لله سبحانه وتعالى، وتذكّر أن غاية وجوده هي رضا الله -تعالى- واجتناب محارمه، ولم يكتفِ بترك المُحرَّمات وحسب، بل حدّثته نفسه بقبيح ما فعل، فندِم وحزِن لما أصاب من محارم الله، وهذا هو أحد أوجه التّوبة التي أمرنا الله تعالى بأدائها حينما قال (إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا فَأُولَـٰئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ).

 

العبادة الخالصة نقطف ثمارها في الدنيا والآخرة

هناك من يفلسف، قد يكون مصيباً فيما يقول، إن الصِّيام من أجل الصحة، عندئذ يقبل الإنسان على الصيام من أجل صحته، ليست هذه هي العبادة، العبادة أن تُقبل على الأمر تنفيذاً لأمر الله عز جل وطاعة له، وتقرُّباً إليه.

 

الله جلَّت حكمته حينما يرى عبداً من عباده المتَّقين، يُقبل على الطّاعات، لأنَّها أوامر خالقه، ومربيه، حينما يكون كذلك يكشف الله بعد التطبيق علَّته المعجزة، وحكمته البالغة، وأسراره العظيمة. أي أنت إذا أقبلت على طاعة الله تنفيذاً لأمر الله، وتقرباً إليه، وتحقيقاً لعبوديتك، بعد أن تنفِّذ الأمر يمتن الله عليك، فيكشف لك حكمته، فتكون قد جمعت بين العلم وبين العبادة، أما الذي لا يطبِّق أمراً إلا إذا بدت له حكمته، وبدا له نفعه، وتعلَّقت به مصلحته، فهذا لا يعبد الله لكنَّه يعبد ذاته.

 

إذا أقبلنا على طاعة الله تحقيقاً لعبوديتنا له، عندئذ نكون قد فعلنا ما ينبغي أن نفعل، أما الذي يعلق تطبيق الأمر على فهم الحكمة، ورؤية الثِّمار، فهو لا يعبد الله، ولكنَّه يعبد ذاته. كل أمر إلهي علته أنَّه أمر إلهي، هذه اللَّفتة أيها الأخوة من أجل أن يرقى صيامنا من سلوك ذكي إلى عبادة خالصة، السُّلوك الذَّكي نقطف ثماره في الدنيا، أما العبادة الخالصة فنقطف ثمارها في الدنيا والآخرة. يقول الله تبارك وتعالى:

 

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾

[سورة البقرة: 183]

لقد جرت سنَّة الله في خطابه أن يخاطب الناس جميعاً بأصول الدين:

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾

[سورة البقرة: 183]

بينما يخاطب المؤمنين الذين آمنوا بوجوده، وكماله، ووحدانيته بفروع الدين، كالأمر والنهي، والحلال والحرام، وكأنَّ الله سبحانه وتعالى في هذه الآية- آية الصيام- يقول: يا من آمنتم بي، يا من آمنتم بعلمي وحكمتي، يا من آمنتم برحمتي ومحبتي، يا من أحببتموني، لقد كتبت عليكم الصِّيام.

 

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾

[سورة البقرة: 183]

وحينما يأتي الحكم ممن آمنت به، وممَّن وثقت برحمته، وحكمته تثق بأنَّ هذا الأمر تأتي منه فائدة لك، ولا ينبغي أن تقيس هذا الأمر بمقياس عقلك المحدود، بل ينبغي أن تقيسه بعلم خالقك، وحكمته، ورحمته، فالله يعلم، ونحن لا نعلم.

 

قد يقول الأب الرحيم لابنه: يا بني، ألست والدك؟ ألا تثق بخبرتي المديدة ورحمتي الأكيدة وحرصي على سلامتك وسعادتك؟ دع هذا الأمر، ولا تقسه بعقلك الفتي، ولا بخبرتك المحدودة، ولا بنظرك القاصر، بل قسه بعقل أبيك، وخبرته وعقله. لعل هذا الشرح توضيح لارتباط قوله تعالى:

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾

[سورة البقرة: 183]

حُكم التّوبة

لا يزال الإنسان يتقلّب بين الصّواب والخطأ، ومن ذلك قول الرّسول صلّى الله عليه وسلّم: (كلُّ بني آدمَ خطَّاءٌ، وخيرُ الخطّائين التوّابونَ)،[١٣] فكلّ إنسان يقع في الزّلل، ويقترف الذّنوب، ويفعل المعاصي، ولكن تتفاوت درجة المعصية بين شخص وآخر؛ فقد تكون المعصية بالجوارح، وقد يهمّ الشخص بها في قلبه، وكذلك لا يخلو أيّ إنسانٍ من وساوس الشيطان، ولذلك فعلى المسلم أن يتخلّى عن ذلك بالتّوبة إلى الله تعالى

 

ولقد حثّ الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- على التّوبة في كلّ يوم وفي كلّ حين، وجعل نفسه قدوةً للمسلمين في ذلك، فقال: (استغفروا ربّكم، إنّي أستغفرُ اللهَ وأتوبُ إليه كلَّ يومٍ مئةَ مرّةٍ)؛[١٤] فالرّسول صلّى الله عليه وسلّم يتوب إلى الله تعالى، ويستغفره وقد غفر الله له ما تقدّم وما تأخّر من ذنبه، فكيف بالمسلم الخطّاء الذي يُذنب ويعصي الله تعالى.

 

وبالنظر في كتاب الله -تعالى- يرى المسلم أنّ الله تعالى حثّ على التّوبة في كثير من الآيات، منها: (وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)،[١٥] وقال أيضاً: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَّصُوحًا عَسَى رَبُّكُمْ أَن يُكَفِّرَ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ)،[١٦] فالتّوبة واجبة على المسلم، فهي صفة من صفات المؤمنين الأخيار، وفي ذلك يقول القرطبي رحمه الله: (ولا خِلاف بين الأمّة في وجوب التوبة، والمعنى: وتوبوا إلى الله؛ فإنّكم لا تخلون من سهوٍ وتقصيرٍ في أداء حقوق الله -تعالى- فلا تتركوا التّوبة في كل حال).[٥]

حقيقة الصيام

الصِّيام:

إمساك عن الطعام والشراب، وسائر المفطرات من الفجر وحتى الغروب، بنيَّة العبادة والطَّاعة، لأنَّ هذا النَّهي عن شهوة الطعام والشراب وشهوة أخرى، شهوات مباحة، وفق منهج الله، ومحببة إلى الإنسان، ورد في الحديث القدسي:

 

((كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به ))

[البخاري عن أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِي اللَّهُ عَنْهُ]

وفي رواية:

(( يترك طعامه وشرابه وشهوته من أجلي، الصِّيام لي وأنا أجزي به))

[البخاري عن أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِي اللَّهُ عَنْهُ]

أي هذا الصَّوم من العبادات الشعائرية، أمرك أن تترك المباح المحبَّب لك من الطعام والشراب وسائر المفطرات بنيَّة التَّقرب إلى الله عز وجل، إنَّك حينما تفعل هذا تؤكد أنَّ طاعة الله أحبُّ إليك من كل شيء. أما قوله تعالى:

 

﴿ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ ﴾

[سورة البقرة: 183]

فتشير هذه الآية إلى أن مبدأ الصَّوم لا يختلف من زمن لآخر، فهو ركن تعبُّدي موجود في الدِّيانات السَّماوية السَّابقة للإسلام، أي إنَّه منهج الله لتربية الإنسان.

 

وأما قوله تعالى:

﴿ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾

[سورة البقرة: 183]

أي لعلكم تدعون المعاصي وتلتزمون الطاعات، لا في شهر رمضان فحسب، بل في كل أشهر العام. إذاً كأنَّ الصَّوم تربية الإرادة في الإنسان على طاعة الله على مدار الأعوام.

 

ليس القصد أن ننتصر على النَّفس في رمضان، ثم ننخذل أمامها بقية العام، ولكن الصيام الحقيقي أن نحافظ على هذا النَّصر على طول الدوران، وتقلُّبات الزَّمان والمكان.

 

ليس القصد أن نضبط ألسنتنا في رمضان، فننزهها عن الغيبة والنميمة وقول الزُّور، ثم نطلقها بعد رمضان إلى حيث الكذب والبهتان، ولكن الصيام الحقيقي أن تستقيم منا الألسنة، وأن تصلح فينا القلوب مادامت الأرواح في الأبدان.

 

ليس القصد أن نغضُّ أبصارنا عن محارم الله في رمضان، وأن نضبط شهواتنا غير المشروعة في رمضان، ثم نعود إلى ما كنا عليه بعد رمضان، إنَّا إذاً:

﴿ كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكَاثاً ﴾

[سورة النحل: 92]

ولكن الصِّيام الحقيقي، أن تصوم جوارحنا عن كلِّ معصية، في رمضان وبعد رمضان، حتى نلقى الواحد الدَّيان.

 

ليس القصد أن نتحرى الحلال خوفاً من أي يُردَّ علينا صيامنا، ثم نتهاون في تحرِّيه بعد رمضان، على أنَّه عادة من عوائدنا، ونمط شائع من سلوكنا، ولكن الصيام الحقيقي أن يكون الورع مبدأً ثابتاً، وسلوكاً مستمراً في حياتنا.

 

ليس القصد أن نبتعد عن المجالس وعن المشاهد التي تُكثف في رمضان، إكراماً لشهر رمضان، ليس القصد أن نبتعد عن المجالس وعن المشاهد التي لا ترضي الله، إكراماً لرمضان، ثم نعود إليها وكأن الله ليس لنا بالمرصاد في بقية الشهور والأعوام. ليس القصد أن نُراقب الله في أداء واجباتنا، وأعمالنا ما دمنا صائمين فإذا ودَّعنا شهر الصيام، آثرنا حظوظ أنفسنا على أمانة أعمالنا وواجباتنا.

 

أيها الأخوة الكرام: أربأ بنفسي وبكم عن أن تغطينا هذه الحقيقة، مثل هذا الإنسان لم يفهم قط حقيقة الصيام، ولا جوهر الإسلام، إنَّه كالنَّاقة حبسها أهلها، ثم أطلقوها، فلا تدري لماذا حبست، ولا لماذا أطلقت.

 

اصطفاء الله لمكان و زمان و إنسان معين لتصفو العلاقة معه :

 

الشيء المهم الذي ينبغي أن نستوعبه هو أن الله تعالى لم يصطف رمضان من بين بقية الشهور ليكون شهر الطاعة والقرب فحسب، بل أراده شهراً يتدرَّب فيه الإنسان على الطاعة، ليذوق حلاوة القرب وعندها تنسحب هذه الطاعة، وذاك القرب، وتلك السعادة، على كل شهور العام، فيكون عندئذ رمضان، قفزةً نوعية مستمرة، في مجال الطاعة والقرب.

 

الحكمة من أنَّ الله تعالى أمرنا بالإمساك عن الطعام والشراب وسائر المفطرات، من طلوع الفجر الصَّادق إلى غياب الشمس، هي أنَّ الإنسان حينما يدع ما هو مباح امتثالاً لأمر الله، لا يستطيع ولا يتوازن أن يقترف ما هو محرم في هذا الشهر، فحينما يصطفي الله شهراً من الشهور، لتصفو فيه العلاقة بالله، يصطفيه من أجل أن يشع هذا الصفاء مع الله في كل الشهور، لأن الله تعالى مع المؤمن في كل زمان.

 

وحينما يصطفي الله تعالى مكاناً كبيته الحرام، ويدعو المؤمنين إليه ليذوقوا حلاوة القرب فيه، يريد أن ينسحب هذا القرب على كل الأمكنة لأن الله مع المؤمن في كل مكان.

 

وحينما يصطفي الله إنساناً ليكشف الله له الحقائق، إنما يصطفيه ليكشف من خلاله الحقائق لكل الناس. وحينما يصطفي إنساناً ليوحي إليه، الأمر والنَّهي والمنهج القويم إنَّما يصطفيه ليكون هذا المنهج مطبَّقاً لدى كل الناس.

 

(( وإنَّ الله أمرَ المؤمنين بما أمر به المرسلين ))

[أخرجه مسلم والترمذي عن أبي هريرة ]

﴿فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَنْ تَابَ مَعَكَ وَلَا تَطْغَوْا إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ﴾

[سورة هود : 112]

وحينما يصطفي إنساناً ليسعده سعادة أبدية، إنما يصطفيه ليسعد بدعوته كل الناس. محمد عليه الصلاة والسلام، هو الذي اصطفاه ليكون القدوة الحسنة والمثل الأعلى لنا. اصطفاء الأزمنة كرمضان، واصطفاء الأمكنة كبيت الله الحرام، واصطفاء الأشخاص كسيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم هو في الحقيقة من أجل أن يكون الصَّفاء في كل زمان، وفي كل مكان، ومع كل إنسان.

 

وسع النفس لا يستطيع أي إنسان أن يقدره بعقله لكن الله وحده هو الذي يقدِّره :

يقول الله عز وجل:

﴿أَيَّاماً مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْراً فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾

[سورة البقرة: 184]

﴿أَيَّاماً مَعْدُودَاتٍ ﴾

إنَّها أيام قليلة، اصطفاها الله لتكون أيام طاعة وقرب، فلعلَّ الطاعة والقرب تستغرق كل أيام العام.

﴿فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ﴾

فالله لا يكلف نفساً إلا وسعها، وسع النفس لا يستطيع أي إنسان أن يقدره بعقله، لكن الله وحده الذي خلقه والذي صنعه، بعلمه وخبرته وحكمته هو وحده الذي يقدِّر الوسع، فهو جلَّ جلاله يعطي الرخصة عندما يكون التكليف فوق الوسع، وتحديد المرض الذي لا يتسع للصيام يكون بغلبة الظن، أو بإخبار طبيب مسلم حاذق، وكذلك السفر الذي تقصر فيه الصلاة، يعدُّ علةً للإفطار في رمضان، لذلك لا يُقبل في الدين أن يقول إنسان من خلال تحكيم عقله في أمر تكليفي:

هذا الأمر لا أقدر عليه، والله لا يؤاخذني على تركه، إلا أن ترد رخصة من الذي خلق الإنسان، ويعلم حقيقة وسعه، في أحد الوحيين، الكتاب والسنة.

 

حينما يطيق المسلم الصيام مع السفر والمرض، فالأولى أن يصوم لقوله عز وجل:

﴿وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ﴾

[سورة البقرة: 184]

هذا وجه من وجوه تفسير هذه الآية؛ لأنَّ القرآن حمَّال أوجه ” الشريعة رحمة كلها، ومصلحة كلها، وعدل كلها، فكل قضية خرجت من الرحمة إلى القسوة، ومن المصلحة إلى المفسدة، ومن العدل إلى الجور، فليس من الشريعة، ولو أدخلت عليها بألف تأويل وتأويل “.

 

﴿يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ﴾

[سورة البقرة: 185]

يريد الله بكم اليسر، ولا يريد بكم العسر، ولتكملوا العدة – أيام رمضان- ولتكبروا الله على ما هداكم..

التمور آية من آيات الله الدالة على عظمته

التمور أيها الأخوة – وهذه من آيات الله الدالة على عظمته – تتركب من السكريات الأحادية، وهذا النوع من السكر أكثر السكاكر امتصاصاً في جسم الإنسان،

 

وهذه التمور تتركب أيضاً من الألياف السيلولوزية التي لها آثار مدهشة في عملية الهضم، وفي وقاية الأمعاء من الأمراض الوبيلة. تتركب هذه التمور أيضاً من المواد البروتينية المرممة للأنسجة، ومن نسب ضئيلة من الدهن،

 

ويحتوي التمر على خمسة أنواع من الفيتامينات الأساسية، التي يحتاجها الجسم، كما يحتوي التمر على ثمانية معادن أساسية، ومئة غرام من التمر يومياً فيها من نصف إلى خمس حاجة الجسم من المعادن يومياً، ويحتوي التمر أيضاً على اثني عشر حمضاً أمينياً، وفيه مواد ملينة، ومهدئة، وهناك خمسون مرضاً يسببها الإمساك والتمر يقي من الإمساك، وله آثار إيجابية في الوقاية من فقر الدم،

ومن ارتفاع الضغط، ويعين على التئام الكسور، وهو ملين ومهدئ، وقد أثبتت الأبحاث العلمية أن التمر لا يتلوث بالجراثيم إطلاقاً لأن تركيز السكر العالي يمتص ماء الجرثوم.

 

 

وهذا التوجيه النبوي من دلائل نبوة النبي عليه الصلاة والسلام. حتى في أيام الإفطار قال بعض الأطباء: ينبغي أن تُقدم الفاكهة لما فيها من سكاكر أحادية على وجبات الطعام، التي تحتوي غالباً المواد الدسمة، استنباطاً ظنياً من قوله تعالى وهو يصف أهل الجنة:

 

﴿وَفَاكِهَةٍ مِمَّا يَتَخَيَّرُونَ * وَلَحْمِ طَيْرٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ ﴾

[ سورة الواقعة :20-21]

الدعاء

اللهم اهدنا فيمن هديت، وعافنا فيمن عافيت، وتولنا فيمن توليت، وبارك لنا فيما أعطيت، وقنا واصرف عنا شر ما قضيت، فإنك تقضي بالحق ولا يُقضى عليك، إنه لا يذل من واليت، ولا يعز من عاديت، تباركت ربنا وتعاليت، ولك الحمد على ما قضيت، نستغفرك ونتوب إليك، اللهم هب لنا عملاً صالحاً يقربنا إليك.

 

اللهم أصلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا، ودنيانا التي فيها معاشنا، وأصلح لنا آخرتنا التي إليها مردنا، واجعل الحياة زاداً لنا من كل خير، واجعل الموت راحة لنا من كل شر، مولانا رب العالمين. اللهم اكفنا بحلالك عن حرامك، وبطاعتك عن معصيتك، وبفضلك عمن سواك.

 

اللهم لا تؤمنا مكرك، ولا تهتك عنا سترك، ولا تنسنا ذكرك يا رب العالمين.

 

اللهم بفضلك وبرحمتك أعل كلمة الحق والدين، وانصر الإسلام وأعز المسلمين، وخذ بيد ولاتهم إلى ما تحب وترضى، إنك على ما تشاء قدير، وبالإجابة جدير.

 

والحمد لله رب العالمين

 

قدمنا لكم اليوم رمضان شهر التويه على موقع لحظات وللمزيد عن كل المعلومات المتعلقه بشهر رمضان الكريم زورو موقع لحظات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top